نسيم الشاطئ

25 4 0
                                    


---

نظر بتعجب للدفتر وقال "رودين، ما هذا الدفتر؟"

بسرعة خطفت الدفتر من يد أورفين وضمته إلى صدرها، كأنها تحاول أن تحمي سراً عزيزاً من نظرات الآخرين. ثم همست بخجل: " آه آسفة… لم أكن أقصد."

رفع أورفين حاجبيه باستغراب، وقد تملكه الفضول: "ما الأمر؟"

أغمضت رودين عينيها للحظة، محاولة كبح غصة الألم، قبل أن تهمس بنبرة أشبه بجرح قديم: "هذا هو السراب… الذي تمسكت به طويلاً."

كان في نبرتها ما كشف عن ألم عميق، شعر به أورفين وكأنه موجة باردة لامست قلبه. تردد، راغباً في قول شيء، لكنه اختار الصمت، ثم ربت على كتفها بلطف قائلاً: "آسف، لم أقصد أن أتدخل فيما لا يخصني."

هزّت رأسها قائلة: "لا، أورفين، ليس كما تظن…"

ابتسم ابتسامة هادئة ليخفف عنها، ثم قال: "حسناً، علي الذهاب الآن."

فزعت رودين وردّت بسرعة: "كيف ستخرج؟ إذا رآك أحد الخدم خارجاً من غرفتي، سنقع في مأزق!"

ابتسم أورفين بخفة، وأشار إلى النافذة قائلاً: "سأقفز من هنا."

حدّقت فيه بدهشة وهمست: "النافذة؟ لكن المكان مرتفع!"

لم يعلق، بل اكتفى بابتسامة قبل أن يقفز، فشهقت رودين تغطي فمها بيدها خوفاً من أن تصرخ. لكنها، حين لمحته يلوّح لها من أسفل الحديقة ويبتسم، هدأ روعها، وهمست في نفسها بدهشة ممزوجة بإعجاب: "إن كان قادراً على القفز من النافذة بكل هذه السهولة، لماذا امتثل لي حين طلبت منه الاختباء داخل الخزانة؟"

---

خرجت رودين برفقة جوليا نحو الحديقة، حيث أخبرتها الأخيرة أن أورفين والأميرة ليفيانا وصلا مبكراً ويتناولان الفطور. وحين وصلت، لمحت طاولة مزينة بالفطور الملكي: أطباق الحبوب الذهبية، والعسل، وزيت الزيتون الصافي، والخضروات الطازجة المقطوفة بعناية، تتخللها قطع الخبز الدافئ وتتناثر بجوارها فاكهة نادرة، تُجلب فقط إلى القصور.

كان أورفين وليفيانا جالسين يتبادلان الضحك، حديثهما عفوي ومرِح. عندما لمحتهم رودين، قفزت ليفيانا من مقعدها بابتسامة مشرقة وهتفت: "رودين! انظري، أخي قد عاد!"

حاولت رودين أن تبدو غير مبالية، فارتسمت على وجهها ابتسامة هادئة مصطنعة، ثم ردّت بهدوء: "أهلاً بعودتك، أورفين."

ضحك أورفين بخفة من ردّ فعلها، بينما قالت ليفيانا بصوت مرح: "أختي، ما هذا الجفاء؟أهكذا يستقبل المحب حبيبه ؟"

أخذت رودين نفساً عميقاً، محاولة كتمان خجلها، فأجابها أورفين مبتسماً: "دعيها، ليفيانا، هي تشعر بالخجل فقط."

أشارت ليفيانا إلى المقعد بجانبهم قائلة: "تعالي، اجلسي، الجو جميل اليوم، والفطور شهي."

جلست رودين بينهما، تحيط بهم أجواء صباحية منعشة، تعبق برائحة الورد والأشجار. كانت لحظات من الراحة تمر عليهم كأنها جزء من حلم. بعد فترة، نظرت ليفيانا إلى رودين بحماس وقالت: "أختي، ما رأيك أن نذهب إلى الشاطئ اليوم؟"

رفعت رودين حاجبيها بدهشة: "الشاطئ؟ الآن؟"

أشرق وجه ليفيانا وقالت بحماسة: "نعم! الطقس مناسب جداً، وأخي بالتأكيد سيكون سعيداً بمرافقتنا."

ابتسم أورفين برضا قائلاً: "لا أمانع."

قفزت ليفيانا من مكانها بفرح، وركضت نحو غرفتها لتستعد، بينما التفتت رودين نحو أورفين وقالت بقلق: "أورفين، ألا يجب أن ترتاح؟ لقد عدت للتو من رحلة طويلة، لا يبدو لي أن الشاطئ هو المكان المناسب للاستراحة."

في تلك اللحظة، عادت ليفيانا وقد سمعت ما قالت رودين، فردت بنبرة واثقة: "أختي، لا تقلقي، أخي محارب لن تتعبه رحلة بسيطة لمراقبة الحدود. سنستمتع وننسى كل شيء."

انطلقت بحماسة، بينما اقتربت رودين من أورفين وهمست: "أورفين، أنت لم تنم طوال الليل، هل أنت متأكد أنك قادر على الذهاب؟"

ابتسم أورفين وأجابها بتردد: "بالتفكير في الأمر... أنتِ أيضاً لم تنامي. ربما علينا تأجيل الرحلة."

أمسكت رودين بيده، محاولة إيقافه عن اللحاق بليفيانا، وقالت: "لا داعي. سأنجو، أنا معتادة على السهر، والأميرة متحمسة للغاية. لا أريد أن أفسد عليها فرحتها."

نظر إليها أورفين طويلاً قبل أن يبتسم قائلاً: "حقاً؟ حسناً، سأجهز نفسي إذن."

نظرت رودين نحو البحر الذي تخيلته في ذهنها، متسائلة عما قد يحمله هذا اليوم من مفاجآت جديدة، وحدثت نفسها: "كل لحظة مع هذا الرجل كأنها مغامرة تأخذني بعيداً عن كل شيء."

أمانيثا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن