هدرَ صوت الملك، قاطعاً هسهسة من في القاعة ((هدوء))
فارقت الحناجر ريقها، و انتبهت بعينٍ محملقة مشدوهة، لما سيصدر من فم صاحب الجلالة، الذي بدا حانقاً مستاءاَ، لا سيماء للرضا على وجهه: سيد ميلام!... ألم يشاع أن الاميرة الصغيرة قد قُتلت مع والدها، فكيف اسمع الآن أنها ماثلة أمامي!تقدم ميلام خطوة، بعدما رمقها بنظرة و ابتسامة سرية، ثم ثوى أمام الملك، بملامح ثابتة ورزينة، تدعي الاستياء و التأثر: أوجه اعتذاري اولاً لأصحاب الجلالة... بسبب غفلتي قد تجرأت تلك الحقيرة لدخول قصركم بوقاحة... بعدما رأيتها اليوم، اكتشفت أن خادمتها قد زيفت هويتها، حينما قتلناها، حتى ظننا أنها الأميرة.. انا اسف يا عالي المقام، اعتذر بشدة، بسبب خطأ من جنودي أنتم في موضع انزعاج غير محبذ لصحتكم.
حنق صوت الملك غاصاً في حنجرته، منزعجاً مستاءاً بشدة و راح يرسل شتائمه على ايتانا: أي وقاحة تلك التي لديك... كيف واتتك الجرأة لتدخلي في عقر دارنا بكل بجاحة، أكنتِ تودين أن تكملي أهداف والدك؟...كنت تنوين قتلنا! أجيبي أيتها الحقيرة!
حولت إيتانا نظرها نحو الملكة، غير عابئة بصراخ الملك العاصف بها، كانت تريد أن ترى ردة فعلها، أهيَ معها أم عليها؟ في أي الصفوف هي؟ إلا أن ملامحها كانت هادئة عادية لدرجة غامضة كما هي تلك الأسرار التي تُخبأها. راح اورين يحاول بنبرة مترددة: مولاي!. فقط
لم يسمح له الملك حتى أن يكمل حديثه، و راح يوبخه بنبرة مرتفعة: لا تحاول… أنت متهم هنا بقدر جُرمها.
صُدِةم اورين من قول الملك، و لم يبدأ بالدفاع عن نفسه، حتى راح الملك يصدح قاطعاً أي محاولة منه: كيف لقائد اور_يم العظيمة... سيد الحرب، و قائد القادات، أن تغفل عنه تحركات امرأة... لقد أحضرت سيفاً حاد ليبقى يهدد حياتنا متى ما رغبت.. كانت ستشق عنقنا ونحن نيام.
طأطأ اورين رأسه منكسراً من إتهام الملكة، و نبرته المحملة بخيبات الظنَ نهض الملك محتقن الوجه، ينفث الغضب من أنفاسه، شعور الاستغفال لا ينفك يربك رقاده، يشعر بالإهانة منها، من غِرة صغيرة لم تكمل عقدها العشرين بعد، فأطلق أمره رناناً في قاعة العرش: عند غروب الشمس، ستحرق إبنة الخائن في وسط المدينة!.. كي تلحق بوالديها، و تكون عبرة لمن يحاول المساس بنا، أو التفكير في ذلك!
دب الضجيج الخافت بين الحضور، و دب الفزع الأكبر داخل اورين، راح يحدق بالملك غير مصدق، طالع إينانا هناك و لا اهتمام بادٍ على هيئتها. كانت أنظارها موجهة نحو الملكة، تطالعها بهدوء! تنتظر أن تبدي ردة فعل ما، اليقين النهائي لتعرف حقيقة ادعاء ميلام من عدمه، وكذلك كان هو يراقبها. إلا أن بو ابي، لم تهتم ولم تُلقِ بالاً، و لم تحاول حتى فتح فمها، لم تُبدِ رأياً!
تقدم إيكيشيو نحوها و هو ينوي جرها لحجزها، إلى حين تحضير المنصة التي ستحرق فيها، فتخبط اورين في داخله، في غمرة من الحيرة، لا يتجرأ على اتخاذ موقف، أيصرخ مدافعاً عنها؟ ايمنعهم من أخذها؟ أيتحدى ملكه؟!... من أجل ابنة خائن!... و ليس غيرها من يقول عكس ذلك... فأي قوة سيملكه صوتها مقابل صوت الملك.
أنت تقرأ
الهاربة والمفاتيح المفقودة
Historical Fictionفائزة بمسابقة اسوة بأفضل رواية لعام ٢٠٢٠. عن جارية أحضرها قائد الجيش هدية لملكته، فإذا بها تكون حفرة تجره مع مملكته نحو الضياع.