٢٤

27 9 0
                                    

كانت حجرة صغيرة لهذا العدد من الأشخاص، فيها سرير واحد أُعد للقائد في حالات الراحة لم يكن أقامة دائمية له، بل هو مكان مخصص للحالات الخاصة، أو لساعات من الراحة في يوم مجهد، هناك فتحات مربعة في أعلى الجدران الأربعة، كل جدار يحتوي فتحة، مخصصة لتبديل هواء الغرفة، و ليندلق منها ضوء الشمس فتنير المكان. و هناك طاولة مربعة صغيرة، و ضع عليها جرة ماء فقط.

أهراسيم غائب الوعي حتى الان فوق السرير، و لم يكن المكان ليسع ماسين فخرج قبل أن يختنق جو الغرفة بأنفاسهم الجزعة: ما الذي حدث سيدي القائد؟

سأل و هو يعدو خطواته بجانبه، و اقفاً عند الباب خارجاً. لم يستدر القائد نحوه، و لا زال يجاهد ليحافظ على أتزانه.. على ثباته كقائد، ورد حازماً: أبحث أين أيننتوم و أرسله لي، و خذ انت بيد أزيش و توجها نحو موقع اهراسيم، ستجدون سبع جثث هناك، خذاها و اخفياها.. لا أريد لأحد أن يعلم بما حدث، قبل أن يستيقظ ليخبرني بما جرى له.

(( هل تظن أنه سيستيقظ!)) قال و في صوته خوف هو الاخر، لم يجب أورين، لم يرد أن يفكر في هذا الاحتمال حتى. "سيستيقظ.. سيستيقظ" يحادث نفسه بذلك، يقنعها..
لا حاجة ليسمع ماسين تعقيباً لقائده، فهو يعلم طبيعة العلاقة الغريبة التي بينه و بين مساعده. فأسرع ملبيّ النداء و أتجه اولاً ليبحث عن المساعد الثاني أيننتوم.

*

كان أيننتوم مشغول في مناقشة عنيدة مع صديقته، التي جاءت فجأة و هي متنكرة بغطاء فوق رأسها يخفي هيئتها عن الاعين، أستغرب في اللحظة الأولى لقدومها على تلك الشاكلة، و ما أثار استغرابه أكثر هو طلبها للمغادرة خارج بوابة المدينة: لكنك تعلمين ان هذا ممنوع، أي فرد من تابعي القصر، ممنوع عليهم الخروج دون ترخيص، ثم لماذا تريدين فعل ذلك!

هسهست بصوت منخفض: لدي عمل هناك، لن أتأخر أقسم لك.. فقط دعني أمر و تستر لي بذلك!

_ ميش انت تعلمين ان هذا شيء صعب، لا تدعيني في موقف سيء أمام القائد، و امام أصحاب الجلالة، إن تم إمساكك لن يتوانوا عن قتلك.

تنهدت بتعب، و هي تدير وجهها نحو الجانبين، ثم عادت محاولة من جديد: أرجوك أيننتوم، فقط أسمح لي، سأشرح لك الأمر لاحقاً انا أعدك!

- ما الذي يمنعك من أخباري بذلك الان!

بنبرة رصينة ردت: أنه وعد أقسمته لأحدهم، لا تجعلني ناقضة له.

صمت و بدا أنه بدأ يخفض دفاعاته أمام توسلاتها، و نظرتها اللعوبة به، فتنهد و قال لها: انتِ لم تخرجي من قبل خارج المدينة، ماذا إن أصابك مكروه؟ ماذا لو تُهتي؟ أضعتي طريق العودة، أو حتى لم تتعرفي على طريق الذهاب؟

عندها تميست بصوتها، و تقدمت نحوه و هي تلوي فمها بغنج، و راحت تقترب منه، و يدها حطت بهدوء و روية على صدره، صدرت منها نبرة مغنجة: عندها سأصرخ باسمك عالياً... عندها ستأتي لتنقذني!

الهاربة والمفاتيح المفقودة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن