جلست الأميرة بإعتدال وبكل وقار و نبل ،ثم بنبرة هادئة لكنها حادة: "حسنًا، فكرت في خطة تناسبني أنا فقط. بصراحة، لم أضع لك أي اعتبار."
رمقها أورفين بدهشة مغموسة بتحدٍّ، وقال: "أخبريني بالخطة، وسأتدبر أمري بنفسي."
ابتسمت الأميرة ابتسامة خفيفة، ثم أشارت برأسها نحو الخادمة الهادئة الواقفة عند الباب. "كما ترى، الخادمة لونا ليست بشرية. لقد صنعتها باستخدام السحر."
اتسعت عينا أورفين بصدمة، ونظر إلى لونا كأنما يراها لأول مرة. "أميرة… هل تدركين ما تقولينه؟ هذا…هذا سحر محظور!"
ضحكت الأميرة بخفة، وعيناها تشعان بتصميم: "أعلم، لكنه ليس السحر الوحيد الذي سأستخدمه الليلة."
تراجع أورفين خطوة إلى الخلف وقال بحذر: "وماذا تنوين فعله؟"
قالت بثقة: "سأبدل وجهي مؤقتًا بوجه لونا. بهذا الشكل، سأكون حرةً لأهرب دون أن يلاحظ أحد غيابي."
اتسعت عينا أورفين غير مصدق: "أميرة… هذا السحر خطير، كيف ستفعلينه؟"
نظرت إليه الأميرة بعيون مليئة بالثقة: "لقد درست السحر المحظور سرًّا لفترة طويلة، وأعرف ما أفعله. لدي تعويذة سرية تمكّنني من تبديل وجهي مع أي شخص آخر لفترة محدودة. سأستخدمها الآن على لونا، وسيظن الجميع أنني هنا في القصر."
تردد أورفين قبل أن يجيب: "لكن إذا اكتشف أحد ذلك… قد يتعرض الجميع للخطر. كما أن هذه التعويذة ستستنفد طاقتك السحرية بالكامل، ستبقين بلا سحر."
أجابت الأميرة بنبرة حازمة، وصوتها مليء بالإصرار: "أعرف المخاطر جيدًا، لكن لم يعد لدي خيار آخر. إن بقيت هنا، فسأفقد كل شيء. هذا هو السبيل الوحيد لأحصل على حريتي."
أخذت نفسًا عميقًا ثم أشارت بيدها إلى لونا التي تقدمت بهدوء ووقفت بجانبها كدمية بلا حياة. "لونا، استعدي"، قالت الأميرة بصوت ثابت، ثم أغمضت عينيها وبدأت تهمس بكلمات غامضة، لغة قديمة محظورة لم يفهمها أورفين.
في تلك اللحظات، أثقل الجو في الغرفة وكأن شيئًا غير مرئي يحيط بهما. فجأة، انبثق وهج خافت من وجهي الأميرة ولونا، وبدأت ملامح الأميرة تتلاشى تدريجيًا لتحل محلها ملامح لونا، بينما أخذت لونا وجه الأميرة. وقف أورفين مذهولًا، يحدق في هذا التحول العجيب.
فتحت الأميرة عينيها بنظرة واثقة، رغم أن وجهها الآن بات وجه الخادمة. "انظر، الآن لا يمكن لأحد أن يميزني عنها."
ابتسم أورفين وقال بإعجاب: "هذا مذهل… لا أصدق كيف أصبحتِ تشبهينها تمامًا! لكن… ماذا عن لونا؟"
ردت الأميرة: "لونا ستبقى في القصر بوجهي، وستتصرف كأنها أنا. لقد دربتها على بعض الأمور الأساسية، ولن يلاحظ أحد الفرق لفترة قصيرة على الأقل."
صمت أورفين لحظات، ثم سألها بحذر: "وماذا لو اكتشفوا الحقيقة في النهاية؟"
أجابت الأميرة ببرود وتحدٍّ: "والدي وملك أمانيثا لن يجرؤا على فضح أمر كهذا، فهذا سيشكل فضيحة تهدد الأمن العام. سيختارون التكتُّم، أنا واثقة من ذلك."
تأمل أورفين كلامها بصمت، قبل أن يقول بنبرة هادئة: "لديك خطة محكمة، فلماذا طلبتِ مساعدتي إذًا؟ كيف تتوقعين أن أساعدك؟"
نظرت إليه الأميرة، وتلألأت عيناها برجاء صادق: "أورفين، سمعت أنك بارع في الهروب، وأنك تجد طريقك للخروج دون أن يكتشفك أحد. أحتاج لمساعدتك في مغادرة القصر."
تنهد أورفين، مشيرًا إلى خطورة ما تطلبه: "أنتِ تطلبين شيئًا أشبه بالمستحيل، وكل هذا لا يصب في مصلحتي. إن ساعدتكِ، سأورط نفسي في مشاكل لا حصر لها."
حدقت فيه بعينين ملؤهما الرجاء، وقالت بصوت خافت لكنه عميق بالعاطفة: "أعلم أن طلبي جريء، وأعرف أنني أنانية. لكنك أملي الوحيد، أورفين. زوجي ينتظرني هناك… أرجوك، ساعدني."
تأمل أورفين وجهها ثم قال بتنهيدة استسلام: "أميرة… هناك شيء لم تفكري به. ماذا سيحدث عندما يزول السحر وتُكشف الحقيقة ألن يبحث عنك والدك ؟"
ردت الأميرة بحزم: "حتى لو قرر والدي البحث عني، سأكون قد اختفيت. لن يجدني، خاصة بعد أن أفقد طاقتي السحرية."
تنهد أورفين أخيرًا وقال: "حسنًا، يا أميرة… بعد سماع كل هذا، كيف أستطيع الرفض؟ سأساعدكِ، رغم أنني أعلم أنني قد أندم على هذا."
ابتسمت الأميرة بامتنان صادق، وشعر أورفين بشيء من الطمأنينة يتسلل إلى قلبه.

أنت تقرأ
أمانيثا
Fantasyفي عالم من الخيال، تجد رودين نفسها تواجه واقعها القاسي بعد معرفتها بمرضها وفقدان صديقتها العزيزة. تُخبرها الأسطورة عن "أمانيثا"، المدينة التي يُزعم أنها تحقق الأماني المدفونة. لكن هل هي حقاً مدينة الأماني، أم أن فيها أسراراً أعمق؟ تنطلق رودين في رحل...