الحلقة السادسة والعشرون

6.2K 279 11
                                    

رواية رد قلبي
الحلقة السادسة والعشرون  "علاج نفسي"
.....................
تنفس رامي بحدة وهو ينظر لباب مكتب الطبيب ينتظر أن تنتهي الساعات سريعًا كي يرى تحسن والدته..يتمنى لو ذهابهم يأتي بثمارة وتبدأ والدته بالعلاج والتخلص من رُعبها المُسمى "بدر"

تنهد وهو يتذكر الحال الذي أوصله في هذه اللحظة بجلوسه داخل عيادة علاج وتقويم نفسي

تذكر زيارة زوجة عمه رُقية عندما أتت لهم بناءا على طلبه
ودخلت للغرفة لوالدته وتركته مع أفكارة
نظر للباب الموصد بعد دخول خالته رقية..لم يملك خيارًا أخر عندما سمع بكاء والدتة ليتصل بخالته روفيدة شقيقة والدته وامه بالرضاعة يخبرها بتدهور حالة أمنية لتُغمغم آسفة بأنها خارج المدينة

فكر لثوان قبل أن يتصل برقية ويطلب عونها
والدته بحاجة للحديث والتنفيث عن حزنها وغضبها
وخاصه انها لا تضع عيناها بعينه أبدًا لم تُشيح وجهها وتكتفي بالصمت والبكاء

تنهد بثقل وتهدلت أكتافه بتعب حقيقي..تعب من الوضع المحيط بهم..مُتعب من حزن والدته وحياته التي انقلبت رأسًا على عقب بسبب ظهور تلك المرأة التي تدعي بأنها والدته

بينما كانت امنية في الغرفة تسند ظهرها الى الحائط وعيناها شاخصة في رُقية الجالسة أمامها تتكلم بلا توقف
لتزفر رُقية بضيق قائلة..
-أمنية بلاش الضعف والهوان دا

لم ترد أمنية وتابعت البكاء دون صوت لتقول رُقية..
-رامي حكالي الي حصل..ازاي تحبسي نفسك ومتخرجيش تعرفيها مقامها ازاي سيبتيها تلف في بيتك وانتي هنا بتعيطي..انتي لسه بتخافي من بدر !

شحب وجه أمنية وأشاحت عيناها سريعًا ليصلها صوت رُقية وهي تحاول إقناعها..
-ياأمنية افهمي..بدر بتتغذى على خوفك منها زمان ودلوقتي..بتكسب ثقتها في نفسها من ضعفك
متضيعيش جوزك ورامي منك بسبب سلبيتك دي

زاد بكاء أمنية وبدأ بالإرتفاع لتقول رُقية برفق..
-متخافيش منها ياأمنية ودافعي عن حقك في جوزك وابنك..رامي ابنك حتى لو مش انتي الي مخلفاه
انتي الي سهرتي عليه ليالي وكبرتيه وبدر راحت اتسرمحت واتجوزت وشافت حياتها..فوقي عشان ناجي يفوق

تحدثت أمنية بصوت متهدج..
-سيبيني لوحدي..انا عايزة أنام

تهدلت أكتاف رُقية بأمل خائب لتقف قائلة..
-هسيبك ياأمنية بس اتمنى تفوقي قبل ماتخسري نفسك
انتي لو حصلك حاجة ناجي هيكمل حياته عادي
ورامي هيحزن شوية ويكمل شبابه..انتي بس الي هتخسري

ثم تركتها وخرجت من الغرفة وأغلقتها لتدفن أمنية وجهها في الوسادة وتبكي بقوة وجسدها يرتعش بلا توقف
كيف لها ألا تخاف من بدر..كيف !

كيف تنسى ما ذاقته على يداها منذ الطفولة وحتى الآن
بدر بالنسبة لها هي الغرفة المُظلمة المليئة بالفئران
مصدر الخوف والإزعاج وشعورها الدائم بالنقص
نتظروا أن تخرج لها وتقف أمامها وجهًا لوجه!
كيف بحق الله..كيف وهي ترتعب من مجرد تخيل هيئتها
تُجزم أنها لو رأتها ستخر أرضًا تحت أقدام بدر..وبوقتها لن تتحمل نظرة النصر بعيناها لن تتحمل ابدا
شهقت بعنف حتى على صوتها لتكتمه في الوسادة من جديد..يكفيها عار خوفها أمام نفسها..يكفيها
بينما تحدث رُقية الى رامي قائلة...
-اقعد اتكلم معاها يارامي..فهمها انك بتحبها وانها امك الأولى..فهمها ان بدر مش هتبعدك عنها..امنية محتاجة الي يطمنها دلوقتي ..خليك معاها كفايه بُعد أبوك عنها
هز رأسه بإيجاب لتصمت رُقية بتردد قبل أن تحسم أمرها وتقول..
-انا شايفة انها تروح لدكتور نفسي يارامي
يمكن دا يساعدها تخرج من إنتكاستها دي
ردد رامي بإنتباه..
-إنتكاستها !!
تنهدت قبل أن تقول بإيجاب..
-انا وأمنية اصحاب من صغرنا وولاد حي واحد
يعني شوفت حياتها كانت عاملة ازاي..امنية جاتلها الحالة دي لما ابوك اتجوز بدر حزنت واكتئبت
قاطعها رامي بتشتت..
-بس هي اتخطت الحزن والإكتئاب..بقت اسوء
بقيت حاسس انها دايما خايفة وبتعيط حتى في نومها..وبعد زيارة الست دي خوفها زاد
عضت رقية باطن فمها لتقول..
-بعد جواز ابوك ..بدر زارت أمنية في بيت أهلها
ومكانش حد موجود..معرفش عملتلها ايه خلتها ضعيفة كدا..بدر من صغرها متسلطة وبتتنمر على أمنية وكانت بتخاف منها..بس خوفها زاد أكتر بعد الزيارة دي
إزدات حدته ليقول..
-عملتلها ايه وصلتها لكدا !
هزت رُقية رأسها نافية..
-لحد دلوقتي محدش عرف عملتلها ايه
أمنية خافت تقول وسكتت..بس بعدها نفستها بقت متدمرة..ويمكن متحسنتش إلا بعد طلاق ابوك وبدر..واتقدملها يتجوزها
صمت رامي واشتد فمه لتُتابع..
-وديها لدكتور نفسي يارامي..أمنية محتاجة تتعالج نفسيا..لو فضلت كدا هتموت..وفي نفس الوقت انا عارفة ردة فعلها على الموضوع دا هتكون ايه
وكما توقعت رُقية تمامًا حينما جلس رامي أمام أمنية وأمسك يدها قائلا برفق...
-هو انا كل ماهشوفك هلاقيكي بتعيطي يامُنمن
فين ضحكتك الحلوة الي كانت بنحلي ايامي
زادت حُزنًا بعد حديثه ليقول..
-اتكلمي ياأمي..فضفضي عن حزنك محدش هيحب يسمعك قدي
أشاحت وجهها بضعف ليقول..
-مش عايزة تحكيلي ياماما !
نفت برأسها ليقول بعد ثوان..
-طب تحكي لطنط رُقية !
همست بصوت مبحوح..
-مفيش حاجة احكيها اصلا..سيبني لوحدي
-ماما تيجي نروح لدكتورة او دكتور تتكلمي وتقولي كل الي جواكي ! طالما مش عايزة تحكيلنا
نظرت له دون فهم ليقول موضحًا بتوتر..
-تروحي لدكتور نفسي هتحكي براحتك و..
قاطعته أمنية صارخة ببكاء..
-انا مش محنونة عشان توديني لدكتور..انا كويسه وهقوم دلوقتي وهنضف الشقة واعمل الأكل..وهغسل الهدوم وهكويها..وجهز لناجي هدومه و
قاطعها رامي باكيًا وهو يصر على أسنانه..
-امي ارجوكِ بلاش تعملي كدا..كفاية تعذيب في نفسك وفيا متوجعيش قلبي ياامي

(رُد قلبي )"الجزأن معًا" مكتملة✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن