6

10.1K 540 138
                                    


3- شياطين الأنس

جلس حول مائدة المطبخ الصغيرة يحتسى كوباً من الشاى الساخن أعدته له فوزية .. مضى ما يقرب من الشهر على وجوده بينهم حتى الآن .. إلا أن المرأة لازالت مقتضبة فى حديثها معه .. دهراً كان يمضى بين عبارة وأخرى وكأنها تمتحن حروفها قبل أن تنطق بها ...!

بقدر إعجابه بوفائها وإخلاصها لرب عملها وجد نفسه متذمراً منها .. حاقداً عليها .. لماذا لا تمنحه مزيداً من الثقة .. ماذا تظن به .. جاسوساً خائناً يتصيد أخطاءها للوشاية بذلك الطاغية وعاهرته .. ؟

نعم .. يوماً ما سوف ينتقم من الجميع .. سيملأ قلوبهم ندماً ورعباً عقاباً على ما سببوه له من ألم وظلم .. ولكنه سيفعلها بيده .. فهو ليس جباناً كما تتوهم بشأنه ....

استيقظ من أفكاره على دخول خورشيد المفاجئ إلى المطبخ .. نهض واقفاً .. كان يؤدى واجبه وليس احتراماً لشخصه .. فهو لا يرى فيه إلا خصماً سيحطم أسنانه ما أن يسقط فى قبضته .. مهما طال به الزمن سوف يفعلها ..

تأملهما خورشيد فى عبوس قبل أن يوجه حديثه إلى فوزية متغاضياً عن وجوده معها :

- جهزى نفسك سوف نرحل

سأله باسل فى قلق غريزى :

- أتقصد سيادتك بأننا سنغادر هذا القصر الآن ؟

- نعم

- إلى أين ؟

- هذا ليس من شأنك

تركهما بالسرعة ذاتها التى جاء بها .. استدار باسل إلى فوزية فى حيرة ولكنها لم تعره انتباهاً بل تحركت كالبرق لتجمع بعض الأغراض لتضعها فى حقيبة متوسطة الحجم قبل أن تأمره دون أن تنظر إليه :

- ألن تجمع أغراضك أنت أيضاً ؟

- لا أملك حالياً إلا ما أرتديه

- اذهب لغرفة الملابس وانتقِ لك شيئاً آخر

*****

لم ير هذه المخلوقة حزينة يوماً .. ولكنه شعر بسعادتها تغمرها هذه اللحظة .. تكاد تطير وهى تقود سيارتها بتلك السرعة الجنونية لتغادر القصر وكأنها تهرب من الجحيم

كعادتها لم تترك له الفرصة لكلمة واحدة مع فتحى .. لكم تمنى أن يصافحه ويحتضنه قبل أن يودعه .. ربما كان وداعه الأخير ..!

اكتفى بالتلويح له صامتاً .. كان واثقاً أن رفيقه العطوف قد رآه بالفعل وإن تجاهل مبادلته التلويح ؟ لماذا يتحاشى النظر إليه وكأنه يتعمد عدم رؤيته ؟

ألا يزال يخشى خورشيد وعشيقته ..؟

ربما يريد حمايته من لحظة تهور جديدة لا يدرى بعد أنه لم يعد يملكها .. من الجيد كونه لا يدرى بأنه أصبح عبداً بالفعل

أغلق البوابة ما أن عبروها .. استدار باسل ليراقبه من زجاج السيارة الخلفى فضبطه متلبساً يجفف عينيه ويتمتم بعبارات كان يعلم بأنها دعاء لأجله ..

فى قبضتى .. جائزة كتارا 2019 كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن