طرفت عين إهراسيم اليمنى، فمسح عليها بيده المربوطة، و ما فتئت عربته تهتز طوال الطريق، مسببة له ازعاج في جرحه كلما تعثر سير المركبة بحجر، مسبب ارتطام على مكان جرحه، الذي بدأ يندمل شيئاً فشيئاَ، بعد أن تمت معالجته قبل المغادرة ليلة امس. لقد أشرقت الشمس الان، و قد مضى على خروجهم من اور_يم الليل بأكمله، تم الامر بهدوء و سكون، حتى انهم كمموا فم إهراسيم كي لا يجرأ و يصرح او يتسبب في فوضى لا يرغبوا بها. حينما اكتمل شروق الشمس، نادت اوكو على ركب القافلة المكون من ثلاث عربات براكين، و ثلاث كبيرات تجرها البغال، فيها أغراضهم و عتادهم. وضع احد الحرس يديه على إهراسيم و اقتاده من العربة و واجلسه على الأرض حيث خيم الجميع.
اتكأ رهينتهم إلى شجرة و طالع الجميع و هم مشغولون بتنفيذ أوامر القائد؛ القائدة اوكو وهي تقف في المقدمة و تأمر و توجه الجميع لاعمالهم، اشعلوا النار، اربطوا الحيوانات، انت قدم الطعام و الماء للدواب، انت ساعد هذا، و انت اذهب مع ذاك، لقد كانت اوكو مختلفة عما عرفها، شخص قيادي، و ليست فتاة تحاول أن تثبت نفسها، ضحك على نفسه و هو يتذكر سذاجة تصرفاته معها، كيف كان يظن انها المغفلة و هو من يستغلها، ينام أثناء الواجب فتقوم هي بأخذ راحتها بجمع المعلومات، الحراس، موعد تبادل الحراس، ما يجري في المدينة، من الداخل و من الخارج، كل ذلك قدمه إليها على طبق من ذهب، بسبب حماقة تفكيره و سذاجة عقله، و ثقته الدائمة بالآخرين.
لفت انتباهه شيئا ما، لم يكن لينكال معهم في القافلة، لقد كانت اوكو و قليل من الخدم و بعض الحرس، هناك المزيد من حاشيته الذي اقبلَ معهم إلى اور_يم غير حاضرين، فاثار ذلك الشك في نفسه، و حاول ان يتنصت للأحاديث التي تقال من حوله، لكن لم يكن هناك واحد ذا فائدة تذكر، فالفائدة التي يبحث عنها ستكون عند اوكو حتماً، و هي الآن في أبعد نقطة ممكن ان تكون إليه، لذا كان عليه أن يجذبَ نظرها إليه، لقد اتخذ دور الضحية المستسلمة لوقت طويل، و حان الان للعمل، فوقت الراحة قد انتهى الان.بعد وقت لا بأس به من الجلوس لوحده، تقدم نحوه احد الخدم و هو يحمل بيده صحن و ضع به بعض الطعام القليل و فوقه قطعة خبز، نظر إليه إهراسيم، وجده مجرد خادم وضيع لا شأن له، و لكنه قد يؤدي غرضاً، فقرر إحداث جلبة ما بصراخه على الخادم، رافضاً تناول الطعام، على الرغم ان معدته تزقزق اشتياقاً للقمة واحدة، لكنه تحدى نفسه هذه المرة: أغرب عن وجهي، لا أريد طعامكم المسمومة، خذه! لا اريده!
قال الخادم: أنه ليس مسموماً، انا مجرد خادم لذا تعاون فحسب رجاءاً، لن يجدي عنادك بشيء.
بلهجة منفعلة و صوت عال: ابتعد عني، لا أريد تناول طعامكم هذا!
وقفَ الخادم بلا حيلة أمامه، رفعَ رأسه فرأى احد الحراس الذين انتبهوا إلى هذه الجلبة؛ و تقدم ليرى الأمر، فوقف عندهم سائلاً بجسمه الكبير: ما الذي يحدث؟
أنت تقرأ
الهاربة والمفاتيح المفقودة
Historical Fictionفائزة بمسابقة اسوة بأفضل رواية لعام ٢٠٢٠. عن جارية أحضرها قائد الجيش هدية لملكته، فإذا بها تكون حفرة تجره مع مملكته نحو الضياع.