١٢

63 12 0
                                    

لا زالت النفوس محتدمة المزاج، مغتاظة الهيئة بين جنود وحرس أور_يم مذ أن علموا بهوية اوكو الحقيقية. لم يكن لهم حصة من الاعتراض بعدما أرغمت الجميع على قبولها معهم بنصرها الساحق. ماسين كان أول الحاقدين، لكنه آخر المعترضين، فلن يجرأ على فتح فمه، بعد الفضيحة التي نالها من تبجحه المفرط، وثقته الزائدة بقوته التي راحت تنوخ في أول هجوم لها. إلا أن الكلمة قد أعطيت، ولا قول يأتي بعد قول القائد، فوجدت نفسها في مكان لا يرغب فيها أحد، شعرت بأنها منبوذة، ولم تكن منها سوى التحلق حول مساعد القائد الذي كان لطيف معها رغم هزيمته المزعومة أمامها، على عكس ماسين الذي بالغ في ردة فعله معها.

الوحيدان كان آزيش وايننتوم هما من قالا ((أهلًا بكِ معنا!)) وأضاف لها أيننتوم بعدما استشعر استيائها المختبئ خلف جدران وجهها من الحال الذي وضعت فيه: لا تنزعجي من الأمر، أنهم دائمًا هكذا مع الجدد، ستعتادين الأمر مثلما يعتادوا عليك، أمهليهم بعض الوقت.

قضت ليلتها الماضية مع والدها، تبشره بخبر انضمامها، ولم تطل المغادرة حتى عادت من جديد، لتبدأ أول عمل لها تحت القيادة العليا، أناطَ لها القائد بعد أصرارها بالوقوف في حراسة البوابة الشرقية للمدينة، ولم يكن لدى أورين أي بد للاعتراض، إلا أنه قد أرسل معها إهراسيم  ليقيم تحركاتها ويدرس تصرفاتها سرًا.
((ما الذي يُخيل لك حراس البوابات فاعليه؟)) احتج إهراسيم ضد قرار القائد ((أهم في ترقب تام لكل حركة، هل تظن أننا في حرب ليباغتنا العدو.. لماذا تأزم كل شيء في رأسك الكبير هذا، أنا لن أخفيك سرًا، بعضنا وإن لم يكن جميعنا، يختار حراسة البوابات ليضمن أنه سينام هناك دون مراقبة أحد)) ابتسامة ساخرة كانت ترسم لونها على سحنة إهراسيم، ويقابله أورين الذي كلَّ لسانه من التعقيب على تصرفات مساعده، قال وقد نال منه الصبر: إذن راقبها لي، هل ستنام هي الأخرى مثلكم، لربما كانت أفضل! علّها تسعف قلبي الذي يتجمر سعيرًا من تصرفاتكم اللامبالية.

امتثل للأوامر متململًا، وأخذ بها إلى المكان المطلوب في الليل، بعد أن سار أورين بفتاته نحو الحرم الملكي. كانت ليلة هادئة لاوكو مع إهراسيم. المنطقة شبه خالية من السكان، بعيدة عن زحام مركز المدينة، وبعيدًا حتى من البوابة الأمامية للسور.
اتصفت لحظات اوكو بالصمت، وعيناها لا ترمش! بل تراقب بصدق كما يمليه عليها واجبها  في تأهب مستمر، وحذر متقد. عكسه الذي كان يقف بتراخٍ إلى صخرة، وهو ما انفك يتثاءب مُصعبًا الأمور على اوكو، إذ كلما رأته يفعل ذلك تكابد هي بأن لا تنفعل، لم تكتمل نصف ساعة من الهدوء حتى هتف: لقد مللت!

استغربت هي، وأضاف لها: اوكو! أيتها الفتاة الجديدة، إن كان هناك ما يجب أن تتعلميه أولًا، فهو كيف يجدر التعامل مع شريك الحراسة، وأنا كأول شخص تتعاملين معه في أول مهمة لكِ، هو أني لا أحب الصمت لذا.. عليكِ أن تكوني ثرثارة، إذا ما أردتِ أن ينقضي هذا الليل بسرعة، وألا فأن الصمت لن يمنحنا الصبر في تحمل دقيقة واحدة!

الهاربة والمفاتيح المفقودة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن