السابع والاربعون..الثامن والاربعون

9.1K 301 10
                                    

رواية رد قلبي الجزء التانى
الفصل السابع والأربعون
...............................................

جلس على المائدة معهم بصمت يتأمل الطعام دون شهية.. يرفع ملعقة الأرز إلى فمه يمضغه وكأن طعمه رمال، لا يشجعه على اكمال الطعام ابدًا.. فيقف منسحبًا إلى غرفته وثقل عنيف موضوع على ظهره وكأنه يحمل الجبال.. كل شيء ثقيل رمادي بدون رغدة

اتجه لغرفته بعدما تعذر كعادته كي لا يشاركهم طعام الغذاء.. وكالعادة ابتلعوا عذره مع الكثير من احتجاج والدته على ما يفعله بنفسه في غياب رغدة
وهي محقة.. هو لا يستطيع قضاء يومه دونها
لا يستطيع التألف مع سُكنته دون وجودها حوله
يختنق من وجوده في غرفته التي كان يقضي فيها شبابه وعزوبته في الماضي.. أما الآن وبعد انقضاء كل تلك السنوات نسي كيف يعيش دون رغدة
نسي ما هو نظام يومه دون وجودها هي وأولاده

كان الأمر أهون بكثير حينما كان في المصحة
كان يُدرك أن ما يمنعه عنها ويحول بينها وبينه سجنه هذا كي ينسحب ذاك الادمان اللعين من دمه.. كان يصبر نفسه أنها ستكون معه حينما يخرج من هنا
سيصحح اخطائه ويكون معها كما في الماضي
ولكنه صُدم بالواقع، صدم أن ماعاد يستطع العودة بالزمن.. رغدة القديمة اندثرت تحت غضبها وحدتها
لم تعد تود إكمال حياتها معه، رفضته بكل قوة ولثاني مرة تكسره رغدة بكل عفوية.. ليتها تعلم أن مافعلته يزيد ألمه أضعافًا في قلبها، ليتها تعلم أنه عُقب على خطأه مرتين بأبشع الطرق
أول مرة حينما اختبئت خلف سلطان منه
والثانية حينما احتمت بظهر شقيقها حين ذهبوا لمنزلها ووقف منفعلا يعترض على حديثها
لم يراها إلا وهي تختفي خلف ظهر شقيقه وعلامات الخوف مرسومة على وجهها بوضوح الشمس
ذاك الفزع الذي رأها يوم ضربها بعنف في غمرة سكرته.. منذ ذاك اليوم وهو فقد احترامه لنفسه، لم يعد يرى نفسه رجلا يستحقها.. ورغم أنه نادم إلا أنه لا يؤمن بأن تكون نهايتهم هو الفراق
كيف تفترق عنه وتبتعد بأطفاله.. كيف تتركه يتلظى بنار الفراق وهي تتنعم بقوتها الجديدة
كيف ينام على فراشه  كل يوم دونها يأكل ويعمل وتمر عجلة اليوم دون رغدة..

شهق قلبه بلوعة وهو يدفن وجهه في وسادته ويتسائل..
" أين انتِ يارغدة "
أين انتِ من أيامي دونك.. أين انتِ من حياتي الباردة
أين انتِ من أحزاني دونك.. أين وجهك الباسم وتصرفاتك العنيدة بنكهة الحب والدلال.. أين انتِ من الحب والذكريات.. أين انتِ!

انتفض من فراشه باختناق يجلب حقيبة ملابسه
يلملم ثيابه ينوي الذهاب إلى شقته.. شقتهم هو ورغدة، سيذهب ليرثي ألمه هناك حيث كانا معًا
شقتهم تلك التي شهدت بداية زواجهم وأجمل شهور مرت على قلبيهما، عل ألمه يخف وتقوى عزيمته على إرجاعها له.. ليت ما حدث ماكان.. ليته ماتناول تلك المخدرات.. ليته لم يسقط لشيطانه ويركض خلف شهواته

ضربه عقله بقوة وهو يسترجع مواجهتم المُره في منزل عائلتها.. حينما نظرت له بكبرياء أنثى مجروحة
أنثى غُدرت بعدما سلمت راياتها حينما قالت بنبرة مهزوزة رغم قوتها...
-انت مش بس دمرت بيتك وعيشتني أنا وولادي في رعب.. انت خُنتني ياحسن، تقدر تقولي خُنتني ليه
أنا كنت مقصرة في ايه معاك.. دا أنا كنت طول النهار بلف حوالين الولاد واهتم بيهم ويكون حيلي مهدود
ومجرد ماتيجي كنت بتلاقيني كإني عروسة مستنياك
أنا عملت ايه.. قصرت في ايه.. ليه استحق منك الخيانة والضرب وتضيع مستقبل ولادك
انت مزعقتليش ولا دلقت الطبيخ ياحسن عشان تيجي تراضيني وارجعلك.. أنت غيرت نظرتي لنفسي وليك، أنا مقدرش أكمل مع راجل وقع من عيني

(رُد قلبي )"الجزأن معًا" مكتملة✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن