٧

67 13 0
                                    

في داخل القصر كانت الابتسامة اللعوبة تشق طريقها على وجه الملك، لتسأله الملكة عن سببها، فيجيب: بين أن يخالف قواعده في النظام، أم يخالف قاعدته مع النساء، قد أختار!... من يدري أيتها الخرساء، ربما أنت من سيحل معضلة النفور التي يعاني منها أورين.

تساءلت نبيشوم في داخلها عن مدى صحة ما يتفوهوا به، فهي ما انفكت تسمع تلك الكلمات مرارًا، أنفور أورين حقيقة؟ ألا تعجبه النساء؟ أم أن سلم توقعاته عالي في الفتاة التي يرغب؟ ألم تستطع أتاما التي تبرق جمالًا أن تلفت نظره، ألم يرَ كيفُ تحدق إليه بلهفة، بتمني وحرمان، كما لو كان نجمة بعيدة في سمائها، ألا ينتبه إلى كم الإعجاب الذي في عيون الجواري .. الدرر كما وصفهن لملكته فيما مضى… ألا يرى!!

عزف العازف على أوتار القيثارة الذهبية، واثنان على الطبلة، وواحدهم في جرة ذات فوهة صغيرة، ينفخ في طرف الفوهة ليظهر صوت، كما المزمار إلا أنه أخف حدة، ليتماشى مع اللحن المعزوف، وقفت في منتصف القاعة، بفستانها العاجي، والشال الطويل العريض يغطي ذراعها اليمنى، وزركشة ناعمة في الأطراف مصنوعة من الخرز الملون.
خطت ثلاث خطوات نحو الأمام تتمايل بجسدها، كمن تمشي على هدى عند جرف الماء، تراقصت يديها في الهواء كموجات البحر القوية، كجناح طير يحاول الطيران، استدارت مع ارتفاع النغم، ثلاث دورات، حتى تطاير فستانها معها، وتجلجل صوت الخرز منها، ثم عادت لتتمايل بخصرها، وقبلَ أن تنغمس أكثر في رقصتها، دخل الحاجب قاعة العرش ليقاطع تلك الرقصة، بعدما استأذن من الملك قبل الحديث: مولاي!.. أعتذر لمقاطعة راحتكم، لكن يجب أن أبلغكم أن حاكم لارسا الجديد قد بلغ مدينتنا، فما هي أوامركم لاستقباله.

*

توقفت نبيشوم، وسحبت نفسها عن الوسط، وقفت مع الجواري وتطلعت إلى أنظار الجميع، لقد كان الملك متفاجئًا، وكاهن أريدوك يومأ برأسه ويمط شفتيه ببلاهة، كأنه يهزه دون فهم، أما إيلكو فكانت قسمات وجهه مشابهة لما علا على سحنة الملكة؛ النظرة الباردة الحادة، سحابة من الوجوم والغموض غيمت على وجهيهما. ثم جاء أمر الملك صادحًا: لا زال حديث العهد على الحكم وقد قطع هذه المسافة لرؤيتنا.. سنستقبله في القصر، ولينضمَ إلى جلستنا الساعة، هو ذو فضل على دولتنا في الأخير، ومن الواجب إكرامه.

لبى حاجب الملك أوامره، وانطلق مسرعًا خارج القصر ليبلغ آزيش الذي كان ينتظر تلك الأوامر، وبدوره أسرع للبحث عن إهراسيم  لإبلاغهم بذلك، ووجده في منتصف المدينة قرب السوق، يتحاور مع أحد الجنود، بشأن مشكلة حدثت في أحد المحال وتم حلها سريعًا قبلَ أن تتفاقم. وقفَ آزيش بالقرب من سيده لاهثًا، يجاهد لتلقف الأنفاس، استغرب منه الأخير وراح يسأله ((ما الأمر؟)) أجاب بلهجة لاهثة: موكب حاكم مدينة لارسا الجديد، قد بلغ المدينة، والملك يأمر باستضافته في القصر الساعة، وأقتبس قوله "أنه صاحب فضل علينا"

الهاربة والمفاتيح المفقودة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن