توجه بعزم نحو ملكه، سألَ اول من صادقه من الحراس، فأبلغه بمكانه؛ حيث القاعة العسكرية الخاصة بالتخطيط الحربي، فأسرعَ الخطى حتى بلغ المكان، وقف أمام الباب متردداً للحظة، تنهد بهواء العزيمة، و دفعَ الباب بشجاعة و ثبات.
كان الملك يقف بهدوء، منغمس في أفكاره، يحاذيه بعض المستشارين الخاصين بمشورة الحكم، و هناك كبير كهنة معبد اور_يم، يراقب مجريات الأمور بهدوء. في الأرض حفرة مستطيلة، غير مبلطة باحجار الطين المملط، كانت مملوءة بالرمال، و بعض الأحجار المنحوتة بنمط مختلف لكل واحدة منها. و هناك ماسين يقبع جالساً بجوار تلكَ الحفرة المنخفضة، ممسكاً بعصا طويلة، يصوب بإتجاهات معينة، كل ما انغمس في الشرح، و كأنه رسم ما يقارب خريطة للمكان، مدينتهم و ما يحاوطها من سور، ثم هناك تحديد أشبه بالفراغ، و كأنه يشير إلى بوابات الإتجاه الأربع للمدينة. و هناك احجار ربما تصف الاتجاهات الخاصة بالممالك المحيطة، و بعض عيدان الأغصانُ تشير على ما يبدو إلى الغابة الصغيرة التي تقع بالقرب من اور_يم، و الذي يتوقع ان يكون تمركز قوات لجش هناك، و قبل أن يتمعن القائد كلياً بتفاصيل الخريطة، جاءه صوت الملك راناً في المكان: كانَ من المفروض أن تكون انت من يشرح لي مقتضيات الأمور على هذه الخريطة، فأين اختفيت فجأة؟
طأطأ برأسه اورين، و ثبت يديه إلى صدره، و قال بنبرة غلب عليها الرصانة: سامحني مولاي، لقد كانت هناك بعض الأعمال التي اهتتمت بها.
أجاب الملك بنبرة مراوغة: هكذا اذن! لقد ظننت أنك تتعمد الأختباء كي لا تحارب!
شد اورين على نبرته اكثر، و نزل راكعاً على الأرض: انا طوع امرك يا مولاي، لن اخذلكَ في حربك، ولائي كان لخدمتك و تلبية اوامرك و لن اغير نهجي حتى لو كان الثمن روحي يا صاحب الجلالة.
_انهض!... لا شك عندي بولائك، هلمَّ و أنظم لنا، أودُّ كثيراً سَماع آرائك، و تخطيطاتك، اريد ان تكون خطتنا محكمة لا يشوبها شائبة و لا تفشل مهما كانت الضروف.
مشى اورين و وقف بالقربِ من الجمع، نظرَ له ماسين فاحنى رأسه لقائده، و اومأ الأخير بحاجبه، داعياً اياه لتكملة ما يقول: من هنا نتوقع هجوم لجش، من هذه الناحية، المراقبين على الأبراج قد لاحظوا تحركات مريبة قرب الأشجار، لذا نتوقع ان يكون في هذه المنطقة هو مكان نصب خيامهم و تمركزهم، لم نعلم العدد الكامل بعد، لكن بالتأكيد إنهم ينتظرون المزيد.
سأل احدُ المستشارين: بما إنهم فئة قليلة حتى الآن، فلم لا نهجم نحن أولاً و نقضِ عليهم.
((لايمكن)) رد اورين بحزم: لا يجب أن نتهور و نخرج من مخبأنا، لا نعلم ما نوع المكائد التي تتخبى لنا بين الشجيرات، ثم إن بدأنا نحن بالحرب أولاً فسنقوم بإستفزازهم، و إثارة غضبهم، علينا التريث، و عدم الإنجرار للعواطف، الزلة الواحدة ستزهق أرواح كثيرة، لذا لا نريد التهور… لنكتفي لنكتفي الان بالِعداد، تنقصنا التقارير، الحقائق، الدوافع، الأسباب، الطرق و المسالك، كي نعرف كيف نواجه عدونا جيداً.
أنت تقرأ
الهاربة والمفاتيح المفقودة
Historical Fictionفائزة بمسابقة اسوة بأفضل رواية لعام ٢٠٢٠. عن جارية أحضرها قائد الجيش هدية لملكته، فإذا بها تكون حفرة تجره مع مملكته نحو الضياع.