الفصل الثالث عشر

428 15 2
                                    

《الفصل الثالث عشر》

الأحلام....!
عالم الخيال..
مملكة وانت الملك بها.. تأمر فتُجاب.
مايسترو تحرك عصاك كيفما شئت باللحن الذي تريده ليُعزف على أهوائك بانسيابية تتلذذ بها أُذنيك.
أما الكوابيس..!
فهي وحوش تطاردك بجنون.. تود التهامك دون رحمة، كائنات تفتك بك وتُمزقك إلى أشلاء من الصعب جمعها ثانيةً، تعاويذ تود أسرك وأخرى تود القضاء على جنسك كله مهما كلفها الأمر.
مربك هو قبل كونه محير..
مخيف قبل جعله مرعب..
أحلامك وكوابيسك على حد سواء تشبه كثيرًا رحلة السفر بسرعتها اللامتناهية، قد تهتم قليلًا بالتفاصيل طوال رحلتك وقد تهملها على حساب أشياء أخرى، مثلها تمامًا مثل طنين النحلة، تهتم بتلك النغمة الناتجة عن جناحيها وقد تهمل كل هذا في سبيل القضاء عليها خوفًا من لدغك بأي لحظة غير مبال بما تفعله لأجلك، تعجبت قليلًا، أزل انعقاد حاجبيك وتمهل قليلًا لتقف لحظة صمت على كونها سقطت شهيدة بمحراب إنقاذك تاركة داخلك نغزة تنقيك من مرض ما، مع إضافة بعض الرواسب للشعور بالذنب على فقدانها..
الحكاية تشبه كثيرًا أنثى العنكبوت..
تزوجت..
قتلت زوجها بعد فترة من الزواج ثم أتى أبناؤها فيما بعد يفعلون نفس الشيء بها..
لم تهتم بالتفاصيل بقدر اهتمامها بأبنائها وكيفية حمايتهم قبل رعايتهم، لذا فالتفاصيل مهمة بقدر أهمية الأحداث قد تخسف بك اﻷرض وقد تسلط الضوء على أشياء ظلت على أرصفة الذكريات حتى يحين موعد انطلاقها.
.........
في مكتب يبدو من هيئته أنه يخص أحد المسئولين بوزارة الداخلية، جلس باسترخاء منتظرًا تلبية استدعائه لأحد المحققين المسئولين عن تلك القضية الشائكة، طرقات على الباب أخرجته من دوامة أفكاره حول ماهية المجرم، دخل المحقق طارق بهدوء، أدى التحية العسكرية قبل إذن سيده له بالجلوس، جلس بهدوء على المقعد ولازالت أفكاره تعصف به عن سبب هذا الاستدعاء، حمحمة خفيفة أخرجته من شروده قبل قول المسئول بتساؤل أقرب منه إلى الاستنكار
- آخر التطورات بتلك القضية سيد طارق!
القضية إذن هي السبب الوحيد لاستدعائي، كيف لم أفكر بهذا الأمر سابقًا، سعل طارق بهدوء محاولًا جذب اهتمام المسئول قائلًا بعملية
- سيدي.
قالها وصمت قليلًا يحاول البحث عن عدة كلمات منمقة تساعده في حل تلك المعضلة الشائكة التي أوقع مهنته بها
- أنت تعلم جيدًا بأن القضية شائكة خاصة في ظل عدم وجود دليل قوي يربط بين الضحايا وبعضهم سوا أنهم جميعًا تناولوا وجبة دسمة، لا يوجد مؤشر واحد حول وجود تسمم أو مواد مخدرة، اعتذر سيدي لكن......
- لكن ماذا حضرة المحقق!
قالها باستهزاء من مبرراته الواهية قبل قوله بغضب وهو يمد يده ببعض الأوراق
- الصحف ومواقع التواصل تتحدث عن هذا الأمر، يبدو بأنك غير مؤهل لمثل تلك القضايا.
قالها المسئول بعصبية من رد هذا القابع أمامه، ليلتقط أنفاسه بهدوء قبل قوله
- لا تقلق سيد طارق وافتعل الأعذار كيفما تشاء لكن اليوم وجدت مَن تساعدك في حل تلك القضية.
أنفاس حارقة منتظرة اللحظة الحاسمة للفتك بعدوها، كلمات مترددة بين الخروج حادة أو لينه أخبره بهدوء حاول افتعاله
- لكن سيدي تلك قضيتي وانا المسئول عن حلها، لن أسمح بأن يكون أحدهم مساعدًا لي.
- لا تتفوه بالحماقات طارق، أخبرتك بأنك ستكون مساعده، كما أن القضية بمكتبك منذ مايقارب الشهرين، ماذا فعلت!! احتفظت بها ضمن مقتنياتك ولم تكلف خاطرك في معرفة فحواها أو مطاردة القاتل، جعلت من السلطات المصرية علكة تتداولها المواقع الإخبارية، الحكومة المصرية تتعثر ولا زالت وكل هذا بفضلك سيد طارق، ستكون المساعد للمحقق، وان اعترضت فسيكون الانسحاب مصيرك.
قالها المسئول بعصبية مفرطة لعدم فهم ذاك القابع أمامه ما يقوله، نظرات فاحصة لاكتشاف وقع الكلمات التالية عليه قبل قوله
- سأخبرك سرًا.
صمت قليلًا قبل قوله بدهاء شرقي يأبى ذكر تاء تأنيث في جملة تفيده
- ستكون مساعدًا لفتاة.
انتظر قليلًا لرؤية تعبيرات وجه طارق المستنكرة للأمر ليكمل بهدوء بعدما أراح ظهره للخلف
- لا تنظر لها بأن رجولتك قد خُدشت نتيجة وجود فتاة بالأمر، تستطيع بكل سهولة فعل أشياء لم تستطع أنت فعلها منذ أخذت ملف القضية.
- مَن تكون!
قالها طارق بصوت مضطرب نسبيـًا ليس خوفًا من مركزه بل خوفًا من القادم، يعلم الاسم لكن قلبه يخبره بأنها أخرى وليست هي.
عاصفة أطاحت بأطرافه حينما استمع لكلمات المسئول ولا زال اسمها يتردد داخل زوايا عقله
- المحققة رانسي.
قالها بهدوء متلذذًا بوقع اسمها على خلاياه السمعية ومحاولة قراءة مايدور داخله، ليستكمل بهدوء
- تعلم جيدًا تلك المحققة، مشهورة هي خاصة بعد القضية الأخيرة وكيفية حلها بسهولة، تعمل أكثر مما تتحدث على عكس أناس يتحدثون أكثر.
ارتشف بضع قطرات من كوب الماء الموضوع أمامه قبل قوله
- جريمة بحق السلطات المصرية أن يكون لديها مثل تلك المحققة ولا تتعاون معها، حقـًا تلك الفتاة عملة نادرة وجب علينا استخدامها وتوجيهها في المجال والموضع الصحيح.
صمت قليلًا منتظرًا رأي القابع أمامه لكنه لا يتحدث، أخذ دور المستمع حاليـًا، ليخرجه من صومعة شروده صوت المسئول قائلًا
- انتظر مكالمة تزودك بكافة المعلومات عن موعد استقبالها بالمطار سيد طارق، انصرف الآن، وإن حدث مستجدات عن الأمر سأبلغك.
غادر طارق المكتب بعدما أدى التحية العسكرية ليغادر المبنى بهدوء عكس العاصفة الناشبة داخله والتي تطلب تفسيرًا لكل مايحدث.
ثم ماذا!...
ثم يُفتح جرح ظننته قد التئم يومًا....
يعود الألم ظننت يومًا بأنك طردته من حياتك للأبد..
ثم ماذا!...
تجد نفسك داخل العاصفة مجددًا...
بعدما اتخذت كافة احتياطاتك لتكون بعيدًا عن شباكها...
ثم ماذا!...
ثم تدرك بأنك لم تكن سوى لعبة ماريونت عبث بها القدر كيفما شاء...
.......................
وقت النصر....!
وقت التقاط الأنفاس..
وقت الراحة بعد تعب..
وقت يكلله النجاح بعد السهر، ستحتفل وتجد الكثير حولك، منتظرين شارتك لنيل رضاك، ستجد ألف يد تُمد لك أملًا في مصافحتك، تهنئك مع بعض عبارات التشجيع، تدعمك لنيل مكانة أكبر قبل الخوض بمرحلة جديدة.
هؤلاء نفسهم من أشاروا بفشلك، أقسموا بضعفك، حطموا معنوياتك، وقت النصر ستجد الكل يهتف باسمك لكن هتاف القلب يختلف عن هتاف اللسان، نجاحك مرتبط بهم وفشلك أيضـًا.
ضوضاء صاخبة عمت أرجاء المكان بالخارج، ألقت نظرة سريعة من نافذة مكتبها لمعرفة سبب الصخب الناشب بالأسفل، ألجمتها الصدمة وأصابتها الدهشة بمقتل.
لا تعلم ماذا تفعل؟ أو الخطوة القادمة الواجب عليها فعلها، كل ما عليها هو انتظار الجندي برقعة الشطرنج وبعيون مكتشفة تأملت الوضع جيدًا لتلاحظ عدسات كاميرا رقمية مستعدة لالتقاط الصور وكاميرات الفيديو جاهزة لتسجيل حوار شيق من نوعه، بعض المذيعين منتشرين على مرمى قريب من بوابة الخروج لمكتب التحقيق، منتظرين اللحظة الحاسمة لتسجيل بعض الكلمات أملًا في نيل إعجاب رئيسهم أو إثبات قدراتهم، طفرة أحدثت تغيير كبير في طريقة تفكير المحققين، لا تعلم أهي حقـًا أصبحت قدوة بنظر المغتربين قبل أصحاب الأرض، أم أنها نبتة نادرة سينتهي عطرها بعد ذبولها ذات يوم.
صدوح صوت الهاتف في المكتب قطع تأملها لحظات، قتربت منه بهدوء قبل إجابتها بثبات أملًا في معرفة هوية المتصل
- مرحبًا.
- مبارك إثباتك قدراتك للمرة التي لا أعلم عددها حضرة المحققة.
بمجرد حديثه علمت هويته على الفور وما إن انتهى حتى أخبرته بهدوء
- أشكرك سيدي على ثقتك هذه، وعلى تشجعيك لي دومًا حتى في أحلك القضايا ظلامًا.
صمتت قليلًا تراقب الأفق من مكانها قبل قولها بامتنان لكل ما فعله معها حتى الآن
- دعمك وسام على صدري سيدي، لن أقول شكرًا لكن أود القول بأنك جزء هام بل سبب رئيسي في نجاحي.
سكنت قليلًا قبل قولها المضطرب بعدما هداها تفكيرها للطريقة المُثلى في التخلص من الصحفيين بالأسفل
- سيدي، أريد الإذن من سيادتكم لرحيل هؤلاء المتلصصين بالخارج.
- بالطبع لا.
قالها بهدوء قبل قوله بتفسير لسبب رفضه
- هذه المرة فرصتك للاحتفال بنجاحك.
استمع لهمهمات معارضة لحديثه ليقول بهدوء محاولًا إقناعها تلك المرة
- أعلم مدى كُرهك للإعلام ووسائل التواصل بكافة أنواعها لكنه وقت الانتصار، وقت الخروج لقول كلمة واحدة نعم فعلتها... حسنـًا!
قال كلمته الأخيرة بتساؤل لتقول على مضض
- حسنـًا سيدي.
قالتها باستسلام قبل إغلاق الهاتف، خرجت من مكتبها وأمرت كل من أبيل، فيولا وبقية الفريق للخروج معها ومشاركتها نجاحها مما أسعدهم جميعًا.
وفي الخارج، اجتمع الحشد حولهم في حلقة مغلقة، يتهافتون لتسجيل هذا الحوار المنفرد من نوعه، لتقول رانسي بهدوء مصاحبـًا قولها ابتسامة هادئة زينت ثغرها
- أشكركم جميعًا على الوثوق بي، وانتظاري كل هذا الوقت  لذا انا مدينة لكم بالاعتذار.
همهمات فحواها "لا بأس" خرجت من معظمهم، ليباغتها أحدهم بسؤاله
- سيدتي، أعلم بأن القضية هذه المرة مختلفة لكن أوجه اختلافها بالنسبة للقضايا الأخرى!
- البداية كانت بموقع الجريمة، كيف لشخص ذو مكانة اجتماعية أن يأتي لمثل تلك الأماكن، أيضـًا طريقة القتل المختلفة سواء كانت الطعن أو باستخدام الأعيرة النارية.
توقفت قليلًا قبل قولها بهدوء
- لكن البداية لا تكتمل دون وضع التصورات وبالطبع رأي الطب الشرعي، هنا كان دور الطبيبة فيولا.
قالت كلماتها وأشارت إلى تلك القابعة على يسارها قبل قولها موضحة موقفها باستفاضة
- تحاملت كثيرًا تشريح الجثة وكل مرة تهدم توقعاتي بنتائجها ما لم أكن اتخيله وجود العديد من مسببات الوفاة لكن أيًا منها هو السبب ظل السؤال يتردد كثيرًا حتى أجابت فيولا كل هذه الأسئلة وبالطبع حلت شفرات الأمور بعد تعقدها كثيرًا، بعد ذلك دور المحقق أبيل.
أشارت إليه هو الآخر تبع ذلك قولها بهدوء
- تحمل نوبات غضبي أكثر من أي وقت مضى وزيادة متطلبات القضية كانت مثل وضعه أسفل المجهر ومراقبة تحركاته بدقة، هذه كله بجانب بعض الخطط والتصورات الذي جاهد معي على تنفيذها لذا نجاح القضية ماهو إلا تعاون المنظومة بأكملها بكافة جهودها.
صمتت رانسي مستعدة للسؤال القادم، ليقول أحد الصحفيين بحماسة مفرطة
- سيدتي.
انتبهت له من خضم تساؤلات الجميع قبل تركيز كل اهتمامها على ما يتفوه به
- علمنا سابقًا بأنك جاهدت لخروج السيد دانيال من تلك القضية ليس هذا فقط بل ساعدته لاستكمال مشروعه.
أومأت إيجابـًا على حديثه قبل قولها بتأكيد
- هذا صحيح.
- ما السبب وراء كل هذا! أهو عشق متبادل خلف القضبان!
باغتها بسؤاله الهازيء والرد لم يكن سوى نظرة حارقة كانت كفيلة لإتمام الأمر وتدمير توقعاته بمكانه قبل قولها بحنق
- الحب وألاعيبه خارج حسابات العقل سيدي.
صمتت تحاول استعادة هدوئها قبل فعل ما لا يحمد عقباه
- إمرأة مثلي لُدغت من لسعات العشق لذا وجب عليها الحذر منه.
أشارت بيدها علامة اثنين قبل قولها بتوضيح
- ثانيًا السيد دانيال لم يكن إلا ضحية تم توريطها بالقضية دون رضاه أما سبب مساعدتي له فلم يكن سوى منحه الفرصة لإنجاح مشروعه.
دفعت أبيل وفيولا وكذلك بقية الفريق إلى الأمام قليلًا قبل قولها بإقرار منهية الحوار
- أعتقد بأن إجاباتي انتهت، حان دور المحقق أبيل والبقية منتظرين الإجابة على كافة أسئلتكم.
قالت كلماتها والتفت عائدة إلى مبني التحقيق، ليكملا ما بدأته رانسي.
أما بالداخل، أخبرتها إحداهن بأن السيد دانيال يريد مقابلتها، لتبتسم بهدوء وهي تدلف بحماس لداخل مكتبها، طلبت قهوة لكلاهما قبل الجلوس متقابلين، ليبدأ السيد دانيال حديثه قائلًا
- أشكرك سيدتي.
قال كلماته بعد مصافحتها لتبتسم بمجاملة على حديثه الذي تفوه به بامتنان
- لولا مساعدتكِ لأصبحت أسير ذاك المعتقل لمدة لا أعرف مداها.
تنفس براحة بعد انتهاء كل تلك الأمور العالقة
- المحام أخبرني بما فعلته لأجلي لذا عبارات الامتنان لن تعطيك ولو جزء بسيط من واجبي تجاهك.
- سيد دانيال
قالتها بهدوء على حديثه العفوي قبل قولها بسعادة لحل لغز تلك القضية أخيرًا
- لم أفعل شيء سوى واجبي، دوري تجاهك حثني على كشف الحقيقة ومساعدتك مثلما ساعدتني.
أراح رأسه للخلف قليلًا مع ابتسامة هادئة على ثغره، ليتذكر ماحدث قبل عدة أسابيع وطلبه لرؤيتها دون غيرها...
Flash back...
جلست مقابلة له بغرفة الاستجواب، لا تعلم لِم طلب رؤيتها، بالتأكيد يوجد أمر ما، هكذا أخبرها حدسها ليقاطع سيل أفكارها بقوله
- أعلم بأن الأوان لم يفت لكن قبلًا أود شكرك على كلماتك المحفزة فالندم بعد فوات الأوان موت بالبطيء سيدتي.
- أشكرك سيدي على إيمانك قبل ثقتك بحديثي.
قالتها رانسي بهدوء، ليبلل شفتيه بلسانه قبل قوله
- بعد مقابلتي بالسيد ألفريد مايكل بفترة أتت سيدة تطلب مشاركتي بالعمل في المعمل، عارضة شهاداتها الجامعية، بالبداية رحبت بالأمر لكن توترها جعلني أتردد قليلًا في قبولها، وطلبت منها فترة لدراسة ملفها الشخصي، رحبت بالأمر وانصرفت.
صمت برهة يستجمع قواه نتيجة القادم قبل قوله
- ترددها على المكان مرتين بعدم وجودي جعلا الأمر مربك قبل كونه محير وانقطعت أخبارها بعد ذلك ولم أستطع التواصل معها.
هدوء عم أرجاء الغرفة إلا من صخب رانسي حول هوية تلك الغريبة التي ظهرت فجأة من العدم ليقول الآخر بتفسير 
- بعدها بفترة جاء الضحية وهددني بإغلاق المعمل وتشريد العمال، ليس لوجود نسبة زيادة من مادة -البوتولينوم- ببعض المواد بل بسبب مكالمات الابتزاز التي يستقبلها دومًا ظنًا منه أنها فعلتي.
عقدت حاجبيها بتساؤل عن تلك النقطة التي لم تنتبه لها قط ليقول الآخر بتفسير
- الأمر مربك وأنا الوحيد بخانة المشتبه به الرئيسي، حاولت إيضاح الأمر بأني كنت خارج البلاد منذ فترة طويلة لكنه لم يقتنع بأني أرغب بالترحال لمكان آخر يساعدني على تطوير مشروعي.
- أيوجد دليل سيدي على ما تتفوه به؟!
قالتها رانسي بتساؤل ليجيب الآخر بخزي
- للأسف...
ثم صمت قليلًا قبل قوله بتذكر
- كاميرات مراقبة تجاهلتها تمامًا في تلك الحادثة، تناسيت أمرها ولا أحد يعرف بوجودها سوايا.
زفرة راحة خرجت من بين شفتي رانسي لوجود تلك الكاميرات وعدم عبث أحد بها لتخبره بهدوء
- حسنـًا سيدي الأمر حقـًا غاية في التعقيد لكن الوقت المناسب هو الآن، لو تذكرتها قبلًا أقسم بأنك ستكون المشتبه به الرئيسي لوجود الكثير من الأدلة وتلك الكاميرات أيضـًا ستكون سببًا بوجودك خلف القضبان للأبد.
سكتت قليلًا قبل تذكرها لشيء هام لتلتفت إليه تخبره
- سأطلب من الرسام المتخصص مساعدتك لرسم ملامح تلك المرأة حتى يتم تفريغ الكاميرات.
Back...
- كل ما أريده منك هو الاستمرار بعملك لتكون علامة تجارية بالمستقبل، ولا تحمل نفسك شكر أو غيره فأنا لم أفعل شيء سوى توجيه المحام لنقطة البدء والتوصية لبعض النقاط الهامة بالقضية والتي كانت تحول ووجودك أمامي الآن.
صمتت ترتشف بعض من قدح قهوتها قبل قولها بتذكر لشيء تناسته قبل لحظات
- خدمة أريد منك تنفيذها وهي الموافقة على عمل السيدة راشيل معك، أعلم بأنها تقدمت للوظيفة لذا أريدك أن تساعدها وتوافق متجاهلًا كل ما حدث.
هزات متتالية من رأسه علامة الموافقة على طلبها فالطريق مع السيدة اوزبكا لم ينتهي بعد والبداية حانت لحدوث الكثير لكن الصبر مفتاح النجاح .
على الجانب الآخر قامت المحطات الفضائية بنشر حوار رانسي مادحين طريقة تفكيرها والعمل الجماعي الذي تقوم عليه.
كان هو يجلس محدقًا بالهاتف لا يصدق عينيه، أتلك التي يبحث عنها منذ زمن هنا! قريبة منه،لا يفصله عنها سوى بضعة كيلومترات، اختلفت كثيرًا عن ذي قبل، ملامحها أصبحت أكثر حدة، بالرغم من وجود حزن دفين بعينيها، كسرة قلب تغلفها ببرودها، كم آلمته نظرتها للصحفي وهي تخبره بأن الحب خارج حساباتها، يعلم بأن الطريق إليها صعب، مليء بالأشواك لكنه لن يستسلم بعد، فالحظ أهداه هدية عندما وضعت بطريقه مجددًا، سيحاول نيل رضاها وطلب السماح منها على حماقاته السابقة، أخذ يُمني نفسه بكيفية اللقاء، يقسم داخله بأنها لن تكون لسواه.
أما تلك العيون المحدقة بشاشة التلفاز بشراسة، أخذت تهمهم بكلمات عصبية متلخصة بجملة واحدة متكررة وهي
- حانت نهايتك حياء، استعدي لمقابلة والديك عزيزتي، الوقت ينفذ تك توك تك توك تك توك.
وأخذت تضحك بهيستريا وهي تتخيلها كيف تترجاها لتكون رحيمة معها ولا تقتلها لكن النهاية قد خطت ووضعت نقطة البداية بها وحان وقت إيقاف عقاربها دون مماطلة أكثر من ذلك.
....................
هموم صدرك تخنقك....!
تجثم على روحك فـ تقتلك بالبطيء..!
تود الفرار للخلاص منها قبل الهلاك، تشكو وتشكو ولا تجد من يستمع إلى ما لا تقوله!
يستشعر حزنك من دمعاتك المتحجرة.. يسمع نبضك من أنفاسك الثائرة.. الفرار خيارك لكن الواقع إجبارك.. توهمت بإمضاء عقد مع الحزن متناسيًا بأنك دخلت صومعته بملء إرادتك.. بكامل وعيك مُتسلحًا برداء الضعف كجزء من حياتك.
لكن ماذا لو وجدت يدًا تنتشلك مما انت فيه! ستعافر للتمسك بها أم ستظل خانعًا لحزنك ما حييت.
جلست بنفس الزاوية البعيدة التي اتخذتها منذ الوهلة الأولى حصنًا لمراقبته، أحبت هدوئه، عشقت رزانته، حالة الحزن المحيطة به تأسرها، صمته يجذبها لتبادل حديث معه، احتساء كوب من القهوة تحت المطر وبالطبع سماع إحدى نغمات فيروز، رقصة عاصفة تنتهي بقبلة جامحة تبادله إياها بسعادة، متمنية أن يظل جوارها للأبد.
ضحكت بخجل وهي ترسم عالمها الوردي المكون من كوب قهوة، رقصة وفي النهاية قبلة، تعلم بأنه المعيد الجديد بالجامعة لكن ما الضرر في الوقوع بفخ حزنه ذاك، مشاركته دمعاته، الربت على كتفه أحيانــًا وان لزم الأمر ما الضرر من احتضانه عله يهدأ.
قامت فزعة من جلستها تلك واتخذت قرار المواجهة، فهي أسلم حل من الجلوس هكذا، سارت تجاهه بحياء عكس أفكارها منذ قليل، جلست مشاركة إياه الطاولة، كتمت ضحكتها من رد فعله، أخذت تمعن النظر في ملامح وجهه المقتضبة، حاجبين معقودين، نظرات رافضة وجودها، زمجرة خفيفة متكررة كل بضع لحظات، ليقطع سيل تأملها قوله اللاذع
- كيف واتتك الجرأة للجلوس أمامي هكذا! لن أتعجب من جلوسك فأنتم الغرب تفعلون ما شئتم دون رقيب.
بالرغم من كلماته الجارحة المبطنة بالكثير من الهجوم اللاذع إلا أنها تحاملت قليلًا فارتفاع نسبة فضولها حاليـًا أكبر من أي شيء آخر، لذا وبدون مقاومة تذكر ابتسمت بهدوء قبل قولها الساخر
- نحن الغرب متطفلون لأبعد الحدود.
همهمة خفيفة لجذب انتباهه قبل قولها
- تحدث وانا سأستمع وأخبرك بنظرتي، لن تندم.
- مختلة أنتِ!..
قالها معاذ باستنكار واضح لتطفلها ومحاولة الولوج إلى صومعة خصوصيته، لتبتسم بهدوء على ردات فعله المتوقعة قبل قولها
- لا تقلق سيد معاذ، فأنا خير جليس أشبه الكتاب تمامًا.
اختتمت كلماتها بضحكة خافتة، ليقف مبهوتًا من إلحاحها قبل قوله
- أشكرك على كلماتك المنمقة لكن عذرًا فأي شيء ضمن حدود ملكيتي لا أحب مشاركته مع غيري. 
بالرغم من كلماته الرافضة تدخلها إلا أنها ابتسمت كأنه يغازلها وهي تتخيل كيف يكون إن أحب بصدق، لتقول بهدوء بعدما وقفت من مكانها تاركة المكان
- أعتذر سيدي عن تطفلي، ذلة لا أكثر.
قالتها بتأكيد قبل قولها بصبر منتظرة الفرصة المناسبة
- أثق بأنك ستحتاج من يستمع إليك، بالوقت الذي تختاره ستجدني هناك.
وأشارت على الطاولة البعيدة نسبيـًا عنه وقبل قوله أي شيء غادرت دون التفوه بحرف آخر ليصمت متحيرًا أيختار هدية القدر له أم يعزف عنها بلا رجعة.
القدر يضع بطريقك الشخص المناسب بالوقت الذي تحتاجه، قد تكون تمنيته بدعواتك لكن عقلك اليابس يدفعك إلى اللا تصديق مؤكدًا بأنه الشخص المنتظر لم يأت بعد.
مرت بضعة أيام على هذا الوضع، يراها بمكانها ويجلس بمكانه دون التفوه بحرف تراقبه وتسخر أفكاره من فعلتها حتى اختفت فجأة، لا يعلم لم قلق عليها، هل لأنه اطمئن قربها، أم لشيء آخر!!
ظلت قرابة الأسبوعين مختفية تمامًا، لا أحد يعرف عنها شيء، تذكر اسمها أثناء تعارفه على طلابه الجدد وكانت من بينهم.
تمارا كان اسمها، بحث كثيرًا عن عنوانها بشئون الطلاب لكن لم يجد لها أثر، اندهش أكثر وازداد اندهاشه حينما وجدها أمام منزله تجلس بهدوء منكسة الرأس بإعياء، حولها الكثير من الحقائب، علم سريعًا ما حدث معها لولا تأرجحه باﻷمر بين الشك واليقين لأخذها بين أحضانه يُطمئن نفسه على وجودها بعدما تآكل القلق ذرات هدوئه في الفترة الماضية، جلس جوارها ليربت على كتفها جاذبًا انتباهها قبل قوله الدافيء
- تمارا!
صمت يتفحصها بنظرات قلقة قبل قوله بهدوء محاولًا استنباط أي شيء منها عما حدث معها طوال الفترة الماضية.
- أين كنتِ طيلة الأيام السابقة!
رفعت رأسها بإعياء متأملة ملامحه التي اشتاقتها طيلة الفترة السابقة، لتضحك بتهكم قبل قولها
- متطفلة سيد معاذ.
ضحك بخفوت على مزحتها الغير متوقعة رغم إعيائها الشديد، اندهش لعدم إجابتها على سؤاله ليقول بهدوء
- تبدين متعبة.
صاحب كلماته بوضع يده على مقدمة رأسها، ليكون شكه بمحله، حرارتها مرتفعة وبدون مقدمات فتح باب شقته وأدخلها بهدوء، أراحها على أريكة بحجرة الجلوس، خرج سريعًا لإدخال أغراضها قبل ذهابه لغرفة نوم منفصلة، أصغر قليلًا من غرفته، نقل بعض الأغطية بها ثم حملها مجددًا للغرفة، وضعها على الفراش بهدوء خوفًا من إيلامها، لم يعلم الخطوة التالية كل ما فعله هو أن عليه الاعتناء بها، دثرها بالغطاء جيدًا وتركها ترتاح قليلًا.
ذهب للمطبخ وأخرج المتاح لديه لعمل وجبة صحية تفيدها بذلك الوقت، اتبع تعليمات الانترنت وبعد الانتهاء من دوره جلس على طاولة بالمطبخ يقرأ كتابًا حتى ينضج الطعام.
مل سريعًا من الوضع، لذا وبدون مقدمات قام بالاتجاه ناحية الغرفة، دلف بهدوء حتى لا يزعجها، وضع يده على مقدمة رأسها ليجد أن الحرارة لم تنخفض، أيقظها بهدوء لتفيق لكن يبدو أنها بعالم آخر، ذهب سريعًا للمطبخ يرى أين وصلت وجبته، ليضع القليل منها بعد تمام نضجها بطبق صغير، ووضع جواره بعض الماء الفاتر به القليل من مكعبات الثلج واتجه مرة أخرى للغرفة.
أفاقها ثانية لتستجيب بعد إلحاح، اسندها بهدوء واضعًا خلفها بعض الوسائد لضبط جلستها وجلس جوارها، أطعمها بعض من وجبتها المُعدة بعد تبريده إياها، بالرغم من رفضها لتناول شيء إلا أنه شجعها على تناولها، تناولته بهدوء واعطاها خافض للحرارة كان قد طلبه سابقًا من الصيدلية، لتنام بإعياء على الوسادة، لم يتمهل لحظة أخرى بل دثرها مجددًا وقام بعمل بعض كمادات الماء الفاتر علها تخفض من درجة حرارتها.
ابتسم براحة لانخفاض الحرارة بعد مضي الكثير من الوقت، اطمئن عليها وذهب لغرفته سريعًا لنيل ولو قسط يسير من الراحة بعد هذا اليوم المشحون، لا يعلم تلك البهجة التي سرت بعروقه قبل أوردته ليضحك بخفوت متناسيًا نبضات قلبه الثائرة متمنيًا دوام تلك الراحة طوال حياته، ليغمض عينيه بتعب ذاهبـًا لعالم الأحلام.
.......................
تحزن أحيانــًا، تندم كثيرًا وتفقد أكثر لأن مشاعرك تقودك إلى اللا معلوم لتفيق من سباتك الإجباري على حقيقة واحدة أنك خسرت أعز ماتملك وقت احتياجك له، وقت اضطراب مشاعرك، كنت جسد بلا عقل حركته العواطف ودمرته المشاعر، لا تتذمر فأنت مَن اخترت.
قم.. نفض عنك غبار الحزن وتعلم كيف تحافظ على مقتنياتك الثمينة.
تهرب أحيانــًا، تتذمر كثيرًا، تقودك المواقف مرة أخرى إلى نقطة البداية مهما حاولت الفرار لتعلم بأنك لم تكن سوي بدوامة كلما اقتربت من الهروب من حصارها متجهًا لنهايتها، تجذبك ثانية بلا رحمة، لتتأكد بأنك لم تكن سوى جندي برقعة الشطرنج حانت حركته التالية.
جلس بهدوء بغرفة الجلوس بعدما طلب من مدبرة المنزل تحضير فنجان من القهوة له، ليتذكر محادثة والدته له صباحًا أملًا في إقناعه لزيارة خالته، يعلم بأنه مقصر بحقها لكنه لا يحتمل نظرة العتاب التي تخصه بها، اللوم كله من نصيبه لمساعدة حياء على البدء من جديد بهوية جديدة بعيدًا عن هنا.
المُلام الوحيد في قصة أراد تقمص البطل ذات يوم ليكتشف بأنه جندي بحراسة الملكة لا يعترض لكن ماذا سيفعل ان بقيت هكذا متخذة أذيال الماض نكسة لحاضرها ودمارًا لمستقبلها.
يريدها كما عاهدها وليس هذا المسخ المتجول حولهم، يقسم بأنه إن تكرر الأمر سيوافق مجددًا على مساعدتها رغم تمزق نياطه لبعدها عن مرمى عينيه.
رأها تهبط الدرج متلحفة بالسواد زيًا رسميًا لها بعد وفاة العم خلدون، شحب وجهها كثيرًا بالرغم من حيويتها، تملكه القلق لفقدانها الكثير من الوزن، طلب من والدته إقناعها للمعيشة معهم لكن كل آماله تحطمت برفضها، يبدو أنه لازال يذكرها بإبعاده لحيائها عنها، ابتسم ابتسامة لم تصل لعينيه حينما وقفت أمامها، احتضنها بهدوء مقبّلًا يدها وبالمثل جبهتها، جلست جواره بهدوء حذر، ستعلم اليوم أين هي! وان لم توافق على العودة ستذهب إليها...!
اشتاقتها وخذلتها، تخلت عنها بأكثر وقت احتاجتا فيه العون من بعضهما البعض، رغم مرور الوقت إلا أنها لم تشف من فعلتها تلك، ابتسمت بحزن قبل قولها
- كيف حالك أوار؟.
- بخير خالتي، كيف حالك!
قالها أوار بهدوء معنفًا نفسه من تكرار السؤال وحجته بعدم وجود المزيد بجعبته، وضعت يدها على كتفه قائلة بمزاح
- لا زلت كما أنت أوار، تضطر إلى تكرر السؤال حينما تصبح خالي الوفاض.
ضحك أوار بخفوت على مزحتها ليقول بهدوء
- أخبرتكِ أمي على ضرورة الجلوس معنا وأنتِ لم توافق، لِم خالتي!
قالها أوار بدهشة من موقفها بالرفض كلما سنحت لوالدته الفرصة بالتحدث معها، لتوميء برأسها إيجابـًا مؤيدة حديثه قبل قولها
- هنا ذكرياتي أوار، ان خرجت من هنا فالموت مصيري.
قبّل يدها بهدوء قبل قوله
- أدامك الله بحياتنا أمي.
لتربت عى كتفه بهدوء مع ابتسامة جميلة زينت ثغرها
- اشتقتها أوار، حقـًا اشتقت ضحكتها.
ابتسم بحزن لكلمات خالته، احتضنها بهدوء قبل قوله
- اعتذر خالتي، انا السبب برحيلها، لو تمهلتُ قليلًا لكانت جوارنا الآن.
- كانت سترحل أوار حتى لو لم تساعدها، حياء وضعت الأمر نصب عينيها بعد وفاة والدها، قالت أنها لا تريد إزعاج بالمستقبل أو تهديد لحياتها القادمة، حياء كانت ستفعلها دون مساعدتك أو بها لذا لا تحمل روحك مالا تطيقه.
ابتسم براحة عقب سماعه تلك الكلمات من خالته ديما رغم عدم إقرارها لها سابقًا، ليقول بهدوء حذر
- أعدك خالتي بأنها ستكون بيننا قريبـًا.
لمعت عيناها بفرحة كطفلة انتظرت العيد لترتدي ثوبها الجديد، ليضحك بهدوء على فرحتها وشعوره بالسعادة يزداد قائلًا
- أجل، قريبـًا.
سكت قليلًا جاذبًا انتباهها قائلًا بهدوء
- خالتي، أتسمحين لي بالصعود قليلًا لغرفتها.
ابتسمت خالته حينما لمست الإحراج من حديثه، لتقول بمباغتة ويبدو بأن الجلسة ستصبح حوله
- أحببتها!
ابتسم بشرود مع لمعة عينيه أثر ذكرها ليقول بحب لمسته من كلماته النابعة بصدق من دقات قلبه رغم أنها المرة الأولى التي يتحدث فيها عن مشاعره لتلك الغائبة
- أحببتها.
قالها بهدوء مرددًا كلماتها بين شفتيه قبل قوله
- أبصرتها مذ كانت طفلة، تعلقت بها بأول زيارة لوالدها بمنزلنا.
غامت عيناه في ذكرى بعيدة أنعشت داخله بحنين قبل قوله بسعادة من وجودها دومًا في حيز تفكيره
- لا زلت أتذكر بكائها ذلك اليوم وفرحتها بمداعبتي، بمجرد تمسكها بأحد أصابعي خشية السقوط أسعدني كثيرًا لوجودي جوارها.
صمت يتذكر يوم تشبثت بيده خوفًا من السقوط أرضًا بعدما أرادت اللهو في الأرجاء كثيرًا
- سكنت فؤادي مع لمستها البسيطة تلك، أقسمت يومها على المحافظة عليها وحمايتها من كل أذى، فهي طفلتي وبالمستقبل زوجتي بعدما تداركت عشقي لها.
ابتسمت له خالته ديما بحنان من حديثه عن طفلتها بتلك الطريقة داعية أن ينال ابن شقيقتها كل السعادة بالكون، قطع تفكيرها حديثه القاطع لجنس حواء عداها
- لم تجرأ أخرى على أخذ مكانها بقلبي، كلهن سواسية عداها هي خالتي.
داعب طيفها مخيلته كثيرًا قبل قوله بهدوء
- كانت أماني قبل اطمئناني، أحببت دور المسئول بوجودها، والمحافظ على قلبه بغيابها.
صمت قليلًا مستجمعًا قوته الواهية بتذكره لماض حاول دفنه دائمـــًا لكن لم يستطع، ليقول بعد صمت طال
- شاء القدر اختبار حبي لها، كنت قلقًا من تعلقها بأحد غيري، خاصة بسن المراهقة مع عدم الاطمئنان لذاك الصهيب الذي ظهر من العدم دون إذن.
تهجمت ملامحه ببغض لذكرى ذاك الأحمق الذي أراد امتلاك ما لم يكن له يومًا ولم يستطع المحافظة عليه ليقول بعدها بهدوء حانق مما حدث فيما بعد
- حاولت جاهدًا إبعاده عنها لكنه كان كالعلكة كلما ابعدته ازداد قربًا، بقرار العم خلدون بذهابها إلى لندن للدراسة تمزق قلبي لمغادرتها متعللًا بصغر سنها على العيش بمفردها ببلد لا تعلم للقيم طريق.
ابتسم على ثورته رفضًا لرحيلها في ذلك الوقت وحينما أخبر والدته بأن يريد الذهاب أيضـًا ليكون جوارها أخبرته بأنه كبيرهم ولن تسمح له بالرحيل إلى أي مكان حينما طال صمته أخرجته خالته منه بالضغط على يده برفق ليقول بهدوء
- دقت الطمأنينة ثغرات قلبي لإراحة تعبه قبل ثقته بالتزامها وعدم اختلاطها بالجنس الآخر بصفة عامة، وأبناء جامعتها بصفة خاصة.
نجاحها الدائم لم يكن سوى الوقود لإ_ شع_ ال عشقها بقلبه كل لحظة تمر بغيابها عنه ليُكمل باستفاضة
- كل هذا لم يقارن بسعادتها لتحقيق حلمها حيث كانت الدواء لتخفيف ألم فراقها عنا وكل يوم مر عليها بالخارج يزداد تعلق قلبي بهواها، كنت أريدها سعيدة وهذا يكفيني حتى لو لفظت أنفاسي في سبيل ذلك.
عبست ملامحه بمرارة حينما تذكر تفضيلها لآخر عداه قبل قوله بهدوء
- انتظرت كثيرًا خالتي على أمل العودة لكنها لم تعد وعندما عادت اتخذت صهيب حبيبًا لها، وأنا أخ قبل صديق، حام لها قبل محافظ عليها.
قال كلماته الأخيرة بتعب من إرهاق استعادته لما حدث سابقًا ليكمل بغضب من قرار ظنته ذات يوم الأفضل بالنسبة لها
- صديق طفولتها وصباها تبخر مع الأيام، محت وجودي مع اقتحام صهيب حياتها، أعلم بأنه جذبها لعالمه بكلامه المعسول ونظراته العابثة، خرجتُ بصمت من حياتها واضعًا سعادتها نصب عيناي، بمساعدة الخذلان اقنعت قلبي بضرورة الفرار من حبها والهروب من أسرها، التقيت بصهيب موصيًا إياه بضرورة الحفاظ عليها مع وضع سعادتها بالمقدمة، لكونه ضابط شرطة لم يسمح بأخذ الأوامر من أوار لأنه حب ثالث بمعادلة كان الطرف الخاسر بها، أوهمت قلبي بأن حبها أت من مسئولياتي نحوها لا غير، وابتعدت حتى تفاجأت بما فعله صهيب بها، كسر شيء بداخلها لن استطع إصلاحه مهما حييت.
صمت وصمتت هي الأخرى، تفكر بحديثه، ألهذا الحد يحبها، كسرته بحب آخر ولا زال يحبها، شردت وطال صمته حتى ظنته الخالة بأنه قد فرغ من حديثه لتسمع صوته يقول باشتياق
- ان كان قلبي يهتف باسمها اشتياقـًا، يحفظ ضحكتها أملًا، يود لقاها عاجلًا، يسمع ضحكتها طربـًا، يتلذذ بنطق اسمها لوعة، يدق قلبه بعنف رغبة بحبها، ان كان كل هذا يُسمى حب فأنا سقطت بنهر عشقها فرحـًا.
- لِم ساعدتها على الرحيل إذن!!
قالت خالته كلماتها أملًا في تفسير فعلته تلك ليصمت بهدوء، احترمت صمته وعلمت بأنه لن يجاوب، ابتسمت بهدوء قبل قولها
- أحسد تلك من ستمتلك قلبك.
- للأسف خالتي ليس ملكي ولن تمتلكه أخرى سواها.
ضحكت بخفوت على حديثه الذي أنعش روحها متمنية لقائهما على خير قريبـًا، أذنت له بالذهاب لغرفتها، حتمـًا يشتاقها بالرغم من وجودها بقلبه طيلة الوقت لكن ما الضرر من مساعدة العين على إشباع رؤيتها مجددًا.
دلف للغرفة بهدوء رغم الصخب داخله، اليوم بمملكتها وغدًا بمملكته، غرفتها مرتبة كما هي، نظيفة استعدادًا لعودتها بأية لحظة، اقترب باشتياق من فراشها وجلس بهدوء بمكانها المعتاد، هكذا أخبرته ذات مرة حينما كانت مريضة ولازمت الفراش فترة، تلمس وسادتها بحب، ابتسم بسعادة مستعيدًا حبها لتلك الدمية، كانت هديته الأولى لها، لم تلاحظ مفاجئته التى وضعها حديثـًا بعد عودتها من رحلة دراستها، احتضن الوسادة ودميتها قبل تسطحه على الفراش باشتياق، ليحدث صورتها الموجودة جانبه ليقول بحب
- اشتقتك ملاكي، اشتقت ضحكتك وصخبك.
اعتدل على الفراش جالسًا ليقول بحنو
- الفراق أضناني، ضال بغيابك، مكتمل بوجودك، اقبلي دعوتي للاحتفال رسميًا بمنصبك كملكة لقبي دون منازع.
وضع الإطار مكانه وكذلك الدمية والوسادة، ليقف أمام صورتها الموجودة على الحائط قائلاً بهدوء
- فآطم تلومني على ابتعادك، خالتي كذلك، لن يفهم أحدهم حزني لفراقك، ساعدتك بالرغم من الألم داخلي.
مسح على صورتها بحب متأملًا ملامحها التي اشتاقها وعيناه تتفحص كل تفصيلة بها، ليقول بصمت
- تمنيت أن يكون حبك لأوار صاف غير ملوث بحب صهيب، أردتك ألا تكوني بخانة النسيان بآخر أفضل انتقام منه، أردت ألا تكوني بخانة الندم ذات يوم لاكتشافك ان حبي لم يكن سوى بضع دقات لآخر متوهمة أنها لي، أردت قلبك صافيًا لحبي، سأعلمك قواعد العشق لأكون رجلًا ماتت بعده كل الرجال بعينيك، أريدك حياء زوجة لي وليس فتاة هشة مع أول خطأ تتدمر وتبعثرها الرياح كيفما شاءت، ندمت أعلم لكن ندمي لن يقارن بفرحتي لوجودك جواري فيما بعد، أحبـــك حيائي.
قبل صورتها بحب عقب جملته تلك ليغادر الغرفة بهدوء مستمتعًا بالوقت جوار أسرته التي أتت لتناول الغذاء مع الخالة.
تمسك بما يخصك ولا تدعه يفر من بين أصابعك، كن عاشقًا غيورًا متملكًا بحبك، كن صبورًا حليمًا ببعده واصلًا قربه، كن له بدقاتك قبل شغفك بحبه يكن لك سندًا بضعفك، كن أنت بحبـــك لا تكن أحمقًا مكررًا بنسخة معدلة من محب آخر.
اشتاق صغيرته فآطم، تمتنع عن رؤيته منذ ما حدث آخر مرة وإجبارها على مقابلة ريان، ابتسم بهدوء قبل جذب يدها والسير بحديقة القصر قليلًا، ضحك بخفوت من ملامحها المنعقدة بتذمر ليقول براحة
- كفاك فآطم، أخبرتك أني نسيت إخبارك.
نظرت له بعتاب لم يتحمله لتقول بحزن
- انت تعلم أوار مدي كرهي لخانة الإجبار.
- تقصدين بأني أجبرتك، سأخبرك شيئًا والخيار لك، حينما شكرت ريان على تقديم حلقة معك أخبرني بأنه من وجب عليه شكري معبرًا عن حبه الصادق لك منذ بداية عملك بالراديو واستماعه لحديثك صدفة، كنت له الدواء لكل ألم أرهقه طوال حياته.
صمت قليلًا مستمتعًا بتلك الحمرة الطفيفة التي طغت على ملامحها بتملك، ليقول بهدوء مانعـًا إياها من الحديث
- بعد مقابلتك له أرسل تسجيل لما دار بينكما، كان يسير عليه أن يقول بأنه أخذ الإذن مني وليس من الضروري متابعة مايجري بينكما لكنه أراد إخباري بالرغم من دهشتي بالأمر متعللًا بأني صاحب الحق بمعرفة كل شيء، لا يريد استغلالك بل يريد قلبك، يود وصالك، يتمنى قربك وامتلاك حبك، ان كان كل هذا إجبار فأنا مستعد بتغيير مفهومه إلى هذا، فكري بالأمر ولا تتعجلي.
قال كلماتها وتركها تفكر قليلًا بكلماته، اندهشت كثيرًا من فعلته الغير متوقعة لكنه ازداد مكانة عن ذي قبل، ابتسمت بخجل قبل ذهابها إليهم لتناول الغذاء محاولة التحكم بخجلها ذاك متحاشية النظر لأوار فهي كالكتاب المفتوح بالنسبة له.
.......................
السعادة أمل..
ثقة في اللقاء..
رغبة في البقاء..
شوق قبل رجاء..
السعادة لحظة تقتنصها لتبق سعيدًا مادمت حيًا، انتظرتها وهاقد أتت بملء إرادتها فمرحبًا بقدومها.
انتظر كثيرًا، اشتاق أكثر لكن فرحته اليوم لا توصف، تمناها وصارت على بعد خطوات من امتلاك قلبه للأبد، أحبها بشغف وكان صادقًا بحبها لتموت كل النساء بعينيه بعد رؤيتها.
هي له وفقط..
رفيقة عمره الباق وصديقة قلبه المتيم بعشقها، ابتسم بحالمية حينما أتت صورتها أمام عينيه فجأة، ليمني نفسه بقرب اللقاء.
تأمل هيئته بالمرآة للمرة التي لا يعلم عددها صفف شعره للمرة الأخيرة قبل نثر القليل من عطره المميز، وإرسال رسالة لصديقته رانسي فحواها
- عشر دقائق وسأكون أمام منزلك.
لترسل إليه أخرى فحواها
- لا تقلق، سأنتظرك.
خرج من المنزل بهدوء بعدما أخذ مقتنياته الشخصية التي يحتاجها، قاد سيارته متجهًا لمنزل رانسي قبل الذهاب لمنزل محبوبته.
على الجهة الأخرى من منزل رانسي، جلست تنتظره وعلى ثغرها ابتسامة خبيثة، تعلم بأنه سيسقط فزعـًا لرؤيتها هكذا لكنها أرادت الانتقام من فعلته السابقة سواء بمكتبها أو عدم تصديقه لحديثها بخصوص القضية.
فاقت من شرودها على صوت بوق السيارة منتشلًا إياها من شرودها ومنبهـًا إلى وجوده خارجًا، التقطت شيء ما قبل فتح الباب على مصرعيه، لتباغتها الصدمة بوجوده أمامها، ظنته منتظرًا إياها بالسيارة.
- مرحبًا جدتي، أين رانسي!
قالها أبيل بدهشة من وجود أخرى بمنزل رانسي رغم علمه بكونها تعيش بمفردها لتكتم ضحكة حاولت الإفلات من بين شفتيها قائلة بصوت مرتفع
- ماذا تقول بني! لم أسمعك.
زفر بنفاذ صبر من كلمات تلك العجوز، يشعر بأنه رأها سابقًا لكن أين لم تسعفه ذاكرته، ليقول بصوت عال نسبيـًا بجوار أذنها
- قلت مرحبًا جدتي، أين رانسي!
وبنظرات استنكار أجابته
- لم الصراخ بني! سمعتك لذا لا داع للصراخ هكذا أمام عجوز بعمر شقيقتك.
- شقيقتي.
قالها أبيل باستنكار واضح من ملامح وجهه الغير متقبله للفكرة نهائيـًا، ليقول بصوت خافت لم يسمعه سواه
- يبدو بأنها كانت بغيبوبة ولم تستيقظ سوى هذه الأيام، أقسم بتأديبك رانسي.
تفاجأ أبيل من ضربات متتالية على قدمه بعصا العجوز، لتقول بعصبية مفرطة
- تأديب من أبيل!! أجننتَ!
تلك رانسي، ماهذا! لم ترتد هذه الثياب، تأملها ثانية بتفحص ليجد إمرأة عجوز تملكت التجاعيد من جمالها بالرغم من أنها لا تزال جميلة، عاقصة شعرها للخلف مع وجود جيش من الخصلات الفضية بشعرها، أخفت النمش بأعجوبة بمستحضرات التجميل المختلفة، لا يعلم كيف ازدادت وزنًا فجأة لتصبح دبة بدلًا من غزال، ثيابها تنتمي حقـًا لفئة السيدات المسنة، العكاز بيدها والنظارة على أنفها، لم يستطع كتم ضحكاته لتقول بنفاذ صبر
- انتهيتَ من تأملك!
- أجل.
قالها أبيل بضحك غير قادرًا على إيقاف تلك النوبة، لتتركه وتذهب إلى السيارة بعدما أغلقت باب منزلها، ليناد عليها بهدوء
- هكذا.
قالها وأشار إلى هيئتها لتضحك بتحد قبل قولها بإصرار
- أجل.
قالتها رانسي بهدوء متحدية إياه من الرفض ليرفع يده علامة الاستسلام لقرارها، وهي تتوعده سرًا لاستهزائه بالأمر.
صعدت السيارة وهو جوارها مصوب بصره على الطريق، استمع لهمس المذياع قبل ارتفاع صوته على نغمتها المفضلة "Je Veux" أخذت تدندن بمرح كلمات الأغنية وفعل بالمثل قبل قوله مستفسرًا
- لكن رانسي لم فعلت كل ذلك بمظهرك!
ضحكت بهدوء قبل قولها البارد
- لا تتعجل الأمر، ستعلم بعد قليل.
ليضحك بصخب على كلماتها قبل شعوره الداخلي بوجود كارثة تستقبله بمنزل السيد جاسبر.
بعد بضع دقائق وصلا أمام المنزل، طرقات خافتة على الباب قبل فتح جاسبر وزوجته كادي واستقبالهم بحرارة، لتضحك كادي على مظهر رانسي قبل قولها
- مرحبًا جدتي رانسي.
لتضحك رانسي ملء شدقيها على كلمات والدة فيولا شاركها العجوز بالضحك قبل قوله المازح
- يبدو بأني سأتزوج تلك العجوز الشهية بدلًا من ذاك الشاب.
قال كلماته مشيرًا لأبيل باستنكار مصطنع قبل ضحك الجميع على رد فعل أبيل المشدوه من حديثه، لتضحك رانسي بصخب قبل سعالها المصطنع مصاحبة قولها الضاحك
- حسنـًا أيها العجوز لنتزوج بعد زفاف حفيدي أبيل.
صاحبت كلماتها بالربت على كتف أبيل ليبتسم بهدوء من حديثها المازح، أمرتهم كادي بالدلوف واستكمال الحديث داخل المنزل بدلًا من الوقوف هكذا أمام بابه.
دلفوا للداخل واتخذ كل منهم مكانه، جلست كادي بجوار جاسبر ورانسي مجاورة أبيل، استأذنتهم كادي وذهبت لإحضار واجب الضيافة، بعدما ساعدتها المربية بوضعه على الطاولة أمامهم، ارتشفت رانسي القليل من مشروبها البارد قبل قولها الهاديء
- الزواج هو اتحاد روحين ليصبحا روح واحدة بجسدين، قرر صغيري اختيار طفلتكم لتكون زوجته بقية حياته، أعلم بأنه ليس من السهل عليكم تسليم طفلتكم لغريب، لكنه حقـًا يحبها.
ابتسم أبيل لكلماتها التي خففت القليل من توتره، استرخى بجلسته قبل قول العجوز
- تعلمين رانسي بأن فيولا غالية أكثر مما يتوقع ليس لكونها جزء من كادي فقط بل لأنها قطعة من روحي، لن أفرط بها هكذا قبل معرفة خباياه جميعًا.
ابتسمت رانسي بهدوء تعدد صفاته المحمودة منها والغير ذلك بقولها
- غبي أحيانــًا، مغرور كثيرًا، عصبي أغلب الوقت لكن فيولا امتلكت قلبه وهذا يكفي، من يحب لا يأذي سيدي.
قالت كلماتها الأخيرة بحزن استشعره جاسبر من حديثها لتتحدث كادي بهدوء
- أعلم رانسي كلماتك، واجهت مثلها قبلًا عندما تقدم جاسبر لخطبتي، أحسد أبيل حقـًا لوجودك جواره.
ابتسم أبيل بسعادة قبل قوله الشارد
- فقدت والدي صغيرًا ليهديني القدر أختًا وحبيبة أسرت قلبي بتملك.
- لكن أين العروس.
قالتها رانسي باستفسار قبل ظهور فيولا أمامها، ابتسمت بهدوء قبل دعوتها للجلوس بجانبها، لم تتفاجأ فيولا من هيئة رانسي نظرًا لاختيارها الملابس معها، تأملها أبيل بشغف متمنيًا اجتماعه بها قريبـًا، اتفقت رانسي على كل شيء، الخطبة اليوم وعقد القران بداية الشهر القادم، التقطوا الكثير من الصور الفوتوغرافية لهم جميعًا قبل استئذان رانسي ومعها فيولا بالصعود قليلًا لأعلى، ابتسم جاسبر وكادي عن الأمر ليغضب أبيل من فعلتها، كان يود الجلوس قليلًا مع محبوبته.
صعدت رانسي وعاونتها فيولا في تبديل ثيابها، لم تستطع كتم ضحكاتها كلما تذكرت ملامح أبيل، بعد دقائق معدودة ارتدت فستان من اللون الأرجواني القصير، يصل إلى الركبة، جمعت خصيلاتها بطريقة منظمة على كتف واحد، اكتفت بوضع ملمع شفاه وكحل عربي يبرز جمال عينيها.
هبطت لأسفل ثانية مع فيولا لكن هذه المرة كرانسي، تأملها أبيل قليلًا قبل قوله المازح
- وكأن عجوز شرير ألقت عليك تعويذتها جدتي لتعودي غاية في الحيوية مجددًا.
ضحك الجميع على كلمات أبيل المازحة، لترفع رانسي أحد حاجبيها قائلة بغرور
- تلك العجوز قامت بوضع مقايضة وتركت لي الخيار، إما أن تتزوجك أو إتمام زيجتك بعروسك، لذا تنازلت عن تجاعيد وجهي، خسرت هيبة عمري واخترت التنازل عن شيخوختي مقابل سعادتك صغيري.
ضحك الجميع على حديثهم الفكاهي، تناولا بعض المقبلات واتخذ كل منهم موضعه للمرة الثانية من أجل الصور التذكارية لهذه اللحظات التي لن تتكرر.
- والآن حان وقت ارتداء خاتم الخطبة.
تبدلت معالم أبيل للسرور بعد كلمات السيدة كادي، لينحني على قدم واحدة أمام فيولا الواقفة أمامه متسعة الأعين من فعلته تلك، فتح ما بين يديه ليظهر ما بداخله قبل قوله بحالمية
- فيولا، صغيرتي الجميلة، كوني سندي لآخر العمر، عديني بألا تتركي يدي بمنتصف الطريق، كوني حبيبتي، صديقتي، طفلتي، زوجتي، والأهم كوني ضحكتي المشرقة ليومي، كوني صباحي المبهج ومسائي المتفائل، كوني الحياة حيث لا حياة دونك، كوني الراحة حيث لا راحة ببعدك، أريد الاستيقاظ على ابتسامتك، تناول فطوري على صخب حضورك، ارتشاف قهوتي بنهكة عينيك، أول شخص أراه عند استيقاظي، أريدك أن تكوني آخر شخص أراه قبل نومي، أريدك بين أحضاني أسيرة حبي، تنصتين بهدوء لسيمفونية قلبي التي يبثها شوقًا بوجودك، حزنـًا بغيابك.
صمت قليلًا يتأمل ملامحها المبتهجة قبل قوله بتساؤل حالم لما يريده أن يتم بالمستقبل
- أتقبلين مشاركتي مسئولياتي، أحزاني قبل أفراحي، التهوين عليّ بوقتي العصيب، أتقبلين مشاركتي غرفتي، فراشي وخزانة ملابسي!
كلماته خارجة من أعماق قلبه لحبيبته، لذا اقتحمت قلبها بعنفوان ليدق القلب فرحـًا، وتعزف الأوتار لحنـًا بقرب اللقاء، دمعت عيناها فرحـًا من كلماته، وهزات من رأسها علامة الموافقة على حديثه، ليقف ثانية محتضنًا إياها قبل وضع صك ملكيته بإصبعها، قبّل يدها بهدوء قبل رأسها، لتفعل المثل وتضع خاتمه في إصبعه، عانقها مجددًا وتلك المرة بدقات قلب أشد عن ذي قبل، راجية قرب اللقاء بينهما.
راقب كل من جاسبر وزوجته ما يحدث بعيون لامعة من الفرحة، داعين بأن تظل سعادتهم للأبد.
لم يختلف الحال كثيرًا عند رانسي، جففت دموعها التي اقتحمت محيط عينيها بهدوء حذر قبل إغلاق الكاميرا بعد تصويرها تلك اللحظات التي لن تتكرر ثانية داعية الله أن ينعم عليهم بالسعادة والذرية الصالحة.
خرجت بهدوء من المنزل بعد استئذان العجوز بعد قرأتها لرسالة فحواها ضرورة الحضور لمكتب رئيس التحقيقات متغافلة عن دقات قلبها الثائرة بقرب اللقاء لشخص نسي القلب كيف يدق له، وآخر حاول القلب إيجاد نغمته المميزة في إيقاع سيمفونياته، وما بين واجب اتحاد النغمات لقلب أحبها بشغف بعد إهمال حبه منذ زمن وآخر خدعها بشغف بعد اكتمال مخططه منذ زمن.
...............................
#من_بين_الرماد
#أسماء_رمضان

"من بين الرماد"- "أسماء رمضان"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن