الفصل الثّالث والثّلاثون.

898 56 667
                                    

بعد مُنتصَفِ اللّيل ..

رفعَ دايفيد صوت التّلفاز بغاية أن يطغى على صوت المطر الغزير الذي لا يبدو بأنه سوف يتوّقف في أي وقتٍ قريب حيث يطرق النّوافذ بقوّة حتى كاد يخلعُها من مكانها ..

كانتْ ماريانا قد غادرتْ منذ يومين، وبقيَ هو مع إيان، وحدهما كانا يجلسان في غرفة المعيشة لا يزر النوم احدهما فأقترح إيان مُشاهدة فيلمًا في هذا الجوّ العاصف الذي وبغرابة لطالما كان طقسه المُفضّل .. وأصرّ على أن يكون الفيلم في تصنيفِ الرّعب .

لم يمانع دايفيد، حيث كان فِكره شاردًا ولم يركّز حتى فيما يُشاهده، اما إيان فهو لم يكن أحسن حالًا، فتلكَ النّغزات الصّغيرة لا تبرح قلبه منذ أنه يخشى أن يؤدي آيدن الخُطة بطريقةٍ خاطئةٍ قد تنقلب عليه .

تلكَ تبدو الفرصة الأخيرة ..
أن ضيّعها آيدن بسبب هفوةً لم يحسبها فقد ضاعت إلى الأبد .

شعرَ إيان كما لو أنه ترك سلاحًا بيد طفل يوشك وحشًا ما على إلتهامه ! فإما أن يقتل الوحش أو يقتل نفسه عن طريقِ الخطأ، وفي كلتا الحالتين، ليسَ بوسعهِ التّدخل للأنقاذ  .

يضع هاتفه على المنضدة امامه ويطّلع عليه في كل ثانيةٍ تمر خشية أن يومض وهو في غفلة، كان من المفترض أن يتصل آيدن به أن فلحَ في المهمة التي وكله إياها ولكن حتى هذه السّاعة المتأخرة لم تصله حتى رسالة مما جعل قلبه ينقبض .

هل قبض سيلاس عليه !

هل خاف آيدن وتراجع !

تلكَ التّساؤلات لم تنفك تداهمه، وصوت العاصفة رغم حبه له كان يوتره في تلك اللحظات، هو لم يثق قط بأن آيدن يمكنه تنفيذ الخطة منذ رؤيته لملامح الذُّعر في المكتبة .. لقد شك في امكانيته، ومع ذلك، لم يكن هنالك حلًا آخر .

زفر انفاسه المتوترة وهو يلقي نظرة على السّاعة التي كانتْ تشير نحو الواحدة فجرًا ! ما من تفسير سوى أن آيدن قد أخفقَ مما بث أحساس الضّيق فيه ..

يعيد حدقتيه إلى المشهد المعروض امامه، وحتى تلكَ الصّرخة المُباغتة لم تهزه، يحاول أن يعي بأنهم فقدوا آيدن وإلى الأبد في تلكَ اللحظة .

زم شفتيه، ونظر إلى والده الذي كان شاردًا في التّلفاز، منذ رحيل آيدن وهو هكذا غارقًا دومًا في أفكارهِ التي تصطحبه إلى عوالمٍ مظلمة أحداها الشّعور المميت بالذنب والجزع من النفس .

"أفتقدُ آيدن .."

تمتمة خافتة برحت ثغره .. بكلماتٍ لم يظن أنها ستكون حقيقةً على لسانهِ، يراقب الطّريقة التي جفلَ بها دايفيد من شروده عند سماع ذلك الاسم .

Dark Winterحيث تعيش القصص. اكتشف الآن