هولا يا حلوات🥰🥰 ولا تنسوا
الفوت
الكومنت
ومش بس كدة تؤ تؤ بوشكاش عايز آراء "بصوت هنيدي"
قراءة ممتعة🥰《الفصل الثالث والعشرون》
نحن لن نلتزم دومًا بميثاق الأخلاق حتى وإن اقترب هلاكنا فقط نفعل ما نريد كما لو كان آخر شئ نحياه دون قلق.
وكيف يزورنا وسواس من قلق وقد تمكن منا فرص نجاتنا حتى فاق عنان السماء.. نستمتع بأذية الغير وننتشي باستماع صرخاته وكأنه لحن فالس الحاني الصادر من أعماق الجحيم.
- مرحبًا يا صغير.
استمعت إلى هذا الصوت للتو!
هذا ليس سوى فضول حاولت وأده على مدار حكايتي لتعلم ما آلت إليه الأمور لأتحول من يافعة ناجحة يُشار لها بالبنان إلى مرآة مهشمة في نظر نفسي رغم ثرثرة البعض بأن الرجال يودون الارتباط بي لكني لستُ بفتاة ترغب بجمع شمل أسرة وكل جزء بتفكيرها مشتت بمنطقة معينة ومن الصعب تجميعه لأنك ستفقد بعض التفاصيل التي تجعلك ترغب بالعزوف عنه..
فتاة كرهت جنس آدم بأكمله بسبب أحدهم يُدعى والدي ويالسخرية القدر اخترت استثناء من صلبه وكأن الغدر صفة أساسية تجري بدماء عائلتنا.
أنا لم أكن سوى فتاة عزفت عن كل شئ قد يجعلها تلاقي شرارت غضب من والدها أو تُعاقب على ما لم تفعله وفي النهاية كانت تُجلد كسجين حُبس انفرادًا ومُنِع عنه الطعام حتى تحرر من معقله الخاص لكن معدته بدأت تطالبه بالطعام حتى تصمت وإلا أثارت الريبة في الأرجاء..
لست سوى بائس مبتسم ببلاهة في حياتي قبل خاصتك عزيزي.
والبؤس لم يكن يحتاج سوى حذف الهمزة مع احتواء من جانب الأسرة حتى يخرج نشأ سوي لا آخر مهلهل العواطف..
مضطرب التفكير..
متلعثم الحديث..
كنت بحاجة إلى تقويم لتصبح أفضل لكنك تحولت بسبب صنيعة يدهم لتمثال شمع قد يذوب في أي لحظة وما عليك سوى الابتسام حتى تخرج صورة سعادتك بطريقة مُرضية لجميع الأطراف.
- علمت مَن أنا!
الاسم فاطيما..
بنظر الأخوة فآطم -الفتاة المدللة رغم أنف الحانق-
وفي عُرف الحانق فافي -لينة الطباع كسولة النشاط لكنها حقًا ذو صراخ يطرب الأذن-
انهارت الفضولية أمام سيل الماض الذي انجرف على حين غرة وتركت الباقي لراوي القصة يُكمل حبكتها بدلًا منها.
مرحبًا بك في مدن الرماد بأنفك الذي امتد كثيرًا طمعـًا في استنشاق بعض الحقائق حتى وإن كانت غير مؤكدة بعد فأنت وأنا نطوف فوق بحر ذكريات لن يحملنا طويلًا والسبب ستعرفه بعد قليل.
الحياة تهدينا العون في نفس الوقت الذي نفقد فيه الأمان..
تُطمئننا بملاذ يحتوينا وفي الوقت ذاته يُسلب منا حضن يأوينا..
قطع شطرنج متناثرة على رقعة بلونين وأي حركة خاطئة لن تُكلفك سوى خسارة مع نظرة نصر من عدوك تخبرك بسماجة "كش ملك"
والملك لن يموت طويلًا لكنه يأخذ قيلولة حتى يعود بأفكار أكثر بشاعة عن غزو العالم والانتقام من حليف الأمس عدو اليوم فهنيئًا له الكراهية وهنيئًا لعدوه معرفة ما يضمره الآخر داخله.
حبكات بحياة بعضنا البعض حتى وإن تقاطعت طرقنا في بعض محطات الحياة ثم توازت ثانيةً لأننا في نهاية المطاف هامش ما لم يحن دورنا لإلقاء ما كُلفنا به.
الحياة لم تُعطنا فرص النجاة!!
لأنك لم تتشبث سوى بحفنة من رماد شكلتها إلى ما أريد وبعد هبوب الرياح أضحت رماد كما كانت.
"مدن الرماد تهالكت حتى وان أنكرنا عكس ذلك"
تهالكت داخلنا..
انهارت حولنا..
وتحطمت روحنا معها..
مدن لم تطأها أقدام بعد ﻷنها قابضة للنفس.. مثيرة للرعب وحالكة بظُلمة الظلام..
مدن كوابيسها ملوك..
قسوتها قوانين..
وأرضها أشواك تُدمي العقول..
مدن لن تدخلها الخيول لغزوها حتى وإن أراد مالكوها ذلك.
ومدينة رماد -عائلتها- لم تكن سوى حجرة أسفل منزلهم بالطابق السُفلي مُحرم عليهم دخولها إلا وقت العقاب..
وقتما يأمر الجلاد بأنه حان الوقت للنيل من ضحية جديدة..
حين يود الشيطان تعذيب مَن هم مِن صلبه للذة لا غير فقط وسيلة ترفيهية..
غرفة إنفرادية كل ما بها موحش..
مقزز..
مثير للخوف حد الهلاك..
غرفة ما إن تطأ قدمك بها للمرة الأولى تدعو بألا تدخلها مجددًا حتى لو كان الأمر عن طريق الخطأ.
حصونها رمادية اللون..
إضاءتها متهالكة إلا من مصباح يتدلى من سقفها بوهج يميل إلى البرتقالي الخافت..
شقوق غزت سقفها بسخرية لكن ما غلب على طابعها الكئيب هو أحبال ممتدة لأسفل بأطوال مختلفة وأشكال متنوعة ينتهي طرفها بعُقد دائرية مع إمكانية تصغيرها أو تكبيرها حسب الرغبة.
بها أربعة أعمدة بارزة قليلًا عن الحائط وتحوي الكثير من مسامير صلبة بعضها موضوع بطريقة عكسية -رأسها للداخل وطرفها المدبب للخارج والبعض الآخر رأسه للخارج، موزعة بطريقة عشوائية مع وجود قطع زجاج مهشمة بجانب كل عمود.
مقعد متحرك يصدر أزيزًا مهلكًا للأعصاب..
ملبكًا للأبدان..
يتحرك برتابة إمرأة عجوز اعتادت على فعل شئ واحد فقط طيلة سنوات عمرها التي تعدت السبعين.
ضحية كنت أم جلاد سوف يُشار إليك بالبنان نتيجة قبح أفعالك أو رضوخك لها دون ثورة.
ثورة!
وهل يستطيع بنو آدم القيام بثورة ضد الشيطان بعدما زُلت قدمهم في شرك من صنيعتهم!
ثلاث أطفال من أب واحد لكنهم بنظره متعة..
حق مستباح في انتهاك براءتهم وفعل ما يحلو له.
بدأ الأمر منذ..
لحظة واحدة.!
تفكير بعمق ثم!
لن أستطيع إخباركم إن كان الأمر بدأ بثلاثتهم معًا أم أن أوار كان له النصيب الأكبر من كل هذا فهو وحده مَن يعلم الإجابة والوحيد القادر على البوح أو الاحتفاظ بها في ركن أشباحه المفضل.
لنُكمل إذن مع اعتبار بأن ما سيأتي بعد قليل حقيقة عايشناها معًا بأوار وما قبل ذلك حق الكبير وحده ولن نبوح به -تحذير للمرة الثانية-
لكل منا أبواب مغلقة لا يريد فتحها مهما كان خلفها ورود تنثر روائح ذكية تزكم الأنف لكن تلك الرائحة لن تدوم طويلًا فقط تتحول إلى دخان يخنقك في الثانية التالية ثم يُدميك.
"مدن الرماد تم بناؤها حتى وان أزاحته نثرات الرياح".
ومدينتهم كانت العائلة..
مبانيها أب يحمي من عدو طامع..
ودفئها أم تطعمهم حنانها دون كلل..
مدينة كان العدو الوحيد بها هو الوالد بعدما تفنن في استخدام طرق مختلفة لترهيبهم حتى تحول الوضع إلى انتشاء بعد ضرب مبرح لصغار ذنبهم الوحيد أنهم من نسله والحقيقة تُقال أنه لم يكن سوى الثعلب الذي دلف للحظيرة متخفيًا والتهم صغار الخراف بها.
فآطم وإخوتها قصة لن تتكرر بعد لأن جمال نسخة ذات إصدار محدود ولن تُباع منه قطع أخرى قط.
بأحد ليال الشتاء قارسة البرودة أتى من الخارج يترنح في وقفته، يُقدم قدم ويؤخر ثانية مع حديثه بلامبالاة
- تم التخلص منها وصغيرها.
-ومنها- لم تكن سوى مجهول يشبه العقبة وتم إزاحته حتى يصل لدرج المجد دون عناء، حينها كان أوار يتسحب للمطبخ حتى لا يلمحه والده لكنه رآه ثم ناداه بتثاقل
- اقترب أوار.
وياليته لم يفعلها فبمجرد اقترابه وقبل أن يتحدث -ما الخطب أبي- كانت أصابع الآخر تزين جانب وجه الصغير، لم يتحرك من مكانه أو حتى يثور دفاعًا عن حق مُهدر لرجل المنزل فيما بعد، صفعة ثانية ولم يستطع أوار العد بعدها من سرعتها على جانبي وجهه.
خدر أصاب عقله، خطي دماء انساب من فمه وانعقاد لسانه مع دموع متحجرة في مهدها لن تُذرف قط على شبه رجل يُفرغ طاقة غضبه أو نصره في كيس ملاكمة متمثل في ابنه والآخر ازداد غضبه فكبيره لم يترجاه للتوقف قط حتى وإن قرر قتله.
ركلة مباغتة منه أصابت بطن الصغير ليسقط أرضـًا بوجع وجسده فقد القدرة على التحرك من مكانه وكأنه مقيد بقيود يشعر بها ولا يراها ليغلق عينيه بألم حينما دهس الآخر على يده وانصرف من أمامه قبل أن يرتكب جناية ويقتله دون ذرة ندم.
انتشاء..
كل ما شعر به في تلك اللحظات أفضل مائة مرة من بطاقة يناصيب عثر عليها مصادفة في جيب معطفه، تحرك بخيلاء وجسده يفرز الكثير من الأدرينالين بمتعته المؤقته تلك.
أما والدته فقد راقبت كل ما حدث بعيون باكية لكنها لم تستطع التحرك من مكانها فهي كحال صغارها تخشى بطشه حد الهلاك، أرادت مواساته والتخفيف عنه مع ندم من سلبيتها الدائمة تجاه كلما يخص الصغار في حُضرة أبيهم.
اقترب منه التوأم وأسنداه لغرفتهم، ساعداه في تضميد جرحه وإزالة الدماء العالقة على وجهه لينام ثلاثتهم متجاورين حتى يتمكنوا من مواساة بعضهم وكحال الأيام السابقة احتضنته فآطم -من أحد ذراعيه- وبكت وجعًا عليه وتيم فعل المثل من الناحية الأخرى أما الضحية فقد تأمل السقف بألم قبل بكائه الصامت على حاله وحال أشقائه من قبل.
لا يخجل من البكاء أمامهم لكنه لن يتنازل ويفعلها أمام والده، لقد أخبره ذات مرة بأنه يشبهه كثيرًا في عناده بل ويفوقه بكل تأكيد.
يدرك جيدًا بأن إخوته باقون لكن والده سيرحل عنهم يومًا ما وحينها روحه ستتحرر مما فيه دون موانع قد تعيق ذلك.
في صباح اليوم التالي رفضت فآطم الذهاب للمدرسة بسبب ألم في معدتها مع ارتفاع درجة حرارتها ليستيقظ على صوت جلبة بين مؤيد لقرارها ومعارض وبعدها هدر بصوت غاضب
- ما سبب كل هذه الجلبة.
انفتح الباب على مصرعيه ليصدمه بصوت مرتفع في الحائط ثم خرج بعدها ووجد ابنته تبكي بتعب، اقترب منها وقبل أن يلمسها ارتعدت وابتعدت عن مرمى يده ليضحك على سذاجتها قبل سحب غُرتها بعنف لتصرخ بألم تلاه بكائها بنحيب.
حثها على الصمت ولم تستمع له ليضغط بيده برفق على رأسه يحاول منع بوادر صداع من غزو عقله ليجذبها من شعرها وجرها خلفه بحنق وهو يهدر بصوت غاضب من نواحها المتواصل
- أخبرتكِ أن تصمتي.
حاولت زوجته منعه متعللة بمرضها لكنه أزاحها جانبًا بقسوة واتجه لغرفته المفضلة ثم أغلق بابها خلفه مانعـًا إياهم من الدخول، تركها والتقط أنفاسه وكل ما يجول بخاطره عن خطوته التالية مع فأرته الصغيرة ليبتسم بمجون وهو يسحبها من شعرها لأحد الأعمدة الموجودة بها، أسندها عليه وعقد شعرها عدة عقد فوضوية قبل أن يأمرها بأن تقف على أطراف أصابعها بلا حركة، علَّق شعرها بأطراف المسامير ووضع أسفل قدميها بعض من قطع الزجاج ليأمرها بألا تتحرك حتى لا تُجرح من الزجاج أو تؤذي فروة رأسها وارتمى بثقل جسده على كرسيه الهزاز -المفضل- يتابع حركتها المتألمة باستمتاع.
أما هي بمجرد خروج والدها من غرفته صارخًا بغضب ارتعشت خاصة بعد قسوته السابقة نحو أخيها وما إن اقترب منها حتى ارتعدت مما هي مقبلة عليه وهي تُمني نفسها بأنه لن يفعل لها شئ، حاول لمسها لتبتعد عنه حينها فقط شعرت بأن الشياطين تتقاذف أمام عينيه لتشعر بأن ما يحدث معها تصوير بطيء لمشهد أعجب المخرج كثيرًا فقرر التلذذ به من كل زواياه.
سحبها من خصلاتها لتشعر بأنها تتمزق من مكانها، جاهدت للتشبث بأمها لكن والدها كمحتل لن يقف مكتوف الأيدي لصورة تجمعهم بدفء دون سواه وحين أدخلها إلى غرفته المفضلة انقبض قلبها..
ارتعدت وخوفها نهش كل لحظات أمانها السابقة ليضعها أمام حقيقة واحدة أنها هي ووالدها بذات الغرفة الكريهة وحدهما..
الطغيان في مواجهة البراءة..
الانغماس مقابل للخوف..
وانتشاء يحارب ارتعاد..
رائحة رهبتها أدهشته كثيرًا وأنفاسه الكريهة خنقتها بلامبالاة.
صوته من الأعماق يخبرها بأنها تعسة حد الهلاك، أمرها برفع قدميها وفعلت، جذب شعرها وتأوهت، وضع الزجاج فأدركت حجم الشرك الذي أوقعت نفسها به.
ارتخت قدمها قليلًا لتهاجمها نوبات ألم مضاعف سواء كان في قدميها بعدما جُرحت من قطعة زجاج حادة أو رأسها نتيجة جذبه بعنف -بفعل المسامير المعلق بها- لتصرخ ببكاء أن يتركها ولن تفعلها ثانية ليسترخي أكثر في مقعده، أشعل لفافة تبغ ليدسها بين شفتيه وقد راقته فأرته حقًا في ثوب الخوف.
نفث الدخان أمامه ليخبرها باستمتاع بعدما كرر فعلته السابقة
- أمامكِ خيارين فافي..
صمت لدقيقة يراقب نظراتها المرتعشة تلاه قوله بنبرة هازئة
- إما رأسك أو قدمك!
وهو لم يكن يُخيرها بين فعلين لكنه وضعها أمام أمر واقع بين قرارين كلاهما أسوأ منه، إن اختارت راحة قدمها فهنيئًا لها صراخ للصباح من صداع يفتك بها وإن تمنت تحرير خصلاتها فقدميها لن تكون إلا قطعة ديكور لن تستطيع استخدامها لعدة أيام.
تبًا لضعفها الخانع هكذا..
تبًا له ولوالدتها لأنهما أنجباها..
وتبًا لطفولة اغتالتها وضاعة مختل ظن نفسه فنان يتلذذ بما صنعه على لوحته البيضاء.
اختارت إراحة قدمها بعدما وقفت على أطرافها لفترة لا بأس بها لتنغرس قطع الزجاج في باطن وكعب القدم لتصرخ بوجع مما يحدث معها ورُغمًا عنها رفعت قدميها ثانية لتخبره برجاء
- أرجوكَ أبي.
ومات بقية رجائها حينما أخبرها جوار أذنها بفحيح خبيث حتى أنها شعرت وكأن أنفاسه سم يقبض على روحها ويسجنها في الدرك الأسفل من الجحيم
- أُنهي لفافتي تبغ وأحررك..
رغم صدمتها إلا أنها شعرت ببصيص أمل يتسرب لقلبها البائس وجعل الفراشات تتسرب منه بسعادة لكن ما إن أكمل كلماته التي كانت السبب في وأد فراشاتها في مهدها قوله الخبيث
- أريدك أن تخفضي قدميك للأرض.
أشعل لفافته وأخبرها بجنون
- حينها سأتركك لوالدتك تداويكِ.
وافقت وأخفضت قدميها بخنوع ليزداد ألمها وكذلك انغرست بقية القطع في قدمها لتنزف هي الأخرى على براءة اغتيلت في مهدها.
"مدن الرماد تهالكت ولن نستطيع تشييدها ثانية"
وأمانها الذي ناشدته دومًا تحول بين عيشة وضحاها إلى حفنة تراب تؤذيها والآخرون فقط دون الاهتمام بالضحايا فنحن ضحايا بقصتنا الخاصة وفي نظر الآخرين إما مختلين أو مشردين الأمان معدومي الأهل.
بعد انتهاء تبغه قرر الصفح عنها ولكن قبل ذلك سدد لها ضربة في نفس المنطقة التي حاول الربت عليها قبل قليل وابتسامة خبيثة زينت ثغره بانتعاش.
سحبها من يدها تلك المرة وفتح باب الغرفة على مصرعيه ليهدأ الضجيج بالخارج بعدما صوبها نحوهم بإهمال وقبل أن يسمع صياحهم المستنكر أغلق الباب وعاد أدراجه ثانيةً يتأمل فوضاه المحببة لنفسه.
اليد التي تُربت بحنان هي نفسها التي تبتر بقسوة لكن في مواقف مختلفة وأنت كالساذج لن تشعر بأنهما واحد إلا بعد انزلاق قدميك في الوحل يا صغيري.
حياتك بائسة!!
ليست أكثر من فآطم عزيزي
انظر إليها عن كثب وما عايشته منذ طفولتها لتعرف بأن حجم الألم داخل قلوبنا لا يحتاج إلى التضميد دومًا بل لمصباح ينير أعماق تسرب لها الظلام حتى احتلها ولم تطأها شعاع ضوء بعد ذلك بل أشباح غزتها وتغذت على ما بها من أمان.
بحر الذكريات لم يكن سوى دخان أبحرنا به قليلًا ثم غرقنا في الأعماق ليفترسنا بأنيابه الحادة وبعدها أصبحنا أشلاء متناثرة من الصعب تجميعها مرة أخرى حتى وإن أردنا ذلك.
......................
صفحات الماض في بعض الأحيان لا تحتاج للتمزيق أو التجاهل فقط العودة إليها وتأمل ما خطته أفعالك بها لتدنيس سطورها بإثم نهش أمان كنت لتنعم به حتى الآن.
صفحات الماض هي وسيلة للتكفير عن حياة تمنيتها والتفكير دومًا في كل لحظة تمر بشريط حياتك لتتشبث بها غير نادم على ما قد يحدث بعد ذلك.
شقيقته أحبت أوار..
حقيقة لن ينكرها..
شقيقته غارت من حياء..
حقيقة صنيعة يده..
شقيقته توفت وبقي يتيمًا دون سند..
حقيقة لن ينساها يومًا..
وصهيب كان في قصته نذل..
وفي رواية هتان شرير..
أما في حبكة حبيبته فكان العاشق الذي تخلى عنها بإرادته والآن يود الصفح وعودة المجريات لطبيعتها مرة أخرى دون شوائب..
رتب حياته المهلهلة بعد عودته من الخارج واتصل برئيسه في العمل يخبره بأن إجازته انتهت وسيباشر عمله بعد أيام من الآن والآخر وافق مُرحبًا به بعدما اقتصر دوره في الفترة السابقة على مهمات سرية يقوم بها خارج مصر.
دلف لغرفته شقيقته لكن تلك المرة ليس بدافع الاشتياق بل رغبةً منه في خلع ثوب كانت ترتديه هي لكنه لم يكن سوى شوكة قتلت كل جميل به.
والبداية كانت من خزانة ملابسها ليُلقي محتوياتها أرضـًا بإهمال وبعدها بدأ يُفرز كل قطعة ليصل إلى ما يريد.
بعد ساعة على الأكثر لم يجد شئ قد يفيده فيما نوى ولن يكف حتى يصل إلى ما يريد، جاهد ليفتح أحد الأدراج المغلقة وبالفعل تم ذلك ليجد حاسوب من ماركة غير خاصتها، أخذه وضغط على زر لتشغيله لكنه لم يُفتح، قام بتوصيله في الكهرباء -باستخدام الشاحن- وتركه ليُنهي الباقي.
زفر باستياء نتيجة لعدم عثوره على ما يريد وبدون سابق إنذار أزاح إطار صورة جانبية بعنف ليتهشم أرضـًا واتجه إلى الحاسوب يحاول فتحه والنتيجة -كلمة مرور غير صحيحة-
ضغط عدة أرقام على هاتفه ليخبر الطرف الآخر بهدوء بعدما أجاب
- أريدك في الحال باسل.
- لا أستطيع صهيب.
جواب أقرب إلى رفض قاطع ليزفر الآخر بحنق من غبائه اللامتناهي، تنهد بهدوء تلاه قوله الحذر
- في الحال باسل.
- لا.....
لم يدعه يُكمل بقية اعتراضه بل التهمه بشراسته المعهودة
- لم أخيرك باسل بل أُجبرك على القدوم...
تنهد بغيظ واستأنف حديثه بحنق
- سأنتظرك في المنزل.
أغلق الهاتف دون الاستماع لكلمة اعتراض أخرى من صديقه، ترك الحاسوب من يده واتجه إلى باب المنزل يرى مَن الطارق.
فتح الباب على مصرعيه لينظر إلى تلك الواقفة أمامه باضطراب ليخبرها بجفاء
- ما الذي أتى بكِ نيا!
ونيا أرادت الاطمئنان عليه بعدما امتنع عن الخروج في الأيام السابقة.
نيا قلبها حركها وكبريائها جُرح من قسوته الغير معهودة معها.
نيا عاشقة والعاشق مختل في دروب عشقه ما لم يثبت عكس ذلك.
ضغطت على أصابعها بتوتر وكلماتها رفضت الخروج أمام غلظته تلك لتتأمل نظراته التي تنتظر إجابتها لتخبره بصوت خفيض
- أردت الاطمئنان عليك.
ضحك باستخفاف من إجابتها تلك وقبل أن يرد عليها انفتح باب المصعد ليخرج منه طارق الذي نظر إلى نيا بتساؤل وتجاهل وجود الآخر.
تخطاه وفعل المثل معها دون حديث وقبل أن يطرق على باب شقة خالته استمع إلى كلمات صهيب القاسية مع شقيقته الصغرى
- كل خيالاتك الجامحة عن عشق واه لك لن تنفعك نيا بل...
وترك كلماته مُعلقة بعدما صمت قليلًا ينظر لصديقه -السابق- الصامت، ضحك باستخفاف وأشار إلى موضع قلبه يُكمل بحالمية
- هنا تسكن حياء وكل النسوة غيرها أشباح لن تتغلغل إلى داخله.
في تلك اللحظة لم يستطع طارق من الضحك بصوت مرتفع على حديث صديقه وبنبرة هازئة أخبره وهو يتجه إلى نيا المرتعشة تحت مقصلة كلماته
- حياء التي تركتها يوم الزفاف!
احتضن كتف نيا بإشفاق على حالها وتحدث بحنق
- أم حياء التي فقدت حياتها واضطرت للعيش بهوية أخرى بعيدًا عن أسرتها.
أزاح نيا أخيرًا من أمام شقة الآخر ليشرد في تفاصيل فقدها ذاك الأبلة في عاصفة انتقامه
- أوووه إنها حياء حبيبتك التي تركتها بدافع الانتقام.
لم يجيبه صهيب بل تحرك للداخل وأغلق الباب بعنف في وجههم لترتفع صوت ضحكات طارق مما أدى إلى زيادة حنق الآخر، اصطحب نيا إلى الأسفل أملًا في التحدث معها وطاوعته قالبًا أما قلبًا فقد كان يصارع للبقاء بعد حديث حبيبها صهيب.
كلماته كريهة أدمت قلبها الساقط في شباك عشقه منذ زمن لتخنقها أحبال دامية وما عليها سوى الابتسام شفقة على حالها.
أما صهيب..
بمجرد رؤيته لنيا شعر بعاطفة تهز داخله لكنه لن يسمح لنفسه بأن يؤذي آخر وما عليه سوى زرع كراهية بقلبها حتى تنساه فهو يعلم جيدًا بأنها تهيم به عشقًا لكن قلبه لم يعد صالحًا للعشق وإن أنكر عكس ذلك لذا فليضع نهاية ويُنهي الأمر بأكثر طريقة بشعة لكن ما زاد الطين بلة أن صديق الأمس أتى يساندها كما كان يفعل دومًا معه واليوم هو خسره للأبد وانتهى الأمر بمرارة العلقم.
يشتاق الثرثرة معه والتسكع برفقته لكن طارق أخبره بعصبية مفرطة يوم انتهاء صداقتهم
- إن فعلت ما تخطط له فلتنسى أخويتنا تلك صهيب.
ورحل بعدها إلى الأبد وصهيب فعل كل ما أراد وفي النهاية هو الخاسر الأكبر.
جلس على المقعد قرب الباب غير قادر على الحركة وحزنه استولى على داخله ليبكي بصمت على صنيعة يده وحده.
أما طارق فأخبر نيا بحنان
- ما رأيك بالمطعم هناك.
نظرت حيث أشار وأخبرته بعيون دامعة
- أريد مفتاح سيارتك.
أعطاه لها باستسلام وأخذت هي بادرة القيادة ليجلس جوارها، أخرجها من شرودها قوله المازح
- ضعي حزام الأمان نيا.
وضعته وفعل هو المثل لتُشغل السيارة وسارت ببطء ليزفر براحة ما لبث أن تحولت إلى قلق حينما ازدادت السرعة بصورة مفرطة وقبل أن يوبخها استمع إلى صوت بكائها بنبرة عالية.
أما نيا فأردت السرعة في محو بعض ذكرياتها لتطلب من ابن خالتها مفاتيح سيارته وأهداها لها دون جدال، شغلت المحرك بسرعة بطيئة وفتحت النافذة جوارها لتزداد السرعة تدريجيـًا وكحال الهواء العليل الذي داعب وجهها بقسوة بكت على حديث الآخر معه وكل ما يشغل بالها في تلك اللحظة بأن المحاربة تم إراقة دمائها على صخرة العشق وما عاد ينفعها سوى العويل شفقة على حالها.
ازدادت صرخاتها وتشبثت أكثر بالمقود ليُربت طارق على كفها، نظرت له بطرف عينها وعادت بنظرها إلى الطريق دون كلمة واحترم هو رغبتها في الصمت.
استرخى في مقعده وأغلق عينيه بإرهاق فتلك العادة اكتسبتها منه وهو غير نادم على هذا.
بُح صوتها من كثرة العويل لذا قررت التوقف عن هذا واختارت أغنية صاخبة وهزت رأسها بغضب، لحظات وعادت ثانية إلى أسفل البناية ليخبرها طارق بتساؤل
- أتشعرين بتحسن الآن!
أومأت إيجابـًا وأشارت إلى رجل المثلجات ليذهب إليه على مضض يأتي لها بنكهتها المفضلة وهي جلست على مقدمة السيارة تعبث بأزرار هاتفها.
أتى بعد لحظات ليُهديها خاصتها لتأخذها بسعادة عكس حزنها السابق.
اتجها للداخل وقبل أن ينغلق المصعد وضع قدمه ليُفتح مجددًا واعتذر للرجل الواقف بداخله ودلف هو ونيا.
ضغط على رقم الطابق وسأل الآخر عن وجهته وللعجب كان نفس الطابق.
مازح نيا لتنظر له بحنق وقبل أن يسألها عما بها وجدها ترفع يده القابضة على المثلجات تنتشلها منه وحركتها بسرعة صوب وجهه ليتلطخ ببقايا نكهاته.
نظر لها بحنق لتضحك بصخب وهي تعتذر منه عن فعلتها ليحرك رأسه علامة النفي قبل أن يأخذ خاصتها ويفعل المثل بها وهز كتفيه علامة اللامبالاة من فعلته.
نظرا لوجههما قبل أن تصدح صوت ضحكاتهما في المصعد ليضع طارق يده على كتفها يضمها إليه وأخبرها بعدها بنبرة حنون
- أريدك مشرقة هكذا دومًا نيا.
أومأت برأسها في حبور واتجها إلى خارج المصعد متجهين إلى المنزل بهدوء وكأن ما حدث قبل قليل لم يكن سوى عاصفة حطت رحالها ورحلت.
أما الشخص الثالث بالمصعد فقد راقب كل ذلك بنظرة مندهشة مما يحدث متمنيًا شعوره بنفس ذات السعادة يومًا.
بعض العواصف تزعزع الكيان لكنها تشبه الهزة التي تُجبر الجسد للعودة إلى مساره الصحيح مهما حدث.. تلك الرجة تخبرنا بأن الأمور لم تنتهي وأنه يمكننا البدء من جديد وكل معتمد على طاقتنا المحدودة في التصدي للأمور.
نحن لم نختر المعاناة بل اتخذناها نهجًا في حياتنا التعسة حتى وإن أنكرنا ما اقترفناه بحق أنفسنا لكن تظل يدنا المخضبة بدماء أفعالنا دليل على أن تنظيفها نقطة البداية وما بعدها هين من السهل تداركه.
.....................
الجنون هو أن تدرك قيمة نفسك قبل أن يخبرك البقية بذلك..
الجنون هو أن تسير في درب الصواب مهما كلفك الأمر لكن درب الجنون حين تقف في وجه التيار تمنعه من المرور، تجبره على التنحي لتفعل ما تريده أنت..
درب الجنون هو أن يُشار إليك بالمختل وأنت لازلت بكامل قواك العقلية.
هبطا من سيارة أجرة وقفت بهما أمام أسفل البناية، أسند أركان والدته لتهبط منها وأنقد السائق أجرته وبعدها وقفا أمام الباب بنية الدخول.
نظر لها بحنان ولسانه يتوعد برد الصاع صاعين قريبًا لكن ما يهمه الآن هو أن والدته بخير -كما يُشاع- خاصة بعد أن أخبره الطبيب بكونها بخير ومن الممكن عودتها للمنزل.
استمع إلى جلبة من الداخل وقبل أن يفهم ما يحدث وجد أحدهم يقذف آلة موسيقية إلى الخارج ليتأمل النقش عليها ولم تكن سوى خاصته..
أخبر والدته بضرورة البقاء هنا حتى يعرف ما يحدث وما إن وطأة قدماه للداخل -في ساحة العمارة قرب الدَرج- حتى وجد أثاث منزلهم بأكمله في الخارج محطم كحال أحلامهم.
ناظره نفس البغيض الذي تشابك معه أمس لكن تلك المرة بنظرة انتصار لرجولة أُهدرت أمام بقية السكان، عقد حاجبيه بتساؤل وقبل أن يتحدث أخبره الآخر بظفر
- للأسف سيد أركان لا يوجد لك مكان بيننا.
عد إلى الرقم خمسة حتى لا يثور عليه وبعدها أخبره بنبرة خالية من أي شعور
- لا أفهم!
- ابحث لوالدتك وأنت على منزل آخر غير هذا.
قالها أحد الجيران بعصبية مفرطة وانقض عليه ليلكم وجهه لكن أركان تفاداها ليزيح يده جانبًا وبعدها أخبره بغضب بعدما قبض بيده على فك الآخر يضغط عليها بعنف
- لست سوى حثالة يا هذا.
ازداد ضغطه بمقدار غضبه ليرتعد الآخر مما يراه فالفتى لم يكن سوى مسالم ونظرة الشر تلك لم يرها قبلًا ليُكمل أركان جوار أذنه
- لذا لا تحاول فعلها ثانية حتى لا أبترها لك.
وعاطفة جليدية خالية من أي شعور ونظرة جوفاء تُحيطها سياج قسوة، أزاحه بقسوة للجانب واقترب منهم لينتشل أحد المقاعد ويجلس عليها واضعًا قدم فوق الأخرى بأريحية ليقول بصوت مرتفع
- ظننتم بأن أركان مسالم!
ضحكة ساخرة ألقاها عليهم كحال نظراته ليُكمل بنبرة هازئة
- لكن تعديتم الحدود وأعلنتم الحرب.
ضحكة أنثوية هازئة كحال ضحكته تسربت من بين الواقفين أمامه لتخبره أحدهم بعدما تحركت من موضعها لتقف في مواجهته
- مجنون كحال والدتك.
ضحك قبل أن يمد يده بتكاسل وبعدها فتح عينيه يناظرها بسخرية وما إن هم بالتحدث حتى سبقته بغضب
- والدتك أول أمس أضرمت النيران بالمنزل وبعد غد ستفعل نفس الأمر معنا لتُهلكنا جميعًا لذا وجب علينا حماية أنفسنا من بطش جنونها.
- وهل حياتكِ مهمة لتلك الدرجة حتى تحميها!
تساؤل ساخر تبعه وقوفه من مكانه واتجاهه للخارج يصطحب والدته إلى حيث هم.
وجدها تقص حكاية على طفل لأحد قاطني العمارة ليأخذها إلى الداخل، تحرك ثانيةً وبعد دقائق عاد ومعه زجاجة لم يتبين أحدهم ما بها، نثر محتوياتها على أثاث شقتهم بالكامل قبل أن يشعل عود ثقاب ويلقيه بها ليشهق الجميع في فزع وهو وقف أمام أمه ينظر للهيب المتراقص بفخر وبعدها أخبرهم بلامبالاة
- عما قريب سيدفع كل منكم ضريبة أفعاله.
نظر لهم بسخرية وأكمل بغرور
- لكن حينها لا مجال للصفح.
قال كلماته واصطحب والدته ليغادرا هذا المكان بصورة مؤقتة وداخله ظفر بانتشاء لما فعله منذ لحظات لترتسم ابتسامة خبيثة على جانب ثغره ما لبث أن انمحت تمامًا وتبدل مكانها القلق حينما لاحظ شحوب والدته جراء ما فعله وذكريات نفس اليوم المشؤوم لازالت تطاردها وتُقلق مضجعها.
أما والدته بمجرد رؤية ألسنة اللهب تذكرت كل شئ بوضوح وكأنه لم يحدث منذ سنوات بل حدث بالأمس القريب فكل ما كان يؤرقها حينها هي حماية صغيرها من بطشهم جميعًا حتى وإن فقدت روحها قربانًا لذلك الأهم أن يكون الصغير بخير.
حمحمت بكلمات غير مفهومة وسقطت أرضـًا بإعياء وقد نالت منها بقايا ذكريات متهالكة أدمت قلبها قبل عقلها.
وأركان جلس جوارها أرضًا واحتضنها في ندم ففعلته السابقة السبب في كل ما حدث الآن ليصمت مجبرًا وداخله ينهره بشدة، ضغط على عدة أرقام وما إن استمع لصوت الطرف الآخر أخبره بقسوة
- والدتي فقدت الوعي على الطريق..
حرك يده بعنف على وجهه وأخبر المجيب بغضب
- أريد سيارة إسعاف في الحال.
وأغلق الخط منتظرًا تلبية النداء..
الحياة لم تكن عادلة بما يكفي لذا اصطنع القوة لمحاربتها، لا تنتظر من أحدهم أن يكون سلاحك بل كن سلاح نفسك وتسلح بالشجاعة في مواجهة كل مَن سببوا لك الأذية يومًا دون نظرة تعاطف واحدة منك ولا يغرنك ارتعاشهم فأنت كنت مثلهم في أحد الأيام لكنهم دهسوك بلا شفقة.
.................
حُرم الذكريات مُحرم علينا ما لم يأذن أصحابها لنا بالتسلل داخلها..
لص كنت أو عاشق لن يُشار إليك إلا بعابث أراد الظفر بقلعة السعادة وحده وحينما دخلها لم تكن سوى أشواك تنهره بضرورة الخروج منها.
وهو لن يتمكن من البقاء أكثر من ذلك أمام عاصفة ألمها..
ريان استخدم تنويم مغناطيسي ليتسلل إلى طفلة لازالت سجينة أسفل ركام الماض وليته لم يفعل فروحها تحولت إلى مسخ يكره الضياء، يعشق الظلام ويأبى الخروج منه.
زوجته تعاني وطريقه معها شائك بالكثير من المفاجآت الغير متوقعة وهو لن ينتظر تلك الأشياء لتباغته بل سيقترب منها وينزع صمام الأمان وليحدث ما لا يحمد عقباه بعد ذلك لكنه نسي بأن فآطم ضحية لماض لن تتخلص من عباءته بسهولة ولن تستطيع نزعها ببساطة فهي اختارت ركن بعيد منزو ولن تسمح لأحدهم بالاقتراب منه.
هاجمته ذاكرته بما حدث قبل أيام وانطوائها بصورة ملحوظة بعيدًا عنه وعن جده لينهره الآخر بغضب من طيشه الغير محسوب العواقب ومع حقنها بالمهدئات كان يستلقي جوراها يضمها إليه بامتلاك..
يتشبث بها كغريق فقد بوصلة أمانه في ليلة عاصفة..
يدفن رأسه بين أحضانها ينوح حبيبة لن تسمح له بالتمادي بيسر.
يتأملها متمنيًا عودته للسابق وخاصةً قبل بداية الأمر برمته واختطافها من والديها لتعيش معه مانعـًا بذلك طيش والدها معها لتحيا كشخص سوي بروح غير ممزقة إلى أشلاء.
في كل مرة كان يجلس جوارها -وهي فاقدة للوعي أو تحت تأثير المهدأ- يقص عليها نبأ سار حدث معه بعد رؤيتها أو ذكرى عالقة كانت سببها..
يعرف تمامًا بأن صوته عون لها بل ويكاد يكون مصباح يُنير لها كهف عتمتها في ليلة اختفى فيها القمر.
في تلك اللحظة قرر الإبحار معها إلى مواطن ألمها لتضميدها الواحدة تلو الأخرى وبعدها تهنأ بحياتها في كنف عشقه.
وضع استراتيجية للسير عليها خلال خطة علاجها وبالطبع في جعبته الكثير فهي زوجته وهو لن يتوانى لحظة واحدة في انتشالها من القاع مع ضرورة تكرار تنويمها المغناطيسي على فترات زمنية معينة حتى تتقبل الماض ولو قليلًا لتستطيع تجاوزه ودفنه أسفل قدميها.
شدد من احتضانها له ليستمع إلى همهمة خافتة مع ارتعاش أصابعها ليتحدث بصوت خافت بالقرب من أذنها
- ريان زوجك جوارك فآطم.
صفته لاحقت اسمه لتعلم بأن لديها مَن يحميها وقت الحرب قبل السلم، وتسللت أصابع يده لتأسر خاصتها في عناق حالم لها وبها فقط، طبع قبلة على وجنتها وقبل أن يتمادى استمع إلى صوتها الخافت ينوح بألم
- تيم لم يتوفى ريان.
ازداد من ضمه لها وهو يقول بتأكيد
- أعلم فآطم..
ثم ابتسم بعدما طبع قبلة أخرى على وجنتها ليُكمل بهدوء
- لم يتوفى لأنه لازال حي داخلك حبيبتي.
انفرج ثغرها بابتسامة باهتة قبل هدوء وتيرة أنفاسها لينام جوارها بتعب متمنيًا بأن تُشرق شمسه في الصباح العاجل حتى يكتمل يومه على خير.
...............
#من_بين_الرماد
#أسماء_رمضان
أنت تقرأ
"من بين الرماد"- "أسماء رمضان"
Romanceمن بين الرماد... "داء العشق يُبتر لا يُضمد" تحكي قصة فتاة تخلى عنها حبيبها ليلة الزفاف فماذا ستفعل حيال ذلك.. هل تبكي الأطلال أم تقف شامخة كحال ذويها!.. نحن أمام بضع كلمات منثورة تعطي إيحاء بوجود الأمل دومًا مادام القلب ينبض بالحياة.