١٥

37 9 0
                                    


كان أيومين في تلك اللحظة قد بلغ نبيشوم بالفعل، بعدما أستمر ببحثه، و السؤال عنها، بين الخدم و الجواري، يتحاشى جذب النظر إليه، من قبل الحراس، علم أنه تسرع في سؤال أزيش، و لم يعاود تكرار هذا الخطأ من جديد، و عندما سأل خادمة تقوم بحمل جرار من الماء، فوق كتفها، سألها: عذراً هل يمكنكِ أخباري أين أجد جارية جاءت جديدة للقصر، تمتلك عين خضراء؟

نظرة مترددة علت وجه الفتاة، وهي تتفكر في اين عساها يجدها، فقالت له : لقد رأيتها تذهب مع ميش نحو مخزن القصر.

ومنذ تلك اللحظة قد أتجه نحو مخزن القصر ليجدها، و قبل أن يبلغ باب المخزن، قد خرجت و الابتسامة العريضة على وجهها، لا يبدو انها اختفت من على وجهها، منذ أن رافقت ميش و حتى الان، فلسان الأخيرة مرح و لطيف.

تسمر هو مكانه حالما رآها، و لما فعلت هي كانت لها نفس ردة الفعل. تلاشت الابتسامة من وجهها، أصفرت هيئتها، داخلَها الفزع، حتى انها تراجعت خطوة للوراء. توقفت ميش و هي تطالع باستغراب ما يجري هنا، و قبل أن تفتح فمها سائلة، تقدم آيومين خطوة واحدة، و قال بنبرة تحافظ على هدوئها: هلا أتيتي للتحدث معي؟

لم ُتقدم نبيشوم على فعل شيء، و لا زالت سلاسل الخوف تسيطر عليها، فانبرت ميش من مكانها تسأله: و ما الذي تريده منها، أنها جارية للملكة شبعاد، هي ملكية خاصة لها و لا يسمح لأحد بالتحدث معها.

أجاب و هو لا يبعد نظره عن نبيشوم: لدي شيء من سيدي مُهدى إلى الملكة، يجب ان تأخذه جاريتها.

هنا احتارت ميش، و لكن النظرات التي بين الأثنين، كانت مثيرة للشك أكثر من كلامها، و قبل أن تنطق معارضة، تقدم هو بخطوات سريعة، و تضاربت نبيشوم نبضات قلبها حتى ظنت انه سينفجر، و شرعت لأطلاق العنان لقدميها، قبل ان يتدخل ذاك الصوت المهيب فجأة لينقذ الموقف:
(( ما الذي تفعله عندك يا هذا؟!))

استدارت لتجد اورين و نظراته لا تبشر بالخير المطلق، لكنه أرجئ الغضب لها لوقت لاحق، و توجه بنظراته الحادة نحو آيومين، و تقدم بخطوات ثابتة رزينة، تبث الرهبة في قلب غريمه: إنها منطقة خاصة، و لا يجدر بالحراس الغريبين عنا بالدخول إلى هنا.

التورط مع اورين امر غير قابل للاحتمال حتى في مخيلتهم، لذا لم يكن لدى أيومين أي رغبة في المجادلة، او خوض نقاش عقيم بلا شك معه، لذا و من دون أي كلمة اعتراض، سوى تمتمات بالاعتذار المصطنع: انا أسف سيدي، لم تكن لدي معلومة بذلك، سأغادر حالاً!

ازدرد آيومين ريقه، و هو يلوذ بالفرار بخطى متوترة، حتى نادى عليه اورين بنبرة عابثة، تضمر التلاعب بين جوانحها: ما الذي كنت تريد إعطائه لجارية الملكة؟

تلمظ آيومين هنا، و جف حلقه، إحتار لسانه فيما يلهج، ضاعت عيناه في اللامعرفة، طالعها، ثم طالعه... هو يعرف أنه ليس بالخادمة ميش حتى يخدعها بأي كلام، إلا أنه في الوقت الحالي ليس لديه عذر جيد. قال و قد قلّت حيلته: أنه عقد من اللؤلؤ.

الهاربة والمفاتيح المفقودة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن