خارج أسوار المدينة في مخيم لجش تحديداً؛ كان القائد تاشكين يطالع النار المتقدمة أمامه بهدوء، لا يشارك حديث نفسه إلا مع نفسه، و كأنه في نزاع داخلي مشتعل بعد زيارة اورين القصيرة له، رغم رغبته الأنتقام من عدوه إلا أنه يعترف بوجود تردد صغير داخله في نواياه تجاه هذه الحرب، ثم جاء إليه رجل ساعياً نحوه بالخصوص وقف بجانبه، و سمح لنفسه بمقاطع خلوة قائده: لقد وجدنا المخبأ سيدي!فانتفض القائد سعيداً لهذا الخبر، و طلب من جنديه أخذه في نفس اللحظة إلى هناك. ارتقى العربة و انطلقت في المدى الفسيح من الأرض، و سارا لمسافة لا بأس بها، حتى توقف عند مغارة صخرية، و أشار الجندي بسبابته نحوها قائلاً: هناك يا سيدي!
و نزل من العربة وقال له: انتظرني هنا… سأصعد لأرى بنفسي.
تسلق بهدوء، و بخطوات عريضة ثابتة، حتى وقف عند باب المغارة، و حاول ان يتنصت بحذر، كان ضوء النار و ظلال آلسنتها يرتسم على جدار المكان، و لم يكن هناك صوت واضح، حتى خيل له أن لا أحد في المكان، و حينما أراد أن يخطو نحو الداخل سمع صوت رجل يقول: إن شم دخانه يغير حاله لثلاث ايام، هل انت متأكدة سموكِ؟
و جاء صوت انثوي رقيق: نعم، انها تجربة خطيرة انا أعلم، هل انتهيت من الافعى الان!
فتسائل تاشكين عن معنى هذا الحديث الغامض، فسمح لنفسه أن يدخل بثقة و شجاعة دون أن يهاب او يخشى خافيات الأمور.
دخل متبختراً و قدمه تطرق الأرض متعمدة، ففز الاثنان من مكانهما قلقين، امسك السيد نندانيش حنجره الصغير، و يده الأخرى تجر ايتانا خلفه، وصاح: من هناك؟و دخل مسبب الرعب في نفسيهما و على وجهه إبتسامة صفراء كنواياه، فسأل السيد: من انت؟ ما الذي تفعله هنا!
وضع تاشكين يده على صدره و قال: إنك تجرح قلبي يا هذا، أيوجد في أرض الماء من لا يعرف من انا!... لا بأس لابد أنها ضلمة الليل قد أثرت على بصركما، سأعذر ذلك هذه المرة.
عادَ ليسأل بنبرة متشددة: لقد قلت لك ماذا تريد؟ تكلم!
فأجاب: انا اكون تاشكين قائد قوات لجش، جئت لأرى من كان الشخص الذي أخرجه اورين من المدينة بتلك الطريقة، و ها أنا اتفاجأ بها.
تفاجأ الاثنان بهويته، شد السيد قبضته على خنجره، و قال: ما هي نواياك!
و كأنه لم يعبأ بهما، و راح يتمشى براحته في المكان و كأنه ملك له و هو يقول: لا أنوي شراً على اي حال، ما احضرني هنا هو الفضول.
ثم جلسَ قرب النار براحة، متربع القدمين، و مد يديه نحوهما قائلا بإبتسامة: ارجوكما خذا راحتكما، افضلا بالجلوس، دعونا نتحدث قليلاً.
نظر الاثنان لبعضها بقلق، و اتخاذ القرار بمسايرة الدخيل للوقت الحالي، و ينتظرها حتى يسبر عن اغواره، امسك القائد بعصا، و مدها إلى النار و راح يحرك بالحطب كي تشتعل النار اكثر، ثم تحدث: لقد سمعته يقول سموك، فمن انت؟
أنت تقرأ
الهاربة والمفاتيح المفقودة
Historical Fictionفائزة بمسابقة اسوة بأفضل رواية لعام ٢٠٢٠. عن جارية أحضرها قائد الجيش هدية لملكته، فإذا بها تكون حفرة تجره مع مملكته نحو الضياع.