كم مرّ من الوقت؟
يجهلُ آيدن هذا، منذ أن حبسه سيلاس في تلكَ الغرفة غير المألوفة لناظريهِ، وقلبه مُنقبض بقلق مما قد يجري في الخارج.
السّاعة ضبابية، والوحدة تقيضُ له افكارًا غير مرغوبة، ويجهلُ كم عدد المرات التي تنهدَ بها غايةً أن يُهدئ ذلك من قلقهِ، ولكن دونَ جدوى.
هوَ اتكأ برأسهِ على الوسادة، وحدقَ في السّقف بأعين ذابلتين، يشعر بأنه يود أن يتقيأ كلّ شيء ارغمهُ سيلاس على تناولهِ.
بينما كانَ قطهُ يتسلق حضنه، فيمنحه آيدن نظرات تدل على بهوتِ شغفه، حيث لمْ يحمله أو يلاعبه وأكتفى فقط بأبعاده عنه.
ومعَ أن لا طاقة له..إلا أنه لم يحتمل النّظرات التي يرمقه القط بها، ومواءه المُستاء، ليتنهد مُتمتمًا بنبرة خافتة.
"أنا آسف سيل.."
هوَ مد يده تاليًا ليتسلقها قطه، ثم وضعه على بطنهِ وداعبَ فراءهِ بخفة .
فأزدرد ريقه حين كانتْ رائحة سيلاس حاضرة، ممزوجةً بذلك الفرو النّاعم، ليُكشر عندما حُفِزتْ ذكرى مُزعجة للظهور.
ينظر في عينيّ القط، فتعود تلكَ الذّكرى وتهز أوصاله .
لمْ يعد بوسعهِ مُلاطفة سيل كما في السّابق، لمْ يعد بوسعه النّظر إليه دونَ أن تشغل تلك الذّكرى حيزًا مُزعجًا .تلكَ التي اثارت فيه الرّهبة بقدر ما اثارتْ الغضب، سيلاس لمْ يكُنْ مُتسامحًا أو مُراعيًا أو رحيمًا، لقد انتهكه كالوحش تمامًا.
وامام مرأى هذا المخلوق الهش، ليسَ بوسع آيدن إلا أن يشعر بالقذارة والسّخط لكونه أُنتهِكَ امام حيوانه الأليف.
ولمْ يكُنْ ذلك اسوأ مافي الأمر، فبينما يجلس على حِجر سيلاس، لقد رأى القط يموء بتذمّر اثناء ارتفاعه وهبوطه في حضنهِ أثر تحرّكات سيلاس في داخلهِ .
ربما كانَ ذلك الموقف هوَ أكثر ما أثارَ سخطه وشفقته على نفسهِ .. ليبوح بصوتٍ مُتهدّج مُخاطبًا ذلك الكائن الذي لا يعي .
"أنا..أنا أكرهه.."
عبّرت كلماته عن شعورٍ مشوّه، ضُبابي، أحساسٌ من الصّعب أن يقيضُ له اسمًا.
يعود اليه صوت سيلاس الذي كانَ مليئًا بالغُلبة .. "كرهتَني؟" فلم يسعه إلا أن يبتلع بصعوبة.
"لا أعني أني أريد رؤيته م..ميتًا..أو أني أود أن اؤذيه ..لكني اكرهه.."
أنت تقرأ
Dark Winter
Romanceرواية مثليّة | يُعاني آيدن مارتينيز، من النّظرة الدُوْنيَّة التي يتعرّض لها كلّ يوم، حيث قُرِنَ به الفال السّيئ منذ ولادته، وعُومل على هذا الأساس الواهي ظُلمًا، فكان كارهًا مُغتاظًا لكل من يحمل له هذهِ النّظرة المُتشائِمة، حتى آمن بما نُعِتَ به عندم...