الفصل السادس والأربعون
"الجزء الأول"ما معنى أن يكون لديك وطن..!
يعني أنه حين يلفظك العالم بكراهية غير مرحب بوجودك يكن لديك عكاز تتكأ عليه ويستقبلك بين طيات وجوده.قد تلفظك الحياة إلى الأبد ما دمت لم تفعل أي صواب بحياتك.. تصيبك بالحيرة من كثرة تساؤلاتك التي لا إجابة لها وحينما يحين الوقت تدهسك بلا رحمة تحت وطأة جهلك لتكون جاهل عما يدور حولك وغير مرغوب بك في حبكتك شخصيًا.
أب غير رائع بالمرة في حكايته الخاصة وشرير في حبكات الآخرين ليكون كالمسخ مشوه قلبًا قبل قالبًا.
تفتيش مفاجئ جراء تلك الحادثة التي حدثت بالأمس وتحقيقات بالجملة مع الحارس ونائب المأمور لتقاعسهما عن العمل
- لِمَ تركت خدمتك وغادرت من المكان سيدي!
قالها المحقق موجهًا حديثه للحارس ليبتلع الآخر ريقه بتوتر وأخبره بعدها بهدوء حذر
- لقد طلب مني السيد علي إحضار طعام ولفافتي تبغ له.
تأمله المحقق بشك فهو غير متأكد بالمرة بما يتفوه به ذاك القابع أمامه لكنه لا يمتلك أي دليل ضده وكل ما وجب عليه فعله هو روتين لا أكثر حتى لا تكون هناك مسؤولية على القادة فيما بعد، صمت لحظات وسأله بعدها بمباغتة
- لكن أين الطعام الذي طلبته!
قالها بهدوء وهو يعرض عليه لقطات كاميرا المراقبة التي رصدته وهو عائد إلى مكان حراسته خالي اليدين لينظر له الأخر بصدمة لم يستوعبها بعد وسرعان ما أكمل بلامبالاة
- لِمَ لم تظهر في تسجيلات كاميرا المراقبة..!
ابتسم الحارس باستخفاف للفيديو المعروض أمامه ليخبره بهدوء وهو يستريح في جلسته
- هذا ليس تسجيل يوم الحادث بل اليوم السابق له أيضًا إن أمعنت النظر ستجد بأني بالفعل في طريق العودة هاتفني الحارس المسؤول عن الطعام وأخبرني بأنه جاهز لذا عُدت أدراجي وأخذته.
اختتم كلماته وهو يضع هاتفه على الطاولة يستعرض أمامه جهات الاتصال ومن ضمنها كان رقم الحارس المقصود لينظر له الآخر ببرود قبل أن يطلب من المغادرة بعدما ذيل أقواله بتوقيعه الرسمي وحينما خرج تنهد بهدوء وهو يتذكر ما حدث قبل أيام من الآن..
- أنتَ حارس السيد علي الأمين!
كلمات خرجت من بين شفتي شخص يرتكن على مقدمة سيارته بتعالي، ينفث دخان تبغه باستمتاع ليشهق بخضة مصطنعة قبل أن يقترب منه ويوازيه في وقفته ليتحدث بعدها بهدوء
- ما الأمر ومَن تكون أنت!
ابتسم وأكمل ما يفعل برتابة وكأنه لم يتأثر بحديثه، اعتدل في وقفته وأخبره بخبث
- مَن أكون..!
تابعه بنظراته واستأنف حديثه بلامبالاة
- لا يهم..
أشار على إصبعه بعدما رفعه أمام ناظري الحارس وقال بعدها
- ما الأمر..!
أنزل يده ووضعها على رأسه علامة التفكير وكأنه يفكر في أمر ما لم يجد إجابته بعد
- أريد روح علي.
لم يمهله الحارس في التكملة بل أشاح بسلاحه أمام وجه الآخر يطالبه برفع يديه وعدم الحركة قط حتى لا يصيبه، ليضحك بسخرية قبل أن يُلقي عُقب سيجارته ويدهسه بقدمه تبعه قوله الهازئ
- مقابل مليون ونصف المليون.
أخَفض سلاحه مع لمعان عينيه جراء المبلغ المدفوع وأكمل بعدها بإيضاح
- نصف المبلغ قبل التنفيذ وانتظر مكالمة مني إما أُخبركَ بالتنفيذ أو التوقف في الحالة الأولى سوف تحصل على ما تبقى من أموالك وفي الثانية ستحتفظ بما أخذته دون أن يمسه أحد أو يطلب منك إرجاعه.
اختتم كلماته وتركه ليفتح باب سيارته الخلفي وأخذ منه حقيبة منقوش عليه الحروف الأبجدية ومزين ستة أحرف منها فقط هم "أ، ر، ك، ا، م، ن" فتحها أمامه وأكمل بلامبالاة
- الأهم من كل ذلك عليه هو أن يُنهي حياته بنفسه لا أنت.
- كيف؟
قالها بحيرة كيف سيقنع آخر أن يقضي على ما تبقى من حياته ليقول الآخر بهدوء
- يمكنكَ خداعه بالحرية لكن تذكر إن سقطت فأنا لا أعرفك.. هذا أول شئ.
لحظات وأكمل بعدها بهدوء معطيًا إياه طرف الخيط قيل أن يغادره تمامًا بعدما وضع حقيبة النقود أرضًا
- استغل أيضًا تسجيلات كاميرا المراقبة لإثبات أنه لا شأن لكَ بالأمر.
حينها ظل الحارس يفكر في طريقة لإنهاء الأمر دون أن تتلطخ يداه بتلك الدماء المدنسة ليستمع إلى صوت هاتفه يصدح برقم خاص ليفتح الخط على مضض قبل أن يستمع لصوت يخبره بحزم
- يمكنك إخباره بتزييف موته حتى يتمكن من الخروج مما هو فيه والحصول على حريته.
ثم اختتم حديثه بضحكة مرتقبة لما سيفعله جنديه المجهول على لوحة شطرنج انتقامه، ليأتي الحارس في الصباح الباكر يخبر السيد علي بخبث وهو يتلفت حوله
- لدي خطة لكَ للخروج من ذاك المأزق بأكمله.
اقترب علي منه أكثر وعينيه تومض بأمل من حدوث ما يبغاه ليُكمل حديثه قائلًا بلامبالاة
- يمكنك التمثيل بأنكَ تحاول الانتحار وانا سوف أنقذك.
- أنت مجنون أم ماذا؟
قالها علي بغضب وهو يمسك به من تلابيبه لينفض الحارس يده وهو يكمل بإيضاح
- فقط استمع إلى نهاية الحديث وإن لم يعجبك يمكنك التراجع وكأنك لم تستمع إلى أي شئ.
أومأ الآخر بصمت يحثه على إكمال ما بدأه ليقول الآخر بهدوء
- مع كتابة رسالة بأنكَ أردت الانتحار بسبب سوء المعاملة مع التقدم بشكوى عن طريق محاميكَ الخاص حينها فقط سوف يأتي المأمور وينفذ لك ما تريد حتى لا يفقد منصبه.
لحظات صمت تأمل بها وقع كلماته على السجين ليقول بعدها بدراماتيكية بعدما أنهى دوره في مسرحية لم تكن تناسبه يومًا
- يمكنك وقتها الخروج على ذمة التحقيق بكفالة والمأمور سوق يوافق عليها.
- لكن كيف!
قالها بتساؤل ليقول الآخر بإيضاح
- سوف تناديني لشراء طعام لك وفي عودتي سوف أطلق صفير عدة مرات، في نفس الوقت تقوم بإزاحة المقعد من أسفل قدميك وسوف أنقذك أنا وذلك حتى لا يشك بنا المأمور.
ظل يعيد الخطة أكثر من مرة حتى هاتفه نفس المجهول يخبره بتنفيذ الأمر وقتها فقط اتجه إلى علي وأخبره بأنه قد حان الوقت للتنفيذ فالمأمور ليس موجود في مكتبه، وبالفعل اتجه لشراء الطعام وأخبر الحارس بأن يُجهزه ويهاتفه حتى يأتي ويأخذه.
عند عودته إلى السجن أطلق عدة صافرات ليفعل علي الجزء الخاص به في نفس الوقت الذي عاد الآخر أدراجه بعدما استقبل مكالمة تفيد بأن الطعام أصبح جاهز ليعود بعدها إلى الحجز ويجده قد لفظ آخر أنفاسه ليصرخ في الجميع طالبًا سيارة إسعاف لإنقاذه.
أفاق من شروده على صوت إشعار بوصول رسالة جديدة ليقرأ فحواها قبل حذفها تمامًا واتجه إلى المكان المنشود لتسلم باقي حسابه.
- أخبرتك بأن الغريق يتعلق في طوق نجاة حتى لو كان فيها هلاكه.
قالها بهدوء بعدما جلس الآخر جواره في السيارة ليومأ الآخر بموافقة قبل قوله بتأكيد
- كنت على حق سيد...
صمت لحظات فهو حتى هذه اللحظة لا يعرف مَن يكون حتى ليقول له الآخر بتوضيح
- أركان.
أنقده باقي حسابه وأخبره بهدوء بعدما هبط الآخر من السيارة
- لا تضعهم الآن في أي حساب يخُصك فالعيون جميعها عليك.
ثم تركه وغادر ليقتنع الآخر بحديثه فهو في ضربة واحدة دون أن تتلوث يديه أصبح من أصحاب الملايين، لو عمل طوال حياته هو وزوجته لن يجني ربع هذا المبلغ حتى.
الغريق بعدما يجد أن نهايته قد أصبحت أمام عينيه سوف يبحث عن قارب نجاة قد يكون متمثل في قطعة خشب تطفو من بعيد وحينما يقترب منها إذ به يفاجأ بأنها لم تكن سوى تمساح يفتح فكيه عن آخرهما قبل أن ينقض عليه ليلتهم وجبته الثمينة بتلذذ دون مشاركتها مع أي من أقرانه وذلك لأن القدر أهداها له وخصه بها لا هم لذا هنيئًا له وجبة اعتمد فيها على الخداع بدرجة كبيرة.
....................
الوطن حين يلفظك من بين ثناياه تصبح وغدًا دون مأوى ينظر إليكَ الجميع بكونك مشرد لتعافر على فعل أي شئ لامتلاء عقدة النقص داخلك.
ووطنها كان متمثل في عائلة لفظتها خارجها دون رحمة بأمر منها شخصيًا بعدما شعرت بالذنب تجاه ما حدث لوالدها لتقرر الرحيل عن المكان بأكمله وتعود أدراجها إلى صقيع علاقات في بلد لا يحكمها سوى العمل.
قررت إثبات نفسها في مجالها حتى لو كان الأمر على حسب راحتها لتصبح الأشهر بين جميع محققي المكان وبعدها عادت إلى أرض الوطن ثانية كأسيرة لدى أخرى تشبهها تمامًا وتود الانتقام منها على إثم والدها السابق لتكون كحصان طروادة في نصف الفخ للآخرين دون أن تدرك بأن الإثم يتجزأ كالميراث تمامًا بل ويحمله الورثة حتى يعفو المظلوم أو يُكمل انتقام على لوحة شطرنج ينتهي دورها بمات الملك.
والملك هنا كانت إحداهن صاحبة حق وقررت ألا تعفو بل تريد حقها فيما سُلب منها دون التفكير حتى في الصفح وظنت أنه بموتها يتحسن كل شئ لكنها بعد هذه التجربة تشعر بأنها ليست كما السابق بل هناك العديد من الندوب التي لن تندمل بعد..
- كيف حالكِ الآن حياء؟
قالها أوار وهو يدلف للغرفة بعدما تحدث مع الطبيب بشأن حالتها وترشيحه لآخر تخصص علاج طبيعي لتحسين حالتها ومساعدتها بعدما اطلع على كافة التقارير الطبيبة المتعلقة بها، أخبرته بهدوء وهي تتفحصه
- بخير.
صمتت لثوان وأكملت بتساؤل حذر
- كيف حال إيما!
اقترب منها سريعًا يحاول التخفيف عنها قبل حتى أن يخبرها فهو قد شهد على انهيار طارق قبل ساعات من الآن، ابتلع ريقه وأخبرها بثبات
- لم يستطع الطبيب إنقاذها.
شهقت بحزن مما تسمع فهي في أسوأ كوابيسها لم تكن تتخيل أن ترحل هكذا دون أن تعتذر لها عما فعله والدها، لم تطلب منها الغفران عن عائلة دمرها طمع خلدون دون أن ينظر أمامه لبضع سنوات فقط أراد أن يغتني متجاهلًا التفكير في أي شئ آخر.
- لم اعتذر لها بعد أوار.
قالتها بإقرار وهي تبكي ليُرتب على كتفها يحاول مواساتها تبعه إخبارها بحنان يحاول التهوين عنها
- لم يكن ذنبك حياء.
أزال دموعها وأكمل بنفس نبرة الثبات
- لذا لا تُحملي روحكِ أكثر من طاقتها حبيبتي.
وعلى ذِكر الطاقة التي لا تُستهلك سوى في كل خزي مر به المرء ويدفع ثمنه حاليًا الأقربون، فقط يرحل من يرحل والخلف هو مَن يدفع ضريبة الآثام دون أن يكون له يد في أي شئ قد تم بالفعل في ماض سحيق.
استمعت إلى صوت هاتفها يصدح في الأرجاء لتحاول فتح عينيها بتعب سرعان ما انتفضت في مكانها باندهاش وهي تجد أنها في غرفتها وغيث يقف في الشرفة يتحدث في الهاتف، أخذت خاصتها من على الطاولة ونظرت إلى الرقم لثوان قبل أن تقرر الإجابة عن المكالمة الواردة لكن سرعان ما اندهشت من صوت يخبرها بحنان
- كيف حالكِ الآن كارمن!
- أركان!
قالتها بتساؤل وهي تعلم جيدًا هويته ليخبرها بحنان لم تجده قط في والدها
- إن لم أكن هو مَن سأكون من وجهة نظركِ آنستي.
بالرغم من سخريته إلا أنها ضحكت على كلماته لتقول بعدها بهدوء
- أعتقد أني بخير رغم معرفتي جيدًا بأني لست كذلك.
أومأ بتفهم فهو يدرك جيدًا حالتها تلك، صمت لحظات وأخبرها بحيرة من أمره
- لِم لم تخبري المحقق بأني كنت السبب في كل ما حدث لكِ!
حيرة غلفت نظراته قبل كلماته ليتنهد بضيق وهو يكمل بنبرة منزعجة من كل شئ يحدث معه في الوقت الراهن
- لِم لم تخبريهم بدلًا من تحمل اللوم وحدك!
- لأني أشعر تجاهك بالمسؤولية أركان.
قالتها بإقرار
دون إعطائه فرصة للتحدث ليشعر بالصدمة من كلماتها التي أكملتها بحنان
- مثلما شعرت انت تجاهي لكن كبريائك منعك من التعبير فقط لم تستطع إيذائي رغم خططك المستمرة لذلك.
ابتسم مما تفوهت به لأنه بالفعل لم يستطع إصابتها بمكروه وكأنها قطعة منه لا ابنة الرجل الذي دمر عائلته، لحظات صمت وأكمل بحنان
- أشعر بأنه لو كانت الأمور مختلفة لكنتِ صديقتي الأمينة كارمن.
تنهد يزفر الهواء وكأنه يطرده دون رجعة
- أشعر كذلك بأنكِ كنت مسؤولة مني لذا لم أستطع إيذائك شقيقتي.
حصلت على اعتراف منه أخيرًا بأن صلة الدم بينهما لم ولن تتغير قط حتى لو أراد هو عكس ذلك لكنها بالفعل مسرورة من وجوده معها فهي تشعر كما لو أنها حصلت على شقيق بعد طول غياب.
- والدتكِ كانت تعلم بأمر تمارا من السابق.
قالها بإقرار لتجحظ بعينها بغير تصديق مما يقول ليُكمل بعدها بحذر
- لن تتقبلها بسهولة كارمن لكن أرجو منكِ أن تكوني جوارها دون النظر لأي مما قد يحدث بعد ذلك فهي قد عانت كثيرًا ولا أريد منها أن تدفع ثمن ضريبة لم تكن ند لها قط.
صمت ينتظر ردها عما قال متوقعًا عدم موافقتها فهي كانت ناتج ثانوي في معادلة لم يكن لها شأن بها مثلها تمامًا لكن الشئ الوحيد المشترك انها تعاونت مع ابن العم في تدمير العائلة دوت التفكير في تبعات الأمر أبدًا
- يمكنها أن تنتقل للعيش معنا في منزل والدها أركان.
قالتها بإقرار لينصدم من قرارها فهو توقع منها اي شئ سوى الموافقة بسبب ما مرت به كذلك حقيقة عدم تقبلها لكل ما اكتشفته عن والدها في الأوانة الأخيرة
- بل منزلكِ أنتِ آنسة كارمن.
قالها بتصحيح لما قالته لتخبره بعدم فهم
- كيف ذلك!
- ستعرفين فيما بعد آنسة كارمن.
اختتم كلماته وأغلق الهاتف دون إعطائه فرصة للرد لتنظر إلى الهاتف باندهاش غير مستوعبة لكل ما قال لينظر لها غيث بعدم فهم سرعان ما أجابته بهدوء حذر
- شقيقة لي من علاقة أخرى ظهرت ثانيةً لاستلام حقوقها من والدتها الراحلة.
تخطت بعض الأمور التي لا شأن لها بها فهي لن تخبره عن أي مما يخص الأخرى حتى لو كانت ترغب في ذلك متخذة نهج واحد وهو ألا تدع الآخرين يعرفون ما لا شأن لها به، أومأ بتفهم دون كلمة أخرى لتتثاءب بتعب قبل أن تدلف إلى المرحاض وحديث أركان يتردد بين ثنايا عقلها دون رحمة.
أحيانًا عدم الاستيعاب نعمة لن يقدرها سوى مَن دهسته الحياة تحت عجلاتها مرارًا دون رحمة، لتجبره على الخنوع لرغباتها باستهزاء وكأنها تتحداه بألا يفعل عكس ذلك لكنك في النهاية مُجبر على فعل كل شئ دون السؤال عما سوف يحدث بعد ذلك فقط تترقب وتنتظر على أحر من الجمر دون أن يكون لك طاقة على استئناف حياة معطلة بوجودك وكأنك لا تملك أي شئ سوى قرارات لن تفيدك فيما بعد.
.................
الحياة ليست مزحة لكن طريقتك في التعامل مع كل ما يدور حولك هو المزحة في حد ذاته.
استقبل قبل يومين مكالمة من طبيب والدته المعالج يطلب منه القدوم لرؤيتها فهي مستعدة لذلك الآن، لم يحدد موعد فهو غير مستعد لمقابلتها دون أن يُكمل انتقام تبقى منه فقط عدة لمسات أخيرة وحينما انتهى من آخر عقبة قرر الذهاب إليها والتحدث معها فهو بالفعل اشتاق لحنان حُرِم منه طويلًا ليهاتف الطبيب ويخبره انه مستعد الان لفعل أي شئ في سبيل وجودها جواره ثانية.
تفهم الأمر وأعطاه موعد مناسب وها هو يقف بسيارته على مقربة من المكان بعدما أنهى مكالمته مع كارمن ليتجه إلى المنزل وأمام بوابته الضخمة أخبر الحادث بهدوء
- أخبر السيد ريان بأن ابن السيدة ماجدة ينتظر في الخارج.
فعل الحارس مثلما طلب منه ليختفي من أمامه لثوان وعاد بعدها وبصحبته آخر يبدو بأنه السيد ريان الذي سرعان ما استقبله بحفاوة يخبره بنبرة مرحبة
- مرحبًا بك سيدي.
اختتم كلماته وهو يفتح البوابة بهدوء بعدما أمر الحارس بغلق الباب بعد عبور الضيف، دله على مكان مخصص بالداخل قبل أن يتحدث بهدوء
- مرحبًا بك سيدي ثوان فقط وتكون والدتك هنا.
وبالفعل اختفى قليلًا لتظهر بعدها والدته في هيئة غير التي اعتاد عليها، بخطوات متزنة اقتربت منه وهي تبكي على عمر فات دون أن تعتني به فقط كانت عبء عليه طوال حياته.
على الجانب الآخر كانت ماجدة والدة أركان تنتظر رؤية ابنها بفارغ الصبر وحينما أتى الحارس اختفت شجاعتها وكأنها لم تكن تتحلى بها قط..
طلبت من ريان أنها ترغب في الذهاب له وحدها وحينما لمحته من بعيد أخذ يتردد بين ثنايا عقلها كلمات عدة منها
"معاناة جمال وأولاده لن تنتهي مادمت أنا على قيد الحياة، قتل صغيره تيم أمام عيني ابنته وأُصيبت هي بصدمة جعلتها لا تتقبل وفاته قط".
في كل خطوة تستمع إلى أمر جديد ربما لم تدركه بين غياهب عقلها قط ليتردد صدى صوته وهو يكمل ذات أمس
"والد معاذ قتل والدته وقُتِل في السجن لكن لا تقلقي سيلحق به جمال دون رجعة".
"خلدون توفى قبل زمن لكن ابنته لازالت على قيد الحياة ويمكنها أن تحصل على نصيب والدها من الانتقام".
"علي لازال يتنعم في ميراث ليس من حقه لكن أقسم لكِ بأنه سوف يتجرع مرار ما فعله بنا دون شفقة لكن فلينتظر قليلًا نسيت إخباركِ بأن ابنته تعاني الآن بعدما رفض زواجها من حبيبها معاذ لتقرر الزواج من آخر تحت إشرافه هو".
أحداث كثيرة كان يخبرها بها كل يوم وكأنه يذكرها بما فعله بهم الآخرين وجعلهم يعانون بل وأوصلهم إلى حالة لن يتقبلها أحد بعد.
اقتربت منه ودموعها تغرق عينيها ليأخذها بين أحضانه وهو يقول بحنان
- اشتقت وجودك أمي.
أبعدها قليلًا عنه وأزال دموعها ليعيدها ثانية بين أحضانه تاركًا ثوب خطاياه على باب غفرانها ليقول لها بحنان
- لقد أخذت بالثأر أمي لكن تبقى القليل فقط.
- أخذت بروح علي أم لازال على قيد الحياة.
قالتها بوجوم لينظر لها بعدم فهم مما تقول فهو لا يستطيع تنبؤ رد فعلها الان ليبتلع ريقه بتوتر دون إجابة.
...............
#من_بين_الرماد
#أسماء_رم
أنت تقرأ
"من بين الرماد"- "أسماء رمضان"
Romanceمن بين الرماد... "داء العشق يُبتر لا يُضمد" تحكي قصة فتاة تخلى عنها حبيبها ليلة الزفاف فماذا ستفعل حيال ذلك.. هل تبكي الأطلال أم تقف شامخة كحال ذويها!.. نحن أمام بضع كلمات منثورة تعطي إيحاء بوجود الأمل دومًا مادام القلب ينبض بالحياة.