السّماء لا تحتضن الغيوم هذهِ الليلة
أنها تحتضن عيناك
فأصرُّ على تذوق ما ينهمر منها
لعل بعد مرورها في المريء
تمرُ قلبي.• • •
كانتْ الساعة توشك على الثانية عشر حينما خرج دايفيد من غُرفته بهدوء لئلا يصدر صوتًا يوقظ زوجته.
بعد أن فقد الأمل في أن يزوره النعاس،
فكان ذلك يوما طويلا، وأُختتم بليلةٍ أطول وأحلك من أي ليلة شهدها.وحتى دون أن يشعر، ودون أن يعي السبب.
وجد نفسه في غرفة آيدن، يتأمل أرجاءها بسكونٍ مرهب يُشابه سكونها.مد يده وأنارَ الغرفة، لتتضح معالمها، فتمعن النظر فيها، كان من المحزن أنها تبدو مألوفة، ولكن ليست مألوفة جدًا.
كان يستطيع أن يسير مغمض العينين في غرفة إيان، ولكن في هذه الغرفة، هو بحاجة إلى النظر.
كمٌ من التفاصيل الموجعة ما كان ليلاحظها لولا فقدانه لآيدن.فنحن لا نلاحظ تلك النجمة الواحدة بين ملايين النجوم في السماء، لكننا نلاحظ غيابها في الفراغ التي تُحدثه،
في الفراغ الذي تتركه فينا، فلا نجد له بديلًا، ولا عوضًا.انحرفتْ عيناه إلى المنضدة، التي ترك عليها الدفتر الرّمادي، فدَنَا ليلتقطه من عليها.
في حين أن التردد لا يزال يلازمه بشأن إذا ما كان صائبًا التطفل على مذكرات الآخرين، ولكنها ليست لشخصٍ عادي، أنها بقايا شيئًا فقده، شيئًا فقده إلى الأبد.
جلس على سريرهِ.. الذي كان فوضويًا.. وفتح أول صفحات المذكرة بقلبٍ ينبض.
كان الأمر اشبه بأنه يستعد لسماع كلمات جديدة من آيدن، لم يسمعها قط.
يلفت ذلك انتباهه إلى أنه بالفعل، لم يسمعه من قبل."لا أدري كم انقضى من الوقت، على آخر مرة كتبتُ فيها هنا، في هذا الدفتر الصغير الذي أجهلُ ماعليّ تسميته.
أنه ليس بمدونة شخصية، وليس بيوميات سعيدة قد أرجع إليها يومًا. هنا أرمي الكلمات دون العودة لألتقاطها ورميّها في أُذني مرّة أخرى."
أنها تلك الكلمات التي قرأها في وقتٍ سابق، ثم جر نفسًا عميقًا، في استعدادٍ ليقرأ مابعدها.
"أنه اشبه بحاويةٍ، حاوية تحوي القمامة التي في رأسي، وتتسرب منها الرائحة الكريهة كلما كتبتُ أكثر.
وأنها تُشبهني إلى حدٍ ما، لا أحد مهتم في العثور عليها، مع أني لا أُخبّئها."
انقبض قلب دايفيد بوجعٍ يعي صدق الكلمات، لم تكن مخبّئة، لقد عثر عليها سهولة،
سهولة مُحزنة للغاية.
أنت تقرأ
Dark Winter
Romanceرواية مثليّة | يُعاني آيدن مارتينيز، من النّظرة الدُوْنيَّة التي يتعرّض لها كلّ يوم، حيث قُرِنَ به الفال السّيئ منذ ولادته، وعُومل على هذا الأساس الواهي ظُلمًا، فكان كارهًا مُغتاظًا لكل من يحمل له هذهِ النّظرة المُتشائِمة، حتى آمن بما نُعِتَ به عندم...