٢٩

29 8 0
                                    

في لجش العظيمة، كان الملك أي ننتم، مشغولاً بترديد الصلوات في معبد الاله ننگرسو، يضع اليد في اليد، و يضمها إلى صدره، يرتدي تنورة مصنوعة من قماش الكتان، مشدودة بحبل تحت قفصه الصدري، عاري الحلمتين و الكتفين، حالق الرأس و اللحية، يقضي وقته في المعبد، حتى يكون مسؤولاَ أمام الهته كما يقول!

في المعبد، كان هناك وعاء الشموع المصنوع من دهن الحيوانات، و فيه فتيل من القطن، يشتعل بنار هادئة، و مشاعل تغطي جدران المكان تعمل إنارة داخلية، فضلاً عن الفتحات الجانبية، التي تسمح لاشعة الشمس بالمرور، كخيوط حادة مشدودة، إلى أنها تتجمع وقت الظهيرة لتسقط عند موقع تمثال ننگرسو الكبير.
لا يخلو جدران المعبد من الرسومات، و الكتابة المسمارية عن الصلوات المنتدبة، و خرافات نسبت لآلهتهم، و رسوم الهات المجمع الكبير في السماء.

خلف الملك كان هناك كاهنان يتبعان خطواته، و أمامهم القرابين الكثيرة، فقد اقيمت طقوس الزواج المقدس قبل يوم من الان، كما تحتفل به جميع الممالك الأخرى.

في الخارج كان يقف الحراس؛ حماية لملكهم، مانعين أحد من الدخول و قطع صلواته. 
إلا أن رسول جاء إليهم على عجل، وقف أمام الحارسين، و طلب منهما أن يُعلما الملك بحضوره، فراح الحارس يجيبه:أنه يقوم بالصلوات الان، أنتظر إلى حين يفرغ من ذلك!

فأجاب الرسول: لكني أحمل أخباراً من القائد تاشكين!

((أدخله!)) جاء صوت الملك من الداخل، بعدما لاح لأذنه إسم قائد قواته فأطاع الحارس الأمر، ودخل الرسول إلى المعبد، خطى بعض الخطوات البطيئة، ثم انتظر قليلاً.

حينها أفلت الملك يديه، منهياً بذلك صلاته، استدار و هو يقول بعينيه الكبيرة الناعسة، و التي بطريقة ما تبعث الخشية في النفوس: ما الأخبار التي أحضرتها؟

نطق الرسول مجرياً لسانه: لقد تأكد الأمر يا مولاي، إن سيدي تاشكين قد الفى شقاقاً بين الملك و الملكة، كما ادعت بو آبي في لوحها المرسول لنا في المرة السابقة، لم نستطع التواصل معها بعد، لكن لم نجد منها تصرفاً يدل على كونها ضدنا حتى الآن.

مسدَّ ذقنه الحليق، غمغم بعد أن أطالَ التفكير لبعض الوقت: أرسل إلى تاشكين أوامرنا، دعهم يحتشدون بالقرب من المدينة، و حالما تسنح الفرصة فليغتنموها للهجوم.

امرك مولاي!

ثم عادَ الملك ليضيف خاتماً: لا تدع عينيهم تغفل عن تصرفات شبعاد، لا تثقوا بها!

ثم استدار أين ننتم نحو تمثال الإلهة، و عاد ليضع الكف بالكف و كأنه يصافح نفسه، فَهِمَ المرسول إن
الأوامر الملكية انتهت، و اشار له أحد الكهنة بإتجاه الخارج، و لم يُطل الرجل البقاء على كل حال، مضى خارجاً يحمل أوامر الملك لقائد الجيش تاشكين.

الهاربة والمفاتيح المفقودة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن