كانت المرة الأولى التى يحلق فيها .. تلاشى توتره سريعاً وهو يسبح بين السحب فوق هذا العلو الشاهق .. لم يحجز له خورشيد فى الدرجة الأولى كما فعل معها .. ولكن لا بأس .. يكفى وجودها بعيداً عنه ليستمتع بكل ما حوله
شرد ذهنه مرغماً وراح يفكر فى ذلك القسم الذى أقسمه لخورشيد .. لماذا أصر عليه ذلك الطاغية إن كان سيلحق بهما خلال أيام قليلة كما أخبره ؟
الأمر مثيراً للريبة ..! هل أرسل نانا إلى باريس لحمايتها بالفعل أم أنه أراد التخلص منها ؟
قطعت مضيفة الطائرة أفكاره وهى تناوله وجبته مبتسمة .. بادلها بابتسامة شاردة لم تتحرر بعد من القلق الذى استبد به .. ماذا لو كان خورشيد قد ملها بالفعل فتركها له .. ولكن أيعقل هذا .. بعد هيامه الواضح بها ؟!
خرج من باب المطار وراح يدور حول نفسه بحثاً عنها .. وكأنها تبخرت من بين كل ركاب الطائرة .. لم يعثر لها على أثر ..
الشئ ذاته حدث فى مطار القاهرة ..! ما الذى يحدث حوله .. ؟
لم يعد يفهم شيئاً ...!
لعلها هى أيضاً خططت للهرب من خورشيد حتى تريح نفسها من القلق والخوف المستمر الذى يحيط بصحبته ...
بماذا سيخبر خورشيد عندما يتصل به ويسأله عنها ..؟!
تنفس الصعداء عندما لمحها أخيراً تلوح له من داخل سيارة أجرة .. أشارت بصبر نافذ ليتقدم منها .. وما أن أصبح بجوارها حتى هتفت ساخطة :
- أين كنت كل هذا الوقت ؟
- كنت أبحث عنك
زفرت فى وجهه حتى كادت أن تحرقه قبل أن تأمر السائق بالتحرك .. راح يحدق فيما حوله منبهراً بالمعمار الأوربى الرائع حتى نسى وجودها بجواره .. أطلق تنهيدة طويلة .. باريس فاتنة بكل المقاييس .. ورغم ذلك كان يفضل أن يكون فى جنوب أفريقيا الآن .. حيث يوجد حلمه ..
انتفض عندما لكزته فى عنف ليستيقظ من غفلته .. كان السائق قد توقف أمام فندق ضخم طرازة المعمارى العتيق ينم عن عراقة وفخامة .. لا شك فى أن رواده كلهم أثرياء مثل خورشيد.. إن لم يكونوا أكثر ثراءً ونفوذاً منه ..
تركته يحمل الحقائب كلها بما فيهم حقيبته الصغيرة .. لولا العجلات التى ساعدته على سحبها فوق الأرضية الرخامية لأصيب بانزلاق غضروفى قضى على مستقبله للأبد .. تأملها ساخطاً وهى تتقدمه فى غطرسة مختالة كالطاؤوس حتى وصلت لموظف الاستعلامات الذى أكد لها وجود غرفتين بالفعل محجوزتين باسمها واسمه لمدة أسبوع كامل .. أخذ الحمال الحقائب من يده لتوصيلها إلى الغرف
يبدو أن غرفتها أيضاً كانت أغلى ثمناً وأرقى منزلة من غرفته .. ولكن لا بأس أيضاً هذه المرة .. راح يكرر لنفسه .. يكفى كونها بعيداً عنه
أنت تقرأ
فى قبضتى .. جائزة كتارا 2019 كاملة
Romanceتطلع إلى نفسه في المرآة ساخطاً : ما جدوى كل هذه العضلات المفتولة إن كانت المرأة الوحيدة التي يريدها لا ترى فيه رجلاً ..؟!