الفصل الواحد والسّتون.

633 65 202
                                    

يا سيدي، كيف لي أن أُفسر لك هذا الحب الذي يكمن خلف الكلمات، بين الشهيق والزفير، في نبضة القلب حين تَتَرَدَّد باسمك وحدك؟ كيف لي أن أشرح لك حجم الفراغ الذي يلتهمني حين تغيب، والوحدة التي تَسحقني رغم ازدحام البشر من حولي؟ أراك أمامي ولا أملك سوى الصمت، كأني أسيرٌ لأشواقٍ لا يقرأها أحد سواي.

أيا ليتك ترى العالم بعيني، لتفهم كيف أن كل شيء أصبح فرعًا من شجرة حبّك العميقة في روحي، جذورها تمتدّ إلى أبعد من الماضي، وأوراقها تُظلّل كل لحظة من الحاضر. أعيش فيك وأتنفسك، كأنك أنت بداية ونهاية كل طريق أسلكه. تتغلغل في خلاياي مثل روحٍ ثانية، تُصغي لكل هَمسة صامتة في داخلي، تَروي عطشي ولا تَشعر أنك الأصل والفروع.

يا لَكَ من عالَم لا يُدرِك نُورَه، ومن حبٍ غارق في غموضه، فلو تدرك ماذا يعني أن أُحِبَّكَ بهذا الجنون، لما بقيت ساكنًا في برودك.

أراكَ هنا بين أنفاسي وأصابع يدي، أراكَ في ظلّي، في نور الصباح حين يخترق عتمة ليلي الطويل. ألا ترى كيف ينهار الحرف على شفتي وأنا أُناديك، وأدعو لك بالسرّ والعلن؟ ألا تسمع ضجيج الحبّ في قلبي كعاصفةٍ تضربني بلا هوادة، تنتزعني من وجودي وتسكنني بين طيات حضورك؟

لو أنك فقط تُدرك ..

• • •

2005

زمَّ شفتيه يعاين الغرفة الكبيرة التي حضرَها لعدّة مرات
كان ذلك الرَجُل اللطيف يودعه هُنا في كل مرة يذهب أُسرته في أسفار لا يُمكن اصطحابه فيها رغم أنه لم يكُن يفهم السّبب.

يرى أُسرته بأناقة تشعره بالحماس لكي يتأنق مثلهم لكنهم يضعون له ملابس عاديّة لا تشبه اناقة شقيقه الصّغير، ثم يتركونه عند الرَجُل مع تنبيهات ابيه المكررة لكي يظل مطيعًا ولا يزعج العم.

وفي الوقت ذاته يتركه الرَجُل مُتحججًا بانشغاله وأن الأمر ليسَ بيده، عند الصّبي ذو القفازين القاتمين، والشّعر الاسود النّاعم.

الذي يرددُ عليه بالبقاء صامتًا كلما فتحَ ثغره للحديث، وأن يجلس في هدوء.

"لا تجعلني أشعر بوجودك."
قالها بصوتٍ حاد ازعجه قبل أن يراه يدلف إلى مرفق آخر في الغرفة، ربمّا كان الحمام.

يظل وحده في تلك المساحة الكبيرة، ليلوحه احساسًا بالرهبة، مما دفعه إلى النهوض والسّير فيها.

يلفت نظره المنضدة التي تحمل ذلك المانيكان، المُزيّن بقلادة ذات حجر ذهبي، كانتْ لافتة ولامعة، مما زرع فيه الفضول لأستكشافها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: a day ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Dark Winterحيث تعيش القصص. اكتشف الآن