((لم تخبرني بعد ما سبب زيارتك لي سيد ميلام!)) .. قالت الملكة بعد أن ضاق صبرها و هي تنتظر حاكم لارسا يفصح عن سبب قدومه، فمنذ ان شرف المكان و هو يلتزم بالرسميات، و كأنه ضيف صديق لجلالتها، قُدمَ له الشراب، و الفواكه، و جلست بجانبه الجميلات، و متع نظره بفتنتها، و اطربت اذانه على عزفهن، و الملكة تنتظر بهدوء، و لكن داخلها كان نفيراً محتدم، و تكلمت بنبرة هادئة رغم كلماتها الحادة. رسم غَريمها ابتسامة صفراء أشد مكراً، و رد قائلاً: هل وجودي يزعج النين العليا؟
.
_دعك من اللف و الدوران، و يا حبذا لو نكشف صحفنا، بدل ان نختنق برائحة النفاق التي بدأت بلطم انوفنا.رفع ميلام مرفقه من وسادة الريش و اعتدل في جلسته، استنشق ملياً ثم قال: لِمَ لا تكشفي صحفكِ انت اولاَ مولاتي!
_و مالذي تريد مني كشفه… ليس لدي ما أخفيه.
قال محيطاَ كلماته بالحذر: لِمَ لا زلتِ تتهربين و انتِ من اشار بكشف الصحف.
تنهدت و افضت محدثة إياه بملل: هات ما عندك!
_انا فقط أتساءل، إن كانت مولانا لازلت في صفي ام تراجعت! حبذا لو كنت صادقة في جوابك معي.
مالت رأسها، و رفعت حاجبها بتعالٍ و ترفع: و منذ متى و أنا كنت إلى جانبك سيد ميلام، ألا تظن انك تخدع نفسك بما تريد حتى صدقت ما لا تراه!
عكف حاجبيه و سأل: هل غدرتي بي صاحبة الجلالة… ألستِ من أرسل لي خطاب التحريض على قتل نبلانوم؟ ألستِ من وعدتي بالمساعدة و إقامة التحالف؟ فما لي أراك قد غيرتِ نبرتك، و سحبت الخيوط قبل إتمام النسيج!
رفعت حاجبيه متعبة، و تلتها ضحكة هازئة صغيرة، و قالت له بعد أن تمتعت برؤية وجهه الساذج، الجاهل لردة فعلها الساخرة: لا أعرف كيف اشرح الامر لكن!.. سيد ميلام يبدو أنك قد وقعت في خديعة دُبرت من مجهول.
_ما الذي تقصدينه؟
_اقصد أني لم ارسل لكَ يوماً أي مرسول أو رسالة… لقد كان نبلانوم حليفي و لم أكن لافرط به بسهولة لأجلك.
انتفض من مكانه صائحاً: هذا مستحيل!... لا زلت احتفظ باللوح و عليه ختمك، فكيف تنكرين!
ببرود مستفز:ليس لي!
ازداد غضبه و نهض ناقماً، شاعراً بالإهانة و تخنقه الخديعة:انت تكذبين!
((كيف تجرأ)) جاء صوت من الخلف، خطف أنظار الحاضرين، فإذا به جلالة الملك، قد دخل بهدوء إلى المكان، و من خلفه تقف ميباتا، يوخط الندم سحنتها، متأسفة لوضع الملكة في موقف هكذا دون إعلامها. و مثلها كان موران الذي انشغل بابتواجد مع تلك الجميلة التي فتنت قلبه قبلاً…
قال الملك: كيف تجرأ على مخاطبة النين بتلك النبرة… هل نسيت نفسك يا هذا!غير ميلام نبرته إلى خضوع منخفض، و أحنى رأسه: سامحني يا صاحب الجلالة.
ثم التفت نحو الملكة و اكمل: المعذرة النين العليا… أنا ساسحب نفسي الان، أرجو أن لا تبقى جلالتها مستاءة من زلتي.
أنت تقرأ
الهاربة والمفاتيح المفقودة
Historical Fictionفائزة بمسابقة اسوة بأفضل رواية لعام ٢٠٢٠. عن جارية أحضرها قائد الجيش هدية لملكته، فإذا بها تكون حفرة تجره مع مملكته نحو الضياع.