2- عبدٌ لعام واحد
افترش مرغماً تلك الأغطية التى وضعت له بأمر منها أمام باب غرفتها .. هذه البشعة تجعل من عبوديته هماً لا يحتمل .. لو أنها أتت بكلب لحراستها لكانت عاملته أفضل مما تعامله هو الآدمى .. لاحترمت ما له من حقوق قبل أن تطالبه بتلبية ما عليه من واجبات
فهى حتى لم تفكر فى إطعامه رغم الطقس القارص .. وكأنها تتمعن فى تجويعه حتى يلتهم كل من يقترب منها .. لولا تلك الوجبة الخفيفة التى أحضرتها له الخادمة إشفاقاً لظل يتضور جوعاً لوقت لا يعلم مداه غير الله
أطرافه المتجمدة حرمته النوم رغم إرهاقه فراح يتقلب متذمراً فوق الأرضية الصلبة .. كل البطاطين التى أحضرتها فوزية ووضعتها تحته .. ربما رداً لجميله معها .. لم تخفف من قسوتها كثيراً
جلس متأففاً وراح يدلك أصابعه أملاً فى بث الدفء فيها بلا جدوى .. أخذه الحنين إلى تلك النار التى أشعلها العم فتحى ودعاه إليها فرفضها فى لحظة طيش .. أين هى الآن وسوف يعتذر لها حتى تتقبل منه ؟
وكأن تذكره لصديقه العجوز كان شفيعاً كافياً .. ابتسم لموجة الدفء التى سرت فجأة بين عروقه .. تمتم بالشكر للعم فتحى ولقسماته الحانية العطوفة .. الرجل الذى أحبه وأغدق عليه من الرعاية والتدليل ما لم يفعله والده من أجله
استرخى من جديد وأطلق أفكاره باتجاه آخر .. لماذا لا تبيت هذه المتوحشة بجوار خورشيد فى غرفة واحدة ..؟!
يبدو أنه لا يثق بها كما يجب .. وكيف يفعل .. ؟! ربما كان يخشى أن تستغل فترات نومه أو عدم تواجده فى الغرفة معها للتجسس على أشياءه الهامة والعبث بأوراقه التى لا يريد أن يطلع عليها سواه .. رجل محنك مثله لابد وأنه يعلم بكونها تعاشره من أجل ماله ليس إلا .. من الحماقة أن يعتقد أنها فضلته عن غيره عشقاً لشخصه رغم فارق العمر الواضح بينهما
أخيراً .. تثاءب فى كسل وأغمض عينيه ممنياً نفسه بوصلة من النوم الهادئ تحمله حتى الصباح .. يكفيه وجودها كابوساً يعيشه النهار كله
استيقظ فزعاً على ركلة حادة فى معدته .. تبتعها نبرات أكثر حدة :
- انهض أيها الثور .. قد انتصف النهار
اعتقده كابوساً فى بادئ الأمر .. ولكنه لم يكن كذلك .. كان حقيقة أبشع .. نهض متألماً يقاوم رغبة ملحة فى قذف وجهها بحذائها ذو الكعب المسمارى حتى يثقبه ثقباً لا يصلح تجبيره قبل أن يكسر ساقها التى ركلته بها .. لو كان الأمر بيده لمزق جسدها قطعاً لا تعد ولا تحصى ليلقى بها لكلاب السكك الجائعة
- لا تصمت هكذا
قالتها وكأنها قرأت أفكاره السوداء بشأنها .. شعر ببعض العزاء أغراه لكى يغمغم فى اعتذار لا يشعر به :
أنت تقرأ
فى قبضتى .. جائزة كتارا 2019 كاملة
Romanceتطلع إلى نفسه في المرآة ساخطاً : ما جدوى كل هذه العضلات المفتولة إن كانت المرأة الوحيدة التي يريدها لا ترى فيه رجلاً ..؟!