وصل أينتوم المكان، و قد وجد آزيش حارسا عليه، لم يكن الوضع يبشر بخير، فوجه صاحبه كان مقتضب متجهم، و لما سأله، تلى عليه ما يعلمه فقط في هذه المصيبة الغريبة، و لم تكن سوى بضع ثوان حتى عاد ماسين و برفقته أيكيشيو، سأل أيننتوم: أين كنتما؟أجاب ماسين: لقد امر القائد بتفحص موقع أهراسيم.
- و ما الذي اكتشفتماه؟
تنهد بغضب: أظنها مصيبة، ايننتوم... لم ترَ شكلهم، لابد أن أهراسيم قد كابد بقوة دون ان يعبأ بحياته ليصدهم... لم أظن انه ماهر لتلك الدرجة، لكن رغم ذلك، ربما يجب أن نستعد للمزيد... اظن ان القائد الان سيعزز الحماية عند بوابات السور.
أول ما فكر به ايننتوم بعد هذا الحديث، هو فتاته التي تركها تغادر دون حماية، لم يعد بإمكانه انتظار القائد، عليه أن يعود لأجلها، عليه ان يخرج ليبحث عنها حتى.
فوجد قدماه تنسحبان إلى الخلف، و على وجهه صدمة و خوف حقيقي، و أسرع الخطى عائداً و هو يدعو في سره ان تكون بخير، لم يبالِ بنداءات رفاقه، و هم مستغربون من حالته الغريبة.
و في طريق الخروج أصطدم باوكو، و لم يعتذر بكلمة، و هي الأخرى لم تفعل، و كل همها كان ان تصحب السيد نندانيش إلى ولده.
و لما وصلت، تركت ماسين يُدخله إلى هناك، و ابتعدت عنهم من جديد دون ان تقول كلمة، و وسيمائها مخطوفة، تائهة ضائعة في تخبط فضيع، لم يعبأ بها على أي حال، و ترك لوالده الحرية لرؤية أبنه.كان رزيناً او يجاهد ليبدو هكذا، وقفت ايتانا حالما دخل، و التزم الثلاثة بصمت، لم يعبأ بهما و لم يهتم تقدم نحو وَلده، جلس عنده، يجس سرعة نبضه و أنفاسه، ثم عمد لقياس حرارة جسده، لقد كانت حرارته مرتفعة، و وجهه مصفر، و شفاه باهتة.
سحب الكرسي الذي كان يجلس اورين عليه قبلاً، و استقر أمام ولده، يطالعه بصمت وهدوء، و لم يكن للباقين سوى المراقبة، بهدوء، و الترقب للخطوة القادمة.
*
في مكان اخر كان اورين قد بلغ مكان أيلكو، و لأن اليوم عيد، فلم يكن القصر ليهدأ مبكراً، كلَّت يد العازفين و لم يجرأ أحدهم على النطق بذلك، و الراقصات ما انفكن يتمايلن بجيدهن، لأمتاع الحضور و الوضع في جنون و صخب، في مشهد من الخلاعة قلة الحياء، رغم أن الملك و الملكة قد انسلا بعيداً إلى غرفتهما يكملا باقي الطقوس الخاصة بالزواج في غرفتيهما، لم ينهض الضيوف بعد قيام أصحاب الجلالة بالاذن لهم بالبقاء، و الاستمتاع بما يسر العين و الخاطر .
وكان أيلكو منغمساً هو الاخر في ذاك المشهد من الملذات، تاركأ حذره و ترقبه لما يدور حوله، إجازة لهذا اليوم... لم يكن يهتم سوى بنفسه، إلا أن حارس القصر جاء إليه ليقطع عنه جو الاستمتاع، حينما اقترب منه خفية عن ملاحظة الحضور، و همس في أذنه: سيدي أعتذر لتدخلي في هذا الوقت، لكن القائد اورين بعث بمرسول يطلب فيه رؤيتك عند مسكنك حالاً!... و شد على ان يكون الان و من دون أي تأخير.
أنت تقرأ
الهاربة والمفاتيح المفقودة
Historical Fictionفائزة بمسابقة اسوة بأفضل رواية لعام ٢٠٢٠. عن جارية أحضرها قائد الجيش هدية لملكته، فإذا بها تكون حفرة تجره مع مملكته نحو الضياع.