الفصل الثاني عشر

375 12 0
                                    

《الفصل الثاني عشر》

سأقول لك أحبّك
سَأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"...
حينَ تنتهي كلُّ لُغَاتِ العشق القديمَه فلا يبقى للعُشَّاقِ شيءٌ يقولونَهُ.. أو يفعلونَهْ..
عندئذ ستبدأ مُهِمَّتي
في تغيير حجارة هذا العالمْ
وفي تغيير هَنْدَسَتِهْ شجرةً بعد شَجَرَة
وكوكباً بعد كوكبْ
وقصيدةً بعد قصيدَة سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
وتضيقُ المسافةُ بين عينيكِ وبين دفاتري
ويصبحُ الهواءُ الذي تتنفَّسينه يمرُّ برئتيَّ أنا
وتصبحُ اليدُ التي تضعينَها على مقعد السيّارة هي يدي أنا..
سأقولها، عندما أصبح قادراً، على استحضار طفولتي، وخُيُولي، وعَسَاكري، ومراكبي الورقيَّهْ..
واستعادةِ الزّمَن الأزرق معكِ على شواطئ بيروتْ..
حين كنتِ ترتعشين كسمَكةٍ بين أصابعي..
فأغطّيكِ، عندما تَنْعَسينْ،
بشَرْشَفٍ من نُجُوم الصّيفْ..
سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"...
وسنابلَ القمح حتى تنضجَ.. بحاجةٍ إليكِ..
والينابيعَ حتى تتفجَّرْ..
والحضارةَ حتى تتحضَّرْ..
والعصافيرَ حتى تتعلَّمَ الطيرانْ..
والفراشات حتى تتعلَّمَ الرَسْم..
سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
عندما تسقط الحدودُ نهائياً بينكِ وبين القصيدَهْ..
ويصبح النّومُ على وَرَقة الكتابَهْ ليسَ الأمرُ سَهْلاً كما تتصوَّرينْ..
خارجَ إيقاعاتِ الشِّعرْ..
ولا أن أدخلَ في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرفُ أن أتهجَّاهْ..
كَلِمَةً كَلِمَهْ..
ومقطعًا مقطعًا...
إنني لا أعاني من عُقْدَة المثقّفينْ..
لكنَّ طبيعتي ترفضُ الأجسادَ التي لا تتكلَّمُ بذكاءْ...
والعيونَ التي لا تطرحُ الأسئلَهْ..
إن شَرْطَ الشّهوَة عندي، مرتبطٌ بشَرْط الشِّعْرْ فالمرأةُ قصيدةٌ أموتُ عندما أكتُبُها..
وأموتُ عندما أنساها..
سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
عندما أبرأُ من حالة الفُصَام التي تُمزِّقُني..
وأعودُ شخصًا واحدًا..
سأقُولُها، عندما تتصالحُ المدينةُ والصّحراءُ في داخلي.
وترحلُ كلُّ القبائل عن شواطئ دمي..
الذي حفرهُ حكماءُ العالم الثّالث فوق جَسَدي..
التي جرّبتُها على مدى ثلاثين عاماً...
فشوَّهتُ ذُكُورتي..
وأصدَرَتْ حكماً بِجَلْدِكِ ثمانينَ جَلْدَهْ.. بِتُهْمةِ الأُنوثهْ...
لذلك. لن أقولَ لكِ (أُحِبّكِ).. اليومْ.. ورُبَّما لن أَقولَها غداً..
فالأرضُ تأخذ تسعةَ شُهُورٍ لتُطْلِعَ زهْرَهْ والليل يتعذَّبُ كثيراً..
لِيَلِدَ نَجْمَهْ..
والبشريّةُ تنتظرُ ألوفَ السّنواتِ..
لتُطْلِعَ نبيَّاً..
فلماذا لا تنتظرينَ بعضَ الوقتْ..
لِتُصبِحي حبيبتي؟؟
*"نزار قباني"*
...................
- الحب...
صمتت فاطيما تتحكم في حماستها الزائدة أو حماقتها الغير مبررة قبل قولها بتبرير تعقيبًا عن الكلمة السابقة
- كلمة لازلت أجهل فحواها، هل لأنني لم أتذوق شهدها بعد أم أنني أخاف الاقتراب منها حتى لا يجرحني ملمسها الناعم.
ابتسمت بسخافة مراهقة أهداها زميلها بالصف وردة تعبر عن إعجابه بها رغم كونها تتظاهر بالجهل من حقيقة مشاعره المرهفة
- أُغلِق كافة الأبواب حتى لا يتسلل ذاك اللعين داخلي، أخاف الجرح ربما، أرهب الفراق نعم، أخشى الحزن بالتأكيد، مَن منا لا يكره غمامة الحزن، يمقت الفراق ويكره الدموع فاجتماع الثلاث كلمات ماهو إلا انكسار مبكر لمرحلة اللاشعور لاحقًا.
عبثت بالأوراق أمامها في تشتت قبل قولها بإقرار أكثر منه بنفي
- انكسار مبكر أو بداية العذاب مع رسم ابتسامة منمقة حتى لا يتألم أحدهم، تضحك بالرغم من تقطع نياط قلبك، تمنع انجراف دمعاتك بالرغم من هطولها باستمرار دون شعور، تفعل الشيء وأنت تعاني من تضاده والسبب أنكَ استأثرت بأذية نفسك بدلًا من مشاركتها مع الآخرين.
ارتشفت القليل من الكوب أمامها تبعها قولها متذكرة شيئًا قد نسيته في خضم حماسها
- أخبرتني صديقتي بالأمس القريب بأن الحب ماهو إلا رداء الألم بحياكة سعادة لن تنولها قط بل ستبلى مع الثوب لتصبح مرقعة بانعدام الحياة.
ضحكت من تلك الذكرى قبل محاولة تماسكها لتقول بعدها باشتياق لتلك الذكرى
- ضحكتُ كثيرًا وتألمت أكثر لأني وببساطة أعلم بأن الحب ماهو إلا ألم مذاقه لاذع، رائحته ذكية، بُعده راحة، قربه ألم، مجاراته مجازفة، رحلة تود المخاطرة بكل ما تملك فقط لخوضها، تبحث عن نجم يضيء كَونك لكنك تجاهلت بأن لونه يبهت بمرور الأيام حتى ينطفيء، قد تقول بأني مختلة لكن هذه الحقيقة التي تتجاهلها دومًا عزيزي. 
التقطت فاطيما أنفاسها الثائرة أملًا في ضبط إيقاعها بعدما أنهت شوطًا لا بأس به عن موضوع حلقتها، ارتشفت بعض من كوب الماء أمامها قبل قولها باعتذار عن شجاعة زائفة يتخللها بعض التردد
- اعتذر عن بداية الحلقة هكذا لكن حماستي فاقت كل المقدمات، لذا اعتذر، وأيضًا صديقتي تعتذر لعدم الحضور.
شهيق تبعه زفير لترتيب الكلمات وتهدئة الدقات لتقول بهدوء مسترسلة في حديثها
- البعض يقول الحب حياة، لن اعترض، الحب حياة حقـًا، القلب مثل الزهرة تحتاج للماء دومًا لتظل على قيد الحياة، لكن هكذا تحافظ على حياتها! لا بل تحتاج للرعاية للقضاء على بعض العشيبات المتطفلة عليها، تحتاج الكثير من الاهتمام لتظل تفوح برائحتها العطرة.
أشارت بإصبعها علامة واحد تبعها قولها بهدوء
- هذه أولى معادلات الحب.. بدايته اهتمام، نظرة، موعد، أمل باللقاء، تلهف لرؤية الحبيب، خجل لرؤيته بخير.
أشارت علامة اثنين قبل قولها بحياء من حديثها بأريحية هكذا والسبب أن الجميع يستمع فقط ولا أحد يراها
- وهذه معادلة أخرى الحب اطمئنان لرؤية الطرف الآخر بخير.
ضحكت باستهزاء من مرور ذكرى قريبة لصديقة أخبرتها بأن حبها لخطيبها يقل بمرور الوقت لتقول بعدها بإقرار
- أخبرتني صديقة ذات مرة أنه بمرور الأيام باتت تخشى خطيبها، أصبحت تمقت وجوده، تخاف حضوره، ثقتها به انعدمت والسبب أنه غير أمين على قلبها أو حتى علاقتهما.
عند هذا الهاجس توترت حدقتيها بألم من ذكرى بعيدة لأشخاص ظنتهم الأقرب لكنهم لم يكونوا سوى الخنجر المسموم الذي طعننا في منتصف الفؤاد، تبرير تلاه آخر والنتيجة بأن الجميع لا يستحق نبض القلب، تجهمت ملامحها قبل قولها بحزن
- وهذا يؤكد بأن الحب اطمئنان ليس فقط أنه بخير بل أيضـًا أن تطمئن على دقات قلبك جواره، أن تُغمض عينيك براحة لوجود من يحافظ على أنفاسك من أي متلصص، الحب ثقة وهذه معادلة أخرى لا أعلم عددها، المشكلات قد تضعفها أو تقويها، ليس تضادًا بل هي الحقيقة التي دومًا ما ننفر منها، نرهب حتى من التفكير بها، دائرة محظورة نخشى الاقتراب منها لأننا وببساطة اعتدنا على السير مغمضي الأعين دون حتى النظر للتأكد من أننا لسنا مشردين على قارعة العشق.
استخدمت قلمًا لتمييز كلماتها التالية قبل إضافة عدة ملاحظات تبعها قولها المستنكر من حقيقة تفكير الكثير
- وجهة نظر قد يختلف الكثير معي لكن لا مفر من قولها لتوضيح تلك الشوائب العالقة بقلوبنا احترامًا للطرف الآخر، على سبيل المثال، الحديد المستخرج من باطن الأرض كلنا نعلم بأنه حديد لكن نظرة من كيميائي يخبرك بأن به شوائب، تلك الشوائب تحتاج الكثير من العمليات لإزالتها، وكل عملية تختلف باختلاف نوع الحديد المستخرج، لا أعلم وجهة نظري قد أدت مهمتها أم لا لكن سأقولها صريحة، البعض منا لا يحب الطرف الآخر، صدمة أعلم لكن حبك يشبه قطعة الحديد تلك، الشوائب العالقة بها ماهي إلا سراب الحب الذي تسير خلفه مغمض العينين، لا يهمك شيء سوى شعورك بالراحة، حاول إزالة تلك الشوائب ستجد بأن حبك لم يكن حب بل تعلق أحيانــًا، اطمئنان أغلب الوقت، راحة لرؤيته، مهمة تكفل هو بها ليجبر قلبك على توقيع مستند بأنك تحبه، أغلب الأحيان يكون الحب تعلق واه، الحب تعلق لكن تعلق روحين ليس تعلق بموعد أو بجمال شخص أو بجاهه.
رسمت عدة مربعات جوار بعضها البعض وفي كل منها كلمة ما قبل قولها بهدوء
- اختبر نفسك بالبعد عنه ولو قليلًا، ستتألم قليلًا لكن بمرور عدة أيام لن تشعر بالألم كالسابق، تأكد بأن هذا لم يكن حبـًا بل تجربة أحببت دور الطرف الأول منها، الطرف المُضحي كان لقبك قبل كونه دورك، أحببته بالرغم من معرفتك سابقًا بأنك ستتألم لا محالة، أما لو ازددت عشقًا بالطرف الآخر ببعدك وهو أيضـًا تعذب دونك أعلم وقتها بأنه الحب الذي تبحث عنه وأخيرًا قد عثرت عليه.
سكنت لبرهة من الوقت تستدعي بقية كلماتها لمؤازرتها والوقوف جوارها بتلك القضية، أشار لها المهندس الصوتي بضرورة قطع البث المباشر والخروج لفاصل قصير بعدما ازدادت مدة الحلقة دون الخروج لفاصل، ابتسمت بهدوء قبل قولها
- سنستمع لتلك الأغنية "داء الحب" من صديقة البرنامج ثم العودة مجددًا لموضوعنا الشيق.
لحظات تخطت الدقائق وبعدها تم الانتهاء من الأغنية لتصدح كلماتها بأرجاء غرفة التسجيل قائلة
- ها قد عدنا من جديد أصدقائي لكن تلك المرة بلمحات مختلفة عن مفهوم الحب عبر العصور، بداية بالجاهلية حتى وقتنا هذا، لكن قبلها أود إضافة معادلة أخرى، وهي أن الحب غيرة، غيرة على حبيبك من نسمات أنثى أخرى، غيرة من قدرك المجهول جواره، والدليل على ذلك تلك القصة.
أخذت ورقة من جوارها كانت قد أعدتها سابقًا قبل قولها بصوت رخيم تقرأ ما بها
- يُحكى أن أعرابيًا في الجاهلية زُفّت إليه عروسه على فرس، فقام وعقَر تلك الفرس التي ركبت عليها العروس، فتعجب الجميع من حوله وسألوه عن سرِّ عمله فقال لهم: خشيت أن يركب السائس مكان جلوس زوجتي ولا يزال مكانها دافئًا!.
ضحكت بخفوت مما قرأته قبل قولها بهدوء في محاولة لإقناع البقية الرافضة لمبدأها وجهة نظرها لتُكمل هامسة
- لن نذهب لبعيد عن الحب ومفهومه، قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنّي رُزقت حُبّها" والمقصود أمنا السيدة خديجة رضي الله عنها، حتى غارت منها السيدة عائشة رضي الله عنها، فهي زوجة أولى للنبي، مسلمة أولى من النساء،  رزق منها بالولد، لم يتزوج غيرها طوال حياتها، قال صلى الله عليه وسلم: «خيرُ نسائِها مريمُ بنتُ عمرانَ، وخيرُ نسائِها خديجةُ بنتُ خويلدٍ » (البخاري، ومسلم واللفظ له).
ابتسمت بحالمية قبل قولها بحب مما تقرأه فهي تشعر بأن الكلمات تتراقص أمامها من فرط جمالها
- لن ننس حب سيدنا علي رضي الله عنه للسيدة فاطمة وشعره الصادق بحبها حتى بعد وفاتها، حين قال....
"حظيت يا عود الأراكِ بثغرها *** أما خفت يا عود الأراك أراكَ
لو كنت من أهـل القتال قتلتك *** ما فـاز منـي يا سِواكُ سِواكَ"
طوت الورقة ووضعتها مكانها قبل قولها بإصرار وقد وصلت لنهاية الإقناع وما بعدها يصبح بلاهة حتى لو تشبث أحد الطرفين
- ثلاثة أمثلة كلا منها يوضح مدى الحب الصادق للحبيب، هل وصلت لتلك المرحلة لتقول بأنك أحببت بصدق! أم أن الحب مجرد علكة تتداولها الأفواه بنكهات مختلفة.
تنهدت بتعب من سرعة حديثها وفرط مبرراتها قبل قولها بهدوء
- الحب معادلة صعبة، يصعب فك طلاسمها، كل ما عليك هو وضع كافة مشاعرك بطرف منتظرًا سعادتك من الطرف الآخر، ليس تخاذلًا بل تعشمًا في عدم خذلانك من الحبيب.
أشار لها مهندس الصوت بأن الوقت قد أزف لتزفر بضيق من مرور الوقت سريعًا لتقول محاولة الإسراع قبل ختم الحلقة
- الحب يشبه كثيرًا الصيام، تظل طوال اليوم منتظرًا آذان المغرب لكي تبلل فاهك بالماء، تخيل بأنك قد شربت ولو بضع قطرات طوال اليوم متناسيًا بأنك صائم، وقت الإفطار لن تشعر بلذة الانتظار أو حتى الصيام، قد تتأخر قليلًا عن الإفطار بعد المغرب ببعض دقائق قد تصل لساعات لكن هذا لا يمنع بأنك تتلذذ بنكهة الانتظار، بالنسبة لك آذان المغرب هو حبك الحلال، ما قبله عبث لقلبك، إجهاد لروحك، إهدار لحبك، قد يتأخر قليلًا لكن اللحظة المناسبة تأت وقت الآذان، لا تتعجل بالحصول عليها حتى لا تفقدها بسرعة وتندم فيما بعد.
شعور الراحة تغلغل إليها وهي قد شارفت على الانتهاء من حلقتها الهامة لتقول بعدها بتهذيب بعد كم مضايقات لأصحاب القلوب المُرهفة
- الحياة منعطفات والحب مطبات قد يقذفك أحدهم عاليـًا فوق السحاب وقد يخسف بك أحدهم تحت الأرض، كل ما عليك هو المحافظة على قلبك من أي متلصص حتى يحين موعد إفطارك.
قالت آخر كلماتها واختتمت الحلقة بأغنية "هذي الروح"، لم تعلم خطوتها التالية، انقطع البث وبالطبع انتهت كلماتها معهم، لكن لم تنته رسالتها، هنئها أصدقاؤها على تلك الحلقة فكثير منا يظن بأن الحب هو تلك الهفوات التي يقع فيها سلفًا لكنه لا يعلم بأن ذلك لم يكن إلا إرهاق الروح قبل إجهاد القلب.
.....................
الحقيقة.. شبح الكلمات.
نرددها أحيانــًا.. نهابها كثيرًا.
معرفتها إعصار تدمر كل جميل داخلنا، دويها كالقنبلة يدمر جذور استقرارنا، وجودها كالمغناطيس يجذب الحزن لعالمنا، يوئد الابتسامة منه، نحبها ونهابها لأنها وببساطة تريحنا على المدى البعيد، تكشف لنا جزء من وجع تجاهلناه عمدًا خوفًا من الأذى.
الحقيقة ماهي إلا ألم تجاهلناه رغبة في سرقة بضع لحظات من السعادة، كلما حاولت الظهور نخفيها بكل طاقتنا حتى لحظة معينة تكن طاقتنا أقل من فعل المزيد لذا نتركها تظهر كما هي دون تجميلها أو حتى الاستعداد للدغاتها.
جلست على مكتبها تراجع آخر التطورات بتلك القضية، تعلم بأنه قد حانت اللحظة الحاسمة لكشف الحقيقة كاملة دون تزيين أو تجميل، تخشى تلك اللحظة، عقلها يونبئها بأنه قد اقترب موعد اللقاء لكنها دومًا تتجاهل هذا الناقوس، لن تفكر بشيء، ستترك الأمور كما هي تأتي كيفما تشاء، اقتربت منها فيولا بدهشة واحتضنتها من الخلف، تعلم بأن نهاية كل قضية ماهي إلا مسمار يدق في نعش رحيلها.
تفاجئت رانسي من وجودها هكذا، ابتسمت بشرود قبل قولها
- خطأين، الأول لم تطرقي الباب والثاني فعلتكِ تلك دون أخذ تصريح بفعل ذلك. 
شفاه متبرمة وعقدة حاجب كانا الرد على كلماتها، لتضحك رانسي على ملامحها الغاضبة تلك، تبدو  شهية بتلك اللحظة، لو كان أبيل هنا حتمـًا سيخبئها بقلبه جوار رئتيه، تحميها أضلعه من أي ضرر يلحق بها.
شهقة متفاجئة كانت تذكرة رانسي للعودة لأرض الواقع، لتنظر أمامها وكأن أبيل قد قفز من بين أفكارها ليقف أمامها، نظرت له برفعة حاجب على فعلته تلك، أخذت تتوعده بسرها وهي تقسم بأنها ستنتقم منه قريبـًا.
أما هو، عندما وجد فاتنته هكذا عاقدة حاجبيها وذراعها لم يتردد لحظة واحدة بالاقتراب منها، قبّلها بهدوء على خدها بالتزامن مع وضع يده حول خصرها مقربًا إياها منه لتصطدم بصدره العريض وشهقة متفاجئة تتسلل من بين شفتيها، ليضحك بعبث قبل تقبيل مقدمة أنفها أمام أعين رانسي، يعلم بأنها ستعاقبه على فعلته لكن كل شيء مباح في حضرة عشقه.
سعلة خافتة كانت رد رانسي على فعلته تلك، لتقول بهدوء
- عزيزي أبيل، سر تكرمك لتكون هنا!
- فيولا.
قالها أبيل دون تفكير، جاهدت على رسم قناع الصرامة محاولة كبت ضحكاتها بصعوبة وفيولا تحاول جاهدة التملص من بين ذراعيه ليضحك أبيل على عفويته تلك ويقول بهدوء عكس قوله السابق
- كل شيء تم كما أردتِ، موجود بغرفة الاستجواب.
- حسنـًا، هيا بنا.
قالتها رانسي بعملية وهي تسير تجاه الباب، ليقول أبيل بحالمية
- اذهبِ وانا سأنتظرك مع فيولا. 
ضحكت فيولا بخفوت على غضب رانسي، معالم وجهها أصبحت كقنبلة موقوتة على وشك الانفجار بأي لحظة، خرجت قبل تلقين ذاك الأبيل درسًا لا ينس، ليبتسم أبيل على إثارة حنقها وقبل التفوه بحرف وجد من يجذبه من ذراعه خلفها، كتم غيظه حتى لا يسبها، لتضحك كلا من فيولا ورانسي بهدوء قبل أن تقول رانسي
- افعل ما تود فعله بالمنزل، هنا مكان العمل.
قالت كلماتها وهي تترك يده ما إن وصلت أمام غرفة الاستجواب، احتضن فيولا بسماجة قبل قوله
- حسنـًا، سأذهب لمكتبي ومعي فيولا وأنتِ انصرفي حيث مهمتك.
دخلت رانسي قبل صفع الباب بقوة بوجهه ليبتسم كلاهما على فعلتها المنزعجة فهو منذ علاقته مع فيولا وهي تخبره بأن العمل محله عمل والمنزل مكان العشق لا العكس، جاهدت فيولا على التملص من بين يديه ليخبرها بصوت منخفض بالقرب من أذنها
- امحي أي فرصة لتركك بعدما عثرت عليك، أحبـــك يا كل أنفاسي.
أحمرت خجلًا من كلماته، يزداد عشقه بقلبها يومًا بعد يوم، لتقول محاولة التهرب من حصاره الذي يُربكها
- أرجوك، ادخل لغرفة الاستجواب، كن جوارها، أنتَ  تعلم بأنها تحتاجك اليوم أكثر من أي وقت مضى.
- موافق.
فرحت بكلمته تلك لتعبس ملامحها المتبرمة قبل قوله
- شريطة ان تكوني جواري، أنا أحتاجك أيضـًا..
ابتسمت لكلماته قبل عدة إيماءات من رأسها موافقة على حديثه، دلفا للداخل، تابعت ما يحدث من خلف الزجاج الفاصل بين غرفة الاستجواب والأخرى لمتابعة ما يحدث.
جلست رانسي براحة على الكرسي المقابل لضيفها الغير متوقع، ظلت تتأمله قليلًا قبل انضمام أبيل لها، لتضحك بهدوء قبل قولها
- تقابلنا سيدي لكن تلك المرة بتهمة قتل السيد ألفريد مايكل.
- دليلك!.
قالها ذاك الشخص القابع أمامها بتساؤل، لتضحك بتهكم قبل قولها
- بجعبتي الكثير سيد جاك سميث أو أخبرك W.R، حروف غريبة لكنها حقـًا ذكية.
نظرات حائرة كانت من نصيبها وأبيل، ليضحك أبيل بخفوت قبل قوله
- سأخبرك منذ البداية، أو بداية البداية، موظف مرتش يقبل القروض تبعًا لهواه، اختلاس الكثير من الأموال بالطبع كانت أولى أسباب طردك من وظيفتك..
قاطعت رانسي أبيل لتقول بتوضيح بعد كل ما توصلت إليه
- ليس هذا فقط أبيل، بل أيضـًا تلك الأوراق بدون رصيد، كانت تباع في السوق السوداء أملًا في جني المزيد من المال.
ضحكت رانسي بخبث لتكمل بهدوء أحبته كثيرًا
- تلك أيضـًا ليست البداية، البداية من الجامعة عندما أحبته حبيبتك وتزوجا، أردتها لك لكنها اختارته هو، وظيفتك كانت سلاحك لمحاربته قبل أن يشاركك بنفس المكتب، بالطبع ظلم لذاتك ومكانتك، لذا قررت أن تورطه بأي شيء خاصة بعد تقلده منصب مدير البنك المركزي، بدأت تطلب الأموال حتى توافق على القروض لكن تلك أيضـًا ليست بداية فك شيفرة القضية.
نظر لها باستغراب ليقول بهدوء متعجب من حديثها
- يبدو بأنك تشاهدين Hawaii Five 0 كثيرًا..
قالها السيد جاك ببرود ليضحك أبيل على مزحته تلك قبل قوله
- لدينا مغامرات Five 0 هنا، لذا لا نجربها بمكان آخر..
- بداية الخيوط كانت عند المخضرم، بالطبع ثعلب لكنه في حضرة الأسد يصبح عبد الملك.
قالتها رانسي بإيضاح، أخذت نفسًا عميقـًا تُنعش به رئتيها قبل قولها الساخر
- تقابلنا مرتين قبل هذه، الأولى بمكتب المخضرم، عرفت هويتك من تلك الرائحة خاصتك، زكمت أنفي هناك، أيضـًا سيجارك المفضل، فالمريض لا يتناول السجائر أمام معالجه، لكن تلك أيضـًا لم تكن البداية.
- البداية حينما أخبرتني رانسي بضرورة متابعة المخضرم ومعرفة تحركاته، لذا كان جهاز التنصت بساعته المفضلة خياري، انت تعلم بأن مقتنياتك تبقى خارجًا قبل بداية التحقيق وهذا ساعدني كثيرًا.
قال أبيل آخر كلماته قبل وضع ذاك المسجل أمامه، لتباغته الصدمة قبل أن تشل أطرافه من فرط التوتر
........
- مطمئن لما آلت إليه الأمور الآن؟
وبنظرات باردة خالية من أي تعاطف أجابه السيد جاك ببرود وكأنه لا يهتم لاشتعال الواقف قبالته
- أجل فالتعقيدات ماهي إلا معادلات تحثك على حلها، تسهر الليال بحثـًا عن طرف بدايتها حتى تتمكن من الوصول إلى أفضل قرار وبدون أية خسائر.
- لست مضطرًا لسماع حماقاتك ونظرتك الفلسفية تلك، كل ما أريده هو تنظيف الفوضى التي تسببت بها، إلقائها في أقرب مكان للنفايات حتى يهدأ داخلي.
قالها المخضرم بغضب نقشت معالمه بمقلتيه، تحدث السيد جاك ببرود جلي ولم تهتز له شعرة تضامنـًا مع عصبية خصمه
- أخبرتك سابقًا بألا تعط الأمر أكثر مما يستحق، لا تدع الترهات تستحوذ على تفكيرك وتنسيك عملك، أخبرتك بأن الأمر كله سيأخذ مجراه الطبيعي من وجهة نظري لذا اصرف تفكيرك لشؤونك لا لشيء آخر، ودعني أهتم بمسار اللعبة فالخيوط تشابكت والأفكار نضجت أما الوقت فقد حان لقطافها.
قال كلمته الأخيرة وهو يربت على كتف المخضرم بثبات جلي قبل مغادرته المكان تاركـًا إياه يفكر فيما حدث وما ستؤول إليه الأمور، فالمستقبل مشوش بضباب الأمس.
....
وبانتهاء المسجل عند حد معين قام أبيل بإيقافه، لتتحدث رانسي بهدوء
- بالطبع عند مقارنة الصوت مع الكثير بقاعدة البيانات لم نجد تطابقًا، لذا وجب علينا البحث بطريقة مختلفة.
سكتت قليلًا لتشهق بصدمة كأنها قد تذكرت شيئًا سقط منها سهوًا لتقول بهدوء
- نسيت إخبارك بأن عقاب السيجار خاصتك أخذته من مكتب المخضرم، أطلق عليها ألعاب خفة، تم مقارنة الحمض النووي خاصتك مع الموجود بقاعدة بيانات المجرمين لم نجد شيئًا أيضـًا، بالطبع جريمة كاملة الأركان دون هفوة واحدة.
أخذت نفسًا عميقـًا لضبط أنفاسها اللاهثة قبل قولها
- أوهمت زوجة الضحية بأن زوجها يخونها، أشعلت فتيل الغيرة داخلها وبالطبع زودتها بالمعلومات عن تحركاته دون ترك هفوة واحدة، أخبرتها بمكانه وبنفس الوقت استخدمت أسلوب الابتزاز ليأتِ إليك، اخترت مكان ليس له علاقة بك بل بالسيدة راشيل اوزبكا، ترقبت اللحظة المناسبة حتى طعنته، أردت التخلص منها ومنه، لكن لم يمت لذا قررت قتله بالرصاص بعدما لم يجد تراب الماس نفعًا معك أيضـًا.
صمتت قليلًا ليتحدث أبيل متكفلًا باستكمال حديثها
- السيدة راشيل اوزبكا، بالطبع تعرفها جيدًا، كاميرا مراقبة معمل السيد أدريان، رصدت تحركاتها قبل تعطيل الكاميرا، مصادفة غريبة لكنها حقـًا ممتعة، ساومتها على المال بحجة علاج طفلتها، قمت باستغلال تلك النقطة لتصبح هشة بين يديك، أمرتها بضرورة الذهاب هناك وأخذ مادة معينة -Diamond dust- تلك كانت مهمتها وحتى لا تظهر بالصورة كنت تحدثها من أماكن متفرقة، بأرقام مختلفة، أمرتها بإرسال المادة المسروقة على عنوان بريد وهمي، بالطبع لم تشك بشيء فالمال أعماها لعلاج طفلتها، كنت هناك لكن متخف عن موضع كاميرات المراقبة وأرسلت المخضرم لأخذ المظروف بعد مغادرتها، تلاعبت بهم بين أصابعك ونقطة ضعفهم واحدة ألا وهي المال، اخترت ضحاياك بعناية.
طالعته رانسي بتحد قبل قولها
- المخضرم أتى لكنه لم يعترف بشيء ولم يقل شيئًا عما بجعبته لذا وصلت لنقطة الصفر مجددًا لكن يشاء القدر بأن تكشف جريمتك، حينما ذهبت لمنزل السيد ألفريد مايكل وجدت عدة أوراق يبدو بأنها تخصك، لفت نظري اسمك المقرر بأغلب صفحاتها، ظننتها حسابات لأحد العملاء، لكن تلك الملاحظة بورقة ما جعلتني أبحث خلفك سيدي، تتساءل ما يوجد بها، لذا سأخبرك صراحة بأنها موعد مع محام مشهور، قابلته وعلمت بأنه أراد رفع دعوة عليك بحجة الاختلاس، أمرت أبيل بتتبع تفاصيلك، تلك كانت خطتي البديلة، لكنك كالسراب لا تترك خلفك دليل على وجودك، اختفيت فجأة بحجة الاسترخاء بأحد المدن الهادئة، انتظرت كثيرًا ظهورك حتى يوم مكالمتك لي، سجلت المكالمة بكافة تفاصيلها وأرسلتها للتأكد من تلك الهواجس داخلي وبالطبع كان التطابق بنسبة كبيرة لكن الوساوس أيضـًا لازالت تؤرجحني بين الشك واليقين، التقينا، تناولنا القهوة وانصرفت، بعد انصرافك قررت المغامرة بأخر فرصة وبدون تردد أخذت الفنجان خاصتك للمعمل الجنائي وتأكدت بالتطابق، وها أنت ذا تجلس أمامي.
اختتمت رانسي كلماتها بضحكة ثعلب ينتظر اللحظة المناسبة للهجوم على شاه خرجت عن القطيع تتأمل بفضول كل ما حولها متناسية أمر عائلتها فجأة ليقول جاك بهدوء أتقنه جيدًا
- كل هذا عبث، لا يوجد دليل على كلماتك.
ضحكت رانسي ملء شدقيها وشاركها أبيل بتلك اللحظة، ليقول بهدوء
- ستتذكر وتعترف بكل شيء في غرفة الاحتجاز.
قال آخر كلماته وهو يأمر أحد الحراس بأخذه حيث مكانه الطبيعي، ليقول بشرود
- يظن بأنه الأذكى، لا يعلم بأننا تخطيناه بمرحلتين.
- هو الأذكى حقـًا لكنه تعثر بمرحلة وسبقناه، لذا كن على ثقة بأن القضاة لن يكونوا رؤوفين معه.
قالت كلماتها قبل وضع يدها على الطاولة ووضع رأسها عليها، أرادت تهدئة ذاك المرجل داخلها حتى تهدأ أفكارها.
كانت فيولا تتابع كل شيء بالخارج، قلبها ينبض بحب ذاك الرجل ونظرات الفخر تنضح من حدقتيها.
ابتسمت بهدوء عقب خروج أبيل من الحجرة، احتضنته براحة تسللت بين ثناياها لرؤيته قبل طبع قبّلة على خده بجوار ثغره، تفاجأ من فعلتها لكن شعور السعادة داخله كان أكبر لتهمس بهدوء خجل
- فخورة بك زوجي المستقبلي..
ضحك بهدوء على كلماتها، ليسيرا خارج الغرفة ولا زال محاصرًا إياها بين ذراعيه.
لا تكن نسخة مقررة من أحد ولا تابعًا لأحدهم، كن أنت حيث يكون حلمك لا تكن انت ما يريده الآخرون.
........................
قد تظن أن ذروة الحب داخلك خمدت، لكنك لا تعلم بأن ذاك الخمود ماهو إلا بداية لذروة أعنف، ذروة ستجعلك تنس كل وعودك، تمحي الألم، تفكر فقط في متعة اللحظة دون وضع اعتبار لما سيحدث بعد ذلك، امتلاك تلك اللحظة وعيشها حتى لو لفظت آخر أنفاسك بعد ذلك.
جلست كارمن بهدوء على أرضية الحجرة تستمع لكلمات فآطم في الراديو، لا تصدق بأن تلك الكلمات خرجت من صديقتها الصدوق، كيف تتفوه بتلك الحماقات وهي تعلم قصتها مع معاذ وعند ذكر اسمه تمزق قلبها ألمًا لفراقه، لا تعلم كيف مرت تلك الأيام دونه، اشتاقته كما اشتاقها لكن كبريائه منعه من عدم البوح بما يعتمل صدره، ستتجاهل دقات قلبها وتمضي بحياتها مع ذاك المختل، وعند ذكر اسمه وجدت الشاشة تضيء معلنة عن اتصال منه، تجاهلته مرة حتى ينفذ صبره من عدم استجابتها لاتصالاته المتكررة.
بعد فترة من رنينه المُلِح قررت الإجابة علها تهدأ من فضوله أو فضولها لا تعلم، لتقول بنفاذ صبر أقرب للصراخ
- ماذا!
ضحك بهدوء على كلمتها المقتضبة متخيلًا ملامحها المتذمرة، ليتوقف عقب سماعها
- لستَ متصلًا لجعلي استمع لضحكاتك، مضطرة لإنهاء المكالمة.
- حسنـًا، أود مقابلتك.
قالها غيث بسرعة قبل إنهائها للمكالمة، لتبتسم على فعلته قبل قولها
- اعتذر، لست متفرغة للقاكَ.
- عشر دقائق فقط، سأنتظرك بعد نصف ساعة، وسأرسل لك الموقع برسالة.
قالها غيث بسرعة قبل إغلاقه الهاتف لعدم سماع رفضها، لتندهش من فعلته تلك قبل قولها بصوت مسموع نسبيـًا
- حسنـًا سيد غيث، تود مقابلتي، لك هذا، كن مستعدًا للقادم.
قالت كلماتها وهي تبتسم بخبث قبل انتقائها لما سترتديه في ذاك الموعد الثقيل على قلبها.
وبالفعل بعد نصف ساعة كانت بالعنوان المنشود، لمحته بطرف عينها على طاولة بعيدة نسبيـًا عن أعين رواد المكان، ابتسامة هادئة زينت ثغرها قبل ذهابها تجاه طاولته.
جلست بهدوء على المقعد المقابل له، نظرة شاملة كانت من نصيبها، ليقول بهدوء
- كيف تجروئين على الجلوس هكذا دون استئذان، كما أن الطاولة.....
يبدو بأنه لم يتعرف عليها بعد، تتلاعب بأعصابه قليلًا أم تخبره هويتها، لتضحك بخبث قبل مقاطعته
- كارمن سيد غيث، كارمن، لست متطفلة عزيزي.
تأملها قليلًا عله يعلم كيف تكون كارمن، من أي زاوية، فستان قصير به من ألوان الطيف مايكفي، لا يعلم ماذا فعلت بشعرها ليكون بتلك الحالة، به الكثير من الأشياء اللامعة التي لم يدرك ماهيتها بعد بجانب الكثير من دبابيس الشعر ذو الألوان المتطابقة لألوان فستانها.
الصدمة كانت وجهها حينما أزالت نظارتها الشمسية، مستحضرات تجميل ذو ألوان عديدة منثورة على وجهها وأعلى عينيها باستفزاز، أما رموشها فقد كانت عالم آخر، رموش صناعية على شكل ريش دجاج، كتم ضحكته بصعوبة محاولًا الاعتياد على شكلها ذاك، وسؤال واحد يتردد داخل عقله، كيف فعلت كل هذا في أقل من ساعة، كيف سيكون وضعها في وقت أكثر من ذلك، ليقول بخفوت لم يسمعه سواه
- الطريق لقلبك متعرج، مليء بالمخاطر لكن عشقي للطرقات المتعرجة سيكون بفضلك.
- ماذا تقول؟ همسك لم يصلني.
قالتها كارمن بتبرم من كلماته الهامسة، ليضحك بخفوت قبل قولها الوقح
- لن أصدق بأنك طلبت رؤيتي أملًا في إشباع تلهفك بي.
ضحك بصخب قبل قوله المستفز
- لا تعطي لطموحاتك أكثر مما ينبغي، الجالس أمامي مهرج وليست كارمن زوجتي المستقبلية.
لتضحك بهدوء حذر قبل الضغط على كلماتها
- يبدو بأن مظهري قد قام بواجبه، أعدك بأن زواجنا لن يتم عزيزي المغفل..
تجاهل كلماتها عمدًا وهو يتوعد بحسابها على تلك الكلمات فيما بعد لكن صبرًا فالطريق شاق أمامه، سكت قليلًا عله يرتب كلماته لتوصل رسالته كما أراد، ليقول بهدوء
- هدنة بينا، ستكون كارمن كما هي ليست كما تود أن تظهر، أعدك بتلك الفترة إن لم تتحرك مشاعرك تجاهي.....
لتقاطعه كارمن بسعادة
- ستفي بوعدك وتتركني لغيرك.
- غيري؟!
قالها باستنكار قبل قوله بهدوء
- مَن قال هذا!
عقدت حاجبيها بعدم فهم قبل قولها
- أنت قولت هذا.
- عزيزتي كارمن، لم ولن أقل شيء كهذا، انت ملكة غيث، تلك الهدنة لأتعرف على كارمن وليس فتاة مبهرجة تجذب ما حولها بمظهرها الفاقد للموضة أو الرقي، أريد رؤية كارمن التي أعرفها وليس ما تود إظهاره لي، اتفقنا.
قالها غيث ببساطة، لا تعلم وقع تلك الكلمات عليها، يبدو بأنه لن يتركها بسهولة لتقول بهدوء
- لم اخترتني!
- لم أخترك عزيزتي بل روحي من اختارتك، أتعلمين تلك المقولة.
قالها باستفهام لتنعقد حاجبيها قبل إيماءة من رأسها علامة النفي، ليضحك على ملامحها المستفهمة قبل قوله
"دع روحك تجذبكَ بصمتٍ إلى ما تحبه، فإنها لن تُضلك أبدا."
*جلال الدين الرومي*
- لا أعتقد بأنكِ سمعتها قبلًا، لكن من ملامح وجهك يبدو بأن رسالتي قد وصلت.
لا تعلم بما تجيبه، لتقول بحزن قطع نياط قلبه
- كيف تحب بقايا أنثى فقدت الحماس تجاه كل شيء.
ضحك بسعادة لقولها ذاك، يبدو بأنها قد استجابت لهدنته ليقول بحب
- الحب يبدأ حين ينتهي الحماس عزيزتي.
لا تعلم بما تجيبه لكنها تجاهلت الأمر قليلًا، ستفعل ما يريده بالوقت الراهن، تحدثا كثيرًا بكل شيء، أعجبها طريقة تفكيره، حديثه المنمق، نظراته الدافئة، وجدت به جزء من ضالتها المفقودة.
بعد مضي وقت لا تعلم مقداره طلب منها الذهاب معه لأحد المولات الشهيرة، تفاجأت بطلبه لكنها أحبت مرافقته، لم تتحدث طوال الطريق حتى أثناء انتقاء الملابس، أعجبها دور الابنه أكثر من مشاهدة ما يفعله وسؤال واحد يتردد داخل ثنايا عقلها، كيف سيكون مع أطفاله فيما بعد.
أما هو وجدها تتأمله ويبدو بأنها لم تستمع لما يقوله وبدون تردد قام بطرقعة إصبعه أمام عينيها أملًا في جذب انتباهها له، لتنظر له بدهشة قبل قولها
- ماذا!
تجاهل كل ما قاله وردد كلمة واحدة فقط
- أريدك أن تستبدلي ملابسك بتلك.
وأشار بعينه على الملابس الموجودة بين يديه، لتقول باعتراض
- لكن...
ليقاطعها بهدوء
- أخبرتك بأني أود التعرف على كارمن وليس على مهرج أو مختل.
لتضحك على كلماته قبل قولها المقتضب
- أريد سؤالك شيء!
انتظرت حتى يأذن لها، لتقول بهدوء بعدما وجدت الصمت من جانبه مع نظرات عينيه المطمئنة
- لدي شعور برؤيتك قبلًا، لكن أين لا أتذكر.
ضحك بخفوت على كلماتها قبل قوله
- أجل تقابلنا سابقًا، لكن التفاصيل لاحقًا، مهما فعلتِ لن أخبرك حاليـًا.
قال آخر كلماته مداعبًا مقدمة أنفها بمرح، لتبتسم على فعلته تلك قبل قوله
- اذهبي لتبديل ملابسك، وأنا بانتظارك هنا.
أشار لمكان قريب من مكان تبديل الثياب، لتضحك بخجل قبل إعطائه حقيبة يدها والسير من أمامه وهي تشعر بنظراته الدافئة تلاحقها، لا تعلم كيف سرى هذا الشعور داخلها لكنها حقـًا أحبته.
بعد مضي بضع دقائق كانت ترتدي الملابس التي اختارها، ليُجلسها بهدوء أمامه أمرًا إحداهن بتنفيذ أمره، لم تعلم ما أمرها به وقبل سؤاله وجدت العاملة تدلف ببضع أشياء خاصة لإزالة مستحضرات تجميل الوجه، ضحكت بخفوت قبل قولها بسخرية طفيفة
- لا تخبرني بأنك ستطلب مني إزالتها.
- اغمضي عينيك.
قالها غيث بهدوء مقتضب، وقبل التفوه بكلمة أخرى أخبرها
- لا تجادلي، كل ما عليكِ هو إغماض عينيك.
فعلت كما أمرها نظرًا للهجته المقتضبة، أحست براحة يده على وجهها، شعور السلام تغلغل داخلها، راحة لم تشعر بها قبلًا تسللت لخلايا قلبها لتفكر بكل شيء حدث معها منذ دخوله حياتها، أما غيث فقد كان منهكـًا في إزالة تلك الأشياء دون جرحها، أحب استسلامها لأمره، بعد مضي بضع دقائق أخبرها بأن تفتح عينيها، لتفتحهما بهدوء لتقابل انعكاس صورتها في المرآة الموضوعة أمامها، ليضحك غيث بهدوء على خجلها قبل قوله
- هذه ما أريدها، الأشياء الأخرى يمكنك فعلها بعد زفافنا لن اعترض، وأقسم بأني سأكون مستمتعًا بكل تصرفاتك وتقلبات مزاجك لكن قبل هذا ممنوع.
ضربته بقبضتها على يده قبل قولها
- مختل.
ليضحك بخفوت على صوتها الهامس، وشعور الراحة داخله يخبره بأن القادم أجمل، فخجلها ماهو إلا بداية لتسطير عشقه داخل خلايا قلبها، قاطعه صوتها الخجل
- هيا لندفع ثمن تلك الأشياء قبل إيصالي للمنزل.
- لا تقلقي، المول ملك لوالدي وانا شريك به، هيا لأوصلك للمنزل.
سارت جواره خجله، لا تعلم شعورها لكن اضطرابها خطر عليها، لا تمقته لكن وجوده جوارها يربكها أكثر من السابق.
الحب إرباك لحساباتنا.. وبداية الحب اهتمام، نعشق الاهتمام بأدق التفاصيل، المهتمون مكانتهم تزداد بمرور الوقت، لنفاجأ بأنهم استولوا على تفكيرنا قبل سرقة قلوبنا.
....................
سئمت الانتظار!
مللت البقاء كخيار آخر لدى أحدهم! 
أرهب تلك القرارات التي تضعنا بين نارين والحل يكمن في كلمتين إما الانتظار أو السير دون حساب خطواتك.
أنهت برنامجها الإذاعي ليطلب منها رئيس المحطة مقابلتها، لم تعلم السبب لكن بعد مضي بضع دقائق من الانتظار اعتذر عن المقابلة، يبدو بأنه يوجد خطب ما، هكذا يخبرها حدسها، تناولت قهوتها قبل الخروج من مبنى المحطة نهائيـًا.
وجدته متكئًا على سيارتها، يبدو من هيئته بأنه ينتظر منذ وقت لا بأس به، لا تعلم شعورها لكن اضطرابها في حضوره زاد وهذا وأمر لا يستهان به.
لحظات وكانت تقف أمامه، ابتسمت بهدوء على رد فعله بمجرد رؤيتها، يبدو بأنه تفاجأ من وجودها أمامه نظرًا لشروده في أمر ما.
أما هو، لم يعرف كيف كانت أمامه فجأة، تخيلها وصارت أمامه، لا ينكر بأنه واقف منذ زمن لكن لأجلها سينتظر للأبد، كانت هي مَن بدأت الحديث لتخرجه من دوامة أفكاره تلك، حينما قالت بهدوء
- ما الأمر سيد ريان لتنتظر كل هذا الوقت؟
ابتسامة هادئة زينت ثغره قبل قوله
- أردت التحدث معك قليلًا فآطم.
بملامح وجه مقتضبة ورفعة حاجب كانت من نصيبه لتقول بغضب
- اعتذر، لست مثلهن.
كلمات مقتضبة لكن وصله فحواها، انزعج داخله لتفكيرها هكذا قبل قوله
- يبدو بأن أوار لم يخبرك بعد بلقائي بكِ.
وبمجرد انتهاء كلماته وجدت شاشة الهاتف تضيء معلنة عن اتصال من أخيها أوار، فتحت الاتصال ليعاجلها بقوله
- اعتذر فآطم، لم أخبرك سابقًا بهذا، كثرة المشكلات بالعمل كانت سببًا في عدم إخبارك.
وبصوت حزين أخبرته
- لكن أوار أنت...
ليقاطعها أوار بهدوء
- أعلم صغيرتي بأني وضعتك أمام الأمر الواقع، وانت تمقتين هذا، لذا اغفري لي ذلتي..
ضحكت بخفوت قبل قولها
- حسنـًا أواري، سأتحدث معه لأجلك.
قالت كلماتها وأغلقت الهاتف، ليهمس ريان بخفوت لم يصل لمسامعها
- لأجلنا فآطم.
تجاهلت همساته عمدًا حتى لا تفتح بابًا للحوار معه، أرشدها للمقهى القريب من مكان عملها، طلبا كوبين من القهوة ثم جلسا متقابلين بزاوية من زوايا المكان.
- وجب عليكَ الاعتذار سيد ريان.
قالتها فآطم بهدوء بعد ارتشافها القليل من قهوتها، ليضحك بخفوت على قولها قبل قوله
- وجب عليكِ أيضـًا الاعتذار، طلبي تم تأجيله لمدة لا أعلم عددها.
وبحاجبين معقودين سألته
- عن أي طلب تتحدث!
- شاب ملتزم خلقيـًا، خفيف الظل، طبيب نفسي، رجل أعمال ناجح وبالطبع يجيد فنون الطهي بحرفية، إلى جانب وسامته الطاغية.
سكت برهة ليتابع رد فعلها بعد تلك الكلمات ليتابع بهدوء
- أعلم بأن تلك الكلمات مرت عليك ولا زال عرضي قائم.
- عرضك مرفوض سيد ريان.
قالتها فاطيما بعصبية ليقول بهدوء عكس الغضب الناشب داخله
- لِم!!
- لأني وببساطة أكره جنس آدم بلا استثناء.
قالتها فآطم بهدوء، تبعها إيمائه من رأسه دليل على رغبته في معرفة المزيد، لتصمت رغبة في عدم الإفصاح ليباغتها بقوله
- معنى حديثك انكِ تكرهين أوار وبالطبع تيم، هم زوائد بحياتك لا أكثر.
- اصمت ريان، لا أريد سماع المزيد، أوار وتيم حالة خاصة، مكانة لن ولم يصل إليها أحد، هما سندي قبل أن يكونا اخوتي، افهم حديثي جيدًا، طلبك مرفوض، ثانيًا شكرًا على فنجان قهوتك.
قالت كلماتها وهي تهم بالانصراف، ليتعجب من رد فعلها، علم من أوار طريقة تفكيرها لكنه رفض الإفصاح عن أي شيء، يعلم بأنها تعاني لكن لا تريد من أحدهم مشاركتها الألم، ليقول بهدوء
- اجلسي فآطم، اعتذر عما سأقول، أعلم بأنه سيحرقك لكن لا مفر، ليس كونك تكرهين فئة من الرجال تعمميها على البقية.
أشار لها علامة الصمت، لتصمت مجبرة على عدم التفوه بحرف ليقول بهدوء
- طالما تحبين اثنين منهم أي يوجد بصيص أمل في وجودي بحياتك، تذكري بأني سأجاهد لأحافظ عليه بل سأجعله ينتشر داخل روحك حتى يصبح البصيص مصباح ينير حياتك، يرشدك بعتمتك، يكون قوتك وقت ضعفك، أعلم فآطم بوجود خطب ما داخلك، لا أريد سماع شيء حتى يأذن الوقت، أقسم بأنك ستخبريني كل شيء لكن الوقت المناسب. 
ارتشف بعض من كوب قهوته قبل استئنافه
- لكن لم تحبين أوار وتيم والبقية منبوذين من قلبك، محرومين من حبك.
- لأني لم أعاشر سواهما، وقتي معهما، حياتي مزدانة بهم، هما الأهم والبقية تأت.
قالت كلماتها استعدادًا للرحيل، ليعاجلها بقوله
- لكنك لم تعرفيني، لم تعاشري ريان.
غادرت بعد سماع آخر كلماته، تلك المقابلة استنزفت طاقتها قبل قوتها، فرت من أمامه فاليوم فقدت القدرة على الرد عليه وهذا أكثر ما يزعجها، أما ريان أقسم داخله على جعل ذاك النابض داخلها بالنبض لأجله حتى لو اضطر لمحاصرتها بقية حياته، حتى ينبض قلبها هاتفًا قربه، غادر المقهى بهدوء بعد أنقد العامل ثمن القهوة.
الحب هو ألا تتخلى عمن تحب مهما أقسم بعدم حبك، مهما أخبرك بضرورة البعد، كن له أمانًا يكن ملجأك وقت محنتك، كن له بسمة يكن ضحكتك وقت حزنك، أملك وقت يأسك، الحب هو أن يظل قلبك معلق به مهما اختلفت الطرق لأنك على يقين بأن طرقكم ستتوحد مجددًا.
_________________
#من_بين_الرماد
#أسماء_رمضان

"من بين الرماد"- "أسماء رمضان"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن