١٣

106 16 2
                                    

عند آزيش كان أورين بعد وقت من الزمن، وراح يسأله عن المهام التي أناطها له، كان  يطمئنه بالأمور المستتبة، ولا مشاكل تدعو للقلق، قبل أن يغادر أورين إلى حراس الجهة الأخرى، قال آزيش فجأة: سيدي!.. لا أعلم إن كان ما سأقوله لك بذي أهمية، لكن ارتأيت أنه يجدر أن تعرف على أي حال.

بفضول واهتمام رد القائد: ما الأمر؟

_ لقد أخبرتني منذ فترة، أن أضع عيني تراقب الجميع، كل شاردة وواردة، حتى الإشاعات التي تسري بين الخدم، لي طرائقي في سماعها، والإشاعات كثرت بشأن تلك الفتاة التي أحضرتها... لقد مضى لها يوم واحد هنا، وسيرتها على لسان الجميع.

سأل بلا اهتمام: ما الذي يقولوه؟

_بعضهم يقولون أنها وجه شؤم للقصر، فلو كانت ذات هبة من السماء، لما اخرستها الآلهة وخدشت جسمها، ومنهم من يقتنع في حرقها كقربان للآلهة في أقرب مناسبة دينية.

_ كلام فقط.. الكثير من فارغي العقول، يجاهدون في إيجاد لقمة سائغة لاستغابتهم.

وشرع بالمغادرة وهو يسخر على عقول البشر الساذجة، فقال آزيش بسرعة: لكن حتى حارس ملك لارسا الجديد، قد أبدى اهتمامه بها؟

انقشعت ملامح اللامبالاة من وجهه، أن هذا الخبر ليس ساذجًا وبمحو الصدفة، فعاد بخطوته إلى الوراء، وسأله: حارس ميلام؟ موران؟

هز رأسه آزيش وردّ: كلا، الآخر..آيومين!

تذكر هذا الاسم جيدا، حينما قدمه أيننتوم له، بعدما أخذه ليرشده لمكان هبوط ميلام وحاشيته، ظن في البداية ، أنه ذو رتبة متدنية، موقع ليس بذي أهمية ليسأل، كان يتوقع دائمًا أن موران من سيقترب من الفتاة، لكنه أرسل الآخر بدلًا منه، فسأل أورين: ما الذي قاله لك بالضبط؟

أجاب آزيش: سألني عن فتاة ذات عينين خضراوين في الجواري، قال "لقد سمعت أن هناك جارية جديدة ذات عينين خضراوين! من أين أحضرتموها؟" سألتُه "ما السبب؟" رد عليَّ قائلًا "ليس لأجل شيء مهم، فقط فضول لأعرف، من أي سوق قد أحضرها، علني أستطيع إحضار واحدة مثلها لسيدي!"

-  وما الذي أجبته؟

- قلت له ما يعرفه الجميع!.. اسمها نبيشوم، والقائد من أحضرها يوم أمس، لا معلومات أكثر لديّ.

تمتم أورين ببصره، وحدق بجهامة حادة، في كل ما يحط ناظره، أفكار مختلطة تداخلت في ما بينها، أن خيوط الشك كثرت، إلا أنه لا يقدر أن يمسك طرفها.

مرت من ذكرها في حديثه،أمام ناظريه؛ من البعيد؛ في يدها أنية كبيرة من البرونز، وبصحبتها الخادمة ميش، وعلى ما يبدو كان الحديث ممتعًا، حتى توهج وجه نبيشوم بابتسامة صادقة صغيرة، وكلها أذان صاغية.

ثم استدارت بوجهها فجأة، لتراه وهو يراقبها، لا يُسمعُ لهم صوت، ولكنه يرمقها بنظرات حادة مشبوهة، فأومأت له احتراما، دون أن تتوقفَ قدماها، وراحت لتصغي من جديد إلى ميش، التي هي الأخرى تحمل صحون عميقة من الذهب، يأخذأنها من الجهة الغربية نحو الجهة الأخرى من القصر، حيث المأدبة الكبيرة ستكون هناك، بعد يومين؛ أي في عيد النذور المنتظر.

الهاربة والمفاتيح المفقودة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن