لحظات دافئة و قلق الحقيقة

21 3 0
                                    

جلست الفتاتان تتبادلان أطراف الحديث. كانت ليفيانا مرحة ومدللة في تصرفاتها، لكن طيبتها كانت ظاهرة لكل من حولها، حتى أن رودين استطاعت أن تلمح بسهولة مدى حب ليفيانا البريء لأخيها أورفين، ذلك الحب الصادق الذي تعكسه تصرفاتها وابتسامتها.

قالت ليفيانا مبتسمةً، وعيناها تشعان بالحماس: "هل يمكنني مناداتك أختي؟"

ترددت رودين للحظة، تتأمل بصدق المشاعر التي لمحتها في عيني ليفيانا، ثم أجابت بهدوء: "نعم، يمكنكِ ذلك."

غمرها دفء عميق، كيف يمكنها رفض هذه المشاعر النقية الصادقة من فتاة بريئة مثل ليفيانا؟

لم تمضِ لحظات حتى قطعت عليهما صوت مألوف، صوت أورفين: "رودين، هل أنتِ هنا؟"

استدارت رودين نحوه، وقلبها يخفق بحماس لا تدري سببه، شعور غريب يتملكها في كل مرة تسمع صوته. (منذ متى أصبحت أشتاق لسماع صوته؟ كيف لهذا اللقاء العابر أن يبعث في نفسي كل هذه المشاعر؟ كانت لحظاتنا قليلة، لكنها ذات قيمة كبيرة لي).

نطقت باسمةً، وعيناها تلمعان: "أورفين!"

ركضت ليفيانا نحو أخيها لتعانقه بحب، قائلةً: "أخي، أنا حقاً سعيدة من أجلك! كيف التقيت بهذه الفتاة اللطيفة؟"

ضحك أورفين، وقال مازحًا: "ماذا؟ هل أصبحتما صديقتين بهذه السرعة؟"

أجابت ليفيانا بحماس: "بل أختين! لقد سمحت لي بمناداتها أختي."

ابتسم أورفين وهو يلتفت نحو رودين: "يسرني ذلك، رودين. كيف تشعرين اليوم؟"

أجابته مبتسمةً: "بعد هذه النزهة اللطيفة، أشعر بتحسن كبير."

ابتسم بدوره وقال: "يسعدني سماع ذلك."

في تلك اللحظة، دخلت الملكة إلى المكان بصوت هادئ لكنه يحمل في نبراته قوةً وحنانًا: "ليفيانا!"

التفتت ليفيانا بارتباك، وتوارَت خلف أخيها فورًا: "أمي!"

قالت الملكة بابتسامة يغلّفها العتاب: "يا شقية، معلمك أخبرني أنكِ كنتِ تهربين من دروسك. تعالي إلى هنا، حتى أورفين لن يحميكِ مني!"

ردت ليفيانا مدافعةً عن نفسها: "أمي، ذلك المعلم ممل ودروسه لا تحتمل!"

رمقتها الملكة بنظرة تحذير، فاعترفت على الفور: "آسفة يا أمي، لن أكرر ذلك!"

ثم أمسكت بذراع رودين بحماس قائلةً: "أمي، انظري! هذه رودين، حبيبة أخي!"

ارتبكت رودين وانحنت بأدب قائلةً: "أحيي جلالتك."

ابتسمت الملكة بلطف، قائلةً: "أوه، لم أدرك أن لدينا ضيفة مميزة هنا. إذًا أنتِ من أحضرها أورفين؟ لقد سمعت عنكِ، وأعتذر لعدم تمكني من زيارتك سابقًا. كيف حالكِ، عزيزتي؟"

ابتسمت رودين بخجل وأجابت: "شكرًا على لطفكِ، جلالتك. أنا بخير."

تدخل أورفين قائلاً: "رودين، لا تكوني رسمية لهذه الدرجة معها."

نظرت رودين إليه بارتباك: "لكنها الملكة..."

أمسك أورفين بكتف والدته وضحك قائلاً: "أمي، أخبريها أن لا تكون رسمية!"

ضحكت الملكة وقالت: "صحيح، بما أنكِ مع أورفين، فأنتِ جزء من العائلة. استرخي يا عزيزتي."

همست رودين في دهشة: "جزء من العائلة؟"

أجابت ليفيانا، وهي تنظر إلى رودين بحب: "لقد قلتِ إنني أستطيع مناداتكِ أختي، لذا فأنتِ جزء من العائلة!"

أمّا رودين، فقد امتلأت عيناها بالدموع وهي تحاول كتمانها. (لم أشعر قط بالانتماء مع عائلتي الحقيقية، لكن هؤلاء الأشخاص الذين لم يمضِ وقت طويل على لقائي بهم، كيف يغمرونني بكل هذا الحب؟ ماذا سيحدث لو اكتشفوا الكذبة التي تجمعني بأورفين؟ كيف سيكون رد فعلهم؟ قلبي أصبح جشع اريد البقاء هنا )

أمانيثا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن