٢٣

32 9 0
                                    

في صوته بحة مصدومة: في البداية كذبتي بشأن خرسك، فسامحت!... ثم أدعيتِ أنك جارية، فتغاضيت، قلت لنفسي لا بأس يمكن لي أن أتدبر لها أمراً يمكنها من إكمال حياتها في القصر دون تعقيد الماضي و تأثيره على عملها في القصر...و الان!... تقولين أنك الاميرة!... الأميرة!.... أي ابنة الخائن!

كلمة دقت ناقوس الغضب عندها، إلى أن الدموع سبقت لسانها في التعبير عن نفسها، و هي تصيح في وجهه: لم يكن خائناً!

أكملَ دونَ أن يأبه لتنهداتها و حديثها: أنت أميرة.. أتعرفين ما الذي يعنيه هذا الان؟... يعني أنك أعلى بمنزلة مني.. ما الذي تتوقعين مني فعله الان بك؟... هل أحميك؟ أم أقدمك للملكة فينظروا بأمرك و أمري انا الذي احضرك؟ ... أكان حقارة أم أنانية منكِ لتضعيني في هذا الخيار؟

مسحت دموعها بقوة، كما لو انها تنفض غبار المواساة و الضعف، الان عليها ان تنهض لا وقت للبكاء، دنت منه بخطوة حتى صارت بالقرب منه، تحت نظره المصدوم بها و هو ما ينفك يطالعها، بشيء من العتب ، قالت بلهجة بدا الرجاء فيها واضحاً: لا تهتم لأمري الان!.. اجله لوقت أخر، أذهب لأهراسيم لتسأله.. لتعرف منه!... هو الذي سيشرح لك ما تبقى من الأمور المبهمة...اتضح أنه و أيلكو هما من كانا مرساليّ الملكة الذي تحدثت لك عنهما، أذهب لتسأله عما جرى، عن العلاقة المستترة التي كانت بين الملكة و والدي... مقتله، و اتهامه بالخيانة لقد كان متعلقاً بتلك الحادثة انا متأكدة.. أرجوك أذهب لتسأله!

بعين غير مصدقة، ناكرة و لا ترغب بالتصديق: ما الذي تتفوهين به!

- انا أقول لكَ الحقيقة... أذهب لتسأله، تأكد منه فقط .. أرجوك، عليك أن تعرف، عليّ انا أن أعرف... أريد أن أبرئ أسم والدي، أريد أن انتقم من ميلام... و بداية ذلك مع ما يخفيه أهراسيم.

هز رأسه و هو يبتعد إلى الوراء خطوة، غير مصدق، لا يريد أن يصدق، لا يريد ان يستمع لما ينطقه لسانها من حديث سام يلدغ تفكيره، إلا أنها أصرت على ذلك و هي تتقدم نحوه من جديد: أرجوك، فقط أفعل.. أذهب لتسأله.. ثم عد إلي لتفعل بي ما تشاء... لن أهرب أقسم لك.

_ لا تقلقي. انا أعلم أنك لن تفعلي، لكن ليس لكوني أثق بك كأحمق مرة أخرى.

ابتسامة هازئة، إلا أنها مبطنة بالمرارة و القهر ندت عن مقرن شفتيه، صدح صوته الجبار و هو يطالعها بحدة منادياً على أزيش، الذي كان أقرب شخص للمكان، و بعد نداءين جهوريين أثنين، جاء الجندي ملبياً نداء قائده، ووقف بثبات أمامه، و هولا يخفي استغرابه عن هذا الاجتماع ذو الأفراد الغير متوقعين.
فأمر أورين و نظره لا يحيد عن الأميرة: خذ هذان الأثنان نحو مقري الخاص، ممنوع أن يريا أي أحد، أو يسمعا أحد، بمعزل تام أريدها إلى حين أعود أليك.

أستدار نحو أزيش و هو يضيف قبل أن يشرع مغادراً: لا تدع أحد ينتبه إليك او يراك، و انت تفعل ذلك!، مهما كان، أو أي كان.

الهاربة والمفاتيح المفقودة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن