دلف إلى الداخل دون أن تأذن له .. دار حول نفسه فى بطء يتفحص مسكنها المتواضع .. ما عاد يليق بنجم مشهور مثله ..!
تسمرت عيناه لحظات فوق ماكينة الخياطة والثوب الذى حاولت الانتهاء منه منذ ثلاثة أيام ولم تفلح فرمته ليغطيها بإهمال .. تقدم أيضاً وأمسك بدفتر رسوماتها وراح يقلب أوراقه بوجه متصلب .. قطب حاجبيه وهو يدقق فى تصميمها الأخير الذى عكس ما تعانيه من إحباط ويأس وشوق بلا طائل إليه ..
فتحت فمها فى محاولة جديدة لاستعادة صوتها الهارب لكنها باءت بالفشل أيضاً .. جاهدت لتقترب وتنتزع دفترها من يده .. وتوقفت مجدداً ما أن رفع وجهه إليها .. فى عينيه اتهام وكأنها هى من سرقت مجوهراته وتركته ضائعاً ..!
وقف حائراً لا يعرف من أين يبدأ .. عندما عاد إلى منزله تلك الليلة ووجدها قد ذهبت دون أن تأخذ الصندوق معها فهم دعوتها على الفور .. لم يعد يتذكر من حديثهما سوى عبارة واحدة ..
باسل .. أنا فى حاجة إليك ...
انفجرت فى عقله ملايين القصص المأساوية بشأنها .. إن كانت فى حاجة إلى النقود كما زعمت فلماذا تركت مجوهراتها عنده ؟ هل شعرت بالخوف من باولو ..؟ أتراه قادراً على سلبها منها عنوة ؟ هل يعذبها هذا الوغد ويعاشرها رغماً عنها مستغلاً وحدتها فى بلاده ؟
ولكن إن كان يفعل ذلك حقاً .. لماذا أصرت على العودة إلى جوهانسبرج ؟ أتراها أنجبت منه بالفعل ؟ أيعقل أن يكون ليون طفلاً حقيقياً لها ؟ أيكون ذلك الطفل هو ما يقيدها إلى باولو ويجبرها على البقاء معه ؟
عاد صوتها المتوسل يطن فى أذنيه .. باسل .. أنا فى حاجة إليك ....
ولكن ما حاجتها إليه بعد كل ما سببته له من ألم .. ولماذا تحتاج إليه أكثر من كل هذه الثروة .. لماذا ؟!
لم يستطع تجاهلها رغم كل وعوده لنفسه بالتحرر منها .. من لحظتها وهو يبحث عن عنوان باولو مستغلاً معرفته باسمه الأول واسم الضاحية التى يسكنها بالقرب من الفندق .. هكذا أخبرته بعد لقائها الأول به فى مقهى السعادة ..
بالأمس فقط حصل على المعلومات التى يريدها .. ألغى كل ارتباطاته وجاء إليها متغاضياً عن اعتراض وتوبيخ كل من حوله وأولهم جوناثان .. كان همه الأوحد هو العودة بها إلى أمريكا مهما كلفه ذلك من جهد ومن مال .. وليون معها بالطبع .. سوف يدفع لـ باولو الثمن الذى يريده .. وإن لم يستطع إغراءه بالمال فسوف يلجأ للعنف .. قد يقتله إن هو أصر على إذلالها مجدداً ..
كان فى حاجة ماسة ليلتقط أنفاسه ويرتب أفكاره قبل أن يصعد ليواجهها .. الدقائق الأخيرة التى قضاها مع ذلك العجوز الثرثار فى المقهى المجاور لمنزل باولو هى ما قلبت كل موازينه رأساً على عقب .. أخبره الرجل بأنه يعرفها جيداً ..
أنت تقرأ
فى قبضتى .. جائزة كتارا 2019 كاملة
Romanceتطلع إلى نفسه في المرآة ساخطاً : ما جدوى كل هذه العضلات المفتولة إن كانت المرأة الوحيدة التي يريدها لا ترى فيه رجلاً ..؟!