قضت رودين يومها بأكمله برفقة الأميرة والملكة وأورفين، مستمتعة بلحظات من الدفء والانسجام. ومع انقضاء الوقت، اصطحبها أورفين عائدين إلى غرفتها، حيث لفّهما صمت رقيق ينساب بينهما كهمسة في جو المساء النقي، تُداعب أنسامه الأرواح وتُثير في القلب شعورًا بالسكينة. مرّت لحظات خافتة تملأها الكلمات الصامتة، حتى نطق كلاهما في اللحظة ذاتها، وكأن الكلمات كانت تنتظر انطلاقها بين شفتيهما.
"رودين..."
"أورفين..."ضحكا معًا، ثم قال أورفين بابتسامة هادئة: "تحدثي أنتِ أولًا."
تنهدت رودين بعمق وقالت: "بصراحة، يا أورفين، هذا الوضع بات يؤرقني."
رفع أورفين حاجبيه باهتمام: "أي وضع تقصدين؟"
أجابته بنبرة يملؤها التردد والحذر: "أن نخدع عائلتك وندّعي أننا حبيبان. أعلم أن الفكرة كانت من أجل تبرير غيابك، وعذرًا يُقدم للتهرب من الزفاف الملكي، لكن..."
قاطعها بوجه شارد وتنهيدة عميقة: "كنت أفكر في هذا أيضًا. لقد قلت لكِ من قبل إن اعتذاري مهما تكرر لن يكفي لإصلاح ما فعلت. لم أظن أن الأمور ستتعقد إلى هذا الحد. أنا متسرع وأحيانًا أتصرف دون تفكير. آسف يا رودين، وإن كان هذا الأمر يُثقل قلبك، يمكنك إخبارهم بالحقيقة."
نظرت رودين إليه بخجل مشوب بالتردد، ثم همست: "لكن كيف لي أن أفعل ذلك؟ إن قول الحقيقة أصعب بكثير من الكذب. فوق ذلك، قد تفقد احترام الجميع هنا. صحيح أنني أرغب في البقاء، لكني أعلم أن هذا العالم ليس عالمي... أما بالنسبة لك، فهذا هو بيتك يا أورفين."
أخفض أورفين نظره وكأنه يدرك ثقل كلامها، وقال بخجل: "آه، كم أنا نادم! كيف وقعت في هذا الموقف؟" وضع يده على جبينه وكأنه تذكر أمرًا مهمًا وهمس: "يا لي من أحمق!"
استغربت رودين من رد فعله، فنظر إليها بتردد ثم سألها بخفوت: "ربما يكون سؤالي متأخرًا، لكن... هل هناك شخص تحبينه؟"
ضحكت رودين بمرح وقالت: "لا، لا يوجد."
ابتسم أورفين بارتياح مشوب بالخجل وقال: "أشعر الآن كأني أكثر رجل سخافةً على وجه الأرض."
نظرت إليه رودين بابتسامة لطيفة وقالت: "لا، في الواقع، أنت ألطف شخص التقيته."
ضحك أورفين بخفة وقال: "رودين، أنا رجل."
ردت ضاحكة: "وماذا في ذلك؟ ألا يمكن للرجال أن يكونوا لطفاء؟"
هز رأسه وقال: "ربما... لكن حسناً، دعينا نعود."
ضحكت رودين على رد فعله العفوي، ومع وصولهما إلى باب غرفتها، مدّ أورفين يده لها قائلاً: "تفضلي يا آنستي، أتمنى لكِ ليلة هانئة."
انحنت رودين بأدب مبتسمةً وقالت: "شكرًا لك يا صاحب السمو." تبادلا نظرات وداع قبل أن تدخل غرفتها.
عندما دخلت ، ضرب أورفين جبينه بيده باندفاع قائلاً: "آه، لقد نسيت تمامًا أن أسألها عن تلك الفتاة التي ذكرتها سابقا ، ما كان إسمها آه صحيح ليلى!"
تردد قليلاً قبل أن يلتفت وهو يفكر بصوت مسموع: "لا بأس، سأتركها تخبرني بنفسها حين تكون مستعدة." عبث بشعره في حيرة ثم همس لنفسه: "ما خطبي حقًا؟"
![](https://img.wattpad.com/cover/381203597-288-k84802.jpg)
أنت تقرأ
أمانيثا
Fantasiaفي عالم من الخيال، تجد رودين نفسها تواجه واقعها القاسي بعد معرفتها بمرضها وفقدان صديقتها العزيزة. تُخبرها الأسطورة عن "أمانيثا"، المدينة التي يُزعم أنها تحقق الأماني المدفونة. لكن هل هي حقاً مدينة الأماني، أم أن فيها أسراراً أعمق؟ تنطلق رودين في رحل...