تنفس الصبح، و أسفرت الوجوه عن بهجتها، يترقرق السرور في مقلهم، تزين الابتسامات سيمائهم، تلون الأفراح بزيهم، أنه اليوم المنتظر، يوم الأفراح و الليالي الملاح، عيد النذور، يوم الزواج المقدس
ابتدأت تلك الطقوس منذ زمن بعيد في تاريخ أور_يم، و الأساطير و الحكايات تتوارث منذ ذلك الحين، أسطورة عن زواج الهة الحصاد ديموزي الراعي، و سيدة الحب و الأخصاب و الحرب، ذات الزهرة الثمانية، المحبوبة عينانا... الزواج الذي باركته السماء، و اهلت بنعمه على بنو الأرض، بالنعم و الخير و الوفرة، و منذ ذلك الحين، يقيم الناس ذكرى هذا الزواج، بشارة لقدوم الربيع، و جني المحصول، ووفرة الحصاد.
أقيم الحفل بالمعبد الكبير لمدينة أور_يم، حيث لينكال هناك يترأس الكهنة لهذا اليوم، يرتدي تنورة بيضاء من الكتان على شكل اهداب ذات طبقات ثلاث، كاشفاً عن صدره و ذراعه كلياً، و في يده، أناء عميق و صغير من الفخار، و ضع فيها الماء، كانت موزعة عند قدم تمثال الأله انكي.
وقف عند بوابة المعبد، و خلفه الكهنة يرددون الصلوات، و جميع سكان المدينة كان يتجمهرون في ساحات المدينة، أزقتها و أروقتها الزاهية، هرج ومرج في الخارج كان يعلو، ضحكات الأطفال و لعبهم، و غنائهم، بأناشيد مرتلة.أعلن الحاجب بصوت عال قدوم موكب أصحاب الجلالة، فانفرج الناس إلى جهتين، لتمر عربة الملك و الملكة المزينة بالذهب و أحجار العقيق، على رأسيهما طوقان مزدوجان من الذهب المنقوش على شكل اوراق الصفصاف، مربوطة كل ورقة بحبل متين مزين بخرز الملونة.
يجر العربة الثور الكبير، و هو يمشي بخطوات متأنية، سامحاً للناس بفتح الطريق أمامها نحو الاتجاه للمعبد، ثم بلغا الملكين المعبد و ارتقيا درجاته، و حتى وصلا لمكان الكاهن، ليبدأ بطقوس الصلوات.
أتم الكاهن الصلوات، ثم رش بعض الماء المقدس فوقهما، و ذبحت القرابين تحت أقدامهما، و قدم لبعض المحبين الذهب و الفضة، ثم اعلن الكاهن مباركة هذا الزواج داعياِ الرب ان يتم الخير و الفضل على هذه المدينة و أصحاب الجلالة.
ثم بدأ موكب الملك يعود ادراجه، يدور في شوارع المدينة، يقوم بتحية الناس و اكرامهم .
*
ربتت أحدى الجواري على كتف نبيشوم التي كانت واقفة مع المحتفلين، و قالت لها: علينا العودة للقصر الان، فالاحتفالات ستبدأ هناك.
أومأت برأسها وهمت للمغادرة، حتى قاطع مرورها، شخص ما، رفعت رأسها لترى أهراسيم يقف باسماً أمامها، لم تكن منها سوى أن تبتسم له، و قال بنبرة لطيفة: كيف حالكِ نبيشوم؟
ابتسمت و هي تهز رأسها، ربما هي الأشارة التي تقول له انها بخير، أو بالأحرى لا يحق لها أن تشتكي، نطق ممازحاً: سيكون اليوم شاقاً لكِ، أتمنى أن لا تشتمينا أنا و أورين في سرك، لدفعنا أياكِ لتكون جارية في القصر.
أنت تقرأ
الهاربة والمفاتيح المفقودة
Historical Fictionفائزة بمسابقة اسوة بأفضل رواية لعام ٢٠٢٠. عن جارية أحضرها قائد الجيش هدية لملكته، فإذا بها تكون حفرة تجره مع مملكته نحو الضياع.