الأخبار الصادمة تأتي في أوقات غير متوقعة.عزيزي الحزن..
إليكَ أُرسل تعازي الحارة على شباب فقدته في دوامة دلفتُ إليها بمحض إرادتي..
عزيزي كنتَ سبب أساسي في عدم تقبُلي للحياة واليوم أردت تمزيق تلك الشرنقة إلى الأبد حتى لو كنت أرتجف رُعبًا من فكرة تخطي كل عقبة بمفردي والمُضي قِدمًا دون النظر لتبعات قرار متهور.
أعلم جيدًا بوجود جبل من التهكمات خلف نظراتك الساخرة التي تسلطها عليَّ لكن هناك مبدأ بأنك لن تعرف إن كنت على صواب من عدمه دون المخاطرة وكأنها آخر أمر قد تفعله بحياتك كلها.
تركت الورقة جانبًا بعدما أهدتها كل حديث ظنته مستحيل ذات يوم في عادة داومت عليها بعد نصيحة ريان لها بضرورة تمزيق كل ما يزعجها دون ندم لتشعر بأنها أفضل في كل مرة تفعل ذلك بل وقادرة على مواجهته دون صعوبات.
اليوم أتمت شهرها الرابع بين جدران هذا المكان لكنها خرجت بصورة دفنتها تحت الثرى منذ زمن بعيد وهي الآن متقبلا لكل سئ حدث معها بل وتريد مواجهته لا الهرب منه بعد الآن.
طرقات على الباب انتشلتها من بئر أفكارها لتسمح للطارق الولوج إلى داخل الغرفة والذي لم يكن سوى طبيب في مقام ابن أهدته لها الأيام منذ فترة وجيزة، وضع كوبي شاي وجلس أمامها على الطاولة لينظر إلى الأوراق أمامها قبل أن يخبرها بهدوء
- أتسمحين لي!
قالها بطلب لتوافق على استحياء وبعدها أهدتها له على استحياء ليقرأ كلماتها بحزن فاض منه لكنه حقًا فخور بها، صمت لحظات وكأنه يخطط لأمر ما وبعدها سألها بهدوء
- أريد الاحتفاظ بها..
- ألن تُمزقها كسابقيها.!
قالتها بنبرة متهكمة ليضحك على حديثها الحانق، تمالك مشاعره في هذه اللحظة وشرع في توضيح ما غفلت هي عنه
- يبدو الأمر كارثي من وجهة نظرك لكن دعيني أُخبركِ بقصة ما قبل أن أوضح لكِ أسباب فعلتي الطائشة تلك معي.
أومأت له بصمت دون حديث ليشجعه هذا على المُضي فيما أراد..
- يُحكى أن فتاة قد فقدت توأمها للأبد بسبب العنف الأسري، لم تستطع مواجهة صدمتها تلك بل ظل هناك ركن صغير بداخل عقلها سقط في هوة وجوده حولها.. رغم نجاحها المثمر واستمرارها في تقديم الكثير من الخدمات بل أيضًا رجاحة عقلها لم يشفع لها في هذه الحياة لتعيش بحرية لكنها عجزت عن تخطي أمر وفاته وظل داخلها صغير يكبر ببطء في مخيلتها وتكافئه في كل إنجاز يحققه بالدراسة..
ابتسم بحزن وهو يتذكر كل ما مرت به زوجته الحبيبة من صراع مع حقيقة لم تؤمن بها قط بل ظنتها مجرد هراء لا يفيد لكن..
- لم يستطع شقيقها إخبارها بأن ذلك مجرد أوهام داخل عقلها فقط وخشيت والدتها فقدانها فسايرتها في كل شئ تتفوه به حتى لا تخسرها هي الأخرى وظل الوضع هكذا حتى عاد سبب كل أذى مرت به ينغص عليها حياتها.
تفوه بكلماته السابقة بحنق هذه المرة من كذبة اخترعها عقلها وآمنت بها حواسها وصدَّق عليها الأقربون منها لتسقط في هوة الجنون بكامل ذكائها فهي أصبحت خليط من مختلة عاقلة في ثوب إمرأة ناضجة أصابها عطب الأيام لتشبه آلة تنجز المطلوب منها دون هوادة.
الحياة عقبات...!
تجاوزها.
وقصة فآطم من وجهة نظره تشبه كثيرًا والدة أركان في كونهما لم يستطيعا تجاوز الحزن بل شكل فجوة سحيقة أسرتهم فيها دون رحمة.. كلتاهن فقدت بسبب أشخاص من المفترض أنهم درع حماية لهم وفقد الأحباء بركان ثائر يدمر ما تبقى من فتات روح ليصبح جسد هالك لا يصلح للحياة.
- حياتها أصبحت على المحكِ تمامًا مثلي.
قالتها والدة أركان بتيه وهي تشفق على صاحبة الحكاية كثيرًا ربما لأنهن تجرعن من كأس المرارة سويًا ولم يعد ينقصهن سوى الموت ليُنهي على ما تبقى من روحهن، أومأ لها إيجابًا وصمت لحظات ليخبرها بعدها بواقع عايشه في كل لحظة معها قبل أن يخوض كل صراعاتها النفسية دون تركها بمفردها تواجه كل ذلك وحدها
- حينما عاد والدها من جديد بدأت الأمور تختلط عليها فهي ترى شقيقها على قيد الحياة ينعم بصحة جيدة وفي مشهد آخر يكون البطل صغير زُهقت روحه على يد والده دون ندم... كيف توفى وهي تتحدث معه وتشاكسه في كل لحظة لكن حينها أدرك شقيقها بأنه ربما قد يفقدها للأبد إن لم يصارحها بكل شئ مرت به.
أنهى كوب الشاي خاصته وهو يحاول الخروج من ذاك النفق المظلم ووجه حديثه إليها تلك المرة وهو يكمل بإقرار
- حينما أخبرني كارم عن حالتكِ كان التشخيص الأولي بأن العلة تكمن في عدم التقبل لذا أردتُكِ أن تواجهي كل أذى مررتِ به حتى تعتادي عليه.
صمت لدقائق معدودة وكأنما يحسم خطوته التالية ليُكمل بتريث
- الاعتياد على الألم أفضل من أسره داخلك لبقية حياتك.. فأنتِ في الحالة الأولى تتعايشين معه أما في الأخرى تجاهدين على التحرر منه دون فائدة فهو قد قيدك بقيد غليظ لا يمكن التخلص منه بسهولة.
- في حالتي كانت الصدمة ريان لا الألم.
قالتها بتبرير ليضحك بخفوت على حديثها فبعد مرحلة الاعتياد تأتي خطوته الثانية وهو الاعتراف بكل ما كان يؤرقها فهو يعلم جيدًا بأنها لم تستطع قط الاعتراف بين ثنايا عقلها بكل ما حدث معها لذا فهي قادرة على ذلك الآن.
- ألم الفقد أم صدمة الغدر سيدتي..!
سؤال إجابتيه كنصل حاد يمزق كل ثوابتها مهما دارت الأيام، يؤنبها بأنه لولا خوفها ما كانت وصلت إلى ما هي عليه الآن، يخبرها بأنها ربما لم تنجو من عاصفة سابقة أطاحت بها لكن هناك إعصار منتظر في وقت قريب ربما لن يترك شئ دون ابتلاعه بين ثناياه.
- بل صدمة الفقد..
تناولت عدة محارم ورقية ومررتها على وجهها بهدوء تزيل دموع حفرت أخاديد على خديها بمرور الزمن، لحظات استدعت هدوء ظاهري وأكملت بحزن
- صدمة على عُمر فُقِد أسفل تروس حياة لا ترحم؛ لأنك فجأة ترى نفسك مدان بالكثير ولا تعرف أي طريق قد تسلك للتخلص منه.. باختصار حياتك على المحك حتى لو لم تفكر.
تفهم وجعها جيدًا فكل ورقة كان يتعمد تمزيقها كان يقرأ سطورها سريعًا لرؤية ما تحمله من عبق الذكريات وياليته لم يفعل فقد هاله ما عانته طوال السنوات الماضية.. في كل مرة كان يقف عن الحريق دون ان يُكمل المتبقي لأنها ببساطة كانت ترفض مشاركته مع أحد لكن منذ أسبوع على الأقل بدأت في سرد بقية السطور ليجزم بأن حالتها تلك سيصاب بها معظم الأشخاص إن وُضِعوا في نفس الظروف بكل ما مرت به..
- لدي مفاجأة سارة لكِ سيدتي.
تركها بحيرتها تلك دون أن يخبرها المزيد لتعقد حاجبيها بضيق وفضولها في تزايد مستمر.. لحظات واختفى خلف الباب بعدما أغلقه ليتركها تفكر في كل ما مرت به وما قصه عليها منذ قليل وداخلها تكاد تجزم بأنها استمعت إلى نفس القصة منذ زمن لكن مَن أخبرها بها لا تتذكر..!
أما ريان فبمجرد خروجه من الغرفة وجد زوجته تستند على الحائط وتعقد حاجبيها بغضب لينظر لها باستفسار عما بها لتقترب منه قبل أن تخبره بحنق
- حياتي ليست منظومة خيرية لتشاركها مع أي من مرضاك سيد ريان حتى لو كان على سبيل العظة وبحسن نية.
التفت تغادر دون كلمة إضافية ليتشبث بكفها قبل أن يديرها إليه ويتحدث بهدوء محاولًا امتصاص غضبها ذاك
- لم أكن أعلم بأن الأمر لازال حساس بالنسبة لك فآطم..!
- هو كذلك بالفعل.
قالتها بحنق وغادرت تلك المرة دون كلمة إضافية ولم يحاول هو إيقافها لشعوره أنها تحتاج لبعض الراحة والتفكير بذهن صاف وحينما يحين الوقت سوف يشرح لها كل شئ..
تأوه بوجع حينما شعر بعكاز جده يطرق على كتفه بحنق هو الآخر لينظر له باندهاش من فعلته تلك فهو لا يفعلها إلا ان كان مخطئًا ليقول له بنبرة صارمة لا تقبل الجدل
- أين سرية مرضاك سيد ريان..!
- أرسلت شكواها إليك بهذه السرعة!
قالها بتساؤل متهكم ليزيحه جده جانبًا قبل أن يتخطاه ويخبره بغضب
- بل استمعت إلى حديثك من الخارج.
تناسى بأن جده يمتلك مكان مخصص له يقضي فيه معظم وقته بالقرب من تلك الغرفة وبالطبع قد علم كل شئ تفوه، شعر بالحرج قليلًا ولم يجد ما يدافع به عن نفسه لذا التزم الصمت، استند الآخر على عكازه بتعب وهو يكمل بحنان
- أعلم بأنك طبيب جيد لكن هناك لحظات تمر على المرء يحاول اجتيازها بمشقة لكن حديث من حوله يجبره على العودة إلى نقطة الصفر ثانية دون قدرة على النهوض حضرة الطبيب المبجل.
صمت قليلًا وأكمل بهدوء يحاول فيه سحب حفيده إلى طريق الصواب حتى لا يكرر ذاك الخطأ ثانية
- زوجتك تشعر بالراحة في حديثها معك لكونك زوجها في المقام الأول وثانيًا طبيبها لا العكس.. بهرائك ذاك سوف تجبرها على عدم الحديث معك في أي شئ يخصها بعد الآن.
تركه وغادر لكنه عاد وكأنما تذكر شئ ما ليكمل بحنان يُضيئ له ما قد تنساه
- أنثاكَ لن تلجأ إليك مرة أخرى إن كررت الأمر معها.
ثم تركه تلك المرة دون إضافة كلمة أخرى ليستند على الحائط يفكر في كل ذلك فبالرغم من أن نيته كانت حسنة إلا أنه قد تم فهمه بصورة بشعة.
على الطرف الآخر كانت تجلس فآطم في شرفة المنزل تعقد حاجبيها بضيق وكل دقيقتين تزفر بغضب لتستمع إلى صوت الجد يخبرها بنبرة مازحة يحاول إخراجها مما هي فيه
- في المرة القادمة سوف أحلق دون رجعة.
ابتسمت على كلماته ليوجه حديثه لها تلك المرة لكن بجدية أكبر
- زوجكِ أراد أن يتباهى بقوتك في الصمود والخروج من محنتكِ أمام مريضته.
- أعلم جدي لكن حديثه عني جعلني مثيرة للشفقة في حق نفسي حتى لو كانت نيته جيدة إلا أنه لم يفكر في شعوري قط.
قالتها بتبرير موقفها تجاه زوجها المصون لكن الجد لم يسمح لها بل أخبرها بنبرة لئيمة
- يمكنكِ معاقبته بأي طريقة وأنتِ تملكين الكثير منها لكن غضبك منه وسخطك عليه بتلك الطريقة غير مبرر فآطم.
حديثه يُشعرها بالندم في خطوة غضبها منه لكن كيف تتخطى الأمر وهو ربما يخبر كل مرضاه ما مرت هي به.. اتخذت موقف ولن تتراجع عنه حتى لو آلمها نظراته الحزينة التي يخصها بها من بعيد.
- اذهبي إليه الآن.
قالها الجد بحنق وهو يدفعها نحو حفيده لكنها بدلًا من أن تسلك نفس الطريق الذي تحرك به متجهًا إليها اتخذت طريق آخر لأنها بكل بساطة لن تقوى على مواجهته الآن بل تريد أن تستجم وترتب أفكارها ومشاعرها دون تأثير من أحد خاصة بعدما تدخل الجد في الأمر وكانت نظراته لائمة على تصرفها الطفولي بصورة كبيرة.. هي ليست مستعدة ولن تكون كذلك ما لم تضع بعض من أولوياتها في المقدمة وبعدها تعقد معه إتفاقًا إن أخل به سوف تكون نهايته على يدها دون رحمة منها.
..............
البداية التي لا تعجبك امحها ثم اصنع غيرها.
وهي قررت محوه من حياتها بأكملها قبل إنهاء تلك الزيجة بعدما اكتشفت خيانته لها بل وتلك الجالسة أمامها تتلذذ بمشروبها الساخن دون أن تدرك حجم الألم الذي سببته لها قبل لحظات.
أرسلت له رسالة نصية تخبره بأنها لن تُكمل معه وهذا قرارها النهائي ليحاول الاتصال بها بعد ذلك لكن دون فائدة؛ ليترك غيث بعدما أخبره بهدوء
- ان فعلت حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي سوف يأتي لك إشعار بذلك أيضًا يمكنك تحديد موقعها من تلك الخاصية.
قالها وأشار إلى أيقونة بعينها ليتفهم غيث حديثه قبل أن يودعه ويبقى بمفرده ينتظر أي إشارة من حبيبته كارمن..
فاعتقاده بأنها ربما ستظهر في الأيام القادمة لكن دون أن يشعر بها أحد خاصة وأنه لم يتواصل معهم الخاطف قط وكأن حساباته من تلك الحركة ليست المساومة بل التدمير.
أما باسل بعد دقائق تعدت حاجز الربع ساعة قد كان أمام منزلها يزفر بتعب، ضرب الجرس عدة مرات لتظهر له بعيون منتفخة ليخمن أنها كانت تبكي قبل وصوله..
أقسم لها بأن علاقاته السابقة لم تكن جادة كما الآن لكنها لم تصدقه بل وطالبته بالمغادرة على الفور لتظهر أخرى من وراء ظهر نيا، تجاهد على ألا ينكشف أمرها لتستمع إلى صياحه بصدمة، اتسعت ابتسامتها قبل أن ترتمي بين أحضانه وهي تخبره باشتياق
- اشتقتك باسلوتي.
أخذه بين أحضانه وأخذ يدور بها عدة مرات بسعادة غامرة وهي صوت ضحكاتها يرتفع رويدًا، لم تتحمل نيا ما تراه بل صفعت الباب في وجههم دون كلمة إضافية.
نظر باسل لتلك الواقفة جواره وهو يسألها بشك
- تلك خطتكِ هيا... صحيح!
ابتسمت بشقاوة على حديثه ليصفعها على رأسها من الخلف قبل أن يخبرها بحنق
- سوف أخبر أبويكِ عن فعلتكِ تلك.
- لا يهم.
قالتها بلامبالاة وطرقت على باب المنزل بهدوء قبل أن تترك المجال للآخر يفعل ذلك وهي تشاهد حنقه باستمتاع، لحظات وفُتِح الباب لتصيح نيا بغضب
- ماذا..!
- هيا شقيقة باسل.
قالتها بمشاكسة وهي تعرف عن نفسها بصورة رسمية لتجحظ عيني الأخرى بصدمة مما قالت.. دقائق تحاول استيعاب الأمر فهو لم يخبرها قط بأن لديه شقيقة، دومًا يخبرها بأنه وحيد أبويه وتلك القابعة أمامها تبتسم بسعادة وكأنها لم تلقي بقنبلة دمرت كل شئ بينهما منذ وقت ليس ببعيد.
تنهدت بضيق وأفسحت لهم المجال للدلوف إلى الداخل، جلس ثلاثتهم متقابلين لتخبرها هيا بحنان
- كانت هناك أزمة بين باسل وأنا لذا لم نكن نتحدث ومنذ وقت قصير تم حل الأمر بيننا.
نظرت لها نيا بشك مما تقول فهي بالفعل لا تعرف صلتها بكل ذاك الهراء الذي تثرثر به لكنها التزمت الصمت دون التفوه بأي شئ ليأخذ باسل المبادرة ويكمل هو بحنان
- هيا شقيقتي وابنة خالتي الوحيدة نشأنا سويًا في نفس المنزل وتربطنا الكثير من المصائب المشتركة..
- كيف هو صهيب هذه الأيام!
قالتها بتساؤل لتجحظ نيا عينيها بصدمة من معرفتها بصهيب ليقذفها باسل بالوسادة تبعه قوله الصارم
- تأدبي هيا وإلا أخبرت الجد.
أعاد نظراته مرة أخرى إلى حبيبته لتنظر له بتساؤل عن حقيقة معرفتها بالجار ليخبرها بهدوء
- هيا أتت لمعاونة صهيب في قضية الفندق لأنها كانت مسؤولة عن التحقيق في حالات الاختفاء قبل سنوات من الآن.
- حسنًا.
قالتها دون تعقيب واتجهت إلى المطبخ تُحضر لهم واجب الضيافة لتقترب هيا تلكزه في كتفه وهي تخبره بمشاكسة
- تحبك حد النخاع.
قالتها بإقرار وحركت كتفيها بغير اكتراث ليضحك باستفزاز على حديثها تبعه لومه لها على ذِكر صهيب خاصة وأنها تعلم جيدًا بأن نيا كانت مغرمة به
- لِم سألتِ عن حال ذاك الوغد الآن..
صمت لحظات وأكمل بحنق مؤكدًا ما دار في عقله حينما وافقت على عرض رئيسها بمعاونته في التحقيق
- ألا زلتِ معجبة به بعدما كل ما ارتكبه في حقكِ.
- اصمت باسل.
قالتها بغضب واتجهت نحو الشرفة تتأمل حركة السيارات بالأسفل، التفتت له تخبره بنبرة هازئة بعدما قررت ما تريد
- سأبقى في منزل نيا تلك الفترة لذا لا داعي لخوفك الغير مبرر علي سيد باسل.
يدرك بأنه أخطأ حينما أتى بذكر علاقتها السابقة مع صهيب لكنه لن يسمح لها بأن تنهار ثانيةً حتى لو كلفه الأمر ارتكاب جناية..
نادته نيا من الداخل ليذهب إليها على مضض سرعان ما شهق بخوف مصطنع حينما وجهت نصل السكين تجاه رقبته وهي تخبره بغضب
- لا أريد أن أفاجأ مرة أخرى بأقارب لك لا أعرف عنهم شيئًا.
أومأ علامة الموافقة على حديثها ليخبرها بهدوء
- أقسم بأن علاقتي معها كانت متوترة في الفترة الماضية لذا لم أخبركِ عنها شيئًا.
أخفضت السكين وناظرته بشك مما يتفوه به فالخلافات مهما طالت لن تكون سبب في محو علاقة بين أخوين على حد قوله لتخبره بنبرة تحمل الكثير من الشك بين طياتها
- ماذا حدث بينكما لتكون العلاقة متوترة إلى هذا الحد؟
استند على الحائط بإرهاق من كثرة الضغوط المحيطة به في الفترة الأخيرة وأخبرها بهدوء
- هيا خطيبة صهيب قبل علاقته مع حياء.
شهقت مما يقول فهي تعلم جيدًا بأن صهيب لم يكون له أي علاقات غرامية قبل حياء لكن ما يقوله ذاك الأبلة لا يُصدق حقًا، انتشلها من دوامة أفكارها وهو يكمل بهدوء
- تشاركا نفس التدريب في السابق وكان سبب أساسي في أن يتعرفا على بعضهما البعض، عملا معًا في عدة قضايا ونشأ بينهما إعجاب تحول إلى خطبة لم تتكل بزواج.
- لِم..!
قالتها بفضول ليخبرها هو بلامبالاة
- لأنه لم يكن مستعد للزواج بعد وظهرت بينهما الكثير من المشاكل كانت سببًا في تركه لها دون كلمة وظلت هي فترة تعاني حتى غادرت إلى دولة إفريقية أخرى بترشيح من رئيسها لمعاونة زملائها في التدريب على بعض القضايا، طالت سنواتها في التنقل من دولة إلى أخرى حتى عادت قبل عامين وكانت أول قضية تحقق بها قضية اختفاء فتيات دون دليل لتُركن القضية على الرف دون حل.
- ألم تعلم بأنكَ شريك خطيبها السابق في السكن!
قالتها بشك وداخلها يخبرها بوجود حلقة مفقودة لا تعرف عنها شيئًا وهو يحاول بألا تعلم كذلك ليقول لها بهدوء
- عرفت قبل أسبوعين حينما شاركت حالة على تطبيق whats app برفقة صهيب وآخرين لذا أخبرتها بكل شئ حيث أن صهيب وأنا لم نتقابل سابقًا لأني لم أحضر حفل الخطبة وأيضًا لم تسنح لي الفرصة في التعرف عليه.. تعرفنا فقط تلك الفترة وأخفيت الأمر عنها حتى لا تنزعج من صداقتنا.
صمتا ولم تُعقب فهي كانت تقول سابقًا بأنها تعرف كل شئ عن باسل لكن اليوم أدركت بأن معرفتها به رغم العلاقة الرسمية بينهما سطحية إلى الحد الذي قد يصيبها بالجنون.
الحياة مفاجآت بعضها سار ومعظمها صادم لكن أنت برد فعلك الغير مناسب للموقف قد تجعل من تلك المفاجآت أضحوكة أو مصدر لتدمير استقرار تطلعت إليه منذ زمن.
....................
الخدعة سحر إن لم تستطع الفرار من شِركها سوف تلازمك إلى الأبد وتعكر عليك صفو حياتك.
مر الكثير وهما محتجزين عند تلك المختلة التي ترغب في سلب حياء روحها، أحيانًا تندم وفي أوقات كثيرة تغضب بسبب ما فعله خلدون بعائلتها بل وتصيح بأنها تكره الجميع ولن تترك أحد دون أن يعاني مثلما حدث معها في السابق.
استيقظت اليوم بهدوء مناقض لصخب الليلة الماضية، تشعر بتحسن كبير بعد ثورانها أمس مساءً، اتجهت إلى المرحاض لتغتسل قبل قرارها بفعل ما عزمت عليه..
أما في الطابق السفلي فقد استيقظت حياء مبكرًا كعادتها منذ سنوات.. أغمضت عينيها بإرهاق احتل ثناياها دون مقدمات، ترغب بالبكاء لكنها ليس لديها المقدرة على فعل ذلك فكثرة الخذلان آلمتها إلى الحد الذي جعل منها أضحوكة أمام نفسها في المقام الأول.
أتى أوار من خلفها ووضع قدح قهوة أمامها لتنظر له بفتور قبل أن تغلق عينيها بتعب، لا ترغب في التحدث معه ولا تقدر على مواجهته.
- أنتِ بخير حياء!
قالها بتساؤل لتفتح عينيها تتأمله بصمت وداخلها الكثير من الضجيج تود لو تخبره به لكنها بدلًا من ذلك آثرت الصمت حتى لا تدخل في دوامة الجدال معه فما هي فيه الآن يكفيها ويزيد..
- أتحدث معكِ حياء.
قالها بغضب لتزفر باختناق وهي تصيح فيه بنبرة مماثلة
- الوضع الآن لا يحتمل أي نقاشات أوار قد تودي إلى خسارة أي منا الآخر.
صعقة أطاحت به في مقتل بسبب حديثها الهازئ ذاك فهو يريدها أن تثور حتى لا تنتكس حالتها ثانيةً ليقول لها بحنان.
- أعلم بأني مخطئ حياء لكن...
- لِمَ لم تخبرني قط بأن هناك أخرى تشبهني أوار..
لم تمهله الفرصة في الإجابة بل عاجلته بقولها الهازئ
- ألهذا الحد كنت أضحوكة في نظرك..!
زفر بحنق يحاول السيطرة على غضبه حتى لا تتفاقم الأمور أكثر من ذلك لكنه أخبرها بنبرة حنون معاديًا لكافة أفكاره الآن
- كيف أُخبركِ بوجود أخرى تُشبهك أخذت مكانكِ بل وحياتكِ أيضًا في الوقت الذي كنت تعانين فيه إثر الحادث.
صمت قليلًا وأخبرها بعدها بهدوء حذر يستجدي مشاعر يعلم بأنها داخلها لكنها تكابر في الأمر
- كيف أُخبركِ وهي كانت سببًا في حالتك تلك حيائي.
أغمضت عينيها بتعب تحاول التفكير في كل الأمور وموازنتها جيدًا حتى لا تخرج عن سيطرتها في نفس الوقت الذي استمعت إلى صوت غريمتها تقول بهدوء وهي تصفق ببطء مستفز
- يبدو بأن عصفوري الحب لديهما الكثير لمناقشته على انفراد.
- ليس من شأنكِ إيما.
قالتها حياء بغضب لتنظر لها إيما ببرود وهي تخبرها بحنق
- كل شئ يحدث هنا من شأني حياء كذلك..
صمتت قليلًا وكأنها تُضيف بهارات على حبكة لن تكتمل دونها
- كذلك أوار شأني.
- أوار يخصني وحدي يا أنتِ.
قالتها حياء بغضب في محاولة منها للدفاع عن حبها لينظر لها الآخر بصدمة من قولها ذاك فرغم كل المشاعر التي تشعر بها نحوه إلا أنها لم تخبره إلا بالفتات على ما يبدو، لم ينتبه لحركتها التالية وعلى حين غرة منها قامت بسحب مقعدها بغيظ قبل أن تطيحه بعيدًا لتسقط الأخرى أرضًا.. وقبل أن يقترب أوار ارتفع صوت أعيرة نارية انطلقت من سلاح كان بين قبضتيها بعدها ارتفع صوتها تخبره بغضب
- ابتعد عنها أوار وإلا سأمزق رأسها بما تبقى في الذخيرة.
سحبتها من شعرها واتجهت إلى أعلى الدرج تجلس عليه بخيلاء لتصيح بحنق
- أردت عشقكَ أوار في سبيل التخلي عن انتقام دمر طفولتي.
قالتها بألم وهي تجلس على أعلى الدرج ويتدلى من بين يديها سلاح كانت تصوبه ناحية تلك المستلقية أرضـًا بتخاذل، لينظر لها بحزن قبل قوله بتعقل محاولًا الخروج من تلك الأزمة دون خسائر قد تلحق بحبيبته
- تستحقين الأفضل إيما لكن...
- بدون لكن أوار.
قالتها بإقرار قبل تصويب فوهة المسدس جوار رأسها لينظر لها بذعر فهي في تلك اللحظة غير متزنة بتاتًا ليحاول تهدئتها قائلًا
- لكن طارق يعشقك.
- وأنا لم أعشق سواك..
تخدعه في كل حرف تفوهت به..!
تعلم ذلك جيدًا فهي قد زاد تشبثها بانتقامٍ كان من الممكن تجاهله بعد وفاة خلدون لكن تشبثها زاد لأجل إزاحة غريمتها من طريقها قبل محوها تمامقا من قلب ذاك الذي يتفاخر أمامها بعشقه لإمرأة أخرى سواها..
ابتسمت بمرارة وهو يخبرها بنبرة تأكيد على ما يجول بخاطره قبلها
- لم تعشقيني إيما بل تريدين امتلاكي.
- لا فرق بينهما أوار.
قالتها بإصرار وهي تحرك سلاحها يمينًا ويسارًا في حركة متزنة فهي أخبرته قبل لحظات بأن لا فرق بين العشق والامتلاك من وجهة نظرها...
واه منها لو تعلم بأن الفرق بينهما كبير حد الفرق بين النور والظلام.. رأته في السابق فتعلق قلبها به لكن الان كبريائها لا يسمح لها بالتخلي عنه حتى لو كان ذلك على حساب فقدان حياتها.
- ألقي سلاحكِ يا هذه.
صدح هذا الصوت بعد اقتحام مفاجئ للمنزل بواسطة طارق لتضحك هي على حديثه وكأنها كانت تتوقع حضوره في أي لحظة لتخبره بابتسامة شيطانية تساومه على ما تنوي فعله
- أو ربما يمكنني تفجير رأسها في الحال.
قالتها وأحكمت يدها على رأس الأخرى بتوعد ليرتد هو للخلف عدة إنشات تبعه قوله الهازئ
- القوات سوف تحاوط المكان في أي لحظة منذ الآن للقبض عليكِ بتهمة انتحال شخصية، التلاعب في مستندات رسمية وإخفاء أدلة كان من شأنها تغيير مسار عدة قضايا لتحويلها إلى قضايا محلولة بدلًا من ركنها على الرف لنقص الأدلة.
ضحكت بصخب على حديثه وكأنها صاحبة الكلمة العليا هنا لتخبره بهدوء وهي تُكمل بلامبالاة
- كذلك مساعدة المشتبه به في تلك القضايا وفراره من العدالة دون دليل عن هويته حتى.
- من الأفضل أن تتعاوني إيما بدلًا من فقد حياتك.
قالتها حياء بصراخ علها تُثنيها عما تفعل لكنها بدلًا من ذلك أخبرتهم بسعادة وكأنها قد حصلت على جرعة زائدة من مخدر ما جعلها تتخيل شئ لم يحدث قط
- الكلمة العُليا لي ولن يأخذ أحد هذا الدور أبدًا.
تأملتهم جميعًا بهدوء حذر تراقب الوضع وصوت أوار قد ارتفع فجأة وهو يخبرها بشك مما تنتوي فعله
- ماذا تقصدين!
لحظات عمت أرجاء المكان إلا من صوت أنفاس ثائرة تترقب الخطوة التالية لتقول هي بهدوء
- كش ملك.
صوت رصاصة خرجت من سلاحها وبعدها ساد الهرج في أركان المكان مع اقتحامه من قِبل قوات الشرطة ليتجه أوار وطارق إلى الفتاتين والصدمة قد حلت على وجهيهما بهلع من فقد محتمل.
لفظ صاحب السمو آخر أنفاسه بعدما أُسدل الستار عن مسرحية عبثية كان له فيها دور البطولة..
أُعلنت وفاته ولم يتبق سوى بقايا حزن تودعه في كل لحظة من حياته..
مات الملك واحتُلت أرضه من طامعين تراقصوا فوق جثمانه بشماتة ثعلب استدرج فريسته بعدما نصب لها الفخ وقد أضحت فريسة شهية له.
ارتاح وعم الهلاك في أرجاء المكان ليجني سكانه ضريبة موته بعدما ظنوا بأنهم بعيدين عنه.
...............
في لحظة ما الحياة سوف تهديك انتصار ثمين لم تتوقعه قط.
شارد منذ لحظات لا يعرف أكانت تلك الخطوة التي فعلها صحيحة أم لا لكنه مرتاح البال بعدما فعل ذلك..
بدأ الأمر منذ ما يقارب الأسبوع حينما شاهد أحد المقاطع المتداولة عن شخص ظل يبحث عن حبيبته دون الوصول إلى نتيجة ترضيه ليقرر اختراق حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة مكانها بالتحديد كذلك استخدم خدعة لإقناع أحد موظفي شبكة الاتصالات بتحديد مكان وجودها في الفترة الأخيرة وأيضًا ما إذا كانت قد اشترت رقم جديد وسجلته باسمها في الفترة الأخيرة ليستطيع إيجادها بثقة.
يومها قرر فعل نفس الشئ لكن كيف وهاتفها دليل في حيازة الشرطة ولن يفيده في مسعاه لإيجادها لذا قرر بأن يطلب المساعدة من صديقه باسل باختراق حساباتها على مواقع التواصل ورغم عدم اقتناعه في السابق بل وتعنته الشديد في الرفض إلا أنه قرر مساعدته أمس عله يتخلص من ثرثرته كل ساعة بما يريده منه أن يقوم به.
جاهد ليفعلها وبالفعل نجح في ذلك فكارمن وضعت نظام حماية ليس من السهل اختراقه لكن لا شئ يصعب على باسل وعبقريته من وجهة نظر الجميع.
استيقظ بحماس لا يدرك مصدره بعد وكأنه قد حصل على ثروة هائلة من كنز أحد القراصنة المفقود.
تصفح هاتفه لدقائق وبعدها اتجه إلى المرحاض يغتسل ليصدح صوت هاتفه بإنذار سرعان ما ابتسم هو بسعادة وشرع في إنهاء ما يفعل على عجالة من أمره ليتجه بعدها إلى الخارج متتبعًا العنوان الذي ظهر له قبل دقائق من الآن مشيرًا بآخر عنوان تم فتح حسابها منه. **
تفاجأ بأنه أمام منزل بأحد الأحياء الراقية بالقرب من نفس المكان الذي يقابل فيه صديقته الجديدة في الآونة الأخيرة لكن كيف ذلك لا يعرف حقًا.
وجد الباب الخارجي مفتوح قليلًا ليفتحه على مصرعيه قبل أن يتجه للداخل ويطرق على الباب عدة طرقات متتالية.. فتحت إحداهن الباب تبدو من هيئتها وكأنه عاملة به ليخبرها عن أصحاب المنزل في نفس اللحظة التي استمع فيها إلى آخر صوت توقع وجوده في هذا المكان
- غيث ماذا تفعل هنا..!
- تمارا..!
قالها بصياح قبل أن يتجه نحوها بسرعة يخبرها بغضب
- أين كارمن يا أنتِ!
قالها بتساؤل وهو يضغط على رسغها بقوة لتتأوه بألم قبل أن تخبره بغضب وهي تحاول التملص من بين يديه دون فائدة
- أي كارمن هذه التي تبحث عنها.
تأوهات متألمة خرجت من بين شفتيه قبل أن يسقط أرضًا وظهر من خلف أركان يتأملها بحنق وهو يخبرها بغضب هادر
- أنتِ السبب في كل ما وصلنا له الآن تمارا.
.........
لن نكون في نفس القارب مجددًا طالما قررت الاحتفاظ بوسيلة الإنقاذ لأجل سلام روحك فقط.
ومعاذ قرر بأن يعود إلى أرض الوطن بعد رسالة زوجة عمه بخبر مرض زوجها كثيرًا مع رغبته الدائمة في رؤيته تحسبًا لأن يلفظ آخر أنفاسه دون أن يرى صغيره الذي اعتنى به حتى أصبح شاب يقسم الجميع بأخلاقه.
استمع إلى صوت قائد الطائرة يخبرهم بضرورة ربط الأحزمة استعدادًا للهبوط.. فعل هو المثل وأراح رأسه على المقعد يتأمل أرض الوطن وهي تقترب تدريجيًا حتى هبطت الطائرة تدريجيًا لتستقر على سطح الأرض.
أنهى باقي الأوراق واتجه إلى الخارج منتظرًا سيارة أخبرته عمته بأنها سوف ترسلها له لتقله من المطار.
وفي مكان آخر صدح صوت الهاتف برقم غريب لتتأمل والدة كارمن الرقم قبل أن تقرر الإجابة على المتصل ربما يكون هناك خطب ما وما إن فتحت الهاتف حتى استمعت إلى صوت أجش يخبرها بهدوء
- السيدة رحمة زوجة علي معي..!
صدقت على حديثه ليخبرها بإقرار
- تم العثور على جثة السيد علي في مكان حبسه أمس مساءً..
لحظات وأكمل بهدوء يخبرها ما يجب عليها فعله اليوم
- أرجو منكِ الحضور إلى المشرحة اليوم لاستلام جثته بعد التشريح لرؤية ما إن كان هناك شُبهة جنائية.
...............
#من_بين_الرماد
#أسماء_رمضان
أنت تقرأ
"من بين الرماد"- "أسماء رمضان"
Romantizmمن بين الرماد... "داء العشق يُبتر لا يُضمد" تحكي قصة فتاة تخلى عنها حبيبها ليلة الزفاف فماذا ستفعل حيال ذلك.. هل تبكي الأطلال أم تقف شامخة كحال ذويها!.. نحن أمام بضع كلمات منثورة تعطي إيحاء بوجود الأمل دومًا مادام القلب ينبض بالحياة.