١٨

29 9 0
                                    

نزلَ عند القصر ضيوف جدد من مدينة اوروك؛ قد حضروا الليلة بعد دعوة خاصة من الملك، كان السبب منها توطيد العلاقة بين المدينتين، و لم تكن من المدينة سوى إرسال اثنين من المستشارين الموجودين في مجلس الشيوخ الخاص بملكهم، فلاقوا الترحيب الحار من أصحاب الجلالة، اللذان كانا يحاولان على قدر الأمكان، ألا يظهرا الحنق و الاستياء الذي لطخ علاقتهما هذا اليوم.
شاركهم لينكال الجلوس كالمعتاد، و ميلام الذي جلس من الجهة الاخرى المقابلة لمستشاري اوروك  السيد، سيبادا و السيد ان-سين. وراحت تقام الليالي الملاح كما كانت في الليلة الماضية، صخب و جو من المجون و المرح و الاستماع، و شرب و تناول ما لذ و طاب لهم من الخيرات، و في حين انشغال الملك بضيوفه الجدد، جلس موران  جانباً خلف سيده، و راح يناوله الشراب بعدما نحا الجارية عنه بهدوء، و همس له: أنظر إلى الملكة يا مولاي، أنها ما تنفك تراقبنا بين حين لأخر، ترمقنا بنظرات غريبة متفحصة.

من دون ان ينظر ميلام، راح يتناول شرابه باستمتاع و هو يقول له بصوت لا يسمعه سواهما: اعلم ذلك.

_ لماذا أذن تفعل ذلك، أنا لا افهم؟ لقد ظننتها معنا!

-ربما تراجعت عن ذلك، و شعرت بالندم للأمر.

أستغرب موران من نبرة سيده الغير مهتمة، على الرغم من انه كان منفعلا هذا الصباح و لا يجري شيء كما يخطط له، فسأله: مولاي! أراك غير مهتم بالأمر على غير عادتك؟!

هز الشراب داخل كأسه، و راح يدوره في حلقات، يؤنسه ارتطام المشروب بجدار الكأس، وقال كمن غرق في أفكاره: لا يهمني موقفها الان، لقد حصل ما حصل و أنتهى الأمر، لن تستطيع أن تفعل لي شيء، و لديَّ ما يُثبت تورطها بالأمر معي.. لذا أنا على يقين من أنها ستبقى صامتة هكذا كما تراها الان.

تمعن موران بكلام سيده و أخذ له وقتاً لا بأس به من الصمت، و هو يقلب الأفكار داخله، و حينما وجد درب مسدود، راح ليسأل سيده من جديد: و الان ماذا ستفعل، هل سنحاول مع اوروك؟

هز رأسه ميلام، و قال بنبرة باردة: كلا، سنعمد على التواصل مع لجش، فأور_يم  لن تنفعنا بشيء بعد الان.. اتضح أنها مملكة جبانة، لا تهوى التوسع كما أبتغيه أنا.

_و هل برأيك ستفعل، هل ستقبل لجش بالتعاون معنا لأقامة حرب ضد أور_يم؟

_ستفعل!!... لطالما كانت تتحين الفرص لأخذ ثأر حربها، لكن!

قطب الاخر حاجبيه و سأل باستغراب: لكن؟

_لكن يجب على احدهم ان يثير البغضاء أولاً ، خفية و سراً عن أعين الناس.

_كيف يعني؟ لم أفهم!

و نمت ابتسامة خبيثة على وجه حاكم لارسا، لم يجرأ موران أن يسأل عما يدور في رأسه؛ لأنه متأكد أن شراً مقيماً يدور هناك. و عليه أن ينتظر ليرى ما نتاج تلك الخطط الخبيثة الطموحة بشكل شرير لتبلغ ما تصبو إليه.

الهاربة والمفاتيح المفقودة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن