٦

68 15 0
                                    

((أورين!)) هتفَ الملك مناديًا، فالتفت القائد لملكه، وهو يجلس مقاربة لإيلكو؛ مستشار الملك: إن كاهن أريدوك المعظم، هو الذي سيشرف على مراسم الزواج المقدس، أطلب منك أن تضع من تثق فيهم من جنودك لتأمين مكان سكناه.. لا أود أن يشعر بالضيق وهو في ضيافتنا.

عقب لينكال، الذي كان يجلس بهدوء ووقار أمام أورين: من سيشعر في الضيق وهو في حضرتكم يا مولاي لكن!...

أثارت كلمة "لكن" أنظار الجميع، وأهمهم القائد! لم تعجبه كلمة لكن تلك في منتصف الحديث، إلا أنه بقي صامت ينتظر ما يأتي بعد تلك الكلمة، كما كان يفعل إيلكو، استطرد الكاهن حديثه: كنت أود لو يسمح حامي السور بانضمام ابنتي تحت لوائه، فحلمها كان دائمًا التعلم من الأفضل.

((ابنتك!)) سألت الملكة وعليها الدهشة والاستغراب، تميل بجسدها للأمام بعض الشيء ((نعم يا مولاتي)) رد لينكال، لتعقب الملكة بسؤال وهي تعود بظهرها إلى الخلف: وأين هي ابنتك؟

((تقف بجانبي يا مولاتي!)) توجهت الأنظار إلى من يقف بمحاذاته، لم يكن غير الشاب الحارس والخادمين، وبقية حوافه ورعاياه كانوا خارج قاعة العرش، ولما وجد في أعين الجميع الحيرة، رفع سبابته ليشير إلى الشاب.

تقدم الأخير خطوة ثابتة للأمام وأعلن بلهجة رسمية: أدعى اوكو ابنة لينكال، كاهن أريدوك المقدسة مدينة الآلهة، ومركز العبادة لهذا الكون الفسيح، ماهرة في السيف القصير ورمي السهام والضرب بالرمح الطويل، أود لو تمنحني موافقتك للانضواء تحت قيادتك سيدي!

ابتسامة صغيرة، وقسمات تتسم بالكياسة الباردة علت على وجه بو-آبي، تقول: الشعر المفتوح، الأنامل الناعمة، والملابس الحريرية الزاهية... كيفَ لكِ أن تبدلي كل ذلك بمظهرك هكذا وأنت تتخلين عن أنوثتك لتبدي كرجل محارب! حمل السيوف أم حمل الزهور؟ لينكال! كيفَ سمحت بأن تجعل من ابنتك خشنة المسلك بدلًا من الرقة؟

هزَ كتفه معربًا عن قلة حيلته، وهو يهز برأسه: ليت الأمر بيدي يا مولاتي!

أعقبت اوكو، ترسم ابتسامة راضية على ملامح وجهها الحادة: لسنا جميعًا نتشارك الرغبات، أفضل الاسود وتفضلين الأبيض وغيرنا يفضل الأحمر... لست بمجبرة على أن أسلك الطريق الذي يختاره الناس لي، بل الطريق الذي أجد نفسي فيه... وفي حمل السيوف وجدت ذاتي.

لم تهتم الملكة بالحديث أكثر بهذا الشأن فهو لا يستسيغ لها، ولن تقتنع بوجهة نظر اوكو مطلقًا: قولي ما تشائين، لكنها المرة الأولى لي التي لا أستطيع تميز الشخص أن كان رجلًا أم أمرأة.

جملة قاسية في طياتها الإهانة، إلا أن اوكو قابلت الملكة بابتسامة ثابتة، فما الذي يجب أن يصاغ ردًا مناسبًا غير السكوت بعد حديث جلالتها. أفرغت اوكو تنهيدة خافتة من صدرها، إذ لم يكن موقفها هذا أول مرة تتعرض له، لقد اعتادت على الكلام المبطن بالسخرية، ولولا مكانتها كابنة الكاهن الأعلى لاجتاز الجميع ما تبقى من الحدود الوهمية في الاستهزاء.
التفت الملك بعد أن نالَ وقته من الدهشة؛ نحو أورين المحتفظ بالقسمات الحادة التي لا تحيد، يَصعبُ في العادة معرفة ما يدور في رأس القائد المتجهم: ما قولك أورين بطلب الكاهن؟

الهاربة والمفاتيح المفقودة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن