لا يستطيع أن ينكر خبرته وتفوقه فى فنون المصارعة والقتال .. أتراه بنفس الخبرة فى أمور العشق والهوى ؟
كلا .. ليته لا يكون .. فليحتفظ بخبرته السوداء لنفسه .. فهو رغم كل ما يكنه له من إعجاب وتقدير لا يتمنى أبداً أن يكون مثله فى هذا المضمار ...
- كيف تعرفت عليها ؟
رفع وجهه إلى أوسكار تائهاً .. يا له من سؤال هذا الذى أعاده إلى ماضٍ قريب تناساه بقدرة عجيبة .. شئ من الخوف تسلل إلى قسماته .. ربما لا يجب عليه أن يكون بتلك الطمأنينة فى علاقته بها .. تضاعفت لهفة أوسكار وازدادت نظراته إلحاحاً حتى اضطر مرغماً لسرد قصته معها كاملة .. قصة قصيرة .. شهورها معدودة .. ولكنها بالنسبة له تعنى العمر كله
لم يقصها فقط لإشباع فضول أوسكار .. بل لإشباع فضول آخر يداهمه ويعذبه فى سادية .. كان فى حاجة لمن يرتب معه أفكاره التى شتتها كلها مؤخراً .. فقدانه لتواصله معها وتجاهلها الذى لا يدرى إن كان مبرراً أو بلا عذر كاد أن يصيبه بالجنون هو أيضاً ..
تباً للنساء جميعاً .. كم هزم عمالقة وتهزمه طفلة مثلها ؟!
شعر بالندم والتسرع ما أن انتهى من حديثه .. ربما لم يكن من الحكمة أن يختار أوسكار خاصة ليعيد له العقل .. فهو نفسه يفتقد إليه .. ولكنه لم يجد عنه بديلاً .. اكتشف فجأة بأنه مثلها .. وحيد وغريب هنا .. فى حاجة إليها بقدر ما هى فى حاجة إليه
رمقه أوسكار فى عدم تصديق وهتف مستنكراً :
- مصيبتك أكبر كثيراً من مصيبتى .. وقعت فى حبائل مجرمة خبيرة .. وبكل ذلك القدر من الطيش والتهور .. تعلم بأنك لست أول ضحاياها ولن تكون أخرهم وبرغم هذا مستمر فى عشقها حد الوله ..!
لم تؤلمه كلماته الموجعة بقدر ما آلمه إحساسه بصدقها .. استرجع فى قلق عنفها القديم معه .. وتلك الفراشة المسكينة التى منعها من خنقها بالقوة فغضبت .. بل حتى لونها المحبب اختارته دموياً .. دائماً شرسة حتى وهى تسلبه عقله عشقاً .. ترى انتقامها كيف يكون ..؟!
عاد أوسكار ليطلق فى وجهه سهام كلماته المسممة قائلاً :
- ثم ما الذى يجعلك تجزم بأنها تحبك ؟
تردد قبل أن يغمغم فى شك :
- يكفى تعلقها بى .. لماذا تركتنى أقبلها لو لم تكن تحبنى ؟
- أخبرتنى للتو بأنها كانت أكثر سخاءً مع غيرك .. ماذا عن ذلك المجرم الذى بالكاد رحل منذ شهور قليلة ؟!
هز رأسه فى إحباط قائلاً :
- لا أدرى كيف أقنعك .. ولكننى أكاد أقسم بأن إحساسها معى كان مختلفاً .. رأيتها تقبل خورشيد من قبل ولكن ...
أطبق شفتيه وعينيه أيضاً عله يهرب من نظرات أوسكار وابتسامته المتهكمة .. ليته استطاع أن يغلق أذنيه أيضاً حتى لا يسمع صوته الساخر :
- وكأنك صرت خبيراً بعد قبلة واحدة أيها الأبله ..!
- بالله يا أوسكار تكفينى معاناتى
- ولماذا تعانى مادمت واثقاً بها لذلك الحد ؟
غمغم فى قلق :
- منذ زيارتها لى هنا .. لم تهاتفنى سوى مرة واحدة .. هاتفها مغلق ولا أدرى لماذا ..!
ازدادت ابتسامة أوسكار تهكماً .. فأردف متمرداً على ما يبثه فيه من إحساس بالهزيمة :
- ربما سرق هاتفها .. أو ربما سهت عن وضعه فى الشاحن .. فهى كسولة فى هذا الشأن .. كانت تفعل ذلك بخورشيد أيضاً
تحول تهكم أوسكار إلى إشفاق ضاعف من إحساسه بالهزيمة .. فعاد يغمض عينيه هامساً :
- ربما انشغلت عنى بلا قصد .. فهى قد انتظمت فى وظيفة مؤخراً
تنهد أوسكار صامتاً .. وكأنه قد اكتفى بهذا القدر من انهياره فلم يعلق .. ساد الصمت طويلاً حتى هتف فجأة وهو يمسك بكفى أوسكار فى توسل :
- أريدك أن تأذن لى بالخروج من المعسكر لمدة ساعتين .. بل ساعة واحدة فقط .. سأطمئن عليها وأعود فوراً
- تعلم أنك ستبدأ أولى مبارياتك غداً .. من المستحيل أن يسمحوا لك بمغادرة المعسكر ولو لدقيقة واحدة
- المباريات بدأت بالفعل منذ أسبوع .. وهى لم تحضر ولو واحدة منها .. أخشى أنها لا تعلم شيئاً عنها بعد .. أخاف أن لا تأتى غداً لرؤيتى أنا أيضاً ..
هز أوسكار رأسه فى حزم .. فأردف فى عصبية :
- ولكننى سأجن بهذه الطريقة .. ربما لن أحسن الأداء غداً مادمت مشغولاً بها لهذا الحد .. ماذا لو أن مكروهاً أصابها ؟
تطلع إليه أوسكار فى حيرة قبل أن تبرق عينيه قائلاً :
- أعطنى عنوان الفندق وسأذهب أنا لأطمئنك عليها
رمقه باسل فى شك قبل أن يغمغم مستسلماً :
- لا بأس .. ولكن اطلب منها أن تهاتفنى
*****
أنت تقرأ
فى قبضتى .. جائزة كتارا 2019 كاملة
Romanceتطلع إلى نفسه في المرآة ساخطاً : ما جدوى كل هذه العضلات المفتولة إن كانت المرأة الوحيدة التي يريدها لا ترى فيه رجلاً ..؟!