الفصل الخامس والعشرون

290 10 2
                                    

بعتذر لتأخر نزول الفصل..
لان عندي مشكلة في النت وجه لي فشل التحميل كذا مرة وبس النت ظبط رجعت نزلته تاني..
ف بعتذر جدًا + قراءة ممتعة للجميع🥰
ملحوظة صغيرة..
الفصل فيه جزء تاني هينزل الأسبوع الجاي لأنه كبير جدًا🙂
"الفصل الخامس والعشرون"
"الجزء الأول"

الحياة فخ وما عليك سوى الغوص فيه سهوًا برضاكَ..
وبعض الفخاخ ليست إلا بخار يُلهب روحنا قسرًا حتى تصل إلى مرحلة لا تستطيع التمييز فيها بين الحياة وشبح الموت.
الشبح هنا يعني فَقد محتمل أو ألم حتمي، لن تعتاد حتى وإن أردت ذلك لكن كل ما عليك فعله هو الاستعداد جيدًا لتواجه الكثير بمفردك دون مؤازرة من أحد حتى تستعيد جزء من قوتك المفقودة ليُعاد شحن طاقتك من جديد لتواجه بعدها العالم أجمع دون خوف مما أنت مُقبل عليه.
- رانسي استيقظت.
هكذا أخبرته فيولا بابتسامة مشرقة عن استعادة صديقتها لوعيها مرة ثانية بعد كثير من الدعوات لأجلها لكن أوار يشعر بأنه تائه بين طرقات لا يعلم لها نهاية بعد، نظر لها ثانيةً لتومأ إيجابـًا مؤكدة على أن ما سمعه للتو حقيقة لا مفر منها، انتفض من جلسته ليقف أمامها وكل ما به يهتز من الفرحة وقبل أن يتفوه بالمزيد أخبرته بنبرة هادئة بعدما تخلت عن اهتزازها السابق
- تريد رؤيتك.
ينبغي عليه الذهاب لرؤيتها أم يهرب كما فعلت بالسابق وتركته دون كلمة تشفع لعشقه لها، يلهث خلف سراب كلما اقترب منه اختفى دون أثر أم يعود أدراجه حيث الوطن لكن لحظة هي وطنه وهو لن يتخلى عن حبه لها مهما كلفه الأمر فهي الوحيدة التي تملك زمام أموره جميعها على حد سواء.
هي الوطن وإن هرب منه لن يكون سوى مغترب بين طيات النسيان.
اقترب من باب الغرفة واستمع إلى حديثها مع أبيل ليتنهد براحة فهي قادرة على تغيير مزاجه مائة وثمانون درجة دون عناء، صوتها يجلب الراحة له ووجودها شمس تشرق في كل اتجاهات حياته، طرق عدة مرات ليسمع إلى صوت أبيل يأمره بالدخول.
وبمجرد دخوله اضطربت نظراتها لوجوده رغم معرفتها بأنه لم يتركها وحدها سابقًا في أي مرحلة من حياتها ولن يفعل ذلك اليوم، علمت من أبيل بوجوده في الخارج لذا طلبت رؤيته على وجه الخصوص بعد إجراء بعض الفحوصات من قبلِ طبيبها المعالج.
تأملها أوار بتعب فرغم قناع السعادة البادية على ملامحها إلا أن خلفه ومضات عدة من آلام لن يمحيها الزمن بسهولة، داخلة يكاد يعتصر من شدة حزنه عليها لكن وجب عليه دعمها في أي شئ تريده دون جدال.
اقترب ليجلس على مقعد مجاور للفراش دون التطرق لما حدث معها وأوصلها إلى تلك الحالة، فقط تابع الحوار بين الثلاثة أصدقاء وكل منهم يحاول تحويل الأمور إلى صالحه لينتبه إلى حديث أبيل وهو يخبرها بتساؤل
- ما الذي أوصلكِ إلى تلك الحالة رانسي؟
- لا أتذكر.
هكذا ببساطة لينظر لها أوار بشك ملاحظًا تهربها من حصار عينيه ليصمت دون مجادلة لكن صديقتها فيولا على ما يبدو بأنها لن تترك الأمر يمر هكذا لذا ضيقت عينيها بتأكيد بأنها تحاول إخفاء شئ عنهما لتخبرها بقلق
- لستِ مضطرة للتعامل مع الأمر وحدك عزيزتي.
ابتسمت لها حياء بامتنان على وجودها جوارها في أكثر أيامها ثقلًا على روحها لتسمع إلى صوت أبيل يخبرها بإقرار وكأنه قد تذكر لتوه
- المحقق سيزورك في المساء ليعلم ما حدث معكِ بعدما اقنعته بصعوبة بوجود الكثير من الفحوصات وجب عليك إنهائها.
أومأت له إيجابـًا وهي تنظر لنقطة وهمية بعيدة عنهم ليستأذن كل من أبيل وحبيبته فيولا لوجود بعض العمل يحتاج إلى وجودهم، وبمجرد مغادرتهم الغرفة تنهدت حياء بتعب لتنظر إلى أوار الصامت منذ دخوله، أغلقت عينيها واستندت برأسها على الوسادة خلفها دون كلمة واحدة.
- حياء داخلها الكثير من الصخب ولن يهدأ تفكيرها إلا بالحديث ومشاركة الأمر مع الآخرين.
قالها أوار بهدوء لتحرك رأسها تجاهه دون الحديث لتشعر بالاختناق يحاوطها من كل جانب وهي غير قادرة على الفرار منه.
أوار لم يتحدث معها بعد آخر مكالمة هاتفية بينهما، يحاول التشبث ببصيص من أمل مفقود ورغم ذلك يشعر بالتخبط مثلها تمامًا بل الغرق هو ما يصف به نفسه معها وبها أما حياء فلازالت تشعر بأن الأمور ليست في نصابها الصحيح لكنها عاجزة عن فعل المزيد من الجهد فقط استسلمت دون مقاومة أو معاندة لمسار حياتها وكأن معاناتها السابقة لم تكن سوى قشة تحطمت في وجه العاصفة، من بداية استيقاظها وهي متخبطة في أغلب الأحيان هشة في الكثير منها تحتاج لمَن يطمئنها فقط بأن ما يحدث كابوس سوف تستيقظ منه وتجد الجميع حولها سعيد.
هي لن تكون سوى صورة عائلية سعيدة بدونها ويبدو بأنها اتخذت القرار الصحيح بالهروب سابقًا وبداية حياة جديدة لكنها الآن نادمة على لحظات افتقدتها وبمرور الوقت فقدتها لتجلد نفسها بشعور أبشع من تحمله وأصعب من وصفه بمجرد كلمات.
تنفست عدة مرات تحاول تهدئة انفعالاتها لكن دون جدوى لتسقط دموعها باستسلام غير قادرة على تخطي ما يحدث معها هذه المرة وشعور التشتت الممزوج بالتعب غلب مشاعرها لتنهار حصونها سريعًا قبل البكاء بصوت مرتفع بعدما حطت رحالها على جزيرته هو ليصمت محترمًا بكائها حتى تنتهي منه وبعدها يصنع من دموعها نقاط تُوضع على أبجدية خاصة بها فقط.
غلغل أصابعه بين خاصتها ليؤازرها وكأنه قد أجهدته الثرثرة فاختار الصمت سلاحًا للعبور إلى الضفة الأخرى وهي تشبثت بيده تناظره بعيون تملؤها الحسرة مما آلت إليه الأمور ليجلس جوارها على الفراش قبل أن يجذبها برفق ناحيته لتنجذب إليه كما الحديد ينجذب للمغناطيس، احتضنها برفق وأخذ يداعب خصلاتها علها تهدأ لكنها كانت تنهار أكثر وهو عاجز عن مساعدتها ليخبرها بحنان وهو يزيح دمعاتها من على وجنتيها
- لن تُكملي الطريق وحدك حيائي.
وحيائه منهكة من كثرة ما مرت به حتى الآن ليزداد بكائها أكثر، شدد من احتضانها وهي زادت من تعلقها به، بُهِتت ملامحه وهي تخبره بألم
- انتهى كل شئ أوار.
قالتها بتعب وهي أخيرًا قررت الإرساء بعيدًا عن كل ما يُعيقها، قررت التخلي عن حذرها وإخبار أقربهم لروحها ما تشعر به، أبعدها أوار قليلًا ليخبرها بحزم
- لم ينتهي أي شئ حيائي..
تأملها قليلًا باشتياق وقلبه يعزف بجنون سيمفونية هي الوحيدة القادرة على فهمها ليُكمل بمشاغبة مُؤكدًا بأنها لازالت له وحده ولن يشاركها مع أحد، قرر التخلي عن حذره والركض نحو حصونها قبل تصويب سهام عشقه نحوها
- لازال عشقي لكِ قائم ولازلتِ أجمل إمرأة رأتها عيناي سيدتي الصغيرة. 
رغم تعبها ابتسمت ليبتسم هو الآخر وشعور بالراحة تسلل إليها لوجوده جوارها في تلك اللحظة
- تريدين السؤال عن شئ ما..!
سؤال أقرب منه بإقرار لتنظر له بهدوء وداخلها الكثير لتومأ برأسها علامة الموافقة وكأنه قد سدد للتو هدفًا في مرماها
- لِم لم تسألني مثل الآخرين..؟
- وضع يده على ثغرها يمنعها التفوه بالمزيد قبل أن يرد عليها موضحًا لها وجهة نظره
- لا أريد منك التحدث عن أمر يزعجك دون رغبتك.
هكذا فقط..!
لكنها تمنت لو سألها عما يدور معها وقتها لن يجد متسعًا من الوقت للاستماع إليها لتضغط بيدها على رأسها في محاولة لتخفيف ألم بدأ بالغزو ومهاجمة خلاياها سويًا
- كانت نسخة أخرى مني.
قالتها في إشارة منها إلى ثانية تُشبهها إلى حد التطابق ليومأ لها أوار بتفهم ليخبرها بهدوء
- لا يوجد سوى نسخة واحدة من حيائي.
ابتسمت خجلًا فهو في كل لحظة لا يمل من اعترافه لها وكأنه موجود فقط لتذكيرها بأنها تخلت عن سعادة مطلقة بسذاجتها لتحمحم بحزم قبل قولها بتوتر
- لم أرها قط من قبل لكن نظرتها كان بها الكثير من الكراهية.
حاول الحديث لتمنعه بيدها قبل أن تبادر هي بالمزيد مما عجزت عن فهمه وقتها
- حاصرتني بالسيارة لكن لم أحاول الهرب وكأني قد أردت تلك النهاية بخاتمة مأساوية لن تناسب سواي.
سقطت دموعها بشفقة على حالها ليُربت أوار على كتفها يؤازرها لتبتسم له بحزن وداخلها يصرخ طلبًا للنجاة من كابوس يلاحقها بتمرد، أخبرها بألا تتفوه بالمزيد في الوقت الحالي مع وعد صارم بأنه سيلاحق المتسبب في الأمر دون رحمة.
طرقات على الباب قبل الإذن للطارق بالدلوف والتي لم تكن سوى طبيب معالج وبعض الممرضات، أخبره الطبيب بضرورة القيام بالمزيد من الفحوصات للتأكد من أنها بخير، أسندها أوار لتبكي بألم وهي تخبره بنبرة مضطربة
- لا أشعر سوى بالألم في قدمي أوار.
نظر لها بقلق يحاول فهم معنى حديثها ثم صوب بصره نحو الطبيب ليخبرها باطمئنان
- لا داع للقلق آنسة رانسي لكنه أمر طبيعي خاصة لعدم تحريك جسدك لمدة من الزمن.
نظرت له بشك ليأمر إحدى الممرضات بإحضار مقعد مدولب لمساعدتها في التنقل، ذهبت الممرضة لتنفيذ أمره قبل انسحابه بهدوء تلاه أوار ليشرح له عما يدور بالضبط
- ماذا يحدث معها!
قالها جافة، مضطربة وخالية من أي نوع من الذوق ليتفهم الطبيب خوفه عليها، صمت قليلًا يحاول البحث عن بعض الكلمات لتساعده في إيصال الأمر ببساطة
- الفحوصات السابقة أشارت بأنها لا تعاني من أي مرض جسدي أو تلف في الأعصاب الطرفية بالقدم.
صمت لحظات ليخبره بعدها بحسم
- كما أنه لا يوجد أي عدوى انتقلت إليها.
استندت أوار على الحائط خلفه وهو عاجز عن تفسير الأمر أو حتى كيف يشرحه لها، وضع الطبيب يده على كتف الآخر ينبهه بوجوده وبعدها تحدث بعملية
- القيام بالكثير من الفحوصات يساعد كثيرًا في معرفة المشكلة لذا لا داع للقلق سيد أوار.
اختتم كلماته ورحل ليتماسك أوار من على حافة انهياره خاصة بعدما سمع حياء تخبرهم من الداخل بأنها لن تستخدم ذاك المقعد مهما حدث، اقترب منها ليخبرها بهدوء وابتسامته لم تهتز رغم ما يشعر به من ألم
- وضع مؤقت صغيرتي وبعدها الأمور ستعود لنصابها الصحيح.
جلست خانعة بعدما طلب منها بيأس استخدمه ليأمر الممرضة بأنه سوف يصطحبها إلى الخارج بنفسه لتشعر حياء بالراحة قليلًا لوجوده جوارها واضطرابها الداخلي لم يتلاشى بعد بل تفاقم ليصرخ صوت من أعماقها متسائلًا بحيرة عن ما إذا كان الوضع الراهن سيدوم طويلًا وهي لن تستطيع السير مرة ثانية لتطئمن روحها بأنها بخير ولا شئ يستحق التوتر الذي تفكر به وكأن حديثها الداخلي مجرد تهيؤات تريد تثبيطها عن الشعور بالسعادة مادامت على قيد الحياة مؤكدة بأن كل ما يحدث معها ليس إلا ضريبة لازالت تُحاسب عليها حتى الآن.
...................
ما رأيك بلعبة الغُميضة..!
ساذجة لكنها تنعش حياة الأطفال بالسعادة.
إذن ما شعورك تجاه الشطرنج.
لعبة المخادعين.
نظرات مستهجنة وعلامات استفهام صدحت في الأجواء ليُعدل المنطق حديثه بعجرفة
إن لم تكن مخادعًا فلن تكون على قدر كاف من الذكاء.
انتهى من تفريغ كاميرات المراقبة الخاصة بالطابق الموجود فيها العروس والنتيجة فشل ذريع فحتى تلك اللحظة لم تسجل الكاميرا أي شئ سوى دخول مصور وخروج حياء من الغرفة أما العروس فطبقًا لما رآه لم تخرج من الغرفة قط حتى مع وجود الشرطة وكأنها شبح اختفى بين طيات السراب، فكر قليلًا وهداه تفكيره إلى التحقيق مع آخر شخص رأته العروس والتي لم تكن سوى حياء لذا وبدون تمهل ضغط على عدة أرقام طالبًا من أحدهم أمرها بالقدوم إليه للضرورة أما حياء فقد جلست مع طارق في الردهة يتبادلا أطراف الحديث عن قضية الضحية نوفان شوكر لتخبره بعدم فهم
- لِم دكتورة جامعية مثلها ذو مستقبل باهر تتخلى عن كل شئ لأجل البقاء بقرب سجين ذو سلوك هو الأسوأ على الإطلاق!
هز طارق كتفيه بحيرة هو الآخر ليتحدث بما قد نساه سهوًا
- لقد أخبرتني إحدى زميلاتها بالعمل بأنها في الأوانة الأخيرة كانت مضطربة كثيرًا بعد قرار غريب منها بالعمل على رسالة بحثية موضوعها عن دراسة سلوك بعض مجرمي السجون خاصة مَن يتسمون بطابع السادية.
- ألديها عينات أخرى غير جمال!
قالتها رانسي بحيرة ليجيبها طارق بجهل
- لا أعلم الحاسوب خاصتها مفقود.
زفرت بغضب من تعقد الأمور بعدما ظنت بأن كل شئ أصبح متاح الآن ويمكن فك شفرته بسهولة، تنبهت إلى أمر ما ريما تغاضت عنه سابقًا لكن الآن وجب السير في كافة الاتجاهات ربما يقودها إلى نهاية صحيحة
- جمال لن يقبل بها إن عرف حقيقتها لذا..
نظر لها طارق بشك ليخبرها بسرعة بعدما تيقن عقله هو الآخر لما تريد شريكته بقوله
- ربما هناك مَن توسط لها عند جمال لتعيينها خادمة بقصره.
أومأت حياء بتأييد من تلك الفكرة لتُكمل بهدوء بعدما حددت بعض مما ستفعله في الوقت الراهن
- عليك البحث في الزيارات الخاصة بالسجون شديدي الحراسة ربما يقودنا ذلك إلى تفسير ما عجزنا عن فهمه، ليؤيدها الرأي وقبل أن يتفوه بالمزيد وجد أحد العساكر يخبر حياء بهدوء
- السيد صهيب يريدك سيدتي.
رغم اندهاشها من حديثه إلا أنها استأذنت طارق بالذهاب ليقرر البقاء معها حتى لا يزعجها ذاك الأبلة بحديثه الغير متزن لتوافق على رأيه واتجها إلى مكان الآخر.
على الطرف الآخر حينما أتى طارق برفقة حياء أراد مغادرته بشتى الطرق وقبل أن يخبره بذلك تحدث طارق بلامبالاة
- التحقيق مع حياء لا يعد رسمي بعد فقط محادثة سيد صهيب لذا لن أغادر وأتركها بمفردها معك.
تنهد الآخر بغيظ ليجلس ثلاثتهم على طاولة بالقرب من النافذة، حمحم صهيب بهدوء قبل أن يخبرها بإقرار بعدما توصل إلى بعض الخيوط...
- بعد مراجعة تسجيلات المراقبة لم نتوصل إلى حدوث أمر مريب بالخارج وكذلك الطب الشرعي توصل لعدم وجود أي مقاومة في الداخل مما يعني أنها فرت دون تهديد.
- لن تُقدم على مثل ذاك العمل الساذج.
قالتها حياء بإقرار وهي تدافع عن صديقتها المختفية لينظر لها صهيب بشك قبل أن يسألها ببرود
- وما دليلك على ذلك؟
نظرت له بعدم فهم ليخبرها بشئ من التوضيح
- أقصد ما دليلك بأنها لن تفعلها.
- فرحتها.
قالتها بلامبالاة لينظر لها بألم وشعور بالذنب في تلك اللحظة يجتاحه بل يفترسه دون رحمة ليسألها بمباغتة
- لِم تركتها بمفردها مع المصور وخرجتِ!
نظرت له بهدوء قبل أن تلوح بشاشة هاتفها أمام وجهه تبعه تحدثها بنبرة خالية من أي مشاعر
- أتاني اتصال من رقم خاص أكثر من مرة، بالمرة الأولى تجاهلته فاليوم مميز وخارج حسابات العمل لكن مع الإلحاح المستمر وفضولي الشديد من معرفة هوية المتصل قررت المجازفة والإجابة بنفس الوقت أتى المصور وأردت الهدوء من حولي لذا اتجهت للخارج لمعرفة هوية ذاك المتطفل.
اختتمت كلماتها بتنهيدة حارة خرجت من بين شفتيها بتعب لينظر لها بشك وبعدها سألها باستفهام
- كان يمكنكِ البقاء بالغرفة والرد في نفس الوقت.
- أردتُ مزيدًا من التركيز كما أن جو الغرفة كان مزعج بسبب وجود المصور.
أخذ منها الهاتف لفحصه بعناية ليجد أنها محقة فيما قالته ليقف عند مدة المكالمة تبعه سؤالها بحذر
- ومَن كان المتصل؟
- لم أعلم.
قالتها ببساطة أقرب منها إلى إقرار لينظر لها بشك قبل قوله بهدوء حذر متوقعًا حدوث ثورة ما
- آنسة حياء أنتِ محققة أيضـًا لذا تعلمين بأن الجميع متهم في نظرنا حتى تثبت صحة قولهم وتبتعد الشكوك عن حيز وجودهم.
أومأت له موافقة قبل قولها بتفهم تؤيده ولو لمرة واحدة وستكون الأخيرة
- أعلم حديثك جيدًا لكن لم يخبرني عن هويته فقط عدة كلمات مقتضبة وتذكيري بوفاة والدي وبأنه سيكون الكابوس القادم لكل شيء بحياتي.
فكر صهيب بحديثها قليلًا كأنه يدير عملية حسابية برأسه قبل قوله باستفسار فضولي
- وبعد ذلك!
- أغلقت الهاتف واتجهت ثانية إلى العروس لأندهش بوجود السيدة رحمة معهم.
- لِم تفاجأتِ؟
قالها بتساؤل لتجيب عن حديثه ببساطة
- لأنها أخبرتني قبل لحظات من وصول المصور بأنها ستكون جوار كارمن وعندما أخبرتها بوجودي معها أصرت على وجودها ثم بعد ذلك اكتشفت بأنها لم تصعد سوى وقت وصول السيد غيث.
نظرات شاملة على حياء لكنه لم يجد سوى من حديثها إلا صقيع ديسمبر لذا تخطى بعض الملاحظات وأخبرها بنبرة جادة لا تحمل الشك
- كان بإمكانكِ تجاهل الأمر والبقاء مع العروس حتى تصعد والدتها على ألا تتركيها وحدها مع مجهول لم تعرف خلفيته قبلًا
- أصرت على رحيلي متعللة بأن والدتها ستكون جوارها بعد قليل فالعمل لا ينتظر من وجهة نظرها، غادرت الغرفة وتركت المصور معها دون التفكير في تبعات الأمر أو ما ستؤول إليه الأحداث بعد ذلك.
أومأ صهيب بتفهم لحديثها قبل أمره لأحد الضباط بالتحفظ على شرائط التسجيل لفحصها ثانيةً ومعرفة هوية المصور، شكرها قبل اتجاهه إلى ضحية أخرى للاستفسار منها عما حدث.
استأذنت بالخروج لكن طارق ظل مع صهيب بنفس المكان ليخبره الثاني بوقاحة
- أقوم بعملي فقط سيد طارق لذا لا داع لنظراتك تلك.
نظر له طارق باستخفاف قبل أن يسأله بهدوء وملامحه لا توشي بالخير مما توصل إليه
- أتشك بحياء!
- الجميع مُدان حتى يثبت عكس ذلك.
قالها صهيب بلامبالاة لينقض عليه الآخر دون تفكير، قبض على رقبته بوحشية ليهزه بعدها بغضب وهو يخبره بشفقة على ما وصل إليه تفكيره
- تعلم جيدًا بأنها عانت في السابق بسبب شكوك مريضة لم تدم طويلًا وبعدها عُدت نادمًا والآن تحاوطها من كافة الزوايا وكأنك مُصر على جعلها تعاني ثانيةً بعدما استعادت توازنها بعد ما فعلته بها.
أبعد صهيب يده عنه ببرود ليخبره بهمس بالقرب من أذنه
- ألا زلتَ مُعجبًا بها طارق.
وطارق لم يقو على الحديث بل صُعق مما يسمعه من صديقه السابق فمن المفترض أنها كانت ستصبح زوجة صديق كان بمثابة أخ لكنه اليوم تعدى حدوده كثيرًا لذا لم يُمهل نفسه فرصة التفكير ثانيةً وسدد لكمة قوية تجاه وجهه الوسيم وبعدها غادر الغرفة دون كلمة إضافية ليبتسم صهيب على فعلته وشعور داخله يشعر بالارتياح من تفريغ صديقه ولو قليلًا من شحنة مكبوتة ولو مؤقتًا، أسنده رأسه بإرهاق على الطاولة مع ارتفاع صوت وسواس بعقله يخبره بأن القادم أسوأ لا مفر.
.............
الصمت في فخ الألم معاناة...
والدمعة في حُرم الصمت مغالاه...
وهي صامتة على وضع الحزن...
تحولت من فخ النحيب إلى أسر الهدوء
دموعها تتحدث عنها وأنفاسها مختنقة تُسلب بالبطيء
روحها أسيرة وأمعائها خواء تطلب القليل لسد جوعها
لم تصدر صوتًا قضاء ليال عجاف دون علم عن مكان وجود ابنتها لكنها دومًا ما ترسل لزوجها رسائل اتهام مُبطنة بكونه المتسبب الأول فيما حدث مع ابنتها خاصة مع تعنته الشديد ضد معاذ ورفض طلبه بل ما زاد من عبثية المشهد هو إجبارها على الزواج من آخر لم تره قط، تعجيل الأمور للتخلص منها وكأنه حمل ثقيل لم يرتاح سوى بإزاحته من طريقه دون ندم.
ليتها حينها وقفت في وجهه واستمعت لنداءات ابنتها المكبوتة وقتها لن يصبح الأمر أسوأ من الآن.
ابتعدت عن منزلها قبل زوجها قدر المستطاع حتى لا ينشب بينهما أي شجار يودي بهما إلى حائط صد قد يُنهي علاقتهما إلى الأبد، وجوده جوارها سيكون سببًا في افتعال المشكلات حتى تبرد نيران قلبها، ستكون أمامه لكن لسانها السليط سيجعله يختفي بين جدران مكتبه للاحتماء به حتى لا يُسمعها كلمات تصيب قلبها الملكوم على ابنتها.
أخذت تتطلع حولها بعيون مثقلة بالكثير من الدموع قبل تسليط نظراتها على طائر يعتني بصغاره على أحد فروع الشجرة لتضحك باشتياق لافتقاد صغيرتها، تنهدت بيأس وهي تتذكر ما حدث بالفندق وكيف كان زوجها شديد البرود بالتعامل مع الأمر وكأنه مألوف وقد توقع حدوثه بالفعل حينها لم تملك إلا أسلوب الهجوم أفضل وسيلة للدفاع، اتجهت إلى زوجها المنزوي في ركن من الغرفة يُنهي اتصالاته التي لا تنتهي لتخبره بغضب أم فقدت ولن ترتاح سوى بعودة فقيدها
- أخبر الشرطة بأن العروس مختفية ليس هناك ما يثبت هروبها علي.
وكأن بكلماتها أيقظت خلايا عقله ثانية لتعمل بلا توقف، اتصل بالشرطة وكذلك أبلغ أمن الفندق باختفاء العروس لتسير حالة من الهرج قبل تسرب الضيوف واحدًا تلو الآخر ولم يتبقى سوى الأقربون.
لحظات وتحولت الغرفة إلى مسرح جريمة يتم فحصه بعناية تحت المجهر لتقف رحمة على مقربة منهم تتابع حديث الشرطي مع حياء لترى الضابط يدس لفافة تبغ أخرى بين شفتيه غير التي كانت معه وسؤال واحد يتردد داخلها "إلى أي مدى كانت مهملة في حق ابنتها"!
جلست رحمة بأحد الأركان ليقترب منها علي قبل قوله بحزن في محاولة منه لمواساتها
- أرجوك لا تقلقِ زوجتي سأفعل ما بوسعي حتى أجدها.
نظرت له باستخفاف قبل ابتسامها بسخرية لما يقول لتخبره باستهجان
- ماذا علي؟
انتفضت من مكانها تبتعد عنه فهي في تلك اللحظة تشمئز من وجودها جواره لتخبره بنبرة غاضبة
- ستفعل ما بوسعك!! أنت السبب في كل شيء حدث حتى الآن، كبريائك وعنادك طغوا على مشاعر الأبوة داخلك لتجبرها على فعل ما لا تطيق.
- أحبت غيث كان يناسبها.
قالها بتقرير ليدافع بدليل واه عن نفسه أمامها لتقول بسخرية لاذعة
- لكنها الآن مختفية لا نعلم عنها شئ، تعنتك بكل صغيرة تخصها جعلتها تفر من أمامك دون عودة، أتدرك غيث حتى لو لم يكن يناسبها لكنه مناسب لصفقاتك قبل طموحاتك.
- وما الضرر فيما فعلته؟
قالها باستفسار لتقهقه ساخرة قبل قولها
- الضرر بأنها مفقودة ولا نعلم عنها شئ حتى الآن، كل مشكلة تحدث معنا تكن أنت الطرف الوحيد بها ونحن مستمعون لحديثك دون نقاش أو الخوض في تفاصيل الأمر.
تجاهل عمدًا كلماتها قبل قوله بنفاذ صبر وكأنه قد مل لعبة الغُميضة وحان وقت الانسحاب
- هيا نعود إلى المنزل لقد بات هذا المكان منفر بالنسبة لي وصغيرتك ستظهر حينما تمل الاختفاء لكن وقتها لن أرحمها أو حتى أخنع لزواجها من آخر غير غيث مهما كلف الأمر.
ابتسمت بتحد قبل قولها بألم
- لن أذهب معك لمكان حتى عودة كارمن.
تنهدت بغضب لتخبره بعدها بنبرة لاذعة لا تقبل الجدل أو التخطي عن عنادها
- سأكون بمنزل ديما فوجودك بالقرب مني يشعرني بالغثيان وتذكر أمرًا علي بأن حسابك قد اقترب لكن الوقت يمهلك فرصة أخيرة للتراجع عن ثرثرتك الفارغة تلك.
نظر لها بغضب ولم يعقب على حديثها ليغادر الغرفة بعدما رفضت الذهاب معه، تلاه رحيل والد غيث وأصدقائه بعد بضع كلمات مواسية للسيدة رحمة ليتبقى ديما وحياء جوارها.
واساها كل منهما لتحتضنها حياء بألم قبل قولها بهدوء
- لا تقلقي خالتي سأتابع القضية حتى نجد كارمن فقط اطمئني.
وبأيد مرتجفة تشبثت بحياء كأنها طوق النجاة من غرقها، وبنظرات زائغة غير التي كانت قبل قليل أخبرتها بألم مزق داخلها بنصل حاد
- كارمن فقدتها للأبد حياء لن أستطيع تقبيلها أو حتى الثرثرة معها بعد الآن، طفلتي مختفية وانا قليلة الحيلة لا أعلم ما يمكنني فعله لأنه لا يوجد شئ لم يفعله الآخرون، ان كان الأمر يتوقف على طرقي لكافة الأبواب الموصدة سأفعلها دون تأخر، أرجوك حياء ساعديني فقد اشتقت اليها حقـًا، أيامي مملة دون إشراق شمس ضحكاتها.
زادت حياء من احتضانها لها قبل ترديدها لبعض العبارات المحفزة ووعدها بفعل ما بوسعها لإيجادها حتى لو كلفها ذلك فقدان وظيفتها، دقائق أخرى من الانهيار وبعدها غادروا جميعًا من المكان على أمل بعودة الصغيرة فالطائر مهما حلق بعيدًا إلا أنه يعود إلى عُشه ثانيةً دون جدال.
تنهدت بألم بعدما شعرت بأحدهم يضع يده على كتفها لينتشلها من ذكرياتها، التفتت إليه بهدوء لتجدها حياء، ابتسمت لها بحنان قبل جلوس الأخرى على الكرسي المجاور لها، وضعت حياء بضعة أوراق بين يديها لتقول بخفوت
- تحدثت مع صهيب وأخبرني بأن التحريات أثبتت اختفائها خاصة بعد تفريغ كاميرا المراقبة حتى المصور ليس له وجود بعدما دلف للغرفة لذا يخمن البعض بكونه متورطًا بصفة غير مباشرة في الأمر لكن حتى الآن لم يتم التعرف عليه في قاعدة البيانات الخاصة بالسجناء السابقين.
زفرت بهدوء لتخبرها بعدها بنبرة لا تقبل الشك
- صهيب لن يخذلك خالتي فأي شئ متعلق بعمله لن يترك له ذيول.
رغم عدم يقينها في صهيب خاصةً بعد ما فعله في السابق لكن عليها تحمل الأمر قليلًا وقبل أن تتفوه بالمزيد قاطعتهم هدى بقولها المضطرب
- غيث بالخارج.
صمتت قليلًا قبل قولها بهدوء بعدما ضبطت أنفاسها المنفعلة
- يريد رؤيتك رحمة، حاله لا يختلف عنك كثيرًا لكنه مُصر على لقاك.
أومأت لها رحمة بتفهم قبل استئذانها للتحدث معه، متخاذلة لأبعد الحدود في مقابلته خاصة بعد ما حدث، تشعر بأنه يحمل الكثير وأتى ليفرغ ما بجعبته أمامها هي فقط.
وبخطوات متهادية اقتربت منه لتقف على بعد مسافة قليلة لتراقب ظهره بحزن قبل إكمال طريقها لتقول بخفوت
- كيف حالك غيث؟
بمجرد استماعه لصوتها انتفض من مكانه ليقترب منها بهدوء قبل تقبيل جبهتها بحنان ليقول بعد برهة
- كيف حالك أمي؟
جلست بجواره ليضحك بخفوت متذكرًا حديث والده حينما أخبره بضرورة زيارتها خاصة بعد رفضها للعودة إلى منزلها، اعتراضه بالسابق لكونه غير مستعد بعد لمواجهتها، تأمل ملامحها الشاردة ليخبرها بنبرة مهتزة غير صابر لمعرفة إجابة سؤاله السابق
- اعتذر أمي على رحيلي دون إخباركم لكن وقتها لم أكن بكامل وعيي للحكم على الأمور، انتظرت كثيرًا حتى واتتني الشجاعة لمواجهتك ثانية دون خوف، الأمر لم يكن هين على قلبي بعد كل ما حدث لذا انا الآن أمامك.
أما رحمة بمجرد استماعها لكلمات غيث هبطت دموعها تأثرًا بعدما لمست كلماته قلبها لتحتضنه بهدوء قبل قولها
- لا أعلم غيث لكن طفلي لن يكن بمثل رزانتك صغيري، كلماتك لمست قلبي لتستكين داخلي بسلام، أعلم بأن كارمن ستكون محظوظة لوجودك جوارها بكل الأوقات.
وعند ذكر كارمن هبطت دموعها بحزن ليزيلها بحنان ليتحدث بعدها بحزن
- أعدك أمي بأنها ستكون هنا بالقريب العاجل، أعلم بأنها مهمة صعبة لكنها ليست بالمستحيلة، كوني واثقة بوجودها بين أحضانك في القريب العاجل.
تبع كلماته ليخرج ورقة من جيب بنطاله قبل وضعها بين راحتيها، نظرت لها باستفهام لتفتحها بعدما أمرها غيث بذلك، شهقة خافتة خرجت من بين شفتيها بعدما وجدته خطاب بخط يد صغيرتها قبل اختفائها.
فتحت الورقة المطوية برهبة لتتحرك عينيها باشتياق على حروفها، سالت دموعها للمرة التي لا تعلم عددها لاشتياقها لصغيرتها، أثناء قرأتها تحدث غيث بصوت خافت لم يسمعه سواها يقول بشجن

"من بين الرماد"- "أسماء رمضان"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن