الفصل السادس عشر

342 15 0
                                    

《الفصل السادس عشر》

الأمان هو تركك لكل شيء خلفك طمعـًا في ضمة من قلب أردته حبيبًا ذات يوم، اتخذته عاشقًا دون النظر لخفوت دقاتك وقت غيابه، تمسكت بأمل تأرجح بين ضلوعك شغفًا وواقعك نفورًا.
نفور بالفرار من قيود البشر المملة إلى قوانين تضعها معه، تخضع لجاذبية حبكما، تنير عتمة روحكما لتصبحا روح واحدة تهاجر بجسدين مختلفين لتدرك في نهاية المطاف أنك عاشق حد الثمالة.
هي...
علم مؤنث ذو مستقبل مبني على مجهول من حبيب لفظها من حياته ببرود بعدما أخبرته بعشقه المزعوم من أخرى كان يظنها الملاذ لكنها تفاجأت بأن قلبه لم يكن سوى صحراء جفت منها ينابيع الحب في ليلة ظلماء فُقِدت فيها البدر لتلسعها لفحات الغُربة بترحاب.
إمرأة نزعت رداء الماض من حياتها لتبقى جواره لتصبح وحيدة دون مأوى أو حتى سند يهديها إلى الصواب لتشعر بكونها وحيدة رغم تجمع الكثير حولها.
بصدق اعتبرته وطنها الأوحد الذي تستطيع اللجوء إليه وقت أزمتها العاطفية ولتحدث الكارثة لا يهم.
أرادت الفرار من كل شيء طمعـًا في بعض الحنان منه.
درعها الحامي من لفحات الزمن على الرغم من التفاف الجميع حولها رغبة في مساعدتها لكن ترجح كفة ميزانه لأنه وببساطة استوطن القلب دون منازع ولا تعلم طريقة للتخلص من هذا العشق الذي أغرقها في ثمالته حد النخاع.
تفعل كل ذلك لكن كيف وقلبه موصود بأقفال العشق من أخرى زعم بأنها كل ما له وما بعدها ظلام يبتلعه برحابة صدر.
فرصة احتضانه محرمة لأنه مصدر دفء لها أحبها بشغف أو أوهم نفسه بأنه عاشق في مضمار قلبها حتى دقاته الهادرة ممنوع الإتكاء للتلصص والاستمتاع بنغماتها فهي تعزف لحنًا مستجديًا مالكته بالبقاء جواره وما دون ذلك طبول لإعلان الحرب على أي دخيل يودها ملاذه.
حاجة ملحة أجبرتها للتخلي عن كل شيء تفوهت به سابقًا والسير نحوه لاسترضاء قلبه بالعاطفة، قبوله بمملكة العشق خاصتها دون التنازل عن تحويل مسار عشقه نحوها لتمتلك زمام القلب وحدها مانعة من تسلل أخرى إليه.
تمنت أخذ يده ومساعدته على تعلم قلبه كيف ينبض بدلًا من ذاك الوهم المسيطر عليه، اختياره كطالب نابغ وتعليمه فنون عشقها وقواعده قاعدة تلو الأخرى حتى يتقنها لكن كيف الوصول إليه وهو نفيها من حياته كحقيبة بها بعض الأشياء البالية أراد التخلص منها ذُعرًا من تجمع الجرذان حولها.
اختارت وجوده ليكون سند لها..
قوة بضعفها..
شفاء بمرضها لكن تبقى أمانيها عالقة بعالم الأحلام.
فاقت من شرودها على صوت طرقعة أمام عينيها لتشهق بصدمة من وجوده أمامها، كيف هذا!! فكرت لبرهة في احتمالية رسم أفكارها له من كثرة اشتياقها إليه لتضحك بخفوت على سذاجتها بالتفكير قبل سماع صوته
- أريد فنجان من القهوة مع بعض المقبلات.
- ماذا!
قالتها تمارا باندهاش عقبه خضة متفاجئة لوجوده أمامها، تدراكت نفسها سريعًا قبل تدوين طلبه والذهاب من أمامه.
استدرات عائدة أدراجها لتشهق بفزع قبل قبضه على معصم يدها مانعـًا إياها من الحركة، لتتحدث من بين أسنانها المضغوطة بحنق
- سيد معاذ اترك يدي.
رغم حنقها إلا أن نبرتها خرجت ضعيفة مستسلمة لذاك الشعور الذي اجتاحها فجأة دون مقدمات لتُكمل بسخرية
- هذا مكان عمل ليس للهو سيد معاذ.
اختتمت تمارا كلماتها بغضب قبل انتزاع يدها منه بقسوة فارة من أمامه ملاحظًا نظرات اشتياقها المتوارية خلف غضبها ليضحك بخفوت على فعلتها تلك قبل اندهاشه من نمو أظافر لقطته المطيعة ليُجرح منها أولًا حتى لا يتطاول عليها مجددًا.
أتت ثانية حاملة طلبه، وضعته على الطاولة بغضب، فكم تمنت أن تقوم أخرى بهذا العمل لكن تلك القوانين ممنوع استبدال الطاولات مادمت قد أخذت متطلبات الضيف ابتسم بتسلية قبل قوله الهاديء
- أود الحديث معكِ.
قالها وتنهد بتعب لتنظر له بعتاب تبعه تحدثها بإقرار
- سيد معاذ، هذا مكان عمل كما أنه لا يوجد بيننا شيء للحديث عنه أم أنكَ فقدت شيئًا بمنزلك وتعتقد بأني أخذته لذا أتيت.
قالت كلماتها الأخيرة بسخرية من ظهوره فجأة دون مقدمات لتضغط على أسنانه بحنق مانعـًا نفسه من فعل ما لا يُحمد عقباه ليخبرها بهدوء
- أريد إخبارك بشيء ما.
- لا أريد معرفته.
قالتها تمارا بتحد واضح من نبرتها، ليجيبها بهدوء وقد مل من حرب البرود بينهما
- بلى يوجد الكثير آنستي، ليس من اليسير نسيان...
- قليلة حياء دلفت إلى حياتك وفرت منها دون سبب.
قالت كلماتها بنبرة متألمة مقاطعة إياه، لمح الدموع تتأرجح بين مقلتيها رغبة في التحرر لكن كبرياء مالكتهم رفض الأمر بشدة.
- سأنتظرك.
قالها معاذ بإصرار لتضحك تمارا بسخرية قبل قولها البارد في تحد صارخ له
- ستنتظر كثيرًا.
قالت كلماتها وغادرت من أمامه متمنية خروجه من هنا بأسرع وقت حتى لا تخسر المتبق من كبريائها أن كان موجود بنظره، لم تستطع كتم فرحتها الداخلية ورقص دقاتها بفرح لتمسكه بها، لتبهت معالم وجهها من تذكرها بأنه ربما أتى للحديث معها عن أمر ما متعلق بفترة مكوثها بمنزله هكذا أوهمها فكرها غير غافلة عن دقات قلبها المستميتة في حدوث العكس.
شاهدت خروجه بعد فترة من المطعم لتضحك بسخرية على خرافات قلبها المحدودة، تنفست الصعداء قبل بدئها باستكمال ما تبقى من أعمال بالخارج متغافلة عن وجوده بزاوية بعيدة نسبيـًا يراقبها منها بوضوح، تأملها لأول مرة بنظرة لم يستطع فهمها لكنها شغوفة لمعرفة دروب تلك المرأة أمامه، تابع تحركاتها كالفراشة التي تحيي الورود صباحًا متباهية بجمال جناحيها ونثراتها الزاهية، ضحكاتها كالدواء شافية لكل عطب داخله، تأمل ملامحها بشغف لأول مرة يظهر عليه وقلبه متلهف لإشباع رغبة اجتاحته منذ غيابها حتى العثور عليها لتزين ضحكتها غربته تلك.
هي فاتنة بلمحة أوروبية، يكسوها جليد ديسمبر بزرقة المحيط في مقلتيها وسنابل القمح تزينها، هادئة لكنها صاخبة، عاقلة في بعض الأحيان لكنها تمتلك روح الجنون، اقتحمت قوقعتي وكسرت قشرتها لتخترق جدار روحي، تحدتني بابتسامتها فهشمت مرآة غضبي بترحاب، أخبرتني الفارق بين الحب والتعود وبكل أسف هي لم تكن وقتها مخطئة بل كانت داعمة ناصحة لكن كبريائي أبى رفض الاستماع لحديثها.
بعد فترة ليست بالقصيرة انتهى عملها الشاق، سارت متلكأة بخطواتها لا يعلم لما وما إن وصلت لنقطة معينة وقف أمامها لتشهق فزعة من وجوده المفاجيء، ارتبكت نظراتها فهي قد ظنته غادر منذ زمن ليصفعها ظنها خبثًا لوجوده الصاخب لقلبها، تراقصت دقات وجيبها فرحـًا بوجوده مخرجًا لسانه لترهات العقل تلك نابضًا بعشق لذاك المعاذ الواقف أمامه والذي استوطنها قلبًا وقالبًا.
أما هو استمتع بمتابعة ملامحها المضطربة، تلك الحمرة الخجلة التي بدأت تجتاح وجهها بتلذذ كاشفة تأثير حضوره عليها، لا يعلم ما حدث له أو حتى محاولاته في استرضائها مجددًا لكنه مشتاق لوجودها جواره، متحمس لبدء صفحة جديدة معها محاولًا وضع عشقه الأول جانبًا، قطع عاصفة أفكاره تلك حديثها الساخر
- ماذا تفعل سيد معاذ أم أنك اشتقت لعديمة الكرامة لتكون جوارك!
إن صرخ فيها راجيًا صمتها وعدم التفوه بتلك الترهات هل ستستمع له أم تفر من أمامها بخوف، لا يعلم ما حدث له لكنه تألم لحديثها، اعتصر الألم قلبه لعدم التخفيف عنها في وقت احتاجته فيه أكثر من أي وقت مضى.
- اشتقتُك
قالها معاذ ببساطة لتبتسم ساخرة من قوله ذاك قبل تحدثها الساخر
- اشتقتني!
قالتها باستخفاف لتُكمل حديثها باستهزاء منه فيبدو بأنه لازال يراها بهيئة لم تتغير بعد وهذا أغضبها أكثر
- هكذا فجأة والقلب مستعمر بأخرى!
تجاهل سخريتها اللاذعة عن قصد متوعدًا عقابها لكن وهي معه ليقول بحب
- لا أعلم تمارا لكن وجودك جواري كان صاخب لقلبي قبل حياتي، غيابك كالهلاك لدقاته وتدمير استقرار أردت اللجوء إليه دومًا.
تلاعب بقلادة المفاتيح بين يديه ليخبرها بعدها بإقرار
- منذ أول مرة جمعتنا وذاك النابض داخلي لم يهنأ بالراحة في غيابك، يوم مرضك لا أعلم ما حدث له لكنه كان كالمجنون يهذي بدقاته أملًا في شفائك ليراكِ بخير ثانية.
صمت قليلًا وكأن ما يتحدث ليس هو بل آخر استوعب الكثير  فلم يستطع منع نفسه من الاشتياق إلى ذكريات ربما تكون النافذة لحياة جديدة ليخبرها بإقرار
- حتى اليوم الذي أتيت للتحدث فيه معي، دقاتي تراقصت فرحـًا لقربك وحديثك معي، كل هذا تجاهلته دومًا متباهيًا بحب أخرى.
- وما الجديد الذي طرأ على دقاتك لتقول هذا الحديث سيد معاذ.
قالتها تمارا ببرود عكس دفء كلماته التي أثرت على داخلها مانعة روحها من التمادي في حبه حتى تحصل على مبتغاها وبعدها هنيئًا له امتلاك زمام أمورها، ابتسم بحنان قبل قوله
- لأن تلك المشاعر وليدة غيابك لم تظهر بغياب كارمن عند مغادرتي.
استند على السيارة خلفه ليضع يده موضع قلبه زافرًا براحة قبل قوله
- تلك الدقات طالبت بحضورك عقب غيابك لإشباع اشتياقها لك والغريب أنها لم تكن ثائرة هكذا بقرار ابتعادي عن كارمن.
تأمل ملامحها التي بدأت في التحول لكتلة حمراء من فرط الخجل وكأنه يتغزل بها لا يقص عليها ما حدث معه ليقول بهدوء
- اندهشت من ذاك الشعور داخلي مطالبًا التمسك بك والتشبث بطيفك مهما حدث، بغيابك جعلتِ من معاذ آخر لم يستطع فهم نفسه أو حتى ترجمة مشاعره، كل ذاك الصخب لم أتوصل لتفسير له سوى أن بذرة حبك بقلبي بدأت بالنمو لأجلك.
لم تستطع كتم دمعاتها الفرحة بحديثه، سالت دموعها فرحـًا من كلماته التي لامست دقات قلبها بشغف متمنية الوصال بين دقاتها، ولأول مرة تتأمله بنظرة العشق التي خصتها له وفقط.
تلك الملامح الغربية بنزعة شرقية كونا سيمفونية أسر لمشاعرها تجاهه، عينان بنية بها لامعة دافئة تعدها بالأمان مادام حيًا يتقطر منهما ذبذبات عشقه الحنون، بشرة قمحية تخالط معها برودة طقس بروكسيل ليكونا لون مميز له وفقط جذب نظرها منذ الوهلة الأولى، أنف مناسب حجمه قسمات وجهه يرتفع قليلًا بشموخ، شعر بني كث أجاد تصفيفه بعناية ليزيده وسامة على وسامته، لحية خفيفة مهندمة أضافت لمحة رجولية على ملامحه تلك، ضحكة تنير عتمة وجهه في ظلام ليل دامس، عضلات مفتولة متناسقة مع جسده الرياضي تعدها بالحماية مادام جوارها.
ازداد تأملها ولم يقاطعها بذلك بل فعل المثل لإشباع اشتياقه بالأيام الماضية نحوها، أرادها أن تتأمله بنظرة أخرى اختلفت عن سابقتها، ليقول بهدوء متلذذًا بتلك الحمرة الطفيفة
- لم أكن أعلم بأنكِ اشتقتني لهذا الحد.
عضت على شفتيها بحنق من حديثه ذاك، اقتربت منه وبقبضتها الصغيرة ضربته على صدره قبل قولها الباكي من جفاء الأيام الماضية على قلبها
- كل هذا بعدما جرحت مشاعري وأصبتها بالخيبة من عدم وجودي جوارك.
قالت كلماتها وانفجرت بالبكاء متذكرة كلماته التي يتردد وقعها على أذنيها يوميًا شامتة بكونه لم يحبها قط بل تكاد تجزم بأنه لن يكون لها يومًا.
دموعها كالسوط آلمته كثيرًا، لم يتردد في ضمها لقلبه، أزال دمعاتها برقة عكس كلماته سابقًا، ضمها لصدره بهدوء رابتـًا على كتفها بحنان استشعره فقط معها، قبّل رأسها بحب أملًا في بث شوقه لها، أرادت التحرر من حصار يده قبل قلبه ليتمسك بها، تشبثت بقميصه قبل الاستماع لدقاته الهادرة أسفل أذنها مطالبة إياها بالقرب ليقول بهدوء
- هلا قبلتِ بي زوجًا تُكتبي على اسمه قبل قبولكِ بي طالبًا بمملكة عشقك.
قال كلماته وغمز لها بتسلية من طرف عينه لتحمر خجلًا من حديثه قبل رفع رأسها قليلًا ناظرة إليه لتتشابك الأعين بحديث عجز اللسان عن تفسيره لتقول بخيبة أمل استشعرها من حديثها
- وماذا ان كان حبك واهم كسابقتي، تلفظني من حياتك بعد إصابة قلبك بالعطب تجاهي أو يكون زواجك بداع الشفقة على حال قلبي!
- لن أتحدث بل سأجعل دقاتي تُخبركِ بما عجز اللسان عن قوله وعدم تصديقك للأمر برمته.
تحرجت من حديثه وبالأخص من نظرته تلك لتضغط على شفتيها خجلًا من وجوده معها ووجودها بتلك الوضعية ليقول بخبث
- لا تفعلِ تلك الحركة ثانية أمامي خاصة ونحن بتلك الحالة فمشاعري تحثني على سيناريو لن يُعجبك بالوقت الراهن كما أنه يوجد رغبة ملحة داخلي لتذوق شهدهما في التو.
تلقائيًا ارتفعت يدها لتخبأ شفتيها بعدما فهمت مغزى حديثه، أحمرت خجلًا ليضحك عابثًا بملامحه المشرقة
- لن أخذ شيء حتى تكوني ملكي فأنا لا أريد أن أكون لصًا بمملكة عشقك بل زوج متيم بنبضاتك قبل حبك، أعدك بذلك.
اختتم كلماته واحتضنها بصدق قبل تقبيل رأسها بحب لتبادله حضنه بآخر متملكًا مستمتعة بدقاته الهاتفة باسمها واعدة إياه بأسرة تعوضه عن حنان افتقده قبل حب حلم به.
أما هو فقد شعر بالراحة لوجودها جواره ولأول مرة يشعر بالاطمئنان لتخطيه عتمة الأيام السابقة دون مساندة من أحد على الأقل هو فهم مشاعره نحوها.
هي..
ضعيفة هشة بمملكة الرجال لكن وقت الصعاب ستفاجأ بأنها درعك الحامي، قناعك الواق من ذبذبات الأشعة المنبعثة من الخارج.
قد يتملكك العشق لدرجة الهيام كاتبًا قصائد في عشق الحبيب راجوًا قربه بأي لحظة للمكوث جوار قلبك.
.................................
قد تلجأ أحيانــًا من دفء تثق به، أحببت وجودك جواره إلى برودة كحبات الثلج لأنك استيقظت على حقيقة كونك هامش بحياته.
صوت هامس لمربية ترحب بها بحرارة افتقدتها مع رحيلها للمكوث ببلد تحمل شعار البرودة عنوان تقدمنا، احتضنتها مترددة لتفاجأ بدفء احتضانها لها، همسات ناعمة وربتات على شعرها وكتفها جعلاها تشهق باكية من هذا الدعم الذي احتاجته سابقًا ولم تحصل عليه.
دلفت مع المربية للداخل حيث تجلس السيدة ديما، لتشهق بصدمة غير متوقعة وجودها أمامها الآن، فركت عينيها مرة وأخرى علها تتأكد من أنها لا تتوهم وأن أوار صدق بقوله فعنوان الرجال الوفاء بالوعود، المرأة لا تحتاج غير ذلك.
توجهت ناحيتها وتلقفتها بين أحضانها تارة تبتسم وأخرى تمسح دمعاتها.
تارة تحتضنها بقوة مستشعرة وجودها وأخرى تتفحصها برقة علها تأذت من قوتها معها.
تارة تشتم شذاها الذي افتقدته وأخرى تنبهها بفقدان وزنها، كانت في حضور طفلتها كل شيء وتضاده.
فرحتها بوجودها أمامها سالمة أحدثت فجوة داخلها من عدم الاتزان بعدما فقدت الأمل بعودتها يومًا لكن كل توقعاتها أصبحت بالقمامة حيث النفايات ولا مجال للشك ثانية، لهفتها بوجودها جعلت منها طفلة بعمر الرابعة ضحكت بصخب لوجود الجدائل تزين شعرها لأول مرة.
اشتياقها لاحتضانها كل فترة جعلت منها مراهقة تنتظر إلى تلك الرسائل التي تصلها سرًا مع وجود زهرة مختلفة كل مرة، أحيانــًا زنبق، بيلسان، جوري وغيرها من الورود التي تعشقها.
أرادت الفرحة ونالتها بعد سهر وندم..
شقاء وألم..
يأس وهجر..
حصلت على مكافأتها الكبرى بعدما كافأتها الأيام بالصبر معلنة أن الصبر مفتاح لتيسير الأمور، ثقة بحدوث الشيء بعدما أشار الجميع بعدم حدوثه.
ابتسمت بحنان قبل أخذها من ذراعها كطفل صغير يتعلم السير حديثًا وترشده والدته خوفًا من سقوطه، تشبثت بها خوفًا من كونها قد تكون سراب يختفي بعدما تقترب منه وكيف تكون سراب وقد أخذتها بين ذراعيها، اطمئنت لوجودها ليعلن جفناها الاستسلام لخدر النوم بعد عودة الغائب، نظرت إلى صورة خلدون تخبره بأنها عادت ثانية بعدما أقسمت بأنها لن تعود.
صعدتا لأعلى حيث غرفتها، تأملت كل ركن به لتأسرها تلك الصورة الموجودة بزاوية من الغرفة، انتعش قلبها بالأمل لوجود طيف منه معها بنفس المكان، احتضنتها أمها ثانية قبل طبع قبلة رقيقة على خدها متوجهه لأسفل بعدما أمرتها بتبديل ثيابها والراحة فترة من عناء السفر، ابتسمت بهدوء بعدما تابعت مغادرتها بعين لامعة، ظلت هكذا حتى اختفى طيفها غارقًا بذاك الدرج لتتلاشى ابتسامتها تلقائيًا ويحل مكانها برودة اعتادت على العيش بها.
تنفست الصعداء لنجاح أول مهمة لها منتظرة موعد الخطوة القادمة، ذهبت تجاه خزانة الملابس لتبديل ثيابها، لتجد ملابس طفولية لشخصيات كرتونية شهيرة، ألوان طفولية مبهجة وبدون تردد ابتسمت بسخرية حتى طالبتها عيناها بالصمت بعدما أعلنت راية الهزيمة وبدون تردد ذهبت تجاه حقيبتها الموجودة مسبقـًا بعدما أمرت المربية أحدهم بوضعها بالغرفة، فتحتها بصمت قبل انتقاء ملابس مريحة للنوم.
دلفت للمرحاض اغتسلت علها تجدد نشاطها بعدما تراكم شقاء السفر على كتفيها براحة، بعد فترة قصيرة ارتدت ثيابها وخرجت، صففت شعرها بهدوء متأملة هيئتها الجديدة بالمرآة بعدما استبدلت لون شعرها لتصبح صهباء مجددًا بعدما بدلته للون الأصفر الذهبي، تحجرت الدمعات بعينيها وتأملت ملامحها في المرآة ولأول مرة تدرك بأنه قد فاتها الكثير وحان الوقت لتعويض ما افتقدته حتى لا تندم على ذلك ثانية.
لطخت شفتيها بحمرة لم تعتدها يومًا أو حتى تفكر في وضعها لكنها تلائمت مع تلك الملابس الأنثوية السوداء.
قطع تأملها دخول عاصف لآخر شخص تمنت رؤيته لها هكذا، ارتفع وجيب قلبها ليصم أذنيها عن كل شيء عداه هو، كم بدى مختلفًا هكذا وقبضة يده المغلقة بقسوة حتى لا يجن ويبرحها ضربًا، ذاك العصب النابض أسفل فكه أخبرها بضغطه القوي حتى لا ينفجر بها.
أما هو فقد كان يتابع علمه كالعادة حتى اتصلت به خالته تشكره على وفائه بوعده وحينما أخبرها بأنه لا يفهم مقصدها أو ما تتفوه به أخبرته بأن حياء عادت ثانية مُحملة بصقيع بلاد أتت منها ليندهش من حديثها فهي أخبرته بأن طائرتها بعد غد حتى تُنهي كافة الأعمال العالقة ليوافقها الرأي، استأذن خالته بزيارتهم ورحبت به ليحاول إغلاق المكالمة بعد الكثير من كلمات العرفان من خالته، تنهد بغضب بعد معرفته لوصولها دون إخباره حتى ليتوعدها وقد تكفلت ملامحه برسم خطوط الاندهاش على زاوية فمه باستنكار، صفحة وجهه غير مقروءة وعنوانها الأوحد هو الغضب وكفى، أراد تهش_يم رأسها لعدم إخبارها بموعد وصولها الحقيقي له.
فاق على صوت طرقعة أصابعها ليتأملها باندهاش ضاعف من رغبته بها فيبدو أن تلك السنوات أتت بثمارها ليقسم بأن صغيرته قد تحولت لأنثى يافعة غاية في الجمال، نظراته لوجودها بخير جعلت داخله يهدأ قليلًا مع توعده الشرس بالانتقام منها قريبـًا.
لفت نظره تلك الملابس التي تلتصق بجسدها هادفة إثارة حنقه ليندهش من تلك الثياب التي ترتديها، حيث كانت ترتدي شورت من الجينز الأزرق به بعض التمزقات الخفيفة كأن وجوده غير كاف لإثارة رغبة داخله بإخفائها عن أعين المتلصصين وكأن ذاك الشورت يتحداه ليظهر ساقيها البض، قميص قصير بالأسود به بعض البقع الزرقاء لتتماشى مع ذاك الأخرق يصل تقريبـًا لبداية خصرها، فتحت بعض أزاراه من أعلى ليبتلع ريقه بتوتر جاذبًا بصره تلك الحمرة الملطخة لشفتيها باستفزاز لتكون لوحة عنوانها الإثارة قبل الإغراء.
تمالك رغبته في تمز_يق عظام جمجمتها على تفكيرها ولو قليلًا في الهبوط ﻷسفل هكذا أما عنها فقد أحمرت خجلًا من تفحصه الواضح لها وكم تمنت صفعة عله يفيق من تلك الغيبوبة المسماه بالعشق.
بعد فترة من التأمل والصمت، التحدي والوعيد تحدث بهدوء مصطنع يريد منها إجابة تُهدأ نيران عشقه
- لِم  كذبتِ بموعد وصولك، لِم!
قال كلمته الأخيرة بصراخ لتنتفض من صراخه عليها، لتقول ببرود غير عابئة باحتراق أعصابه على موقد فتنتها
- لِم أردت استقبالي!
- وكأنكِ لا تعلمين بأني أردت أن أكون أول شخص يرحب بعودتك لتزيين حياته.
قالها أوار بغضب اعتصر قلبه من لا مبالاتها الباردة، اقترب وهي تبتعد حتى التصق ظهرها بالحائط ليكور يده ويلكمه بنفاذ صبر ليقول بعدها بحزن استشعرته من نظراته
- كما تشائين لكن لن تهبطِ لأسفل بتلك الحمرة التي تجعل من ثغرك حبة كرز شهية تجبرني على تناولها.
قالها أوار بعبث لتصرخ به بغضب، لتتماسك فجأة قبل قولها المستهزأ من تناقضه الواضح بالنسبة لها
- حقـًا شرقي غيور، تسمح بالذهاب لأسفل هكذا وتمنع تلك الحمرة.
قالت كلماتها وأشارت إلى ثيابها ليستشعر السخرية من كلماتها ليبتسم بخبث قبل قوله
- ألن تزيليها!
قال كلماته ببرود مادًا يده بمحرمة لمساعدتها في تلك المهمة عكس الصخب داخله، لترفض بشجاعة اعتادها منها مؤخرًا قبل قوله الهاديء عقب صمتها
- حسنـًا سأزيلها بالنيابة عنك.
اختتم كلماته وغمز لها بطرف عينه لتحمر خجلًا من تلميحه، صاحب قوله اقترابه منها أكثر في نفس الوقت الذي تبعد هي وجهها عنه ترغب في الفرار بعدما حاصرها بذراعه من ناحية والحائط من خلفها وجسده حائل أمامها.
وضعت يدها على ثغرها مانعة إياه من محاولة التفكير بعبث، ليضحك بخبث ضحكة اعتصرت قلبها ألمًا قبل صراخها لصدمة رأسها القوية بالحائط خلفها، لتسند رأسها مجبرة على الحائط في حين أن يديها قد وضعت على صدره لتمنعه من الاقتراب أكثر من ذلك، حاصرها أكثر بين الحائط وجسده قبل صراخها الغاضب علها تتحرر من أسره
- تبًا لك أوار.
قالتها بحنق قبل تحدثها باستسلام أملًا في اختفائه من أمامها في تلك اللحظة
- حسنـًا سأفعلها تلك المرة فقط لكن لا تعتد عليها.
- إذن هي دعوة صريحة منك لإزالته بطريقتي الخاصة.
قالها بعبث لتفاجأ من كلماته قبل قولها الغاضب
- وقح.
- كنت سأزيلها بالمحرمة لكن يبدو بأنك الوقحة.
قال كلماته بعدما ضربها بخفة أعلى جبهتها لتبتلع ريقها بتوتر فهو أجاد لعبة اللهو على أعصابها بمشاكسة، استدار بانتصار للمغادرة ليتذكر أمر آخر ليقول بخبث
- تلك الثياب لا تصح بالأسفل، لا تصلح سوى لغرفة النوم تحت إشرافي.
أنهى كلماته غامزًا بطرف عينه للمرة الثانية بعبث لتحمر خجلًا وطاقتها استنزفت كليًا، تنفست الصعداء لمغادرته بعدما زكم أنفها رائحة عطره المميزة، تهاوي جسدها أرضـًا بإرهاق من تلك المبارزة التي حدثت بينهم قبل قليل لتفعل مجبرة ما أمرها به مؤكدة بأنها سوف تجعله يندم على ما فعله معه قبل قليل وشيطانها يبتسم لها بتحية فهي لا تحتاج مساعدته في الوقت الراهن، مستنكرة تفكيره الوقح متعللة بأن والدته لم تفلح بتهذيبه.
من وجهة نظرك قد يكون أحدهم وقحًا معك بالحديث أو بعض الأفعال، ليست وقاحة بل لأنك لم تدرك بأنه رد صفعتك باستنزاف مشاعره بطريقة أرقى.
هبط للأسفل ليتبادل مع خالته أطراف الحديث حتى أتت هي الأخرى تجلس جوار والدتها متجاهلة إياه لينظر لها بسخرية فهي فعلت ما أمرها به لكنها ارتدت "الأنيل" على حد وصفه فهي لو كانت تريد إصابته بذبحة صدرية لن تفعل كل هذا به فقد ارتدت ثوب أحمر ناري ضيق من الأعلى ويتسع من عند الخصر للأسفل وبه شق يمتد على طول ساقها، مكشوف الظهر ومن الأمام ملفت حد الهلاك خاصة بتلك الفتحة التي تتسع على شكل حرف V.
تجاهلها قليلًا لتتساءل عما يتحدثان به ليجيبها أوار بسخرية من جرأتها الغير معتادة
- نحدد موعد الزفاف.
بُهتت ملامحها لتضحك والدتها على حديثه قبل قولها بحنان تُبطل حديث أوار
- يمزح معك صغيرتي.
مسدت على وجنتيها بحنان لتتركهما وتتجه نحو المطبخ تاركة لهما مساحة الحديث ليعبث أوار بهاتفه غير عابئ بتلك الجالسة جواره تنهدت بإزعاج قبل اقترابها لتصبح على مقربة منه، ارتفع جانب فمه بضحكة خبيثة قبل شروده فيما يفعل غير مهتم بها لتحمحم بحنق قبل قولها بغضب
- ستظل هكذا!
نظر لها بتساؤل عما تقصده لتقول بتوضيح
- تتجاهل وجودي.
ترك الهاتف واتجه نحو المرحاض لتذهب خلفه وعينيها تُطلق وعيدًا بأنه ليس لأحد سواها، توقف فجأة لتصطدم بظهره من الخلف، ابتعدت قليلًا ليلتفت بغتتة قبل سحبها من يدها لتصبح بين أحضانه تتنعم حنانه بسلام ليخبرها بعشق
- اشتقتك حيائي.
شدد من احتضانها له يحاول التأكد من أنها بأحضانه ولا يفصلهما أي شئ لتصمت مجبرة غير قادرة على تخطي موج مشاعره ذاك فهي ﻷول مرة تشعر بتلك المشاعر التي اجتاحتها ولم يبخل عليها بها ليقطع شرودها قوله الحانق
- لكن لازلت اعتقد بأن تلك الثياب لا تصح إلا لي.
اختتم كلماته بوضع معطفه على كتفها يحميها من عيون الغير حتى لو كانت خالته لتدمع عينا تلك التي تقف أمامه بتأثر قبل طبع قبلة على وجنته جوار ثغره ليُصدم من فعلتها فهي حتى تلك اللحظة تصدمه بتصرفاتها الجريئة عكس ما اعتاده منها سابقًا ليقول لها بهمس جوار أذنها
- إن طاوعت شيطاني فالعواقب وخيمة صغيرتي.
ضحكت قبل الفرار من أمامه ليُكمل طريقه إلى المرحاض مؤكدًا بأن زفافهما لابد أن يُحدد في أسرع وقت ممكن حتى لا يصاب بالجنون من كثرة التفكير بها.
بعض اللحظات منصفة تكافئك على صبرك في ليال عجاف احتجت فيها إلى أحدهم يخبرك بأنك لازلت على الطريق الصحيح ثم تأتي لحظة تتساقط فيها ثلوج ديسمبر لتُزيل عن كاهلك كل الوساوس التي نخرت مضجعك من قبل دون هوادة لتصبح كشخص آخر غير الذي اعتاد على الظلام بل كائن يخشاه بحثًا عن الضوء في كل إشارة تقابله رافضًا العودة إلى أحلك أيامه مجددًا.
..............
كثرة الخذلان تجعل القلب ملكومًا ينزف ألمًا لتستوطنه قطعة فولاذ بعدما أحاط به سياج من حديد لتحكم قبضتها عليه جاعلة تقبلك للوجع بأقل خسائر أفضل من إصابته بالعطب من جديد.
جلست فآطيما باسترخاء على مقعد بشرفة غرفتها، داعب ذاكرتها مقتطفات مما حدث قبل ساعات مضت، نسائم باردة لاطفت وجنتاها بحب لتضحك خلسة وشعور الاهتمام من أحدهم يعبث بداخلها مستوطنًا فرحتها قبل مداعبة أنثى أهملتها في ركن منزو عن حياتها حتى لو أنكرت عكس ذلك أو تفاعلت مع الأمر عكس ما يجول بخاطرها.
أسندت رأسها للخلف قليلًا قبل انجرافها بشوق متلهف لتسبح بهيام في ذكريات نقشت بين ثنايا عقلها بتملك.
-عودة لما حدث قبل قليل-
على غير العادة قررت الذهاب دون والدتها لمساعدة كارمن بترتيبات الزفاف دون إرادة صديقاتها مع عدم قدرتها على الرفض كما تزعم هي.
قادت سيارتها بسرعة بطيئة نسبيـًا ما لبثت أن ازدادت تدريجيـًا بعد خروجها من محيط المنزل، أخذت تدندن بضع ألحان أثناء قيادتها لتقف مجبرة عندما ظهرت سيارة أخرى تقطع الطريق أمامها مانعة إياها من المضي قدمًا، ارتفع نحيب وجيبها بفزع ما لبث أن تحول لطمأنينة عند رؤية صاحبها لترتسم علامات الدهشة على ملامحها بتملك ازداد عندما أشار إليها بإيقاف محرك السيارة.
فعلت ما طلبه قبل عروجها من السيارة لتقف أمامه باضطراب قبل قولها المتبرم
- أيوجد........
قاطعها بوضع يده أمام وجهها علامة التوقف عن ثرثرتها قبل جلوسه على مقدمة السيارة متحدثـًا بهدوء عابث
- أجل فآطم....
صمت قليلًا يتابع ملامحها بشغف انبثق من عينيه ليكشف هيامه بها قبل استئنافه
- أنت الأمر الهام الذي دفعني لقطع طريقك بهذا الأسلوب لأصبح آخر غير الذي اعتدته.
اختتم ريان آخر كلماته بندم مصطنع مع عقدة حاجبيه راجيًا منها السماح على فعلته كطفل حرر عصفورًا من قفص احتجازه دون علم والديه أملًا في منحه حرية فقد الإحساس بها منذ اعتقاله.
نظرات استهجان خرجت كـ قذائف ملتهبة تحرق الأخضر قبل اليابس لتقول باستفهام غاضب
- لِمَ؟!
- لرؤيتك.
قالها ريان ببساطة مع هزات ثابتة من كتفه دون التفوه بحرف آخر.
- ريااان.
قالتها فاطيما بعصبية مفرطة كمحاولة فاشلة لمداراة خجلها من كلماته، فطن إلى ما تحاول إخفائه ليقول بابتسامة زينت ثغره بحالمية قبل قوله الجاد
- أنفه.
لحظة اندهاش قبل ارتفاع صوت ضحكاتهم، اعتدل ريان في وقفته بعد قفزه من مكانه، تأمل ملامحها المشرقة بشغف رغبة في إشباع ثغرات قلبه من اشتياقها دومًا، بالرغم من قربها منه إلا أنها بعيدة كبعد النجوم عن الأرض، تتحرك معك أينما ذهبت لكنها كالقمر ف ثباته وانت مداره.
"الحياة دونك رفات من الألم، البهجة مفقودة، البسمة مكبوتة، الدمعة متحررة والدنيا مظلمة، القلب يئن، العقل يأبى والروح صامدة، سكني وسكناي، الأُنِس  الأَنس، دائي ودوائي، أملي ولقائي، ضحكتي وبكائي، اقبلي القلب ليكون أسيرًا بمحراب عشقك، فروض الحب واجبة لقلب غلبه الشوق عشقًا لك".
قاطع تأمله بها صوت طرقعة أمام عينيه ليندهش من عدم بوحه لمكنونات قلبه لها رغم مداعبتها لحضوره في كل وقت، سيعدل كلماته... قالها لطيفها المستعمر جذور وجيبه، ضحك بشرود قبل قوله
- اعتذر.... لكن جوع القلب لا يمكن صمه سوى الشغف.
لم تفهم جملته الأخيرة أو تجاهلتها عن عمد حتى لا تتوه بين دقات القلب، صمتت قليلًا قبل قولها
- ان كان الأمر انتهى أريد المرور.
- لم ينتهي
قال كلماته وذهب تجاه سيارته لبضع دقائق ظنته سيغادر دون ثرثرة زائدة ليخيب ظنها في عودته وبيده هدية مغلفة لم تتمكن من معرفة ما بداخلها، أصابها الإحباط قبل التهامه المسافة الفاصلة بينهما ليعطيها إياها.
ابتسمت باضطراب قبل إيماءة رأسه علامة الطمأنينة، طلب منها فتحها لإشباع نهم عينيها، ابتسم بحب وحدقتاه تطلق الوعود بحمايتها دومًا بحبه قبل تحصينها بدقات عشقه الهادرة باسمها.
ضحك بخفوت حينما شهقت بصدمة، ليقول بحب يتقطر من حروفه
- مفاجأة.
لم تستمع لكلماته الأخيرة بل كانت هائمة بتلك التي بين يديها.
دفتر من اللون البرغاندي منقوش عليه حروف اسمها البارز باللون الذهبي، فتحته بهدوء لتفاجأ بالداخل، صورة لها بأولى حلقاتها وابتسامة منقوشة على شفتيها بسعادة بالغة، بعض المقتطفات من الحلقة تليها صفحة ثانية بها أفضل صورها بأول يوم جامعة لها بها بعض الكلمات المتفائلة، أما الثالثة فكانت عبارة عن أول يوم تقابلا به، ابتسامتها الخجلة وضحكاته المحبة، أخذت تجول بين صفحات الدفتر المصور لتفاجأ بأنه ذكرى اول يوم لبداية حدث جديد بحياتها، ابتسامتها الفرحة كانت كفيلة لإيضاح سعادتها بتلك المفاجأة، فاجأها ريان باقترابه منها قبل قوله الهامس جوار أذنها
- تلك الفرحة بعينيك لن تنطفيء ما دمت حيًا.
قال كلماته وأشار بعينه تجاه السيارة، صعدت بسعادة انعكست على ثنايا بشرتها عكس حالتها قبل قليل، عادت أدراجها للمنزل ثانية ليضحك بهدوء من فعلتها.
عادت للمنزل بقلب مضطرب نابض بالحياة وﻷول مرة منذ زمن تشعر بتلك الفرحة التي تداعب بهجتها بأمل، لا تعلم لِمَ لَم تكمل طريقها لمنزل كارمن، السبب في سعادتها اللحظية تلك، أرادت إخفائها عن العالم أجمع قبل ترجمتها لموافقة على الارتباط بريان متذكرة بأن ندبات الماض لم تندمل بعد.
-عودة للوقت الحاضر-
صوت رسالة من أحد مواقع التواصل الشهيرة كان كفيلًا بعودتها ثانية لأرض الواقع، ضحكت بشرود قبل دلوفها للداخل لمعرفة فحواها.
صدمتها الكلمات، شلتها الصدمة ودمرتها الفاجعة حينما أبصرت رسالة من رقم خاص فحواها
- لقد عدت ثانية فافي، حان الوقت لإكمال ما بدأناه سابقًا.
صرخة حادة فلتت من بين أحبالها الصوتية بألم قبل قذفها للهاتف بعصبية تجاه الحائط، أخذت تنتحب وتهذي بالكلمات قبل دلوف أوار على صوت الضجيج الصادر من غرفتها ليراها على وضعيتها تلك ليسألها باضطراب.
- ما بك فآطم!
قالها أوار بصدمة من حالتها التي قلما يراها بها، انقبض قلبه بقلق من معرفة القادم، بعيون تائهه وبشرة شاحبة من الألم بعدما فر الدم خوفًا من الأمر أخبرته
- لقد عاد... سيق_تلني كما فعل سابقًا... سيق_تلنا جميعًا لتركنا إياه.... سيق_تله أوار... أخبره بألا يفعل هذا... أرجوك.
أخذت تهذي بكلماتها وأوار يضمها لصدره أملًا في إخماد تلك العاصفة تدريجيـًا، باتت محاولته بالفشل الذريع عند ثورتها بغضب بنفس الكلمات، أخذت تهذي وتقذف كل ما تطاله يدها بعنف، ارتفع نحيبها متحولًا لصراخ هادر وفجأة هدأ كل شيء بعد سقوطها فاقدة للوعي بين يدي أوار، دثرها جيدًا بفراشها قبل مهاتفة ريان بضرورة الحضور مع شرحه لما حدث قبل قليل.
دقائق لم يعلم عددها لكنه وجد ريان أمامه، نظرات سريعة على المتسطحة على الفراش قبل قوله
- انهيار عصبي حاد، بعض المهدئات ستفي بالغرض في الوقت الراهن. 
تركه يفعل ما يشاء، الأهم لديه سلامة طفلته، بعدما انتهى أشار له بالخروج وتركها تأخذ قسطًا من الراحة غير غافل عن الفوضى المحتلة للغرفة ببشاعة.
بمجرد غلق الباب باغته ريان بقوله
- ما بها!!
- ستجيبك بنفسها.
قالها أوار بإنهاك قبل سيره للجلوس على درجات السلم ناكسًا رأسه بألم، جلس ريان جواره دون التفوه بحرف مستشعرًا خطورة الأمر ليقطع أوار الصمت بينهما قبل قوله بتعب مما يحدث
- يبدو بأن الماض مهما حاولنا تخطيه إلا أنه في لحظة تغافلنا يسبقنا بعدة خطوات لقهرنا.
لا تنس مصاحبة الألم حين تشعر بالسعادة لأنه سيفاجئك بضربة تمحي كل آثار البهجة مستمتعًا بتلاشي ابتسامتك قبل سقوطك من برجك المشيد بأحجار الحياة.
.....................
حين يأتيك الابتلاء في صورة عاشق يسكن القلب يكن خير ابتلاء.
جلس ثلاثتهم حول طاولة صغيرة بحديقة المنزل، كل منهم يحدق بالآخر وداخله يقص الكثير، نظرات جمعت بين طياتها العشق، الشوق، الحزن، الألم وأخيرًا التحدي.
تابع عمار نظرات كل منهما المصوبة ناحية الآخر وداخله يبتسم بسعادة لوجود نسخة من غيث لكن على هيئة كارمن، كل منهما يكمل الآخر لاختلافه.
أجل لاختلافه... فالاختلاف ما هو إلا حبات رمل تخترق ثغرات اليأس لتمحو أثرها.
تأملهما السيد عمار للمرة التي لا يعرف عددها قبل قوله بإقرار محاولًا كسر حالة الجمود بينهما
- النظرات تخبرني الكثير....
وزع نظراته بينهما قبل تساؤله بهدوء
- مالخطب!!
- هي تريد الانفصال.
- هو يريد الابتعاد.
قالاها بنفس الوقت، نظرات غاضبة احتلت قسمات كل منهما قبل قولهما الحانق لبعضهما البعض
- لا تتحدث بنفس الوقت.
ضحك السيد عمار بصخب على عتابهما المتواري، ربت على يد غيث لافتًا كافة حواسه لما سيقول قبل قوله العاتب
- إن تحدثت معها بأسلوبك ذاك ثانية اتركها لغيرك حتى يسعدها أكثر منك دون جعلها تعاني.
انفجار قنبلة مدوية مسببة صخب داخلي يعبث بأعصابه المحتقنة قبل وجود دمار بأطرافه أملًا في إسكات وجيب قلبه عن الخفقان هكذا قبل إرغام أفكاره عن الثرثرة بمثل تلك الأمور، لحظات صمت قبل قوله الجاد وكأنه يخبرها قبل والده بأنها تخصه واسمها نُقِش بحياته دون خيار آخر
- نُقش اسمها على قلبي ولن أتركها لآخر حتى لو لفظت أنفاسي اختناقًا.
- حافظ على قلبها من الصدمات واحفظ دموعها من الانسكاب أيها المتغطرس.
قالها والده بخبث قبل مغادرته المكان بهدوء تام، تاركًا المساحة لتحويل حريق مشكلاتهما إلى رماد ينبت ورود العشق، نظرات مشتاقة داعبت ملامح كل منهما قبل همسها للقلب عن كم اشتياقهما، كان غيث أول من اخترق رذاذ الصمت بقوله الساخر
- الآخر أراد منك التنازل عن صك حبي مقابل وعود سابحة في الهواء.
قال كلماته وأشار على خاتم الخطبة المحيط ببنصرها بتملك، ضحكت بخجل قبل قولها البارد
- أجل، سأغادر بعد يومين إلى بروكسيل لإتمام الزيجة.
قالتها بخبث قبل وضع قدم فوق الأخرى بأريحية تامة متأملة حنقه المتزايد، ضحكات هازئة كانت الرد على حديثها قبل قوله
- إذن... لم تتهربين من حصار عيناي؟
سعلة حادة كانت الرد على كلماته قبل نظراتها الصاخبة بقول المزيد، ضحك بخفوت قبل صمته عقب قولها المتألم
- اختفيت من إطار صورة حاولت جاهدًا إتمام تفاصيلها، حلمت كثيرًا وانتظرت أكثر ثم...
صمتت تحاول إيجاد وصف مناسب عن حالتها في الفترة الماضية قبل قولها بحزن
- لا أعلم صراحة لكن غيابك ذ_بح نبضات قلبي بسوط الاشتياق، حديثك، رسائلك، صخبك، هدوئك، كل شيء اشتقته بعدما سلبته لأدرك بأني أدمنته. 
اختتمت كلماتها بابتسامة ناعمة وحمرة خجلة زينت ملامحها بحياء، ضحك بسخرية قبل قوله
- لم أحضرت والدي؟ أم أنه اليوم العالمي للتلذذ بأعصاب غيث الناقمة.
قالها ونظر بكل الاتجاهات عدا تلك البقعة التي تجلس بها، تأملت ملامحه بنهم أملًا في إسكات جوع قلبها عن حرمانها من رؤيته منذ الكثير وحديث قلبها يترجم نظرات عينيها بسعادة بالغة....
تراه عابثًا أحيان وفي أحيانٍ أخري هو أعقل منها بمراحل، سحر عينيه الدافئة تُشعرها بالأمان، تكره رؤيته حزينًا وما أن يختفي ذاك البريق فهي تُصاب بالجنون وتلوم نفسها فهي دومًا السبب، يراها ملهمته وتراه سارق، اختطف منها عشقها لـحبيب آخر كانت تراه العالم والآن أصبح هو عالمها، لابتسامته أنواع همس بها قلبها لها وهي نائمة في حُلمها، إبتسامة عاشقة يخصها بها وحدها ما إن يراها فتلمع عيناه، أخري واثقة ما إن يصدق حدسه في أمرٍ ما، وتلك المشاغبة ما إن يضايقها وإبتسامة باهتة يحاول بها ترميم ما تصيبه في نفسه من الحزن ، هو ذاك الوسيم الذي اخترق حصونها المائة، أسقط منهم تسع وتسعون وها هو يقف أمام الأخير بإنتظارها أن تسمح له بالعبور.
طرقعة أمام عينيها كانت سببًا في عودتها ثانية لواقع نفرته منذ زمن، تحدثت بحالمية دون إدراك منها
- اشتقتك
ضحكات خافتة كانت نصيبها الأكبر قبل تحطيم ورديتها على سخرية حديثه
- بل اشتقت ممحاة تسعى لارضائك دومًا، ممحاة جاهدت على محو حب أسطوري من قلبك لكنه متيم به.
- ستندم غيث.
قالت كلماتها قبل سكب محتويات الكوب الموضوع أمامه على ملامحه الوسيمة، نظرات غاضبة كانت من نصيبها قبل قولها الهادر
- لا تعبث بقلب يحاول جاهدًا الوثوق بك.
قالت كلماتها وانفجرت في البكاء لتلجمه الصدمة وأفكاره تلدغه بسوط الندم دون رحمة، ترك مقعده وجلس جوارها بصمت، سعلة لجذب انتباهها قبل قوله
- الزفاف بنفس الموعد.
- أناني.
قالتها كارمن بغيظ ليبتسم لها قبل قوله بحنان
- بِحبك.
استشاطت غضبـًا لعدم مواساته لها قبل قولها الغاضب
- مغرور.
- بوجودك.
قالها بابتسامة باردة زادت من حنقها أكثر، ضحك داخلها قبل قولها
- أناني.
كررتها ثانية على مسامعه لينظر لها بهدوء قبل قوله العابث
- بامتلاك قلبك لي وحدي، أناني بهتاف نبضاتك لي وحدي.
ضحكت بخفوت على كلماته قبل قولها الهامس
- سأنتقم منك لا تقلق.
- يكفيني أن تكوني جواري.
قالها غيث بنفس الهمس ليشرد كل منهما بنظراته على كل شيء عداهما.
تابع السيد عمار ما يحدث من الشرفة ببسمات سعيدة لاحتواء كل منهما الآخر بأقل خسائر حتى لو لم يعترفا بذلك، يكفي وجودهما هكذا دون ضغينة من أحدهما تجاه الآخر.
مهما تكابلت الظروف لا تنس احتواء قلب نبض بعشقك، لا تعبث بدقاته ولا تجاهد لهطول دمعاته.
....................
انتظار حدوث شيء خارج عن المألوف ما هو إلا موت بالبطيء، حزن يجلد مشاعرك بقسوة وقلب يتمزق ألمًا لطول الانتظار.
استيقظ على صوت همهمات وحركة سريعة تصدر من داخل الغرفة، انتفض فزعـًا من نومته الغير مريحة قبل هروب آثار النعاس فجأة من جفنيه.
لمح الطبيب المسؤول عن حالة صغيرته يلج سريعًا وخلفه الكثير من طاقم التمريض، اقترب بحذر من اللوح الزجاجي الفاصل بينه وبين ما يحدث بالداخل.
انقبض قلبه من احتمال فقدانها بعد ألمه لثباتها منذ أربع سنوات مضت غير عابيء بيده التي تلكم الحائط جواره بغضب بالغ وسؤال واحد يتردد داخله
- لمن سأحضر الحلوى كل مساء!
طاقم التمريض منع رؤية ما يحدث بالداخل، ثوان معدودة وبدأ أحد الأطباء في تعريضها لجهاز إنعاش القلب "DC Shock".
مرة تبعتها أخرى بعد إشارة الطبيب بزيادة الشحنات لكن من ملامح الجميع تشير بأنها النهاية.
جلس أرضـًا ينتحب على فراق وشيك داعيًا الله من كل قلبه أن تكون بخير فهو لن يحتمل خسارة أخرى بعد وفاة والديه بحادث سير قبل إتمام صغيرته الخمس سنوات واعتناء جدته بهما.
خرج الجميع واحدًا تلو الآخر من الغرفة يجرون أذيال الخيبة خلفهم.
وقف صهيب بتشتت يعلم مصدره جيدًا حينما ربت الطبيب على كتفه مواسيًا إياه
- توفيت داخليًا عندما فقدت القدرة علي الإحساس بما يدور حولها وتوقفت أجهزتها الداخلية، فعلنا أقصى جهدنا لكن جسدها لم يستجيب، ادعو لها بالمغفرة.
قال كلماته وغادر غير عابيء بذاك التائه بين دوائر الحزن بألم، اقترب بتثاقل من غرفتها حتى وصل إلى السرير الذي يضم جسدها للمرة الأخيرة.
جلس أرضـًا ويده تسللت لتلمس يدها للمرة الأخيرة، قشعريرة ضربت أطرافه بعنف عقب تحسس يدها الباردة، أخذ يهذي بألم
- لِم تركتِ يدي بمنتصف الطريق، لقد تعاهدنا على إكماله سويـًا جنبًا إلى جنب، أخبريني هتان كيف سأكمل دونك، حياء تخليت عنها فتركتني وأنت فعلت المثل.
كفكف دموعه براحة يده الأخرى قبل احتضانه بيده الاثنتين يدها الباردة، وكأن برودة الجو خارجًا تسربت إلى جسدها وتمكنت منه، استأنف حديثه بألم
- أعلم بأنه عقاب من الخالق على كسر قلب حياء قبل سنوات مضت، الجميع أخبرني بأنها النهاية لكن شارة الأمل داخلي رفضت حديثهم، من مشفى لأخرى داخل وخارج هذه البلد الباردة حتى تستيقظي من سباتك ذاك، اقتربت النهاية ولم أقضِ المزيد من الوقت جوارك، استيقظ هتان، أرجوك لا تتركينِ وحدي، لا تشعريني باليتم مرة ثالثة، أفيقي.
قال كلماته الأخيرة بصراخ قبل تهاوي جسده على الأرض بألم، أخذ ينتحب كطفل فقد والديه في محطة القطار بعدما تعثر عليه ملاحقتهم في الزحام.
أخذ صهيب يهذي بألم غير عابيء بأي شيء مما يحدث حوله، يرجوها البقاء وهو سيفعل كل ما تطلبه منه، يشعر بأنه داخل كابوس مزعج وبعد دقائق سوف تيقظه جدته لتناول الفطور حتى يذهب مع الصغيرة إلى المدرسة، داخله يقسم بأن كل شيء على ما يرام لكنه منتظر لارتفاع ضجيج منبهه حتى يداعبها كما تريد
- أعلم بأنك فعلت الكثير لإسعادي لكن خذي روحي ولا تتركيني وحيدًا ثانية، استيقظ، أعلم أنك تنصتين إلي، افتحي عينيك وإلا....
بقيت جملته معلقة بالهواء بعد تسرب مهديء لشراينه بمواساة، ألقى نظرة مشوشة ليجد الطبيب وبعض الممرضين يقفون بالقرب منه، لم يتحمل جسده المزيد ليسقط رغمًا عنه في غياهب الألم متمنيًا رؤيتها ثانية في عالم لا يضم سواهما.
خمد جسده ولم تخمد انغعالاته ليطوف بين ذكريات الماضي وكل ما يجول بخاطره انه أهملها كثيرًا في فترة ما لكنه ينتظرها تعود حتى تعود حياته معها.
بعض الأشخاص لا ندرك مكانتهم لدينا إلا بعد تسربهم من بين أيدينا لنبكي أطلالهم في شوق لذكريات كانت الوقود لحياة تمنتها قلوبنا قبل روحنا لنكتشف بأننا أصبنا بالعطب في لحظة ما وما بعدها لن تمحوه الذاكرة بسهولة أو يتهاون القلب في الصفح عنه والسبب أننا أهملنا بإرادتنا فأصبح كل ما هو تحت هذا البند قابل للتفاوض أو حتى الفقد بسهولة دون الأخذ برأينا أو الاهتمام بعواطف تجعدت من كثرة الخذلان.
....................
#من_بين_الرماد
#أسماء_رمضان

"من بين الرماد"- "أسماء رمضان"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن