٣٧

19 8 0
                                    

((لم تخبرني بعد ما سبب زيارتك لي سيد ميلام!)) .. قالت الملكة بعد أن ضاق صبرها و هي تنتظر حاكم لارسا يفصح عن سبب قدومه، فمنذ ان شرف المكان و هو يلتزم بالرسميات، و كأنه ضيف صديق لجلالتها، قُدمَ له الشراب، و الفواكه، و جلست بجانبه الجميلات، و متع نظره بفتنتها، و اطربت اذانه على عزفهن، و الملكة تنتظر بهدوء، و لكن داخلها كان نفيراً محتدم، و تكلمت بنبرة هادئة رغم كلماتها الحادة. رسم غَريمها ابتسامة صفراء أشد مكراً، و رد قائلاً: هل وجودي يزعج النين العليا؟
.
_دعك من اللف و الدوران، و يا حبذا لو نكشف صحفنا، بدل ان نختنق برائحة النفاق التي بدأت بلطم انوفنا.

رفع ميلام مرفقه من وسادة الريش و اعتدل في جلسته، استنشق ملياً ثم قال: لِمَ لا تكشفي صحفكِ انت اولاَ مولاتي!

_و مالذي تريد مني كشفه… ليس لدي ما أخفيه.

قال محيطاَ كلماته بالحذر: لِمَ لا زلتِ تتهربين و انتِ من اشار بكشف الصحف.

تنهدت و افضت محدثة إياه بملل: هات ما عندك!

_انا فقط أتساءل، إن كانت مولانا لازلت في صفي ام تراجعت! حبذا لو كنت صادقة في جوابك معي.

مالت رأسها، و رفعت حاجبها بتعالٍ و ترفع: و منذ متى و أنا كنت إلى جانبك سيد ميلام، ألا تظن انك تخدع نفسك بما تريد حتى صدقت ما لا تراه!

عكف حاجبيه و سأل: هل غدرتي بي صاحبة الجلالة… ألستِ من أرسل لي خطاب التحريض على قتل نبلانوم؟ ألستِ من وعدتي بالمساعدة و إقامة التحالف؟ فما لي أراك قد غيرتِ نبرتك، و سحبت الخيوط قبل إتمام النسيج!

رفعت حاجبيه متعبة، و تلتها ضحكة هازئة صغيرة، و قالت له بعد أن تمتعت برؤية وجهه الساذج، الجاهل لردة فعلها الساخرة: لا أعرف كيف اشرح الامر لكن!.. سيد ميلام يبدو أنك قد وقعت في خديعة دُبرت من مجهول.

_ما الذي تقصدينه؟

_اقصد أني لم ارسل لكَ يوماً أي مرسول أو رسالة… لقد كان  نبلانوم حليفي و لم أكن لافرط به بسهولة لأجلك.

انتفض من مكانه صائحاً: هذا مستحيل!... لا زلت احتفظ باللوح و عليه ختمك، فكيف تنكرين!

ببرود مستفز:ليس لي!

ازداد غضبه و نهض ناقماً، شاعراً بالإهانة و تخنقه الخديعة:انت تكذبين!

((كيف تجرأ)) جاء صوت من الخلف، خطف أنظار الحاضرين، فإذا به جلالة الملك، قد دخل بهدوء إلى المكان، و من خلفه تقف ميباتا، يوخط الندم سحنتها، متأسفة لوضع الملكة في موقف هكذا دون إعلامها. و مثلها كان موران الذي انشغل بابتواجد مع تلك الجميلة التي فتنت قلبه قبلاً…
قال الملك: كيف تجرأ على مخاطبة النين بتلك النبرة… هل نسيت نفسك يا هذا!

غير ميلام نبرته إلى خضوع منخفض، و أحنى رأسه: سامحني يا صاحب الجلالة.

ثم التفت نحو الملكة و اكمل: المعذرة النين العليا… أنا ساسحب نفسي الان، أرجو أن لا تبقى جلالتها مستاءة من زلتي.

الهاربة والمفاتيح المفقودة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن