نزلَ عند القصر ضيوف جدد من مدينة اوروك؛ قد حضروا الليلة بعد دعوة خاصة من الملك، كان السبب منها توطيد العلاقة بين المدينتين، و لم تكن من المدينة سوى إرسال اثنين من المستشارين الموجودين في مجلس الشيوخ الخاص بملكهم، فلاقوا الترحيب الحار من أصحاب الجلالة، اللذان كانا يحاولان على قدر الأمكان، ألا يظهرا الحنق و الاستياء الذي لطخ علاقتهما هذا اليوم.
شاركهم لينكال الجلوس كالمعتاد، و ميلام الذي جلس من الجهة الاخرى المقابلة لمستشاري اوروك السيد، سيبادا و السيد ان-سين. وراحت تقام الليالي الملاح كما كانت في الليلة الماضية، صخب و جو من المجون و المرح و الاستماع، و شرب و تناول ما لذ و طاب لهم من الخيرات، و في حين انشغال الملك بضيوفه الجدد، جلس موران جانباً خلف سيده، و راح يناوله الشراب بعدما نحا الجارية عنه بهدوء، و همس له: أنظر إلى الملكة يا مولاي، أنها ما تنفك تراقبنا بين حين لأخر، ترمقنا بنظرات غريبة متفحصة.من دون ان ينظر ميلام، راح يتناول شرابه باستمتاع و هو يقول له بصوت لا يسمعه سواهما: اعلم ذلك.
_ لماذا أذن تفعل ذلك، أنا لا افهم؟ لقد ظننتها معنا!
-ربما تراجعت عن ذلك، و شعرت بالندم للأمر.
أستغرب موران من نبرة سيده الغير مهتمة، على الرغم من انه كان منفعلا هذا الصباح و لا يجري شيء كما يخطط له، فسأله: مولاي! أراك غير مهتم بالأمر على غير عادتك؟!
هز الشراب داخل كأسه، و راح يدوره في حلقات، يؤنسه ارتطام المشروب بجدار الكأس، وقال كمن غرق في أفكاره: لا يهمني موقفها الان، لقد حصل ما حصل و أنتهى الأمر، لن تستطيع أن تفعل لي شيء، و لديَّ ما يُثبت تورطها بالأمر معي.. لذا أنا على يقين من أنها ستبقى صامتة هكذا كما تراها الان.
تمعن موران بكلام سيده و أخذ له وقتاً لا بأس به من الصمت، و هو يقلب الأفكار داخله، و حينما وجد درب مسدود، راح ليسأل سيده من جديد: و الان ماذا ستفعل، هل سنحاول مع اوروك؟
هز رأسه ميلام، و قال بنبرة باردة: كلا، سنعمد على التواصل مع لجش، فأور_يم لن تنفعنا بشيء بعد الان.. اتضح أنها مملكة جبانة، لا تهوى التوسع كما أبتغيه أنا.
_و هل برأيك ستفعل، هل ستقبل لجش بالتعاون معنا لأقامة حرب ضد أور_يم؟
_ستفعل!!... لطالما كانت تتحين الفرص لأخذ ثأر حربها، لكن!
قطب الاخر حاجبيه و سأل باستغراب: لكن؟
_لكن يجب على احدهم ان يثير البغضاء أولاً ، خفية و سراً عن أعين الناس.
_كيف يعني؟ لم أفهم!
و نمت ابتسامة خبيثة على وجه حاكم لارسا، لم يجرأ موران أن يسأل عما يدور في رأسه؛ لأنه متأكد أن شراً مقيماً يدور هناك. و عليه أن ينتظر ليرى ما نتاج تلك الخطط الخبيثة الطموحة بشكل شرير لتبلغ ما تصبو إليه.
أنت تقرأ
الهاربة والمفاتيح المفقودة
Historical Fictionفائزة بمسابقة اسوة بأفضل رواية لعام ٢٠٢٠. عن جارية أحضرها قائد الجيش هدية لملكته، فإذا بها تكون حفرة تجره مع مملكته نحو الضياع.