الفصل الرّابع والعشرون.

923 58 34
                                    

• • •

أصدرَ صوت فتح الباب ضجيجًا خافتًا..مما دفع آيدن إلى حبس انفاسه عند شعوره بتلك الخطوات التي يألف وقعها عن غيرها.

شد على غطائه وقد كان يغطي كامل جسده حتى رأسه، مع ذلك، كانتْ اهتزازته واضحة للأعين التي لا تغفل حتى عن ادنى تفصيل فيه.

يعض على شفتيه وهي ترتعش ببكاءٍ مكتوم، يبتلع شهقاته آبيًا أن يحررها فتظهره قليل الحيلة أكثر مما يبدو عليه.

وكان يعلم بأنه يدنو منه كلما صارتْ رائحة عطره أقوى.. الأمر الذي كرهه وارتاب منه؛ لا يشعر بأنه على أستعداد لمواجهته البتة.

ليس قبل أن تُشفى ندوبه التي كان هو سببها.. والتي لا يبدو بأنها سوف تُشفى أطلاقًا؛ فلم يكن جرحًا عاديًا كما أعتاد أن يتلقاه.. بل كانتْ الضّربة القاضية.

فقد قرر والده أن يُضحي به لكي ينقذ 'أُسرته' كما قال..
لم يهمس بها بل قالها بصوتٍ عال
قالها ثم نظر إليه
قرأ صدمته وتوّسلاته بوضوح ثم أشاح النّظر.

ليس وكأنه كان منهم يومًا.. حتى بدت ذكرياته مع أسرته تصبح ضُبابية فجأة، التي لم يكن من بينها ذكرى سعيدة.

كان الأمر كالحلم، كالوهم.. فمنذ ساعات قليلة فقط كانوا أُسرته، والآن هو شخص غريب عنهم، عبروه كما يعبرون الشّخص الغريب، ربما أقسى.

بطريقة مثيرة للأسى، كان يتشبث بهم دون أن يلقى المُبادلة.. مثل عناق من طرف واحد، كان الأمر مُرهبًا وتعيسًا.

"آيدن.."

انقبض قلبه لما سمعه يناديه.. زادتْ سرعة دقاته وامتعضتْ معالمه.

كره صوته بشدة، وكره حقيقة أنه ليس بوسعهِ فعل شيء لتجنب سماعه.

كان يدعو في قلبه -الذي امسى مضطربًا- أن يتركه سيلاس وشأنه..
إلا يتطفل على حزنهِ بوقاحة وهو الذي تسبب به.

لكن كل دعواته قد خابت.. حين ازال الغطاء عنه، لتلتقي عينيه المُحمرة بالعينين الشّديدة السّوَاد.

خيبة عميقة من جهة.. ولامبالاة قاسية من جهة أخرى.. مثل نار، وركامٌ من الثلج، كانتْ نظراتهما لبعضهما.

"لا تجرؤ!"

نطقها آيدن بأنفعالٍ لما رغب سيلاس أن يجلس بجواره على السَرير..
الأمر الذي دفع المعني إلى رفع حاجبه بعدم استحسان.

"لست أنت الذي تأمرني"

وسع آيدن عينيه حينما لم يخمن الرّد أطلاقًا، فلا يذكر أن سيلاس قد خاطبه بهذا الأسلوب من قبل.

Dark Winterحيث تعيش القصص. اكتشف الآن