38

6.4K 399 80
                                    


استقبل أوسكار بهدوء لا يمت لأعماقه بصلة .. اللامبالاة التى حاول التظاهر بها لم تقنع الثعلب العجوز الذى انتظر أن يبادره بالسؤال عنها ولكنه لم يفعل حتى شعر بالقلق لأجله فاضطر أن يبدأ هو الحديث قائلاً :

- أرجو أن تكون أفضل حالاً

- لن تأتى غداً

كلماته المقتضبة خرجت هادئة ولكنها زلزلت أوسكار .. كان على يقين بأنه يخفى بركاناً تحتها .. فهذه الفتاة تمثل نقطة ضعف أكبر من أن يداويها فى ساعات قصيرة .. لا يمكن أن ينتزعها من قلبه بنفس السهولة التى نفذت بها إليه .. إن كان هو نفسه .. وبعد مضى أكثر من عشرين عاماً .. لا يزال يحمل آثار خيانتها وغدرها به ..!

قال فى خبث ليزيد من حقده عليها :

- مسكينة .. انتظرتها طويلاً حتى عادت إلى الفندق .. لم أتوقع أبداً أن تبقى لبيع الزهور بعد التاسعة مساءً

أيقن بأنه قد نجح فى بث سمومه عندما سأله باسل فى لهفة :

- هل كانت وحدها ؟

- نعم .. ولكنها كانت شديدة الإعياء وكأنها خرجت للتو من حلبة للمصارعة الحرة

- ما الذى تريد قوله ؟

- أنا لم أقل شيئاً .. أنت من قلت مسبقاً بأن عملها يقتصر على الجلوس فى كشك لبيع الزهور .. مهنة لا تحتاج لكل ذلك الوقت والإعياء على ما أعتقد ..!

حاول بعدها أن يبدو لامبالياً بنظراته التى تسلطت كالنار فوق وجهه قبل أن يسأله فجأة :

- متى سأتمكن من مغادرة هذا المعسكر ؟

- ربما بعد شهر

- بل غداً .. ولو لم يكن الوقت قد تأخر بالفعل لغادرته الليلة

- تعقل يا باسل ..

هز رأسه فى عناد وتصميم .. فهتف أوسكار جزعاً :

- حسناً .. سأعقد معك اتفاقاً وأرجو أن تلتزم به

تطلع إليه باسل فى فضول فأردف فى جدية :

- سأسمح لك بالخروج لمدة ساعتين على مسئوليتى الخاصة .. شرط أن تنتهى أولاً من مبارياتك الثلاث الأولى

- متى ؟

- بعد أسبوع

- ولكن أسبوع كامل .. فترة طويلة جداً ..!

- ولكنك ستلتزم بها .. عدنى بذلك .. أنت لست حراً لتتخذ قرارك منفرداً

تطلع إليه باسل فى يأس ولكنه أمام إلحاحه ولجاجته لم يجد مفراً من الموافقة على طلبه .. فأغمض عينيه وهز رأسه مستسلماً

*****

لم تشعر فى ذروة اهتمامها بتقليد تلك الباقة التى استوحتها للتو من مجلة لتنسيق الزهور .. بعينى عبدالله التى راحت ترقبانها فى إعجاب صريح .. حتى عندما لاحظته أخيراً رمقته فى لامبالاة أصابته فى مقتل .. فهو لم يعتد أن تصده فتاة بدأ هو بالنظر إليها ..

فى قبضتى .. جائزة كتارا 2019 كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن