26

7.4K 506 189
                                    


استمر فى التحرك حولها كثور هائج بحثاً عن ملجأ بديل عندما فتح الباب مرة أخرى .. كان الرجل ذاته .. اقترب منهما وقدم لهما لفافة تفوح منها رائحة الطعام الساخن وهو يغمغم فى نبرة أكثر إنسانية هذه المرة :

- هذا أقصى ما يمكننى فعله لكما .. أرجو أن تلتمسا لى العذر

تقبل باسل عطيته فى امتنان وشكره مبتسماً على جزيل معروفه .. عاد الرجل إلى منزله وأغلق الباب فجلس باسل بجوارها وراح يطعمها حتى امتنعت عن تناول المزيد فبدأ فى تناول طعامه هو أيضاً .. تعجبت عندما صنع شطيرة كبيرة واحتفظ بها بين ملابسه ..

غمغم مبتسماً لنظراتها التى تعلقت به :

- الرجل كان كريماً جداً .. أنا أيضاً شبعت

- هل شبعت بالفعل ؟

- بالطبع ..

رمقته فى عدم اقتناع فأردف ليتخلص من نظراتها :

- إن كنتِ أفضل الآن يمكننا أن نبدأ السير

نهضت وتعلقت بذراعه ليلحقا بأقرب محطة تتوقف عندها الحافلة .. شعرت بأنها مشت مدناً قبل أن تغمغم فى إنهاك

- وماذا بعد ؟ وكأن هذا الطريق لن ينتهى أبداً

- راودنى الشعور ذاته عندما كنا فى الحافلة .. فما بالك عندما يكون الأمر سيراً على الأقدام

- ماذا تقصد ؟

- بقدر تعاطفى معكِ .. أجدنى شامتاً بكِ

لكمته فى مرح وأسرعت تعدو لتغريه باللحاق بها .. فابتسم وسايرها عدواً حتى فعل بعد خطوات قليلة .. أضاءت عيناها الظلام وهى تضحك قائلة :

- أنت قوى جداً على عكس ما تتظاهر به

نظر إليها ولم يعلق فأردفت :

- تبدو ضعيفاً لدرجة الجبن أحياناً

- الضعف والجبن من وجهة نظرى مختلفان عن اعتقادك بهما

تأبطت ذراعه وتطلعت إليه فى فضول فأردف مبتسماً :

- لا يوجد أضعف من رجل عجز عن حكم نفسه وترويضها

- تتحدث كالفلاسفة .. إلى أى حد وصل تعليمك ؟

- بكالوريوس تجارة

ابتسمت قائلة :

- أنت جامعى إذاً ..!

مدت يدها لتصافحه وأردفت :

- فنون جميلة

- تشرفت بمعرفتك

استمرا فى الثرثرة والضحك بصوت مرتفع علهما يقتلان الملل الذى بدأ يتسلل عنيفاً بينهما .. أنهكت وراحت تجر أقدامها فى إعياء حتى جلست فجأة فى منتصف الرصيف .. جلس بجوارها من دون تردد فهتفت مبتسمة :

فى قبضتى .. جائزة كتارا 2019 كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن