الفصل الثَّاني والأربعون.

843 63 437
                                    

كم تشتهيك نفسي .. وكم أقاوم هذا الشّعور .. واهمٌ أني اغلبه فغلبني

• • •

كانَ يتكأ على الباب بظهرهِ بعدما كلّتْ يديهِ من طرقه، وأُحمّرت بواطنها، وهوَ يحتضن قدميه إلى صدرهِ، تصدر منه الشهقات المكتومة؛ منذ أن الخوف والأحراج قد بلغا منه مبلغهما.

لمْ يكتفِ سيلاس برفضه، وهوَ الذي قد كلفته جرأته الكثير. بل سلمه إلى مخاوفه في تلكَ الحجرة اللامألوفة وغادر بنياتٍ لا تقرب للخير.

يمكن لآيدن أن يتصور أي شيء دون استثناء، يمكن لعقلهِ القلق أن يصوّر بركًا من الدّم -وتلكَ اسوأ الأحتمالات- أو نقاشا ساخرًا عنه يجري على الألسنة القبيحة، يأمل فقط لئلا يكون أكثر من ذلك.

تنهد، بقلبٍ مُرتعش، بينما يمر عليه الوقت بطيئًا للغاية.

حتى جفل حين أحس بأحدهم يفتح الباب ليُسارع في الأبتعاد عنه، يرفع رأسه ليلتقي بالشّخص غير المتوقع، مما جعل من عينيهِ تتسعان في اندهاش.

كانَ الشّخص الذي دلفَ هوَ تايلر، ذلك الذي كاد أن يفقد صورة معالمه في ذهنهِ منذ أن مر وقتًا ظن أنه كافيًا لنسيانه.

تدفقتْ كلّ المشاعر السّيئة، دفعة واحدة، إلى روحه منذ رؤيته بعد وقت طويل. بالتّفكير في الأمر، إلى جانب كلّ سيئاته، كان تايلر هو المتسبب في كلّ ما جرى، منذ أنه اجبره على تناول الطّعام في ذلك الصباح ورؤية إيان لهما وتهديداته عقب ذلك حتى هذا اليوم.

وكانَ تايلر هوَ الوجه الأول الذي لاقاه منذ تعثره بتلك الجثة، الذي أخذ يهدده بأن يلتزم الصّمت، فخاض كوابيسًا عديدة بسببه، بسببه هوَ. بطريقة أو بأخرى، هذهِ الفوضى كلها نتجتْ عن الأعصار الذي تمثّل في دخول تايلر إلى حياتهِ.

وبينما هوَ يسترجع لحظاته التّعيسة، كانَ تايلر صامتًا، هادئًا هدوء العاصفة التي على وشك أن تهب، وقد نطقتْ عينيه من الكلمات ماكان لسانه أُميًّا عن تهجأتها.

ومعَ ذلك، التّساؤلات القلقة في النّظرات التي يرمقه آيدن بها قد دفعته إلى الكلام ..بعتابٍ، واستياء واضح في نبرتهِ.

"لمَ هربت، آيدن؟"

لمْ يترقب تايلر الأجابة، فقد كانَ ماباحَ به أقرب إلى توبيخٍ منه إلى سؤال، ثم استأنف .

"لو كنتُ فقط أذكى قليلًا، لما فكرت حتى مجرد التّفكير في الأمر. فقط ماذا تخيلت؟ بأنك ستتحرر وتدرس وتعمل وتواعد بينما شخص مثل سيلاس يسعى خلفك؟ أفكرتَ بجدية أنه بوسعك التّحرر بتلك الطريقة؟"

Dark Winterحيث تعيش القصص. اكتشف الآن