《الفصل الحادي عشر》
هموم روحك ثقيلة!
أثقل من تحملها، قلبك احتله الألم، بددته التعاسة ودمره الحقد، أثقلته الحياة بمتاعبها قبل شقائها!!
تمعن لحظة من فضلك..
لا تقلق فالأمر لا علاقة له بالعتاب أو المجادلة لكن لسبب واحد هو أن حياتك ما هي إلا قفل لم تختر له المفتاح المناسب لفتحه لاختراق نافذة روحك أملًا في العبور لبر سعادة لازلت تطمح لها؛ فأنت حتى الآن لم تكن خياراتك صائبة بل كانت تكرار روتيني لمهمة أحببت أدائها بمثالية ولم تدرك حينها أن المثالية لا مكان لها بين أشواك الواقع.
امح تلك العتمة القابضة لـ روحك المشرقة، فهي تقيدك حتى لو أنكرت ذلك.
واعلم بأنه مهما طالت العتمة فـ خيوط النور ستنسل لتبددها... مهما طالت الهموم فـ ضحكة الروح تخففها.....
هكذا هو منذ أتى إلى تلك البلد الغريب ومهمته تتلخص في الدراسة، مهاتفة عائلته يوميًا وتقصي أخبارها من حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي أملًا في الاطمئنان عليها بعدما حدث البتر غافلًا بأن البتر لا يحتاج سوى تضميد حتى لا يصبح موضعه عفنًا تعيث به الفيروسات أينما حلت.
خطأ بسيط وقع في شركه ألا وهو الفضول نحو حالتها مدركًا بأنه لم يجلب لروحه سوى الهلاك خاصة بعدما عرف باقتراب موعد خطبتها من آخر.
بدأ الأمر من مصادفة لرسالة على بريده الالكتروني، أضاء اسمها عتمة أيامه السابقة وكل ما جال بخاطره أنها اشتاقته وتبث له ألم فراقهما أو حاربت أكثر وخنع والدها لرغبتها قبل موافقته على خطبتهما، لم يعلم بأن احتمالاته تلك لم تكن سوى صاعقة هبطت على رأسه لتزلزل كيانه بأكمله حينما عرف بهوية الآخر لتفاجئه صفعات الواحدة تلو الأخرى بأن حبكتهما معًا انتهت وحان الوقت لإرساء كل سفينة بميناء غير الآخر.
لم يتخيل قط بأن الأمر سيكون بتلك السرعة خاصة مع إقراره بأن زمام حياتها ستصبح بين قبضتي آخر يأخذ مكانه بكل شيء رسم صورة لفعله معها، يكون سبباً في سعادتها، طمأنتها وقت قلقها، احتضانها بحزنها واحتوائها بلحظات غضبها، مواساتها عندما تهبط دمعاتها والأهم رسم البهجة على محياها مادامت على ذمته.
لازال يتذكر كلماتها المقتضبة بضرورة هروبها من منزل والدها تاركة له البلد بأكمله، طلبت منه سابقًا الإذن للذهاب إليه والهروب من تلك المسرحية الهزلية، تكون جواره وبالطبع تشاركه غربته ليكونا وطن واحد مغتربًا ببلد قارس البرودة.
تكون وطنه وموطنه..
دفئه وحنانه..
تكون كل حروبه التي يغزوها ليعود منهزمًا في بلاط عشقها رغم انتصاره بمعاركه.
أرادت أن تكون رُمحه وبيدقه..
سهمه وشراعه..
تريده مرساها لكنه أغرقها في قاع بؤسها.
رفض!..
ليس لكونه غير متمسك بل لأنه أرادها بموافقة والدها غير ذلك لن يستطيع مشاركتها تلك السعادة، لن يستطيع جعلها جزء من روحه طالما والدها لم يوافق لتنغلق كل الأبواب بينهم للأبد ثانية، لن يكسر فرحة والدها على حساب سعادته لذا قرر تجاهل التفكير بها، بالتدريج ينساها قلبه وتعتاد روحه لمفارقتها.
روحك تتألم!
قلبك يتعذب ليس لشيء سوى انك تفكر كثيرًا بحسابات أغلق عقلك دفاترها منذ زمن لكن قلبك مُصر على تذكرها دومًا!
ليست معادلة كيميائية ولا مسألة رياضيات لتشغل تفكيرك بها، اتركها حتى يسكنها غبار الزمن ثم عد إليها مجددًا ستجد بأن بريقها خفت بالتدريج حتى انعدم تمامًا، رونقها لم يعد مثل السابق ليس لكونها أصبحت قديمة بل لأنك جعلتها بالحيز المناسب لها لذا لا تعط لشيء أكثر مما يستحقه، ولا تفعل شيء لمجرد انك مضطر لفعله، كن أنت بترتيب أولوياتك، لا تكن مثل ما يريده الجميع، نسخة مكررة لا يوجد بها ميزة واحدة بل كثرت بها العيوب حتى أصبحت مرتعًا للجميع يحط بها رحاله تاركًا السيء منه.
.....................
في المشفى...
وخصوصًا بغرفة العناية المركزة، جلس بهدوء على المقعد المجاور للفراش، تطلع بنظرات اشتياق لتلك الصغيرة، لا يعلم متى ستفيق من سكونها ذاك لكنه يريد رؤية بريق عينيها حين تضحك..
يود محادثتها لتبرم شفتيها بغضب طفولي..
يريدها جواره فهي ملجأه حيث لا ملجأ بعدها..
هي حياته حيث لا راحة بغيابها، هي القلب بدقاته والكون بنجماته.
قطع شروده بصغيرته صوت رنين هاتفه ليرد بنشاط ما إن وجد اسم المتصل، انتظر هذه المحادثة منذ زمن واليوم سيفعلها، ليس لأجل شيء بل للعثور عليها، فتح الاتصال بسرعة ليقول بهدوء دون حتى الترحيب بالمتصل
- إلام توصلت؟!
ليضحك الطرف الآخر على جنون هذا الصهيب قبل قوله
- تلك الرحلة كانت بائسة بحق.
قالها المتصل بإنهاك قبل ارتشافه بضع من قدحه ليقول بعدها بتعب مما طاله بتلك المهمة
- لم يمد أحدهم لي يد العون، كل الأبواب مغلقة لكن صديقك...
- ليس وقت المقدمات عزيزي، أريد معرفة ما أريده فقط
ثم صمت ينظر لشقيقته قبل قوله بغضب وهو يضغط على أسنانه بحنق
- لا يهمني تلك الزوائد الاخرى..
قالها صهيب بنفاذ صبر ليضحك محدثه بهدوء من ثورة صديقه قبل قوله بهدوء
- هاتفه الخاص أصعب من الحصول على فرصة عمل بالبورصة.
عقد صهيب حاجبيه لعدم فهمه حديث الآخر لكن زالت تلك التقطيبة حينما أخبره الآخر بتوضيح وكأنه يراه أمامه
- كل شخص قابلته أخبرني بأنه لا يمتلك سوى هاتف مكتبه بالشركة، غير ذلك غير متوفر أو هم لا يملكونه.
- إذن لن أقابلها مجددًا حتى يأذن القدر فـ الأبواب موصدة مانعة إياي من معرفتي بمكان وجودها!
قالها صهيب بحزن انعكس على ملامح وجهه، استشعر صديقه الحزن البادي من نبرة صوته ليخبره بهدوء
- لِم فعلت ذلك بالرغم من عذابك بغيابها!
لم يعرف بما يجيبه صهيب هل يخبره بما حدث مع شقيقته أم يتحدث عن تنازله بحق نفسه قبلها لكنه أخبره بهدوء حزين
- أردت تصفية حسابات ورد الدين لإحداهن..
صمت قليلًا يفكر بكل ما حدث معه على مدار السنوات الماضية ليقول بعدها بإقرار كأنها يُثبت لنفسه مدى فداحة ذنبه لا أحد غيره
- لكن اكتشفت بأني استخدمت سلاح مزق قلبي لشطرين.
صمت الآخر قليلًا عن حديث صديقه أو مشاركته في إبداء رأيه خاصةً وأنه لا يعلم ما حدث خلف الأبواب الموصدة ليقول بعدها بهدوء مُنهيًا تلك الذكريات السيئة
- حسنـًا سأرسل لك الرقم برسالة نصية
تذكر أمرًا قبل قوله بتوصية خوفًا من تدمير الآخر بعض التعقل المتبقي بينهم، ليقول بعدها بتحذير باطنه النصح
- رقمه هذا ليس متاحًا لأي كان لذا كن حذرًا في حديثك معه.
قالها صديقه قبل إنهاء المكالمة وإرسال الرقم، لم يفكر صهيب مرتين فيما سيقوله أو حتى يحاول اختلاق الأعذار، الكلمات فرت هاربة من تلك المواجهة الثقيلة على قلبه، انتظر على أحر من الجمر مرور تلك الدقائق الثقيلة حتى استمع لصوت وصول رسالة انتشلته من حيرته تلك، لم يتوان دقيقة أخرى بل قام بالضغط على الرقم للاتصال به، انتظر ثانية، اثنتين، ثلاث ثوان حتى فتح الخط من الطرف الآخر، ليفاجئه بقوله دون مقدمات
- أين هي؟!
قالها بغضب قبل ارتفاع نبرة صوته أكثر قليلًا ليقول بعدها بتساؤل
- أين خبئتها؟
أما أوار استيقظ من نومه على صوت رنين الهاتف، لم ينظر لاسم المتصل فـ نادرًا ما يتصل به أحد المتلصصين دون وجه حق والسبب بأنه احتفظ برقم هاتفه للأقربون فقط، ميز نغمة صوته، عرفه على الفور، نظر لشاشة الهاتف ليجده رقم دولي غير مسجل، ليقول بتجاهل مصطنع
- مَن؟!
كلمة واحدة كانت كافية لإشعال غضب صهيب أكثر، تلف أعصابه بصورة أكبر لكن بدلًا من ثورته أو غضبه تحامل على نفسه وجاهد قدر الإمكان على ضبطها ليقول بعدها بسخرية من برود الآخر معه
- لستَ بهذا الغباء أوار.
ثم تنهد بضيق من تحامله قبل تعامله مع شخص كان سبب غير مباشر في كل ما حدث ليقول بعدها بغضب حاول كبحه لكن لم يستطع
- أنت تعلم مَن أكون، لم تنس بهذه السرعة أم أن ذاكرتك وئدتني من محور مواقفها.
قال كلماته الأخيرة بسخرية ليفاجئه صوت قهقهة عالية كانت ردًا على كلامه، بعد مدة قصيرة تحدث أوار بسخرية تعقيبًا على حديثه
- لا تقلق فـ ذاكرتي لم تمح وجودك كما أن الأيام لم تغفر فعلتك.
- أين هي.....؟!
قالها صهيب بحزم ممزوج ببعض الرجاء عله يعرف مكانها، ليقاطعه أوار باستهزاء
- لا أعلم مكانها ولا أعرف لِم فكرت بالسؤال عنها بعد مضي أربع سنوات، لكن ما فعلته سابقًا لن يغفر بسهولة.
صمت قليلًا يعتدل في جلسته قبل قوله بإقرار من حُكم انقضى ولا مفر منه
- القضية قضية اختيار الوقت المناسب، لذا استعد فأنا لن ادعك تفر من فعلتك تلك دون ردع.
- لست مضطرًا لقول تلك الكلمات حتى تظهر ذاك المغوار أوار، لا ترتدِ قناع لا يناسبك.
قال صهيب كلماته بتهكم ليبتسم أوار بغرور قبل قوله باستهزاء
- كن حذرًا من ذاك الرمح عزيزي.
اختتم كلماته بقهقهة ساخرة، ليغضب صهيب من استهتاره بالأمر قبل قوله المنفعل
- أخبرني أين هي وفقط؟!
- لن أُخبرك وانت تعلم أني لن افعلها، لذا اغرب من حيث أتيت.
قالها أوار بحسم محاولًا إنهاء الحوار، ليقول صهيب بحزن جعل أوار ينتظر قليلًا
- مذكراتها أخبرتني بأنك ساعدتها على الرحيل، لا أحد يعلم أين هي سواك، لذا أخبرني بهدوء....
فهم أوار الأمر، يبدو بأنها قد وصلته عن طريق خالته ديما لإذلاله كما فعل معهم، قرأها عدا بعض الصفيحات الأخيرة، لم يطاوعه قلبه لاستكمالها، فحزنها يتقطر من كلماتها، تمزق أكثر بحزنها قبل غيابها لكنه أرادها كما هي قوية لا تقف على أعتاب الماض، أراد قلبها نقيًا دون شوائبه أو ندباته البائسة، همهمة من الطرف الآخر أخرجته من شروده ليقول بسخرية منهيًا الحوار
- دع مذكراتها تخبرك إذن.
قالها وأغلق الهاتف لم يقف عند هذا الحد فقط بل وضعه أيضـًا بالقائمة السوداء، أما صهيب فـ وقف مبهوتًا من فعلته تلك غير مصدق مدى فظاظته، كرر الاتصال به ثانية لكن لم يستطع والسبب أنه غير مرغوب كجهة اتصال في سجل غريمه ليضرب الحائط خلفه بقبضته قبل تكراره الهيستيري
- مختل، لو كنت أعلم مكانها لم أكن مضطرًا لسماع حماقاتك قبل صوتك.
لا تسأل على كوب القهوة بعدما تركته ينسل من بين أصابعك ليسقط مهشمًا لعشرات القطع الحادة، لا تفكر بلمسه فـ شظاياه ستدميك قبل تألمك، تلك النتوءات الحادى لم تتوان ولو ثانية على إيذائك، لا تحاول تبرير موقفك أو حتى إصلاح ما يمكن إصلاحه؛ لأنك من تركت الكوب يسقط أولًا برضاكَ.
.....................
حرارة الشمس تُغضبك!
ألسنة اللهب تحر_ قك!
لكن ما نفع تألمك ان كنت المتسبب في كل ماحدث!
الحقيقة ستظهر مهما طال الوقت لذا قف جانبًا كالمشاهد دون إبداء أي رأي، تفاعل مع الأمر كأنك متفاجيء وعندما يحين الوقت أنكر كل ما حدث وتشبث بأقوالك الماكرة، ماطل لكن مماطلتك تلك لن تكون شيء أمام عقابك على جريمتك.
جلست باسترخاء بمكتبها تفكر في حل لتلك المُعضلة، الخيوط تتشابك واللعبة تزداد تعقيدًا يومًا عن يوم، الصبر بدأ ينفذ والأعصاب لازالت تحترق بالبطيء، الأنفاس مضطربة كاضطراب مياه المحيط، تتلاطم ما بين مد يضعها على شاطيء الاستقرار وجزر يجذبها إلى الأعماق، تنهدت علها ترتاح من اضطراب تحركاتها، أما الأفكار فهي مواسية للعقل مؤيدة إياه بأنه على وشك الوصول للصواب مادام يلتزم بتعليمات الخطة خطوة بأخرى.
دُق الباب لـ يدلف أبيل إلى الداخل عله يتحدث معها فمنذ الصباح وهي على تلك الحالة، لا يعلم ماحدث لكن يبدو بأن زيارة ذاك الغريب قد أثرت بها وغيرت من قناعاتها الكثير مما ازداده يقينـًا بأن الأمور لن تكون على الأمر اليسير طالما الوقت ينفذ، حشرجة خفيفة عله يجذب انتباهها قبل قوله
- ما بك رانسي!
وبصوت شارد وعيون مغلقة أجابته
- لا أعلم، زيارة السيد جاك تلك أطاحت أفكاري عرض الحائط، جزء منها يؤيده والجزء الآخر واثق بأنه يكذب، لا أعلم الصواب حتى.
تنهدت بغضب من إحساسها بالعجز للمرة الأولى قبل قولها بحزن
- فـ الأمور تزداد تعقيدًا بمرور الوقت.
- أخبريني ما الأمر عل الأمور تتضح من منظور دون الآخر.
قالها أبيل بتقرير عله ينتشلها من حيرتها تلك، نظرت لسقف الغرفة بشرود قبل تذكرها ماحدث
Flash back...
رنين الهاتف ازعجها كثيرًا يبدو بأن المتصل لحوح لدرجة عدم فقدان اليأس، ألقت نظرة خاطفة على الرقم لتجده غير مسجل، تأرجحت أفكارها ما بين القبول والرفض لكن حثها فضولها على الرد، أجابت بصوت لم يخل من بقايا آثار النوم لتقول
- مرحبًا.
انتظرت عدة ثوان قبل إجابة الطرف الآخر ليقول بهدوء حذر
- مرحبًا سيدة رانسي، اعتذر عن الإزعاج لكن أود مقابلتك.
- ماذا؟!
قالتها رانسي بدهشة انعكست على نبرة صوتها قبل استئنافها
- مَن تكون؟!
- جاك سميث، موظف بالبنك المركزي، لدي بعض المعلومات وأريدك مشاركتها معكِ.
قالها جاك ببساطة لمحت بنبرته التأكد من أنها ستوافق على مقابلته، أرادت الرفض لكن حثها عقلها على الذهاب، لتقول بقلة حيلة
- حسنـًا، أمهلني بعض الوقت وأرسل الموقع برسالة نصية.
أغلق جاك الهاتف بعد كلماتها الأخيرة، لتسبه بسرها على فعلته تلك قبل رؤية العنوان برسالة نصية بعدما سمعت إشعار وصولها، يبعد عن منزلها حوالي عشر دقائق سيرًا على الأقدام.
لم تتأخر لدقيقة أخرى بل نهضت بحماس لتبدل ثيابها والذهاب حيث ذاك المختل، وماهي بضع دقائق وكانت تجلس أمامه على الطاولة، طلبت قهوة وجلست باسترخاء لسماع ما لديه.
تأملت ملامحه قليلًا، ملامح أوروبية بحتة، عيون خضراء هادئة، جمعت بين خضار العشب ورطوبته، بشرة بيضاء، شعر أصفر قصير، لحية مهندمة، يبدو من هيئته بأنه شخص يحب النظام بكل شيء، ضحك قليلًا قبل قوله
- لم أعتد من إحداهن تأمل ملامحي بذاك الفضول، أعلم بأني وسيم لكن ليس لدرجة تأملك عزيزتي رانسي.
صمت قليلًا قبل غمزها بطرف عينه ليقول بعدها مشددًا على حديثه
- أنتِ مميزة ولا يليق بك إلا المميز مثلك.
ضحكت رانسي بخفوت قبل قولها بإقرار
- مهنتي تحتم علي تأمل كل شيء بالتفصيل لكن لا تغتر فـ لست نوعي المفضل.
نظرة إعجاب كانت من نصيبها صاحبها صفيره المستمتع قبل قوله بهدوء حذر
- شهية للغاية وكذلك نوعي المفضل.
- إن كان الأمر هكذا فأعتذر لدي الكثير للإطلاع عليه".
قالتها رانسي بعصبية قبل استعدادها للرحيل من هذا المكان، تحمست كثيرًا لمقابلة هذا الشخص لكنها ندمت أكثر نتيجة تسرعها في اتخاذ خطوة كهذه، وقبل الرحيل قبض على يدها مانعـًا إياها قبل قوله
- اعتذر، لم أقصد ما قلته، سأخبرك بما لدي حتى يذهب كل منا بطريقه.
- أتمنى ذلك.
قالتها رانسي بخفوت لكن أذنه رصدتها، ليضحك قبل قوله
- الضحية كان كثير السهر خارجًا، يرفض القروض متعللًا بأن البنك لم يخلق لتلك الترهات، تعددت علاقاته النسائية دون مبرر، تحدثت إليه لأنه صديقي قبل كونه رئيسي بالعمل لكن النتيجة كانت تهديدي بالفصل من العمل لأصبح مشردًا دون ملجأ، مرة، اثنتين وفي الثالثة سدد لكمة أطاحت بفكي السفلي، أخبرني بضرورة ترك المكتب قبل تهوره وطردي من العمل بأكمله....
قاطعته رانسي بتفكير
- لكن لم أردت إثنائه عن أفعاله تلك وانت تعلم ردة فعله.
- أردته أن يعود كما كان بالسابق لا زير نساء تتلقفه أحضانهن متى شاء.
قالها جاك ببساطة شديدة، لتومأ برأسها حتى يكمل تلك الكلمات العالقة بأحباله الصوتية، ليقول بهدوء
- بعد فترة أتت إليه سيدة تخبره بضرورة أخذ القرض أملًا بإنقاذ طفلتها لكنه رفض ببساطة، السيدة الشابة لم تيأس بل أتت مرة وأخرى حتى أخبرها بضرورة قضاء ليلة معه مقابل توقيعه على القرض، لا أعلم ماحدث بعد ذلك لكن المرأة أتت بعدها طلبـًا للقرض لكنه طردها بدلًا من ذلك وبعد فترة تردد على طبيب مشهور، أخذت الزيارات تتكرر من ناحية الطبيب، وبفحص سجلاته علمت بأنه على وشك الإفلاس، لذا خمنت بأنه يحتاج مساعدته أملًا في إنقاذ ما يمكن إنقاذه لكن يبدو بأن الأمر كان أعمق من ذلك، حاولت معرفة الأمر فيما بعد لكن لم أصل لشيء بالتاكيد.
فهمت رانسي المرأة المقصودة، السيدة 'راشيل اوزبكا' بالطبع، والمخضرم بكل تأكيد، شردت قليلًا قبل قولها
- شكرًا على تعاونك سيدي.
أومأ برأسه عدة مرات قبل قوله
- من دواعي سروري مساعدتك عزيزتي رانسي.
قالها بخفوت قبل مصافحتها بحرارة، ظلت هكذا بضع لحظات حتى أتى العامل ليأخذ الأكواب الفارغة، تحدثت بسرعة قائلة
- اترك الأكواب كما هي لا تلمسها، أود أخذها معي.
نظر لها العامل باستغراب من حديثها لتجيبه بهدوء مفسرة كلماتها
- الشاب القابع هنا قبل قليل حبيبي السابق، أردت إثنائه عن قرار الفراق لكنه رفض.
تعالى صوت شهقاتها المتألمة قبل قولها بحزن من الظروف التي وُضِعت بها لتشير إلى رَحِمها قائلة
- طفلي الموجود بأحشائي ماذا أفعل به؟!
صمتت تأخذ محرمة ورقية من العامل قبل قولها بألم علها تصل إلى التفسير المناسب
- أخبره كيف بأن والده تخلى عنه، أرجوك أريد أخذ أثره لأحد الدجالين عله يساعدني.
أجادت رانسي دور البكاء بحرارة، ليتركها العامل دون كلمة أخرى ظنــًا منه بأنها مجنونة ملكومة على أمرها، ضحكت رانسي بخفوت على كلماتها الغير متوقعة تلك، طلبت من العامل صندوق ورقي لوضع الأكواب به قبل مغادرة المكان بأكمله.
Back....
لم يستطع أبيل السيطرة على نوبة الضحك التي اجتاحته فجأة ليقهقه عاليـًا بعد سماع آخر حديثها، شاركته رانسي بالضحك فالموقف لا يحتمل إلا الضحك وفقط، بعد قليل هدأت نوبة الضحك تلك ليسعل أبيل بخفوت ما إن سمع قولها
- سر زيارتك بمكتبي المتواضع!
سؤال أكثر منه بحديث عقلاني ليسعل بهدوء قبل قوله
- أردت تناول القهوة معك.
لم تقتنع رانسي بحديثه، لترفع أحد حاجبيها عاليـًا ناظرة إليه بشك دون التفوه بكلمة أخرى، ليعلم بأن خدعته لم تنطلي عليها، ليقول بهدوء
- أردتك أن تكوني جواري يوم الذهاب عند العجوز جاسبر، فأنت تعلمين بأن والداي توفيا وانا صغير لذا أردتك جواري باعتبارك فرد من عائلتي الصغيرة.
ضحكت رانسي بخبث قبل قولها
- حسنـًا صغيري أبيل، سأكون جوارك وسأنتظرك بتمام السابعة أمام منزلي للذهاب سويـًا إلى هناك.
ضحك أبيل بسعادة فالأمور تسير على خير، ليضحك بخفوت قبل قوله
- أريد تناول القهوة.
ضحكت رانسي قبل قولها بتأييد
- وأنا كذلك.
طلبا القهوة قبل حديثها
- انصت لكل كلمة أتفوه بها ولا تجادلني، فقط تريث قبل إطلاق الأحكام.
..........................
الصباح.
بداية ظهور الشمس بعد اختفائها بـ المساء، رمز التفاؤل وطاقة الأمل على تجديد النشاط، تجديد البسمة وبالطبع إنعاش الروح.
الصباح مرتع الإشراق وتبديد الألم، سكون الأحزان وبداية الأمل.
يختلف!
أعلم بأنه يختلف من شخص لآخر، ليس بالكلمة بل بالمضمون، الكثير منا يستقبل الصباح بكوب القهوة، وبعض اللقيمات لإسكات صوت الجوع، ومنا يستقبله بممارسة رياضة العدو أو أي نوع من الرياضة.
أما هو فصباحه يتلخص في الحوار مع عائلته لتجديد نشاطه، صباحه لم يكن إلا محور اهتمام لهم وفقط، مستعد للتنازل عن أي شيء مقابل وجودهم جواره بخير.
الوجع، ثلاثة أحرف من حروف اللغة معناها الألم، تشكلت لتصبح كلمة صغيرة الحجم لكن أثرها أعمق من ماء المحيط، قم بتغيير موضع الحروف لتجد كلمة أخرى تدل على الألم أيضـًا، ألم أقل لك بأنها حروف الألم.
الوجع ألم داخلي يفتك بك، ينهش استقرارك بهدوء، يحطم سعادتك، يدمر كل جميل داخلك.
الوجع ألم مهما تعايشناه أو تعايشنا معه يظل محور لزعزعة عدم الاستقرار، كابوس مهما حاولنا الهروب منه بتضميده يظهر أقوى من السابق، ليس لأنه وحش كاسر استطاع تحطيم الأغلال والتحرر منها بل لأنه وللأسف فتح مرة أخرى بصدمة أكبر من سابقتها، ظل خامدًا حتى الوقت المناسب ليتحول من نقطة قوة تساندك لنقطة ضعف تتغذى على ضعفك وتضعف طاقتك، تتلذذ بصرخاتك المكبوتة، تضحك لدموعك المنسابة، تدون لحظات انكسارك ولا مفر من مقاومتك أو هروبك فالقناع الممزق يظهر به أثر الحياكة مهما بدلنا لون خيوطه.
الألم يشبه قنينة العطر كثيرًا، مظهر خارجي رائع، رائحة خلابة أسيرة زجاج القنينة، تخيل كسر تلك القنينة عند ضغط أو نقطة معينة، لن تجد العطر لتحرره من بين ثنايا الشقوق الطفيفة، يتغلغل ليملأ رئتيك، تتلذذ أولًا ثم تشعر بالاختناق بمرور عدة ثوان، ألم أخبرك بأن وجه التشابه بينهما كبير!
طرقات خفيفة على الباب لم تجعله يتحرك قيد أنملة من مكانه.
متحرر ظاهريًا لكن خيوط العجز تكبل روحه، تدمي قلبه، تفتك باستقراره، الدموع تتأرجح بمقلتيه منتظرة اللحظة الحاسمة للهبوط لأسفل، يعلم بأن مرحلة الانتظار قد ولت وأتت مرحلة البقاء للأصلح ألم يقل دارون ذلك.
لكن دعك من دارون وبقائه وضع جُل اهتمامك بطريقة للسيطرة على ألمك فـ أثره انتشر ليصبح كالعلقم يدمر كل جميل داخلك، يشوه الذكريات قبل تدميرها، يحطم الآمال قبل تحقيقها، دقات أخرى على الباب ولم تمنع فضولها من معرفة ما إذا كان بالداخل أم لا! توهمت بأن أذنها لا تعمل بخذلانها لسماع صوته سامحًا لها بالدلوف، فتحت الباب بهدوء أملًا في إسكات تساؤلات عقلها المزعجة، لتجد ما صدمها وشل تفكيرها، سندها بالحياة يجلس أرضـًا على تلك القاسية الصلبة، شارد الذهن لدرجة أنها ظنته نائمًا للوهلة الأولى، أو أن آثار النعاس قد شنت أسلحتها عليه، لم تتردد ثانية في منع قدمها من التقدم والجلوس جواره، لم تفهم الخطوة التالية لذا اكتفت باحتضان رأسه بكلتا يديها، رغبة في بث الأمل لديه ثانيةً، فهو كالتائه، اختفت نجومه من السماء في ليلة ملبدة بالغيوم ليضل الطريق.
هي أكثرهم دراية بحالته تلك، اختبرتها سابقًا عند رحيل حياء، الألم يفتك داخله دون رحمة، أرادت الحديث معه وبثه بعض من روحها المتفائلة لكن ترددت الكلمات بين أحبالها الصوتية وعجز اللسان عن ترجمتها، لذا وبدون إضافة المزيد ربتت على رأسه بهدوء علها تخفف عنه أو تفهم سبب وصوله لتلك الحالة المبهمة، وسؤال واحد يتردد داخلها "هل تواصل مع حياء مؤخرًا! أم أنها رفضت العودة كعادتها".
أما هو أوارها، شعر بها منذ طرقها على الباب، لم تسعفه الكلمات للتوضيح أو تبرير سبب حالته تلك، كل ما فعله هو احتضانه لها، علها تبثه بعض من سعادتها المفقودة، فطفلته فآطم كالفراشة مصدر بهجة بحياته، ضحكتها ألوان الفراشة تنير عتمته وتبدد ظلمته، وبمجرد إحساسه بعجزها عن الحديث واستشعاره حنانها علم بأنها مصدر الأمل داخله، فـ الأنثى بطبعها حنونة، مهما اختلفت ملامحها أو شخصيتها لكن تظل بوصلة الحنان داخلها ترشدها للطريق الأمثل في كيفية تهوين الأمور عليك، قد تساندك بالكلمات أو الابتسامة، أو تفشل في توصيل تعبيرها وما تود قوله لذا تترك ليدها العنان لمواساتك.
هي الحنان مهما فعلت، مهما ارتدت من القسوة أقنعة أو تسلحت بردائها تظل هناك نطفة تحركها حتى لو تجاهلتها، ترشدها للطريق الأمثل.
أخرجها من شرودها صوته الهامس قائلًا
- عاد.
صمت قليلًا ينظر لها بتيه قائلًا
- كابوس الماض عاد ليشوه المستقبل بأفعاله.
يعلم بأن ظهور صهيب ثانيةً يبدد آمال اقترابها منه فهو كالعلكة تلتصق كيفما شاءت، يدرك بأنه حبيبته عشقت صهيب بكل صفاته ووجوده يحوم في محيطها فرصة لعودة أيامهم الخوالي بعد تلقينه درسًا عن كيفية التمسك بمَن يحب.
هو يريدها حتى تلك اللحظة لكنها لا يعلم هل هي كذلك أيضـًا أم أنها لازالت محتفظة بذكريات الماض رغم جراحها منها، هروبها للخارج وأد آماله في رؤيتها أو حتى البقاء في محيط أفكارها، كل ما يربطه بها مكالمة هاتفية لا تجيب عنها في كثير من الأحيان وإن أجابت تصمت دون التحدث عن أي شيء حتى يُنهي هو الحديث والحدث ليصبح كل ذلك بين طيات الماض تلصص من صديق.
اندهشت فآطم من كلماته، رغم أنها تقطر من الحزن ما يكفي لتحويل فرحة بضعة أشخاص لتعاسة إلى أنها أرادت التهوين عنه، عقدت حاجبيها علامة عدم الفهم، لم تتبين مقصده بعد، ظنته أحد أعدائه القدامى، فكرت بهدوء قبل سؤالها المتردد
- مَن؟
صمتت قليلًا تفكر بحالته وربطها بحياء فـ بالتأكيد الأمر متعلق بها، تذكرت كلماته عن عودة الماض وتدمير المستقبل ، شهقت بفزع قبل قولها بصوت خافت من تلك الاحتمالية
- أتقصد صهيب!
لا تعلم كيف ردده لسانها وهو لم يكن أحد خياراتها بعد حديث أخيها، شهقت بصدمة أكبر قبل وضع كلتا يديها على فمها مانعة إياه من التحدث أكثر من ذلك، قد يكون تخمينها خاطيء لكن يظل هو الماض لأخيها، انتظرت قليلًا علها ترتب أفكارها قبل قولها
- أوار.
قالتها بصوت مرتفع قليلًا لينظر لها بتيه قبل قولها بذهول من صمته الغير مبرر بالنسبة لها
- أتقصد صهيب؟!
وضعت يدها على كتفه تحثه على التحدث لتقول بعدها بتساؤل
- ماذا حدث! أرجوك لا تتخذ الصمت حاجز لعدم البوح!
قالت كلماتها بعصبية قبل قولها بغضب من سكونه الإجباري لتصرخ به حانقة من أفعاله
- أخبرني كيف حدث ذلك وهاتفك لا يمتلكه سوى الأقربون.
نظرات شاردة كانت إجابة أوار على تساؤلاتها، تخمينها للأسف صحيح، تأمل وجهها قليلًا ثم حرك رأسه بالاتجاه المعاكس، ظنتها رسالة واضحة بضرورة خروجها من الغرفة دون التفوه بكلمة أخرى، فالجو مشحون بما يكفي ولا مجال لزيادة وضع الملح على الجرح، هبت واقفة استعدادًا للخروج ليمسك يدها قائلًا باستفسار
- إلى أين؟!
ذمت شفتيها كالأطفال علها تهدأ تلك الرعشة المتملكة لشفتيها وبدموع جاهدت على عدم الهبوط أخبرته
- ظننتها إشارة واضحة منك بضرورة خروجي، أنت تتألم ولا تريد لأحد حتى أن يستمع لصرخاتك أو يشاركك ألمك، لذا آثرت الخروج.
- اجلس.
قالها أوار بحزم لتجلس خانعة جواره مرة أخرى، أسند رأسه بهدوء على كتفها، عله يحتمي بقوتها الواهية ليقول بألم مزق نياط قلبها قبل أن يدميه
- عاد يسأل عنها بعد مضي أربع سنوات، تذكرها لشعوره بالذنب بسبب مذكراتها، تحطم قلبه على فراقها بعد فوات الأوان، لم يطرأ بباله ولو لحظة النظر للخلف وإلقاء نظرة على ذاك الرماد المتسبب به، دمر كل جميل وغادر بسلام، عذبها والآن يود أخذ دور المظلوم، المحب لوجودها، اليوم يريدها، لا يعلم بأنها غادرت لنظرات الاتهام الملاحقة لها، غادرت لاتهامهم بأنها السبب بكل ماحدث لعائلتها من تفكك، اتخذت هوية جديدة وبلد آخر للعيش بسلام مع فتات قلب أرادت الحفاظ عليه من عاصفة حب أخرى قد تدمره للأبد، أعلم بأنها هشة لكنها صلبة، مغرورة بذكائها لكنها أكثر تواضعًا بحماقتها، تلك الناعمة الشائكة، حيائي كل شيء وتضاده، ضعيفة متسلحة برداء القوة، جميلة متخذة العبوس قناع لها، رحيمة بتلك القسوة داخلها، قاسية بتلك الرحمة داخلها، ألم أخبرك فآطم بأنها الشيء وتضاده.
ابتسمت فاطيما رغم الألم بحديثه، ضحكت بخفوت لتذكره تفاصيلها، من قال بأن الحب عذاب، الحب هو أن تظل محتفظًا بصندوق ذكرياتك مع من أحببت، تبتسم لتذكرك وتعبس لعدم وجوده جوارك، الحب أمل قبل كونه ألم، ربتت على كتفه بهدوء قبل قولها
- لم أعهدك متخاذلًا هكذا صديقي، تنازلت سابقًا لسعادتها رغم معرفتك بعدم حبه لها، دافع عن حبك ولو لمرة واحدة، كن جندي يود نيل الشهادة أملًا في الوصول لحبها بدلًا من ذاك الهارب خوفًا من الموت لأجلها، كن أنت ما تحتاجه حياء لا تكن مسخ مكرر لأولئك المخادعين، تذكر بأنها ستأتِ قريبـًا وستكون جوارك للأبد لكن كن ما تحتاجه هي، دافع عن حقك بحبها، حياء تستحق.
قالت آخر كلماتها وغادرت لتسمح له بأخذ مساحته من التفكير، تعلم بأنه يحبها، يشتاقها، يتدمر بغيابها لكن وجب عليها توجيهه ان كانت بوصلته معطلة.
أما أوار فأخذت تترد كلمتها الأخيرة بذهنه "حياء تستحق" ليبتسم بهدوء قبل قوله
- معكِ كل الحق فآطم، حياء حقـًا تستحق.
....................
#من_بين_الرماد
#أسماء_رمضان
أنت تقرأ
"من بين الرماد"- "أسماء رمضان"
Romanceمن بين الرماد... "داء العشق يُبتر لا يُضمد" تحكي قصة فتاة تخلى عنها حبيبها ليلة الزفاف فماذا ستفعل حيال ذلك.. هل تبكي الأطلال أم تقف شامخة كحال ذويها!.. نحن أمام بضع كلمات منثورة تعطي إيحاء بوجود الأمل دومًا مادام القلب ينبض بالحياة.