في صوته بحة مصدومة: في البداية كذبتي بشأن خرسك، فسامحت!... ثم أدعيتِ أنك جارية، فتغاضيت، قلت لنفسي لا بأس يمكن لي أن أتدبر لها أمراً يمكنها من إكمال حياتها في القصر دون تعقيد الماضي و تأثيره على عملها في القصر...و الان!... تقولين أنك الاميرة!... الأميرة!.... أي ابنة الخائن!
كلمة دقت ناقوس الغضب عندها، إلى أن الدموع سبقت لسانها في التعبير عن نفسها، و هي تصيح في وجهه: لم يكن خائناً!
أكملَ دونَ أن يأبه لتنهداتها و حديثها: أنت أميرة.. أتعرفين ما الذي يعنيه هذا الان؟... يعني أنك أعلى بمنزلة مني.. ما الذي تتوقعين مني فعله الان بك؟... هل أحميك؟ أم أقدمك للملكة فينظروا بأمرك و أمري انا الذي احضرك؟ ... أكان حقارة أم أنانية منكِ لتضعيني في هذا الخيار؟
مسحت دموعها بقوة، كما لو انها تنفض غبار المواساة و الضعف، الان عليها ان تنهض لا وقت للبكاء، دنت منه بخطوة حتى صارت بالقرب منه، تحت نظره المصدوم بها و هو ما ينفك يطالعها، بشيء من العتب ، قالت بلهجة بدا الرجاء فيها واضحاً: لا تهتم لأمري الان!.. اجله لوقت أخر، أذهب لأهراسيم لتسأله.. لتعرف منه!... هو الذي سيشرح لك ما تبقى من الأمور المبهمة...اتضح أنه و أيلكو هما من كانا مرساليّ الملكة الذي تحدثت لك عنهما، أذهب لتسأله عما جرى، عن العلاقة المستترة التي كانت بين الملكة و والدي... مقتله، و اتهامه بالخيانة لقد كان متعلقاً بتلك الحادثة انا متأكدة.. أرجوك أذهب لتسأله!
بعين غير مصدقة، ناكرة و لا ترغب بالتصديق: ما الذي تتفوهين به!
- انا أقول لكَ الحقيقة... أذهب لتسأله، تأكد منه فقط .. أرجوك، عليك أن تعرف، عليّ انا أن أعرف... أريد أن أبرئ أسم والدي، أريد أن انتقم من ميلام... و بداية ذلك مع ما يخفيه أهراسيم.
هز رأسه و هو يبتعد إلى الوراء خطوة، غير مصدق، لا يريد أن يصدق، لا يريد ان يستمع لما ينطقه لسانها من حديث سام يلدغ تفكيره، إلا أنها أصرت على ذلك و هي تتقدم نحوه من جديد: أرجوك، فقط أفعل.. أذهب لتسأله.. ثم عد إلي لتفعل بي ما تشاء... لن أهرب أقسم لك.
_ لا تقلقي. انا أعلم أنك لن تفعلي، لكن ليس لكوني أثق بك كأحمق مرة أخرى.
ابتسامة هازئة، إلا أنها مبطنة بالمرارة و القهر ندت عن مقرن شفتيه، صدح صوته الجبار و هو يطالعها بحدة منادياً على أزيش، الذي كان أقرب شخص للمكان، و بعد نداءين جهوريين أثنين، جاء الجندي ملبياً نداء قائده، ووقف بثبات أمامه، و هولا يخفي استغرابه عن هذا الاجتماع ذو الأفراد الغير متوقعين.
فأمر أورين و نظره لا يحيد عن الأميرة: خذ هذان الأثنان نحو مقري الخاص، ممنوع أن يريا أي أحد، أو يسمعا أحد، بمعزل تام أريدها إلى حين أعود أليك.أستدار نحو أزيش و هو يضيف قبل أن يشرع مغادراً: لا تدع أحد ينتبه إليك او يراك، و انت تفعل ذلك!، مهما كان، أو أي كان.
أنت تقرأ
الهاربة والمفاتيح المفقودة
Historical Fictionفائزة بمسابقة اسوة بأفضل رواية لعام ٢٠٢٠. عن جارية أحضرها قائد الجيش هدية لملكته، فإذا بها تكون حفرة تجره مع مملكته نحو الضياع.