الفصل الرابع والعشرون 2

167 9 2
                                    

دا تكميلي الفصل🤭
بعتذر أولًا عن التأخير لإن جالي خبر أحبطني امبارح واليوم ضرب بسببه..

الفصل الرابع والعشرون..
"الجزء الثاني"

دومًا ما نتباهى بالمثالية حتى يأتي الواقع ليدمرها..
نحيك منها ما يناسب ذوقنا الخاص وفي لحظة تتمزق ليخرج الأسوأ وكأنه وحش كاسر يطاردنا في الخفاء حتى ينهب لذتنا المؤقتة، راحتنا الوهمية، خُطنا المتعثرة وفي النهاية نصبح أشلاء تجاهد للتوحد ثانيةً دون جدوى.
بعض الأخبار تجاهلها أفضل ألف مرة من النبش خلفها لمعرفة ماهيتها..
صدمة تُسدد لك بعنف لتجبرك على تغيير مسارك من مسالم إلى باحث عن شفقة في أعين مَن تحب.
وصدمته لم تكن سوى مجموعة أخبار متفرقة في مجموعة دردشة مفادها أن العروس فرت من الزفاف وتركت الجميع في حيرة من أمره.
تصفح الكثير من حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بها وأصدقائها والنتيجة أنها بالفعل مختفية ولا يعلم مكانها أي حد.
آلمه قلبه لما وصل به حال حبيبته السابقة وصديقته الصدوق ليخبره عقله بأنها ربما فعلت ما توجب عليها في تلك اللحظة أما مشاعره الجياشة فأنكرت عكس هذا تمامًا متعللة بأن كارمن لن تفعلها ما دامت حية.
معاذ للمرة التي لا يعلم عددها يشعر بأنها المركز وكل ما به ينجذب نحوها حتى لو تضاءلت مشاعره نحوها لكنها تظل حبه الأول الذي يبتسم لذكراه رغم مرارته.
جلست جواره، تأملت ما يفعله لتبهت ملامحها تدريجيـًا حينما وجدته يتأمل صورة كارمن، ابتلعت ريقها بتوتر وسؤال واحد يتردد داخلها "ألا زال يحبها وهي مجرد قلب أشفق عليه ووافق مضطرًا للقبول بعشقه"
- لا.
أتتها حادة من ذاك الجالس جوارها لتنظر له بتيه، تحاول ألا تبكي لكن خانتها دموعها ليقترب منها بخوف من تقلب حالتها تلك، جفف دموعها واحتضنها بحنان معاكس لكلمته السابقة، تشبثت به وكأنه آخر ما لها في تلك الحياة، لم تتفوه تمارا بحرف فقط استمعت إليه وهو يهدهدها بصبر وبجوار أذنها أخبرها بإقرار
- لن أبدأ بعلاقة وداخلي لازال يحمل بعض الفتات من أخرى سابقة استنزفت الروح بسببها جميلتي.
صمت معاذ عن التحدث فهو فطن للأمر حينما وجدها تحدق في شاشة الحاسوب باضطراب ليدرك بأن القادم يحتاج للكثير من الصبر وبعض الجهد لإقناعها بما يريد لا بما رأته هي.
- لكن لِم كنت تحدق بها في حزن..!
كلماتها متخاذلة في محراب العشق، مرهقة من كل شئ يدور في فُلكها، مضطربة مما قد يحدث معها وفي نهاية المطاف خائفة من فقده بعدما وجدته
- لأن الجميع يقول بأنها فرت ليلة زفافها.
هنا شعرت تمارا بأن عاصفة رعدية ضربت قلبها وحولته إلى رماد لا يصلح للحب، تنهدت بخفوت فهي تشعر بالقلق في كل يوم يمر عليها جواره دون الخلاص من كوابيس تلاحقها واحتمالية فرارها من الزفاف والبحث عنه على وجه الخصوص يُقلق مضجعها بل ويجعلها كالنائم على صفيح ساخن ولا يستطيع الهروب منه.
لا تنكر بأنها حينما وجدته يحدق بشاشة الحاسوب ظنته حزين لأنها أصبحت تنتمي لغيره وهو لن يتحمل الأمر كثيرًا فمعاذ غيور حد الهلاك ولن ينتظر حتى تأتيه فرصة ثانية لمجابهة حبها بل سيبكي على اللبن المسكوب طوال حياته وهي لا تريده يندم ذات يوم عن ارتباطه بها، ابتعدت عنه قليلًا وداخلها يناجي بأن يكون القادم أفضل
- وأنت ماذا تظن معاذ!
صمت يفكر في الأمر من كافة الزوايا فرغم معرفته التام بجنون كارمن إلا أنه يعلم جيدًا كونها لا تملك الشجاعة الكافية لارتكاب مثل ذاك الفعل الأحمق، تنهد بإرهاق ليخبرها بعدها بإقرار
- لن تفعلها..
ثانية أخرى للتفكير ليتحدث بعدها بثقة بل يكاد يقسم بأنها الحقيقة رغم عدم تأكد الجميع من اختفائها حتى تلك اللحظة
- كارمن تخشى والدها والأهم خوفها من احتمالية إصابته بمكروه بسببها، حينها الموت أهون لها من اتهامها بأنها السبب الرئيسي من تفكك العائلة.
تلقت كلماته بصدر رحب وداخلها يتمزق من كم الثقة بينه وبين تلك المدعوة كارمن فثقته بها لم تنقص قيد أنملة بل زادت واشتدت بمرور الوقت، ابتلعت غصة انتشرت مرارتها في حلقها وما إن همت بقول ما تفكر به حتى قاطعها اتصال من رقم خاص، تجاهلته للمرة الأولى، وضعت الهاتف على وضعية الصامت بالمرة الثانية وفي الثالثة أخبرها معاذ بضرورة الرد على المكالمة الواردة بعد إلحاح من المتصل، أومأت إيجابًا علامة الموافقة قبل أن تبتعد عنه مسافة لا بأس بها لتجيب عن متصلها المجهول، فتحت الخط لتستمع إلى صوت من الطرف الآخر يخبرها بعجرفة
- لِم لم تجيبي من المرة الأولى!
- اعتذر.
قالتها بندم ما لبث أن تحول لشجاعة مؤقتة وهي تخبره بإقرار
- بالمرة القادمة لن أجيبك على الإطلاق.
صوت أنفاس عالية وصلتها من مُحدثها كانت دليل كاف على إعجابه بحديثها المتوتر ليرتفع بعدها صوت ضحكاته الهازئة من كلماتها المحدودة ليجيبها بعدها بلامبالاة
- لا يهم فأنتِ في قبضتي سيدة تمارا وحينما أريدك ستأتي خانعة في الحال.
صمتت فهو حتى هذه اللحظة محق في كلماته السابقة، لازال يكررها على مسامعها لأنه يعلم بأنها أضعف من الاختيار أو حتى معارضته، تفكر في كل خطوة منذ أسابيع مضت لكنها لا تستطيع الخروج من عنق الزجاجة بعد، هو لن يسمح لها بالابتعاد عنه هكذا أخبرها ذات أمس بأن القادم لن يخلو منه حتى وإن جاهدت لفعل عكس ذلك.
- لن أفعلها.
مهترأة من كثرة الخوف، مهتزة وكل ما بها يضطرب جُبنًا مما هي مقبلة عليه، لم تستمع لتعقيبه على ما قالته، نظرت للهاتف لتراه لازال معها على الطرف الآخر لتقول بهدوء بعدما اكتسبت المزيد من ثقتها المفقودة
- لن أكون الخنجر الذي يطعن معاذ بعد الآن.
هنا استمعت لضحكاته الساخرة وكأنه ألقت بأحد نكاتها المزعجة ولم يصدر منه سوى ضحكة سوداء تعكس هزلية الموقف برمته ليخبرها بعدما حاول التماسك قليلًا
- تمارا الصغيرة أصبح لها صوت تصرخ به بل والأبشع أن نبرتها تعلو على سيدها و.....
لم تدعه تُكمل فهي تعرف حديثه كاملًا بل وحفظته من كثرة تكراره على مسامعها، تنهدت بيأس وأخبرته بهدوء
- لن أستطيع بعد الآن
سالت دموعها بيأس لتكمل بعدها بحزن
- أرجوك اصفح عني من أسر لازلت محاطة به دون شكوى حتى هذه اللحظة.
إن قال أحدهم بأنه رأى للشيطان ضحكة مشفقة هل سيصدقه أحد..!
لا أظن لكن في تلك اللحظة شيطانها الوسيم ابتسم بشفقة مما ترغب به وما هو مخطط لها وفي النهاية لن يفعل إلا ما يحلو له ورأيها فلتحتفظ به لنفسها.
- فلتجربيني إذن تمارا..
قالها بتوعد لما تريد فعله، هو لن يتخلى عما يخطط لها حتى وإن أُهدرت الكثير من الدماء، استنشق نفس عميق وزفره على مهل ليتحدث بعدها بتمهل مدروس
- أنتِ لستِ سوى جندي على رقعة شطرنج وإن تحرك خطوة خطأ فلن يكون مصيره سوى الهلاك.
استمع لصوت نهنهة من طرفها ليبتسم بانتشاء فحتى تلك اللحظة الكرة التي تحاول الهروب من معقله لم يقابلها سوى دمار من صاحبها، ارتفعت وتيرة أنفاسها تبعها حديثها بغضب
- لن أفعل ما تريده بعد الآن وافعل ما يحلو لك.
- واثقة من حديثك..!
تساؤل وقبل أن تجيبه استمعت لصوت إنهاء المكالمة لتبهت ملامحها بيأس فهي اقتربت من النار إلى الحد الذي جعلها تتألم من وجودها بذاك القرب.
حائرة بين إعادة الاتصال به تعتذر له عما بدر منها أو تركه يفعل ما يشاء ولتتحمل هي عواقب تهورها الوخيمة ولن تستثني معاذها من معادلة وضعته بها ولم يعرف حتى ما يدور في الخفاء حتى لكن ما تعلمه بأنها إن لم تتخذ خطوة إيجابية فلا تلوم سوى نفسها بعد خسارتها لحبيبها الوحيد فالقادم أسوأ لكليهما دون استثناء وما عليها سوى تهيئة الأمور حتى تتخطى كل الأزمات معه وتنعم براحة ترجوها بشدة.
...................
لحظات الضعف لا تحتاج منك مواساة بل صمت في حُرمها لترهف السمع إلى ما خلف البكاء وما يريد أن يخبرك به الطرف الآخر.
دقائق أشبه باحترام لما نعايشه أو مأساة لما نتعثر به في دروبنا لا نعلم قط ما قد نواجهه في الغد القريب لكن الحياة لا تُمهلنا فرصة الاختيار إما السرعة في تنفيذ ما عزمت عليه أو المباغتة من حيث لا تدري.
مكالمة هاتفية بعد منتصف الليل من رقم حفظه عن ظهر قلب ليفتح الخط بتثاقل ما لبث ان انتفض بعدها بتوتر
- ما الأمر أبيل!
استمع إلى بكاء حبيبته فيولا ليعلم بأن الخطب جلل، استقام في جلسته قليلًا ليستمع إليه يخبره بنبرة حزن مما حدث مع شريكته بالعمل
- صدمت سيارة رانسي أول أمس وحتى الآن لم تستيقظ.
قبضة باردة اعتصرت قلبه بألم من احتمالية فقدانها لكن لحظة إن كانت رانسي لازالت بالمملكة المتحدة ولم تخرج منها فمَن تلك المُقيمة في منزل خالته، أخذ يلعن غبائه في كل دقيقة مضت معها وقلبه يخبره بأنها ليست نفسها لكن عقله يخبره بالبرهان بأن حيائه تغيرت كثيرًا بسبب ما حدث معها في السابق، شك بأمر عودتها سريعًا خاصةً مع حديث طارق معه بأنها لم تتعرف عليه كيف وطارق كان ركن أساسي في حياتها بسبب صداقته المتينة مع صهيب.
- أريدك هنا أوار.
قالها أبيل بعجز ليخبره أوار بأنه سيكون في المملكة المتحدة على متن أول طائرة قادمة، أغلق معه المكالمة وهاتف ريان يخبره بضرورة الحضور ثم الموافقة على عرض زواجه من شقيقته مع إخباره ببعض التفاصيل التي تخص فآطم ومعاناتها مع والدهما مرورًا بوفاة توأمها أمام عينيها.
أخبره بضرورة الرحيل مع اختيار نيا بديلًا له في العمل حتى يعود مع توصية شديدة اللهجة لريان بالحفاظ على شقيقته حتى يعود، أخبر حيائه الزائفة بوجود صفقة عليه إتمامها وبعدها سيتفرغ لها إلى الأبد.
هو لم يكذب عليها بالفعل لديه صفقة حياته التي جاهد لتكون جواره ولن يسمح بفقدها مهما حدث، اطمأن بأن الأمور على ما يرام بعد انتقال والدته للعيش مع خالته واستقل طائرة إلى روما لعدم وجود مقعد شاغر في الأخرى المتجهة إلى المملكة المتحدة.
لو وصف الشعور داخله بكونه لغم على وشك الانفجار في أي لحظة ليبعثر ثباته الظاهري فلن يصدقه أحد.
وصل إلى العاصمة روما ليبقى في أحد الفنادق القريبة من مطار "روما تشامبينو" حتى موعد طائرته إلى لندن في اليوم التالي مساءًا.
هاتف أبيل في ذاك الوقت يطمئن منه على حالة رانسي مؤكدًا بأنه سيكون جواره غدًا، أنهى المكالمة ليتذكر الخطوط التي أوصلته بذاك الغريب ليساعده كثيرًا في معرفة أحوال حبيبته حينما يشتد به الحال ولا يستطيع الوصول إليها.
استقبله صديقه في المطار بعدما علم موعد رحلته ليذهبا مباشرةً إلى المشفى مع توصية أبيل بتشديد الحراسة عليها وإن سنحت الفرصة لنقلها إلى مشفى أكثر أمانًا أفضل متعللًا بأن المسؤول عن حالتها تلك لن يهدأ له بال حتى يتخلص منها للأبد وبالفعل اقتنع الآخر وتم نقلها إلى أخرى أكثر مراقبة وتنظيم وبقي هو جوارها مع ذهاب أبيل وحبيبته فيولا إلى العمل يوميًا وبعد عودتهما يستعيدوا ذكرياتهم معها علَّ الوقت يمر سريعًا في غيابها.
هزات متتالية على كتفه أخرجته من شروده لينظر بعيون مرهقة إلى فيولا التي ابتسمت بسعادة وهي تخبره بإشراق
- رانسي استيقظت.
..............
#من_بين_الرماد
#أسماء_رمضان

"من بين الرماد"- "أسماء رمضان"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن