الفصل الخامس والثلاثون

139 7 2
                                    

"الفصل الخامس والثلاثون"

"دنيا الأكاذيب تتلون في ساحة المعارك لضمان بقائها أطول فترة ممكنة"

القناع الذي يسقط من على وجهك لا تحاول ارتدائه ثانيةً حتى لا يزداد سقوطك من نظر الآخرين بل وقد تهلك نفسيًا إن كنت مُباليًا للأمر.
وهي لم تحاول قط ارتداء قناع سقط قسرًا من على وجهها لأنه لا يناسبها بعد الآن وثانيًا ليست هي مَن يجلس على قارعة الطريق ويبكي حظه العثر..
إن كانوا قد علموا بالفعل أنها ليست حياء الحقيقية وإنما نسخة مزيفة لا تمتلك من صفاتها سوى ملامح وجهها فلا يهم حيث أن كل ما يهمها بالفعل هو إتمام ما أتت ﻷجله وبعدها تختفي في دنياها وكأن شيئًا لم يكن.
بالطبع علمتَ هويتي الآن..
أُدعى حياء المزيفة في رواية البعض.. دقيقة دعني أخبرك بهويتهم "صهيب، طارق، أوار وبالطبع أركان وكارم" العدد كبير بالفعل لكن لا مشكلة لديَّ.
أما في رواية الآخرين أُدعى إيما أو الكوبرا نظرًا لقسوتي في التعامل مع بعض الأشخاص بين قوسين مجرمي ومحترفي الجرائم.
يدور في خُلدك الآن سؤال واحد "كيف تعرفت على أركان؟ ولِمَ يتحمل نوبات غضبي اللامتناهية ببساطة دون أن يُعَقب على الأمر؟"
سأخبرك بأمرين لا ثالث لهما..
الأمر الأول كوني أخصائية نفسية لم تُكمل تعليمها أو تعمل بشهادتها قط بل اختارت أن تحترف شغل العصابات بعدما وجدت والدها يُقتِل أمام عينيها وهي صغيرة بسبب الديون المتراكمة عليه جراء القمار ليظل هذا المشهد محفورًا بين ثنايا عقلها، لن أُنكر أن مشهد قتل والدي أثلج صدري لأنه كان يُعامِل والدتي باحتقار شديد والسبب كان مجهول حتى وقت قريب.. أما على المستوى الشخصي فأنا لم أجد شخصًا يُحبني أكثر منه حتى تلك التي خدعته بكوني ابنته لم تعاملني أو تكترث لأمري مثله..
ملحوظة قبل أن أكمل قصة حياتي البائسة.. لم أعلم بحقيقة كوني لستُ ابنة أبي إلا بعد وفاته بسنوات طويلة حينما أتت أمي وهي تطرق باب غرفتي بابتسامة مصطنعة
- إيما أريدك أن تأتي للأسفل قليلًا.
حينها نظرت إليها بشك مما تنوي فعله فحديثها معي بعد رحيله لم يكن سوى صراخ حاد آخر اليوم وشجار مشتعل في بدايته لكثرة علاقاتها الغرامية ورفض إيما كل ما تفعله من أمور مخجلة بالمنزل
- لا أريد.
ودون سابق إنذار انتشلت والدتها الكتاب الذي كانت تقرأه ومزقته في نفس الوقت الذي أخبرتها بصراخ
- أخبرتُكِ أن تأتي معي حتى لا أعاقبكِ بطريقتي.
والطريقة التي تقصدها لم تكن سوى رسم ندبات في أماكن متفرقة من جسدها إما باستخدام السكين أو اللهب.
هبطت معها خانعة للأمر لتجد في الأسفل رجل يجلس بكل أريحية على مقعد مقابل للدرج بل ويتأملها أثناء نزولها بطريقة لم تريحها قط.
وقفت أمامه وبدأت والدتها تدور حولها بجنون وكأنها مسحورة أو تحت وطأة قوة ما.. لتعدد له مزاياها بقولها الهازئ
- جميلة، مثقفة، عقلانية والأهم أنها تُشبهكَ في عِنادك.
هنا لم تفهم علاقتها بذلك الذي لم تريحها نظراته بعد، تعددت الأسئلة والجواب لم يكن حاضرًا في تلك اللحظة بل انتفضت حينما وجدت الآخر مقتربًا منا بطريقة مريبة ويتحسس جسدها بشهوة، نظرت إلى والدتها بخوف قبل أن تبتعد عنه بسرعة وتقف خلف تلك التي من المفترض أن تحميها لكنها لم تجد منها سوى صفعة على الوجه تلاها قولها الهازئ
- أتخافين من والدكِ؟
إن قالت بأنها في تلك اللحظة تحديدًا شعرت بدلو ماء مثلج قد سقط على رأسها أثناء نومها فلن يصدقها أحد.. أدركت حقيقة واحدة أن والدها الراحل أحبها كابنته الحقيقية وحينما أدرك الحقيقة لم تهتز علاقته بها بل ظل على نفس وتيرة الحنان معها وتغير تعامله مع والدتها لتصبح أكثر عنفًا وقسوة بينهما..
حاولت الهروب من المكان لكن يد ذاك الغريب ثبتتها مكانها ليجذبها إليه قبل أن يحيط كتفها بيده ليخبر بعدها والدتها بخبث
- يبدو بأنها سوف تنجح في عملها القادم معنا.
اختتم كلماته وهو يحاول تجريدها من كنزتها لتمسك يده بغضب قبل أن تضغط عليها بعصبية مفرطة تبعه قولها الساخر من الموقف برمته
- يبدو أنكَ تعشق الإهانة.
أبعدت يده عنها بتقزز لتحاول بعدها الهروب من المكان بأكمله لكن تلك المرة والدتها منعتها وهي تخبرها بغضب
- أيتها المختلة عملك القادم سوف بجعلكِ غنية.
عدم الإنصات هو الحل الأمثل للخروج من دائرة الشرك هذه بأقل الخسائر، راوغت وجلست على الأريكة باستسلام ظاهري لتغيب أمها في الداخل قليلًا وتركتها مع ذاك الأبلة لتحاول منه فهم ما يدور وقد أخبرها بالفعل بقوله
- تبدين حمقاء مثل والدك الراحل تخلى عن المال حتى أصبح مديون من أجلك وأنتِ لا تقدرين تضحيته تلك.
عند هذا الحد لم تتحمل قط لذا أخذت السكين بغتة وغرزته في كفه ليصرخ بألم وبعدها قررت الهروب من المنزل وهدف واحد يجول في خاطرها... الانتقام لوفاة والدها من تلك الحرباء وذاك الأفعى.
يُقال بأنه إن تركتَ نفسك للخوف فلن تصبح سوى لقمة سائغة المنال.. هكذا أخبرني الشخص الذي صدمني بالسيارة عند محاولة هروبي من المنزل بذُعر، أخذني معه دون أن يسأل عن أي شئ وبعد راحة دامت لأكثر من خمسة أيام تحدث بهدوء
- ألن تُخبريني عن قصتكِ؟
- حسنًا.
قالتها وصمتت لدقائق معدودة تبعه تنهيدتها الحارة بعدها أخبرته بضيق عن كل ما مرت به ليبتسم لها بحنان وهو يخبرها بنبرة أقرب للشماتة
- إن بقيتِ هكذا خانعة قبل كونكِ خائفة فالموت أقرب لكِ بل ستكون نهايتكِ وشيكة في كل يوم يمر عليكِ.
وصفت له الأشخاص الذين اقتحموا المنزل وقتلوا والدي ليتعرف عليهم جميعًا بعدما رسمهم "الواحد تلو الآخر" أحد مساعديه الذي احترف الرسم لحاجته إليه.. أتى بهم إليَّ وأخبرني بأنها الفرصة المناسبة للانتقام وحينما رفضت أن تسير الأمور على ذاك المنوال أخبرني بغضب
- إن لم تفعليها الآن ربما مستقبلًا ستكوني ضحيتهم التالية بعدما تعرفوا عليكِ ولن يُنجدكِ من قسوتهم أحد.
محق.. تعلم ذلك جيدًا بل يضغط على وتر داخلها يدفعها إلى الثورة على نفسها لتنتشل المسدس من يده وتصوبه تجاه واحد فقط تعرفه جيدًا ليخبرها بتوسل
- والدتكِ هي مَن طلبت مننا قتله حتى تأخذ بوليسة التأمين الخاصة به لنفسها.
صُدِمت وصدمتها تحولت إلى عيار اخترق رأس ذاك الذي تحدث قبل لحظات ليسقط أرضـًا دون حِراك، فعلت المِثل مع البقية لتتهاوى أجسادهم الواحد تلو الآخر دون أن يرف لها جفن وهدفها التالي كان التخلص من والدتها لتتحول بعدها من فتاة خجول من التحدث مع الغرباء، خائفة من نظراتهم إلى أخرى أكثر اتزان وثبات.. تحولت إلى أنثى وأدت رداء الخوف وتسلحت بالقوة لتصبح أقوى ليكون اسمها كافيًا لزرع الرعب في قلوب البقية، لقبها الأقرب كوبرا تلتهم الجميع لأجل مكاسبها الشخصية..
نظرًا لوجود الكثير من الندبات في جسدي قررت إجراء العديد من الجراحات التجميلية للتخلص منها جميعًا وبعدها حدث شئ جعلني أدرك بوجود خطب يجبرني على النظر إلى الخلف قليلًا لفهم بعض الأمور التي لم أستطع استيعابها بعد.
- المحققة رانسي هنا.
كانت جملة خرجت من أحد الرجال وهو يمر جواري في أحد أحياء المملكة المتحدة "كنت في رحلة عمل هناك" تجاهلت الأمر لكن الكلمات التالية من آخر جعلت الشك يتفاقم داخلي
-تبدو أكثر ثقة بعد قضيتها الأخيرة.
بحثت في الأمر لأجد نسخة حية مني أكثر نجاحًا وإشراقًا في نفس الوقت وصلني طرد عن كل شئ عنها بداية من اسمها وتاريخ مولدها حتى وجودها في لندن، تجاهلت الأمر ذاك الرجل كثيرًا فقد كان تواصلنا معًا عن طريق خطابات مكتوبة بخط اليد أحيانًا وفي أحيان أخرى مطبوعة حتى توقف كل شئ فجأة دون سابق إنذار ولم أعرف هوية الشخص الذي كان يراسلني حتى الآن.
قد يكون لك أربعون نسخة متفرقة في كافة بقاع الأرض ولا تعلم عنهم شئ، كل واحد منكم يعيش حياة غير الآخر بصلات قرابة مختلفة لكن أنا قررت استغلال الأمر كثيرًا وقد أعجبني حقًا ذلك.. ماذا فعلت وكيف فعلت ذلك..!
بالطبع لن أخبركَ حتى لا تقل شفقتك الماضية وتتحول إلى قسوة.. دع الأمر يمر وكأنه لم يكن.
تخطي لكل الأحداث السابقة وسوف أخبركَ لِمَ يتحملني أركان كثيرًا رغم نوبات غضبي التي تصيبه في كثير من الأحيان..
السبب بسيط انه يحتاج إليَّ في تمرير بعض الأمور التي يعجز هو عن فعلها وحده باستغلال ذكائه أو حتى سلطته.. فالمال مهما بلغ قدره إلا أنه لن يفتح لك كافة الأبواب الموصدة حتى لو أردت ذلك.
طرقات على الشباك الزجاجي الموجود جوارها جعلها تستيقظ من الغوص في ذكريات الماض لتنظر بعيون حانقة لذلك الذي يطالعها من خلف الزجاج، وضعت نظارتها الشمسية على عينيها وهبطت من السيارة تبعه قوله بتبرم
- أريد أن أعلم فيما كنتِ تفكرين حتى لا تنتبهي لكل ذلك الطرق على النافذة..!
- كنت أفكر بكَ طارق. 
قالتها بعبث وهي تقترب منه بخطوات ثابتة بعدما كانت تسبقه قليلًا، وقف مكانه بعدما شعر بالمباغتة عقب قولها ذاك مؤكدًا أنها في كل مرة تعبث بقلبه قليلًا وبعدها تتركه يخفق كثيرًا في ثورة منه بأن يأخذ خطوة نحوها حتى لا يخسرها فيما بعد، ابتلع ريقه بصعوبة وبعدها أخبرها بحنان محاولًا التمهيد لوجود علاقة بينهما فيما بعد
- حسنـًا فكري بي كثيرًا في الفترة المقبلة.
قالها وأكمل طريقه لتشعر بالتخبط قليلًا قبل أن تكمل طريقها خلفه إلى المطعم لتجد صهيب وآخر لم تعرفه معهم هناك.
جلس طارق وأشار لها لتفعل ذلك أيضًا، طلبت مشروب بارد وانتظرت من أحدهم أن يتحدث ليشرح لها سبب وجودهم جميعًا هنا حتى تحدث باسل أخيرًا بنبرة واثقة
- يبدو بأن السيد جمال لديه الكثير من الأسرار حتى بعد وفاته. 
اختتم كلماته وضغط على شاشة حاسوبه ليرتفع صوته وهو يخبر الضحية نوفان شوكر بأنه يريد تناول قدح قهوة ولسبب مجهول قذفه بعيدًا وتناثر عليها بعض منه قبل أن يقترب منها ليخبرها بغضب
- إذن اسمك هو نوفان شوكر خادمتي المصون.
ضغط على يدها بغيظ من كونها قد خدعته واستخدمته كفأر تجارب لإكمال مشروعها والحصول على ترقية أعلى، أوقفت حياء الفيديو وهي تخبرهم بهدوء
- أكانت تعمل لديه دون أن يعرف هويتها الحقيقية؟
- أجل.
قالها صهيب الصامت منذ وجودها وأعاد تشغيل المقطع مرة أخرى لتتحول الشاشة إلى اللون الأسود وبعدها بساعات تم العثور على الجثة في مكان بعيد ليخبرهم باسل بهدوء
- يبدو بأنه قد علم هويتها الحقيقية لذا قرر التخلص منها دون رحمة.
أعادت حياء الفيديو عند لقطة معينة وأخرجت هاتفها تلوح به أمام وجههم وهي تخبرهم بهدوء
- أليس نفس الزر من معطف جمال؟
أومأ طارق إيجابًا بعدما عقد العزم بأن يغلق القضية تمامًا بعدما عرف هوية المتهم الذي تسبب في موتها ولحسن الحظ هو كذلك لحقها.
قرروا جميعًا غلق القضية بعدما عجزوا عن فهم أمر واحد كيف ذهبت نوفان إلى هناك دون أن يتحرى عنها لمعرفة هويتها..
- ربما مَن أحضرها له شخص يثق به كثيرًا!
قالتها نيا من خلفهم ليغمز لها باسل بعبث قبل أن يجلس على المقعد المجاور لصهيب وهي جلست بينه وبين طارق، نظر لها الآخر بعدم فهم وأخبرها بتساؤل
- كيف ذلك؟
تنهدت بضيق تحاول أن تشرح له وجهة نظرها لتخبره بمثال بسيط
- طارق احضر لي حيوان أليف هدية وأخذته بصدر رحب دون أن أبحث عن أي شئ يخص الحيوان.. بعدها ذاك الأليف هجم علي حينما حاولت قضاء بعض الوقت معه.. حينها سوف أشعر بالخيانة لأنه احضر لي كتلة صغيرة ربما تودي بحياتي إلى الهلاك فيما بعد.. هكذا الأمر مع نوفان.. جمال لم يبحث عنها لأنه يثق كثيرًا في هوية الشخص الذي أحضرها له ومع أول خلاف بينهما أدرك بأنها أتت لسلب روحه لا مساعدته في القيام بالأعمال المنزلية.
فهم الجميع مقصدها لتبتسم حياء بخبث من دهاء تلك التي تجلس قبالتها ولكونها كانت تعلم سابقًا بوجود مشاعر لديها تجاه صهيب قررت اللعب على ذاك الوتر
- اعتذر صهيب عن تلك الفوضى التي فعلتها.
قالتها بنبرة آسفة غرضها الندم لكن فحواها دهاء من إمرأة ترغب في تدمير كل شئ حولها، ساعدته في تنظيف قميصه بعدها سكبت عليه المشروب بقصد لتنظر لهما نيا باستخفاف قبل أن تنظر إلى باسل الذي أخبرها بهمس بشئ جوار أذنها مما أدى إلى خجلها، استأذن من الجميع بعدما أغلق حاسوبه الشخصي وأخذ نيا معه أملًا في قضاء بعض الوقت معها بعدما تركته طوال الفترة الماضية دون أن تتحدث معه والسبب رفضه مساعدة صديقه غيث متعللة حينها بأنه ربما يرفض مساعدتها مستقبلًا كذلك.
جلست على مقدمة السيارة ليقف أمامها يتأملها باشتياق وهو يخبرها بحنان
- لقد ازدتِ جمالًا نيا.
خجلت من تصريحه العفوي لتنظر في الناحية الأخرى دون حديث، نظر لها بهدوء وهو يخبرها
- ألم تحضري سيارتكِ معكِ.
- لا فأنتَ من سيوصلني إلى المنزل.
ابتسم بسعادة وقرر قضاء بعض الوقت معها لتعويض ما فاته طوال الفترة الماضية قبل أن يعود بها إلى المنزل وداخله قرار واحد بضرورة مساعدة صديقه حتى لو كلفه الأمر خسارة كل شئ متذكرًا بكون غيث قد واجه الكثير من الصعوبات بعد وفاة والدته لكنه في نفس الوقت لم يتخلى عنه ولم يبالي بأي شئ سوى مساعدته للحصول على وظيفة تناسبه واتجه هو للتجارة مع والده.
قد تُهديكَ الحياة فرصة ثانية لتصحيح مسار انحرفت عنه بعدما كنت على وشك خسارة كل شئ جراء حماقتك في تقدير الأمور من منظورك الخاص لذا كن حريصًا على استغلال كل شئ حولك لتهيئة نفسك في جعل الأمور تعود إلى نصابها بأقل الخسائر.
وباسل قرر فعل ذلك بعد قضاء الوقت مع نيا وإيصالها إلى المنزل قرر الذهاب إلى صديقه في المتجر الخاص بوالده ليجده منهك في العمل، طرق على المكتب أمامه لينظر له بلامبالاة وعاد ثانيةً إلى ما كان يفعله ليحمحم باسل بخفوت وبعدها أخبره بتسائل
- كيف حالك غيث؟
- كما ترى.
قالها دون أن يرفع عينه إليه ليطرق باسل على المكتب بصوت أعلى قليلًا وهو يخبره بضيق
- أرجوك غيث لا تستخدم تلك النبرة وسيلة للتواصل بيننا.
- أنتَ مَن بدأ باسل لا انا.
قالها بهدوء وهو يغلق الورق الذي كان يراجعه للتو، نظر لصديقه قليلًا وبعدها أخبره برجاء أن يتركه وحده فهو خرج من حصار والده بعد كثير من الإلحاح
- من فضلك باسل أريدك أن تغادر لوجود الكثير من العمل فوق رأسي.
- اعتذر غيث عن رفضي السابق لكن كانت لدي أسبابي الخاصة و.....
- لا أريد معرفتها باسل.
قالها غيث مقاطعًا حديث صديقه بهدوء لينظر له الآخر بغيظ وقرر إلقاء قنبلته على ذاك الأبلة ينصت إليه ويعود كل شئ كما كان سابقًا
- يوجد خائن بينهم في قسم الشرطة.
رغم فضوله وصخب أفكاره التي تخبره أن يسأل عن مقصده إلا أنه تحكم في نفسه ولم يتحرك خلف تلك الترهات التي يتفوه بها، ابتسم باسل بسعادة فهو يعلم جيدًا بأن صديقه يريد سؤاله عن الأمر لكن غروره يمنعه لذا أخبره باستفاضة
- بعدما تم تحديد موقع كارمن عقب فتح هاتفها الخلوي وأشار الموقع كونها في الفندق لم نستطع العثور عليها لذا استنتج الكثير بوجود خائن يخبر المجرم بكافة تحركاتهم.
صمت غيث ورغم وجود الكثير من الأسئلة داخله لم يجد لها جوابًا إلا أنه قرر المُضي قِدمًا مع باسل تلك المرة حتى لا يندم فيما بعد لأنه لم يتعاون معه.
- والحل..!
- أن نتعاون سويًا بعيدًا عن أعين الشرطة.
سؤال من غيث تبعه جواب من باسل يخبره بسرعة وكأنه قد استعد سابقًا لتلك الإجابة، صمت الأول قليلًا وقال بعدها بإقرار
- التعاون بيننا باسل لن يكون له علاقة باضطراب صداقتنا فأنتَ السبب في كل ذلك لا أنا.
اختتم كلماته وتحرك من مكانه ليصافح الآخر الذي اتخذها فرصة لإخباره بنبرة نادمة
- اعتذر صديقي عما حدث سابقًا فأنتَ تعلم جيدًا مكانتك عندي لذا أردت أن تكون بأمان بعيدًا عن كل ذلك.
- أعلم باسل لكن رفضك بتلك الطريقة أجبرني على عدم الوثوق بأحد بعد الآن.
تصالحا وقضي بقية اليوم معًا فرغم خلافهم السابق إلا أن صداقتهما لن تتأثر بل ستقوى ثانيةً بمرور الأيام.
صديقك الذي يخاف عليك من أي سوء قد يصيبك تشبث به جيدًا لأنه سيكون مصباحك في أحلك أيام حياتك.
......................
كلمة "نعم" في بعض المواقف لها تأثير كالسحر لن تستطيع الفرار منه أو التراجع إلا إن أمرك الساحر بذلك بعدما يعفو عنك ويتركك تمضي في حال سبيلك.
جهزت ثيابها للانتقال إلى مكان أكثر أمانًا بعدما قررت ترك منزل معاذ ليصدح صوت هاتفها بإشعار بوصول رسالة من أركان يخبرها فيها بهدوء
- تم حجز تذكرة في الخامسة صباحًا وسيكون كارم في انتظاركِ بالمطار.
أرفق حديثه بنسخة إلكترونية من التذكرة لتنظر إليها قليلًا وبعدها قررت الذهاب إلى المطار حتى يحين موعد سفرها.
أركان فعل ما وعدها به حيث أنها كانت أمس صباحًا في مكان واليوم عادت إلى بلد تحمل بين طياتها الكثير من الذكريات السيئة لها، أكملت باقي الإجراءات ووجدت كارم في انتظارها ليقترب منها وهو يخبرها بحنان
- كيف حالكِ صغيرتي؟
- خائفة.
قالتها بهدوء وهي تجر حقيبة سفرها ليبتسم هو من حديثها قبل أن يخبرها بجهل
- مما أنتِ خائفة؟
- من أركان.
قالتها بإقرار لتتسع ابتسامته قبل أن تتحول إلى ضحكات بصوت مرتفع ليقول لها بتوضيح بعدما نظرت له بغضب
- أركان لن يؤذيكِ تمارا حتى في حربه مع علي لن يأخذكِ كدرع له.
- لكنه استغلني في حربه مع معاذ..!
قالتها بغضب وهي تبرر له بأن ما يفعل شئ مرة يمكنه فعلها مائة مرة، تنهد بضيق من حماقتها في فهم ما يدور حولها ليخبرها بغضب
- الحرب مع معاذ كانت مبنية على الثقة تمارا، والده والبقية سابقًا قرروا التخلص من أركان ووالدته طمعًا في الحصول على نصيبهما من الميراث لذا قرر هو تدمير معاذ بنفس الطريقة حتى يشفي ولو جزء بسيط من كرهه للجميع..
صمت قليلًا ينظر لها بهدوء وبعدها أخبرها بإقرار
- أركان لم يستغلك تمارا بل وضعكِ في طريق معاذ وأنتِ أعجبكِ الأمر كثيرًا وقررتي المُضي فيه لذا لا تلومي سوى نفسك أولًا وبعدها يمكنك توجيه الاتهامات للبقية.
قالها والتف يُكمل طريقه لتخبره بندم وهي تدرك جيدًا بأنها فعلت كل شئ بإرادتها دون إجبار من أحد والآن تلوم الجميع على ما فعلته هي برضاها
- اعتذر عما تفوهت به.
- لا عليكِ تمارا.
قالها بهدوء وهو يسير جوارها يسحب حقيبة أخرى غير تلك التي تسحبها، غادرا المطار بهدوء وفي السيارة أخبرها بإقرار
- بعد العودة إلى المنزل يمكنكِ الراحة قليلًا حتى يعود أركان من الخارج. 
تنهدت بارتياح وأخبرته بعدها بعصبية
- أليس بالمنزل؟
- لديه بعض العمل يقوم بانتهائه.
أومأت إيجابـًا علامة التفهم لتزيح رأسها إلى الخلف وترتاح قليلًا من عناء السفر.
أما على الطرف الآخر عند أركان..
فقد وصل إلى المكان الذي توجد فيه كارمن لينظر بهدوء إلى الصورة التي تحتضنها ورفضت إعادتها له مما زاد من فضوله باحتمالية ربما تعرف شيئًا ولا تريد الإفصاح عنه، قرر عقد مهادنة لمعرفة أي شئ ربما يفيده فيما بعد في حربه مع والدها.
- ألازلتِ لن تُخبريني كيف تعرفتِ على العم وزوجته وأنتِ لم تعاصري أحد منهما في حياتكِ!
قالها بغضب وهو ينظر لها ببرود علها تريح قلبه لكنها كما الأيام السابقة لا تتحدث معه بأي شئ بل تنظر إليه وتعود إلى صمتها ثانيةً دون أي حديث..
- ألازلتَ لن تُخبرني كيف وصلت صورتهما لتصبح بين يديك!
غضب من حديثها قبل أن يزفر بحنق تلاه تسديد لكمة إلى الحائط جوارها علها تتكلم لكنها كانت أشبه بلوحة ثلج يبتسم له ببرود دون أي رد فعل وكأنها أدركت بأن حربها معه باردة لن يمر منها سوى مَن تسلح بالبرود دِرعًا له..
لحظات صمت مرت عليهما وكل منهما يتأمل للآخر بطريقة لا يستطيع الثاني فهمها قبل أن ينظر للناحية الأخرى.
- تشبه العم كثيرًا.
قالتها بهدوء وهي تنظر إلى الصورة لحظات وبعدها تعود مرة أخرى لتقارن بينهما، كلماتها أثارت الريبة داخله من احتمالية معرفتها هويته الحقيقية..
- توفي بعد عدة أشهر من معرفته بوفاة العمة وابنه حينما اشتد عليه المرض.
قالتها بنبرة أشبه بالبكاء وهي تنظر إليه تحاول تصديق حقيقة واحدة راسخة بعقلها في الوقت الراهن.. أنه نفس الشخص الذي ظلت تبحث عنه طويلًا بعد وعد طفولي من عمها الراحل لتبدأ حديثها وهي تستند على الحائط تخبره بحزن
- أتى والدي وأخبره ذات ليلة بأنهم عثروا على جثة زوجته وابنه في أحد المنازل البعيدة حينها صُدِم من احتمالية تعرضهم لأي أذى لذا أخبرني بحنان "عديني يا صغيرة بأن تبحثي عن ابنك عمكِ وتخبريه بمدى حبي له".
- وبعد ذلك..!
قالها أركان بفضول لتضحك على طريقته الطفولية في معرفة الباقي لذا أكملت حديثها بحنان
- أخبرني كثيرًا عنك وعن العمة وبعدها أهداني قلادة كانت ترتديها العمة سابقًا.
قالتها وأخرجت القلادة الموجودة حول جِيدها لتعطيها له، كانت تحتوي على صورة تجمع ثلاثتهم في وقت ظنوا فيه أنهم أسرة مترابطة ولن يمسهم سوء.
- بعدها توفى العم حينما اشتد عليه المرض وظلت الأمور على نفس الوتيرة حتى عثرت على دفتر يوميات صفحاته مزيج بين يوميات العم والعمة لكن ما لفت نظري بحق هو رسالة للعمة تتحدث فيها عن سوء معاملة والدي لها بعد معرفته بمرض أخيه وحقيقة كونه أراد قتلهما للاستحواذ على كل شئ، والدي لم يدرك بأن الدنيا له في لحظة وعليه في اللحظة التالية لها..
نحن لا نؤمن بأي شئ إلا بعد أن نراه يتجسد أمام أعيننا وتلك حقيقة أدركها أركان جيدًا بأنه في حربه مع أعدائه هلكت أرواح لم يكن لها ذنب لكن هذا ليس وقت الندم وإنما وجب عليه تخطي كل شعور بالذنب تجاه الأشخاص حتى يُكمل ما تبقى من انتقامه على خير.
- يمكنني الاحتفاظ بها؟
طلب أخبرها به وهو يحتفظ بالقلادة لتومأ له إيجابـًا تبعه قولها بحنان
- لقد وعدت العم بأني سوف أهديها إلى الشخص المناسب حينما يحين ذلك.
ابتسم من كلماتها ليخبرها بهدوء بعدما تأكد بأنها ليست مثل والدها بل عطوفة القلب مثل والدته
- علي أراد قتلنا وقام أعوانه بذلك بدم بارد.
لم تصدق في بداية الأمر لكنه أكمل حديثه دون أن يعير دهشتها أي اهتمام
- كان السبب في وفاة والدة معاذ حينما لم يمنح زوجها ما وعده به لتتحول حياتها إلى جحيم انتهى بوفاتها..
صمت يتابع رد فعلها بعد كل كلمة يقولها وكأنها عاجزة عن استيعاب مدى بشاعة والدها ليكمل يحنق
- هو كذلك السبب في وفاة تيم بعد وعد جمال بالكثير وفي النهاية أصبح كل ذلك سراب.
تنهد بضيق من تلك الحقائق التي تصيب قلبه بالعطب حينما يتذكرها جميعًا فرغم كل شئ إلا أن تلك التي توفت عمته في نهاية المطاف وبالطبع شعر بالحزن عليها، ضحك باستخفاف وهو يخبرها بحقيقة ربما عجزت عن فهمها سابقًا وحان الوقت وضعها نصب عينيها
- والدكِ لم يعتني بمعاذ صغيرًا ليس لكونه ابن الرجل الذي قتل شقيقته "فوفاة شقيقته لا يعنيه بشئ لكنه ارتاح لعدم وجود أحد يطالب بحقها" بل لأنه لن يستطيع إخباره أنه يريد حق والدته.
شهقت مما تسمع فوالدها رفض علاقتها من معاذ وضغط عليها نفسيًا حتى تتخلى عنه كما أنه قد عَجل من أوراق سفره ليغادر بسرعة وما قاله تاليًا نحرها في مقتل
- والدك لم يشأ أن يشاركه أحد في إمبراطوريته الواهية كارمن لذا طرد معاذ من حياته صغيرًا ومن حياتكم جميعًا وهو كبير.
تماسكت حتى لا تبكي في تلك اللحظة تحديدًا فوالدها ظلم الجميع دون أن يدرك لكنها الآن لن تسمح له بتدمير حياتها بل ستفعل المستحيل حتى تُدمره هو شخصيًا دون أن تبكي عليه.
- رفض معاذ ظنًا منه أنه يريد استغلالي للحصول على حقوق والدته!
قالتها بتساؤل ليومأ بموافقة قبل أن يقول بهدوء
- بدأتِ تفهمين والدكِ كارمن.
- العمة لازالت على قيد الحياة. 
قالتها بحنان في محاولة منها لتخطي تلك الحقائق القاسية التي أدركتها قبل قليل، أومأ علامة الموافقة دون أن يتحدث عن شئ آخر لتخبره بتوسل
- أريد رؤيتها أرجوك..
- ليس الآن كارمن.
قالها بإقرار وهو يغادر الغرفة لتخبره بحنان وهو يقف أمام الباب قبل أن يغلقه
- حسنًا يا ابن العم سوف انتظر حتى أراها.
غادر وهو يبتسم على تعبيراتها الطفولية فيبدو بأن الخوف من حقيقة كونه الخاطف قد تضاءل كثيرًا بعدما علمت هويته الحقيقية.. نظر إلى هاتفه ليجد الوقت قد تأخر..
عاد إلى المنزل بتثاقل ليجد كارم في استقباله وهو يخبره بهدوء
- تمارا أتت منذ عدة ساعات وهي ترتاح حاليًا في غرفتها.
أومأ إيجابـًا واتجه إلى المكتب ليخبره بهدوء
- بعدما تستيقظ أخبرها أن تهبط لأسفل ومعها المظروف الذي أحضرته من الخارج. 
- انا هنا والمظروف كذلك. 
قالتها بهدوء وهي تهبط الدرج ليتأملها أركان قليلًا قبل أن يكمل طريقه إلى المكتب وهي وكارم خلفه.. اتخذ كل واحد منهما مكان ليخبرها أركان بهدوء
- تلك الأوراق التي عثرت عليها من دار الأيتام قبل سنوات.
قالها وهو يمد يده لها بها لتأخذها بتوتر وداخلها يخبرها بأنها هكذا مرتاحة لذا لا داعي للنبش في آثام الماضي.. استمعت إلى صوته يستأنف حديثه بهدوء
- وتلك الخاصة بوالدتك وميراثها.. كل شئ يخص عائلتك وثروتكِ هنا.
أخذت الأوراق دون فتحها لتضعها أمامها على سطح المكتب، أعطته المظروف ليفتحه أمامها وبعدها أعطاها منه الكثير من الأوراق وترك بعضه على جنب دون أن يمسه
- نهاية والدكِ على يديكِ تمارا.
لم تفهم المقصود من حديثه لكنها شعرت ببعض السعادة تتسرب إليها لكونها ربما تنتقم منه بسبب السنوات التي قضتها وحيدة.. تنتقم منه بسبب الأذى النفسي الذي تعرضت له وهي صغيرة.. تعطيه درسًا قاسيًا في كيفية عدم التخلي بعدما تخلى عنها الأقربون.
- الورق كان بحوذتي طوال الوقت..!
قالتها بتساؤل غاضب لينظر لها باستخفاف بعدما أدركت الحقيقة في أنه خدعها لتعود إلى مصر، لن يجيبها لذا نظرت له بحنق من بروده لتخبره بغضب
- لِمَ لم تخبرني بذاك سابقًا!
- لأنه ما إن يعرف بوجودك فلن يترككِ إلا وأنتِ جثة هامدة تمارا.
صُعِقت من حديثه لتفتح الورق وبعدها صدمها حقيقة كونها ابنة علي.. نفس الرجل الذي حرم معاذ من حبه السابق.. ابنة الرجل الذي دمر الشاب الذي يناظرها باستخفاف، حاليًا إن قالت بأنها تخاف مواجهته ربما لن يصدقها أحد، تنهدت بضيق ليخبرها أركان بهدوء محاولًا تهدأتها حتى لا تنتهي خطته قبل أن تبدء
- صدقيني تمارا سوف أجعله يعترف بكِ أمام الجميع لكن عديني قبلها بأنكِ لن تقومي بأي تصرف إلا بعد العودة إليَّ.
أومأت بتفهم لتأخذ الورق وتعود إلى غرفتها تقرأه بتمعن شديد وتختلي بنفسها قليلًا فهي حتى تلك اللحظة لا تصدق بأنها عرفت هوية والديها رغم عدم تصديقها للأمر.
بعد مغادرتها تطلع كارم في أثرها بحزن عليها ليخبر صديقه بهدوء
- ما هي خطوتك التالية أركان!
- إرسال نسخة من ذاك الورق.
قالها وأشار إلى الملف الذي وضعه جانبًا قبل لحظات ليعطيه إلى صديقه يقرأه بهدوء وبعدها أخبره بسعادة
- يبدو بأن نهاية علي أصبحت أقرب من المتوقع.
بعض النهايات تبقى مفتوحة دائمًا لأنه لم يعثر أحد على حل لها وحينما يفعل لن يترك الأمر يمر دون أن يتفنن في وضع تلك النهاية..
يبدو بأن لغز علي في تدميره قد أصبح بين يدي الصديقين ولم يعد ينقصهما سوى وضع بعض الرتوش ليصبح الأمر جاهز لإقامة حفلة لرد الحق إلى أرواح غادرت أجسادهم وبقيت ذكراهم حاضرة دومًا حتى وإن آلامنا الفراق إلا أننا نسعد لتذكرهم في لحظات ضعفنا قبل قوتنا.
...................
أن تُكمل الحياة وحدك أكذوبة يرددها عقلك كثيرًا ولن تعرف آثارها السلبية إلا بعد أن تشيخ وتظل وحدك في منزل منعزل بأطراف المدينة.. لن تعرف قيمة العائلة إلا بعد فوات الأوان..
وفآطم أدركت الأمر مؤخرًا بعدما ظلت طويلًا تجاهد على البقاء وحدها دون سند متعللة بأن الوحدة أفضل بكثير..
مر أسبوع على تعبها واستلقائها في الفراش بعد محاولتها في الفرار آخر مرة، ريان يعتني بها والجرو جوارها دومًا كذلك ليخبرها زوجها بغيظ
- أشعر بالخيانة لكون الجرو يتجاهلني ويعير زوجتي كل اهتمامه.
ضحكت من حديثه قبل أن تتنهد بتثاقل من تبرمه تجاه بعض الأشياء، أخبرته بأنها تود الذهاب إلى المرحاض ليساعدها في ذلك قبل أن يغلق الباب خلفه بعدما تركها منتظرًا إياها في الخارج بعدما تنتهي مما تفعل أما هي فبعد مغادرته ضحكت قليلًا قبل أن تفعل ما خططت له قبل أيام ولم تسعفها قوتها في فعله.
لحظات واستمع إلى صوت بكائها من الداخل ليطرق على الباب وحينما لم يصله منها أي رد دلف بسرعة ليجدها تجلس أرضـًا تبكي وقبل أن يسألها عن السبب وجدها تضع اختبار حمل بين يديه، لم تسعه الدنيا حينما عرف بكونها تحمل نطفة بين أحشائها لكنه لا يعلم سبب بكائها بعد لذا أخبرها بهدوء
- ما بكِ فآطم..!
نظر لها بلوم ونظراته نحرت قلبه من حقيقة أنها لا تريد أطفالًا، تنهد وسألها بغضب
- ألستِ سعيدة بهذا الخبر..!
- بل خائفة.
قالتها بحزن وهي ترتمي بين أحضانه تحاول العثور على بعض الأمان، نظر لها بشك وقد تدارك الأمر ليسألها بهدوء
- مِما أنتِ خائفة فآطم!
- خائفة من أن يعيش حياة غير سوية مثلما حدث معي ومع أشقائي.
حاول أن يجعلها تفهم بروية حقيقة الأمر ليخبرها بحنان حتى لا يتراكم داخلها الكثير من الحزن ويحدث ما لا يحمد عقباه فيما بعد
- أنا لستُ والدكِ فآطم وعشقي لكِ لن يزول بمرور الزمن بل سيزداد حتى يموت أحدنا ويبقى الآخر على ذكراه.
شدد من احتضانها وهو يُكمل بحنان
- أنتِ لستِ والدتكِ فآطم ولن تقفي مكتوفة الأيدي حينما يتعرض أطفالك للظلم بل يمكنك إزهاق أرواح أعدائك لأجل سعادتهم.
ابتسمت من حديثه لكنها لازالت خائفة من مجهول أتى معها من الماض وظل يتفاقم داخلها حتى تشوشت ذكرياتها وأصبح كل شئ حولها باهت إلا من وجود ريان الذي يُضفي الكثير لتعود إلى أخرى أكثر إشراقًا.. وعدها ريان بالكثير وبعدها حملها إلى الفراش، اتصل بالطبيب وأخبره أن يأتي ليفحصها.
أنت تستحق الكثير من السعادة جراء تعرضك للكثير من الأذى سابقًا وإن كنت ترى بأنك غير مؤهل لها ربما يصفعك مرور الوقت لتدرك بأن الخاسر الوحيد أنت وفقط.
على الجانب الآخر استمعت حياء إلى صوت الهاتف لتأخذه ترى هوية المتصل وما إن وجدت نفس الرقم الخاص أجابت بحنان
- يبدو بأن السيد أركان لا يستطيع البقاء بعيدًا دون مهاتفتي.
ضحك من حديثها الهازئ ليخبرها بهدوء
- يبدو بأن فرصتك قد أتت لإعلان راية انتصارك ووجب عليكِ استغلال الموقف أفضل استغلال.
حسنـًا.. يبدو بأننا على موعد مع فصل جديد ربما لن ينقصه سوى إراقة الدماء ليصبح أكثر دراماتيكية.

#من_بين_الرماد
#أسماء_رمضان

"من بين الرماد"- "أسماء رمضان"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن