28

6.8K 484 77
                                    


*****

استقبله العاملون فى مركز التدريب بالهتاف وكأنهم كانوا ينتظرون وصوله على أحر من الجمر .. أبلغوه أن أوسكار سأل عنه مراراً حتى يأس من مجيئه وانتابه الغضب .. أوصاه أحدهم بالحفاظ على علاقته به وأن لا يحاول إثارته مجدداً كى لا يخسره .. فرعاية أوسكار حلم لكل مصارع خاصة لو كان مبتدئاً مثله .. أسرع بعدها إلى غرفته ليعلمه بحضوره فلم يمض وقت يذكر حتى خرج لاستقباله بوجه عابس .. تقدم منه بخطى حيوان مفترس وما لبث أن أمطره بوابل من اللكمات أصابته الأولى لفرط صدمته فحطمت فكه .. ولكنه نجح فى صد ما تلاها فى مهارة نالت استحسان كل من حوله بمن فيهم ذلك الفهد العجوز الذى تيقن من صفحه عنه عندما سأله ساخطاً :

- لماذا تأخرت ؟

- ظروف طارئة

- لن أسألك ما هى هذه الظروف .. ولكننى لا أريدها أن تتكرر

أومأ باسل برأسه موافقاً فتقدمه بخطوات واسعة مشيراً له كى يتبعه .. قاده إلى قاعة تدريب فسيحة احتوت العديد من الأجهزة والمعدات الرياضية الحديثة التى لا تتناسب أبداً مع مستوى المسابقة المتواضع

دار باسل حول نفسه وراح يتأمل ما حوله فى إعجاب صريح قبل أن يتنبه إلى عينى أوسكار المسلطة فوقه .. تنحنح فى شئ من الحرج ووضع يده فى جيب سترته ليخرج مبلغاً من المال قدمه إلى أوسكار قائلاً :

- قيمة الاشتراك فى المسابقة .. شكراً لاهتمامك

غمغم أوسكار فى عدم اهتمام :

- احتفظ بنقودك .. سوف أخصمها من قيمة الجائزة

ابتسم باسل ممتناً لثقته بينما أردف أوسكار :

- والآن هيا .. استعد لنبدأ التدريب

أطاعه باسل فى حماسة .. شعر بالسعادة وهو يواصل حلماً جميلاً لم يغادر مخيلته يوماً رغم الصعاب .. مضت فترة من التمرينات العنيفة التى أظهر فيها ليونة وصلابة أرغمت أوسكار على التصفيق إعجاباً قبل أن يشعر بدوار مفاجئ اضطره للجلوس على أرضية القاعة .. تأمله أوسكار فى قلق قائلاً :

- ماذا بك ؟

- دوار مفاجئ لا أكثر

- ماذا أكلت هذا الصباح ؟

- لا شئ

- أتقصد بأنك لم تتناول فطورك بعد ؟

- لم يكن هناك وقت

هتف به أوسكار موبخاً :

- يا لك من أحمق ..! حذار أن تفعلها ثانية

لم يكن فى حالة تسمح له بالتعقيب فأغمض عينيه صامتاً .. تحسس أوسكار جبينه المتصبب عرقاً فزادته برودته جنوناً .. قاده إلى فراش فى إحدى زوايا القاعة وأمره بالاسترخاء فوقه قبل أن يغادرها فى عصبية ..

عندما عاد إليه يحمل وجبة غذائية كبيرة .. وجده قد استسلم لغفوة أقرب للغيبوبة .. أيقظه فى رفق داعياً إياه لتناولها كاملة حتى يستعيد عافيته التى بددها بحماقته .. خلف قناعه المتغطرس كان يخفى حناناً يضاهى حنان العم فتحى واهتمامه

ما أن وضع قطعة من الدجاج المشوى فى فمه حتى اكتشف بأنه كان جائعاً بالفعل .. فهو لم يتناول شيئاً يذكر منذ أمس .. اقتصر كل طعامه على قطعة الخبز الصغيرة التى من بها قاطن المنطقة المنعزلة

تطلع إليه أوسكار فى استنكار قائلا :

- ماذا فعلت بنفسك أيها الأحمق المستهتر .. ألا تدرى أن صحتك هى رصيدك فى هذه المهنة .. كيف تغامر بها ؟!

رفع إليه وجهاً بدأ يتعافى وابتسم قائلاً :

- أصبحت أفضل الآن .. يمكننا أن نكمل التمرين

- مستحيل .. عليك أولاً أن تحصل على قسط وافر من النوم .. ربما يجب أن أتولى مراقبتك بنفسى حتى أتأكد من كونك تتناول وجباتك بانتظام .. وبكميات مناسبة أيضاً حتى أضمن عدم تعرضك لنوبات مشابهة

- آسف لأننى أزعجتك

تجاهل أوسكار اعتذاره قائلاً :

- يمكنك النوم هنا .. هذا فراشى الخاص .. سوف أطلب من العاملين أن يخصصوا آخر لأجلك

- كلا .. أشكرك .. لا يمكننى ترك ندى بمفردها

- ندى .. تلك الفتاة الشجاعة التى كانت بصحبتك أمس ؟

- نعم

- عليها أن تقدر ظروفك إن أرادت الاستمرار معك

- المشكلة أنها لا تعرف أحداً سواى فى جوهانسبرج

ربت أوسكار على كتفه قائلاً :

- باسل .. أنا أعدك لشئ أكبر كثيراً من هذه المسابقة الهزلية .. تأكد من أنك ستحسم كل المباريات لصالحك وفى الجولة الأولى .. وسوف يعلم الجميع بأنك الفائز من أول صورة دعائية تجمعك بهؤلاء الهواة ..

- أتمنى أن أكون عند حسن ظنك بى دائماً

ربت أوسكار على كتفه فى قوة قائلاً :

- خلاصة القول هو أن مثل هذه المسابقات تقام خصيصاً لاصطياد أمثالك .. إن كنت تفهمنى جيداً .. فعليك ببعض التضحيات

تفرس باسل فى ملامحه طويلاً .. يبدو أن هذا الرجل يثق فى قدراته أكثر مما يثق هو بها .. لا يريد أن يخذله ولكنه فى الوقت ذاته لا يستطيع أن يضحى بها .. فهى بالكاد قد بدأت تشعر معه بالأمان

*****


ما تنسوا الكومنتات احسن بعدين أمانى تقتلنى

تصويت

شير لكل اصحابكم على الفيس والانستجرام


فى قبضتى .. جائزة كتارا 2019 كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن