6- الهروب
لم يشتر حقيبة واحدة بل اثنتين .. ملأ إحداهما ببعض الملابس الرجالية المستعملة دون أن يقيسها للتأكد من مدى ملائمتها لجسده الفارع .. على أية حال فهو لن يرتديها كلها .. سيلف بعضها حول كنزه الثمين ليمنحه الدفء والأمان حتى يعود إليه ما أن تستقر أوضاعه ..
دخل إلى غرفته أولاً وأخرج صندوق المجوهرات .. لفه بإحكام ببعض الملابس التى اشتراها للتو قبل أن يضعه فى إحدى الحقيبتين ويغطيه بالمزيد منها .. بعد تفكير مرهق قرر أن يتركه فى الأمانات هو أيضاً ..
نعم .. هذا هو الحل الأمثل .. فهو ليس فى حاجة إلى المزيد من القيود والقلق .. يكفيه قيدها الذى تورط فيه دون وعى .. وضع ما تبقى من ملابسه فى الحقيبة التى أعطتها له فوزية وأسرع يغادر الغرفة عائداً إليها
كانت لاتزال ترتب ملابسها فى الحقائب وقد وضعت بعض مستلزماتها جانباً كما طلب منها .. تطلع مستنكراً إلى التنورات القصيرة .. بلوزات بلا أكمام .. قمصان النوم العارية التى لا يعرف لمن سترتديها بعد أن مات خورشيد .. ؟!
هتف وهو يناولها الحقيبة التى اشتراها ساخطاً :
- ضعى هنا ما يلزمك فقط
- ولكنها صغيرة جداً
هتف مستنكراً وهو يتطلع إلى الأشياء الكثيرة التى نوت أخذها معها :
- نانا هانم نحن نحاول الهرب .. معظم هذه الأشياء لا جدوى لها
ألقت بالحقيبة فى تذمر قائلة :
- رتبها أنت إذاً
وكأنه كان ينتظر أوامرها راح يجرد أغراضها بسرعة ليعيد معظمها إلى الحقيبتين مكتفياً بالقليل جداً منها غير عابئ بنظراتها المستهجنة .. بل تجرأ أيضاً وبدل بعض القطع الثمينة التى لطالما تباهت بها بأخرى صوفية ثقيلة كان خورشيد هو من اختارها لها دون رغبتها
هتفت معترضة :
- ألا ترى أنك تماديت كثيراً ..؟! أنا فى حاجة إلى هذه الملابس
- ستحتاجين هذه أكثر
- وماذا عن مستحضرات التجميل ؟ هل سنتركها فى أمانات الفندق هى أيضاً ؟
- نعم .. اطمئنى .. سوف نستعيدها قبل أن تفسد .. وإن فسدت سيكون هذا أفضل
- ماذا ؟
غمغم وهو يغلق الحقائب استعداداً للرحيل :
- لاشئ .. هيا بنا
وضع الحقائب الثلاث باسمه فى الأمانات .. من الجيد أن رجال خورشيد أنفسهم لا يعرفون عنه شيئاً .. أدرك الآن فقط لماذا كان يتعمد هذا الشيطان أن يبقيه بعيداً عنهم ..
وهى لم تجادله ولم تتشبث بحقائبها .. يبدو أن ثقة خورشيد التى نالها دون قصد منه كان لها مفعول السحر عليها حتى بعد مقتله .. ذلك الطاغية كان عبقرياً بالفعل .. سيبقى أكثر من صادفهم ذكاءً وفطنة .. ليته استغل ذكاءه فى الخير .. لو سلك طرقاً لا يجرمها القانون لأصبح ثرياً أيضاً .. ربما تأخر ثراءه قليلاً .. ربما احتاج لمضاعفة جهده أكثر مما اعتاد ..
ولكن الشئ الأكيد هو أنه كان سينجح فى النهاية ...
ربما لم يكن ليحقق هذا القدر من الثراء والنفوذ .. ولكن للأمان مذاق أشهى من أن يضحى به .. على الأقل ما كان مات هذه الميتة البشعة .. بماذا نفعه كل ما حصده من مال ..؟
أطلق تنهيدة مريرة وحمل حقيبته ليذهب .. ما كاد يتحرك مبتعداً عنها حتى جاءه صوتها فى غطرسة لم تتخلص منها بعد :
- وماذا عن هذه ؟
تطلع إلى حقيبتها التى أشارت إليها وهم أن يعنفها لكنه لم يفعل .. عيناها المتورمتان .. قسمه لخورشيد ..أم شهامة تربى عليها واعتادها منذ صغره ..
لا يدرى ما الذى منعه من عصيانها هذه المرة ؟
ولكن عليها أن تعلم بأنه لم يعد عبداً لها .. صار حراً .. بل صار ملكاً .. يمكنه أن يشتريها الآن بنقوده ويذلها كما أذلته هى من قبل ..
غادرا الفندق بخطوات ثقيلة ولسان أثقل .. كان المطر قد توقف وإن كان الصقيع لا يزال يخترق العظام .. حانت منه التفاتة إليها فوجدها فى عالم آخر .. شاردة .. حزينة .. دموعها تتساقط فى صمت .. لم يكن يتخيل أنها تكن لـ خورشيد كل هذا الحب .. ولكن ربما كان حزنها لمجرد كونها فقدت مصدراً للثراء والأمان لا أكثر
تنبهت لنظراته إليها فجففت وجنتيها بظهر يدها وغمغمت بصوت خافت :
- أين سنذهب الآن ؟
صمت قليلاً يفكر فيما طلبه منه خورشيد .. هل ينبغى أن يسافرا إلى لندن ؟ ولكن إن كان سفرهما مفروغ منه .. فلينقذها ويحقق حلمه فى آن واحد ..
قال فى حسم :
- سوف نسافر إلى جنوب أفريقيا
- ماذا ؟
- حتى أنتِ لم تتوقعى وجهتنا .. فما بالك بمن يلاحقنا ؟
صمتت قليلاً وكأنها تحاول استيعاب الأمر قبل أن تقول بنبرة شاردة :
- لم أزرها من قبل .. هل زرتها أنت ؟
- كلا .. ولكننى أحلم بزيارتها منذ زمن
- هل هى جميلة لهذا الحد ؟
- بالنسبة لى هى كذلك
تنهدت فى ضيق ولم تعلق .. كانت تعلم بأنه لم يعد من حقها الاختيار .. عقلها أيضاً توقف عن العمل .. عليها فقط أن تتبعه حتى يظهر لها بديل سواه .. سارت بجواره حتى شعرت بالإنهاك فتوقفت وهتفت ساخطة :
- استدع لنا سيارة أجرة
- لم أحدد وجهتنا بعد
- أتقصد بأننا سنستمر فى السير على غير هدى حتى الصباح ؟
- كلا بالطبع ..
تأملته ساخطة فعض على شفتيه فى حيرة قائلاً :
- نريد فندق صغير فى ضاحية منعزلة
أخرج ما تبقى معه من نقود .. عدها بسرعة وأردف :
- بعد أن نحجز تذاكر السفر لن يتبقى لنا إلا القليل
- وماذا ستفعل ؟
- سأبحث عن عمل .. لا تشغلى بالك بهذا الأمر .. كل ما عليكِ هو أن تكونى حريصة فى إنفاقك حتى نتدبر مصدراً آخر للمال
شكراً لكل الناس الكريمة اللى بتدعمنا
تعليقاتكم اسعدتنا كثيراااااااااااااااا
نتمنى نسعدكم احنا كمان
قراءة ممتعة
استمروا فى دعمكم
أنت تقرأ
فى قبضتى .. جائزة كتارا 2019 كاملة
Romanceتطلع إلى نفسه في المرآة ساخطاً : ما جدوى كل هذه العضلات المفتولة إن كانت المرأة الوحيدة التي يريدها لا ترى فيه رجلاً ..؟!