كانت تجلس في شرفة شقتها التي تسكنها منذ ان قدمت الي عاصمة الضباب " لندن " منذ اربعة اشهر مضت اتت هاربة من ذلك الظلم والتحكم في مصيرها وحياتها كما لو كان عصر العبيد قد عاد مرة اخري ... كانت سارحتا مع ذلك النهر الذي يظهر من القدم ليصل الي درجة التعتيق والذي يشق تلك المدينة الواقعة جنوب بريطانيا بقوة لتعود بخيالها الي بلدها التي احتضنتها لاكثر من خمسة وعشرون عاما ... لتتذكر جلوسها اوقات العصاري خاصتا عندما تميل الشمس الي المغيب لتودع معها الحياة ليحل محلها ذلك الظلام العتيق ... ذلك المنظر الذي احبت دائما مشاهدته من شرفة شقتها والتي كانت ايضا تطل علي نهرا عظيما واقدم من ذلك النهر الذي تراه بعينيها الان ... تلك الذكريات التي تركتها ورحلت بعد مرحلة صعبة من حياتها خرجت منها بالم لم تقوي تلك الغربة علي ان تمحيه ...
كانت تنظر الي ذلك الطريق وهؤلاء البشر الدائمي الحركة ذهابا وايابا امام ذلك النهر بتموجاته الخفيفة احيانا والقوية والعنيفة احيانا اخري ... كانت تتعجب منهم كثيرا فكيف لهم بالحركة المستمرة امام ذلك المنظر الذي يدعو للسكون احيانا والي القوة والغضب احيانا اخري دون النظر اليه ... الي ذلك النهر والاحساس بتلك الاحاسيس التي يمكن ان يستمدوها من حركة مياهه المستمرة ...
أنيكا : ازاي بس مش قادرين يعيشوا اللحظة دي ... ليه بيتحركوا كدا ولا هاممهم المنظر اللي ياخد العقل دا ... صحيح برودة الجو اللي عايشين فيه خليت مشاعرهم واحاسيسهم باردة كمان ومش بيتاثروا بحاجة خالص ...
لتدخل عليها لتستمع لكلماتها الاخيرة ...
جوري : وما دام انتي عارفة كدا ... ليه مصممة تعيشي هنا ومش عايزة ترجعي ...
التفتت اليها ...
أنيكا : جوجو ... انتي جيتي امتي ... انا ما حسيتش بيكي خالص ...
جوري " وهي تجلس بجوارها " : وهتحسي بيا ازاي وانتي في عالم تاني مع نهر التايمز اللي اكيد بيفكرك بالنيل في بلدنا ...
انيكا : اه هو فعلا بيفكرني بالنيل بس مع فارق ...
جوري : فارق ايه بقي ...
انيكا : ان النيل عندنا تحسيه كدا بينبض بالحياة انما التايمز تحسيه نهر ميت ... حتي اللي عايشين حواليه تحسيهم اطبعوا بطبعه ...
جوري : يا سلام علي الفلسفة ... بقي اللي عايشين حوالين مكان بيطبعوا بطبعه ... ازاي بقي ...
انيكا : طب انا هقولك ... عارفة النيل عندنا ممكن لوسألتي اي حد عنه يقولك نهر زي اي نهر مفيهوش جديد يعني ... لكن الفرق انك لو سألتيني عنه هقولك النيل عندنا رمز للحياة من غيره كان زمان مفيش لا زراعة ولا حياة ولا الحضارة اللي عاشت سبع الالف سنة دي ... يعني من الاخر كدا تقدري تقولي ان الناس في مصر بقوا هم والنيل كيان واحد ما بيقدروش يبعدوا عنه ابدا ...
أنت تقرأ
حنين ✅✅✅✅
Romanceحنين ... قصة اثنان يعشقان بعضهما واستطاعا معا ان يتحدا ويقفا ضد كل من كان معارضا لهما ويحاول تفريقهما