١٩

30 9 0
                                    

ران الصمت بعد أن أطلق جملته التي جمدت كل مجار الدم في عروقها، ازدردت ريقها، رغم أن لا شيء قد بلل حنجرتها الجافة، أخفضت عينيها عنه بعد أن نالت منها الصاعقة، و بدا أن الوهن قد دب فيها، فهزلت جلستها و أنحنى منكبيها، و لما رأى تلك الصدمة فيها أعرب عن استغرابه الساخر:  ماذا! هل أفسدتُ عليكِ خططك يا ترى؟ هل ظننتي كل هذا الوقت أن حيلتك قد أنطلت عليّ كلياً؟... لابد أن ثقتك الزائدة بنفسك قد غشتك!

لم يصدر أي رد أو صوت منها، و بقيت على جلستها الكئيبة، دون حركة، و لم يكن هذا الحال يعجب أورين طويلاً، و صمت و هو يكابد ليكتم غيضه، لم يكن يُرد أن تكون هذا الجلسة الحاسمة، جلسة غضب و انفعال، بل هدوء و تفهم، لذا قال في أخر محاولة له: لقد سمعتك تتكلمين في نومك، حينما أغمى عليك في ذلك اليوم.

ذهلت عيناها و اتسعت حدقتاها "لقد أنتهى كل شيء" قالت لنفسها، فعاد ليقول و الصبر منه قد نفذ بلهجة حادة لا تحتمل النقاش: قولي لي أولاً من أين أنتِ؟

فتحت فاهها، و التردد جلياً عليها، وما انفكت تغلقه ((من لارسا)) أخفضت وجهها خاسرة، مستسلمة، و راح هو يشدُّ على يده قبضة النصر الخفية، و بسمة النصر الشامتة، و حينما اعترفت أصبح كل شيء الان سهلاً، وبدأ معها التحقيق و التقصي: لماذا كنت ملاحقة؟

أجابت بحنق يعتصر حنجرتها: لأني اخذت شيئاً كانوا يريدونه.

تنهد أورين، و أعتدل في جلسته و قال: الأمر لن ينفع هكذا معي، لماذا لا تحكي لي بالتفصيل عن كل شيء و ليكن أهمها من انت؟ و ما علاقتك بحاكم لارسا؟

نظرت له بوجل، شيء من التردد كان يخفق رايته على لسانها، بين الاعتراف و بين اللا، احتارت فيما يجب ان تفعله، الاعتراف لن يكون سهلاً، و تخاف حينما تخالف ذلك، ستنال العواقب الوخيمة، ظل هو يحدق بها، شاعراً بذبذبات التردد التي تختلجها، لكنه كان فقط ينتظر عزمها على الإقرار الأخيرة لتسفر عن أسرارها

- أسمي... شنونو!.. جارية في قصر نبلانوم، خادمة وفية للأميرة الصغيرة أيتانا.. كنت هناك حينما أتهم ميلام الملك بالخيانة المزعومة.. لقد كان باطلاً انا أقسم لك، لم يتحدث الملك عن نيتهم بالهجوم على اور_يم مطلقاً... لقد كان بهتاناً و كذباً.

طالعت اورين و هي تحاول ان تدافع عن ملكها المغدور، إلا انه لم يبد اهتماما بمحاولاتها، و حينما رأت ذلك، لم تتعب نفسها أكثر، و أكملت من حيث توقفت، و امارات الخيبة على وجهها: كان من المفترض أن تتزوج الأميرة ذلك اليوم... كان زواج تآلف و تحالف، من سيد جنوده و حرسه، الذي عده فرداً من عائلته الملكية، لن أبالغ أن قلت ان الملك كان يود لو يستلم العرش من بعده، او على الاقل يكون الوصي على الامير. إلا أنه كان الغادر الأول، و أول من أنظم لانقلاب ميلام و جنوده.... و لم يكتفِ بذلك، بل كان هو من وضع الخنجر في قلب سيدي نبلانوم.

الهاربة والمفاتيح المفقودة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن