الفصل ٢٣

8.6K 142 23
                                    

قفّلت الباب تتركه بكاملّ مشاعرها اللي تعاندها , بكامل عناد رغبتها و عناد حبّها و بالمثل هو اللي بقى يناظرها إلى أن فُتح لها الباب و دخلت ..وقفت العاملة تناظره للحظة تنتظره يدخل , سرقته من نفسه بتفكير له أوّل ماله تالي م يبيها تفكر عنه كذا ولا تحس , هو عجّل و دارى و مشى و جمّع شمل افترق لأجل عيونها هيّ ..هو عاند أبوه و اتحدّى له آخر حكيه بإنه م يقدر يردّه عنها و الحين صار الردّ كله منها هيّ و هو كان يتوقع انها تفهمه , تفهم وضعه مع اللي حوله لكن بنفس الوقت هي م تعرف , مُستحيل هو يقول كلمة عن أبوه و يفسّر له اللي هو وده انه يعرفه , فتح بابه يلوّح بيده للعاملة لأجل م تقفّل الباب و بالفعل ترك باب سيارته مفتوح يدخل للقصر خلفها بخطوات سريعه لأجلها ..لأجلها هيّ بيخالف كلامه و يدخل و يتكلم معها و لو انه ماله حكي او كلمة يقولها الا انه م يبي يتركهها و لا ودّه يغيب و هي زعلانه ..
_
وصلت سيارة صُهيب اللي من وقفت كلهم لمحوا دخول عذبي من الباب و من بعده قفلت العاملة الباب ,
عقدت صيته حاجبينها بصدمه لأنه وصل قبلهم و هو حرّك بعدهم : هذا عذبي اللي دخل ! ,
كانت ملامح صُهيب هاديه لأبعدّ حدّ و هالحد ما يقلق الا صيته اللي تعرفه زين و تعرف هدوءه هذا اللي خلفه عواصف لكن من ناظرته نطقت بكلمة وحده : تتكلّمون انتم ؟ ,
لانت ملامح أريام من سؤال أمها له و من سكوته و اكتفاءه بإنه يناظر صيته دون كلمة هي عرفت الجواب , أخذت نفس عميق تنزل من السيارة تقطع الهدوء اللي صار تلتفّ لجهة هند و تساعدها بالنزول..
كانت صيته تتبع حركات أريام إلى إن خرجت من السيارة , م تحب الزعل يجيها و لا تحبها تسمع نقاشها مع أبوها لأنها حساسه و سريعه الزّعل للدرجة اللي انتظرتها تنزل لأجل تعقد حاجبينها تنطق بحدة : صُهيب وش تسوي إنت ؟ وش تسوي ؟ وش تنتظره يعني يتبلّد عالآخر ! صُهيب ترا عذبي ولدك مو عدوّك تعامله كذا والله مو عدوّك ! ,
ما نطق بكلمة يناظرها و اتنهدّ بضيق ينزّل يده عن الدركسون , كمّلت صيته : لو جا يوم و غاب عنّك و انقطع ي صُهيب كل اللوم عليك انت لأنك إنت كل الحركات اللي تسويها ما تدل على انك تبيه ,
هزّ صُهيب راسه بنفّي و كان يبي يتكلمّ ينفي رغبة حركاته لكنها كمّلت : صهيب عذبي يحتاجك ! ..صهيب انت بعمره تدري وش صار فيك لأنك كنت وحدك ؟ تدري وش صار فيك و فيني و في العيلة كلها و لا م تدري ؟ ..و الله إنها كانت أسوأ الأيام و اليوم اللي جاك ولدك تسوي فيه كذا ؟..المفروض اللي انت كنت فاقده تقدمه له مو تحرمه منه ..انت ماكان لك ظهر لان أبوك كان ميّت لكن وش عذرك اليوم بإنك م تصير ظهره و سنده ؟ ,
احترقّت محاجره دموع , احترقّ قلبه و جوفّه من اللوم اللي ترميه صيته عليه و التفت عليها يهزّ راسه بنفي : ما سوّيت له شي ! ,
رفعت صيته حاجبينها : هذا كلّه و لا سويت شي ؟ صُهيب انت و ولدك ما تتكلمون لانك كسرت ظهره و كسرت خاطره بكلامك ! صهيب عذبي سوّى كل شي لرضاك لكن انت م ترضى عليه مهما سوّى و فعل انت م ترضى ..هو م يبي منك الا انك تصير عونه ..والله والله ابصم لك بالعشره انه م يبي لا فلوسك و لا قصرك و لا شي يبي منك ! ..لو يبي منك شي كان استفاد من اسم آل فارس و صار شي كبير لكنه قرر يعتمد على نفسه من عمر صغير هو دارى ماله دارى نفسه و دارى زمانه بنفسه ..على مشكلة وحده صارت بحياته و اتصرف هو و حلها تمنّ عليه ! و تقوله كلام م ينقال بانه مب رجال و م يعرف يتصرّف ؟ ,
ما ردّ صُهيب يكبّت داخله تنهيدّه , كلّ الأفعال اللي تصير تناقض فكره و كلّ الكلام اللي حوله يناقضّ ظنه فعليًا لكنه هز راسه بنفي : إنت تدرين إني م أقصدها ..تدرين إني ما أبي إلا صحتهم سواء هو أو أريام ,
هزّت راسها بإيجاب تنقد عليه لأنه باقيّ مصرّ على صحّة فعله : أنا أدري ..هو ما يدري لأنك دايم تقول العكس له ,
نزلت من السيارة تتركه بحرّ تفكيره , بحرّ كلامه و كلّ ظنه لأنه فعلًا م يعترف باللي يصير , كل اللي صار اليوم حوله كان اثبات على إنه مخطيّ ظنّ و مخطي فعل معه لكن مُستحيل يعترف و يعتذر , مُستحيل يطلع منه بادر الخطأ و الاعتذار , اتنهدّ يطفي السيارة و ينزل منها بعد م اتأكد من دخولهم كلهم و مشى خطواته ناحيّه سيارة عذبي بخطوات ثقيله و شعورّ يثقّل قلبه .. وقّف لثواني يرجّع يدينه للخلف و يناظر السيارة بهدوء يفكرّ بصيته اللي نقدت عليه و كلامها اللي طلع منها ماكان الا انه يوعّيه على نفسه و فعله بولده ..أحنى راسه للحظه يآخذ نفسه و يوازّن نفسه ممكنّ يليّن تفكيره على الأقل قبل فعله على عذبي ..قرّب للحظه من الباب المفتوح و هو يمسك به بقبضه يدّه ..يتأمل مكانه و مقعده م يمرّ عليه الا طيفه و محاولته بإنه يبقى جنبهم مهما صار له , مهما دارت فيه الدنيا و تخسف هو حاول يجمعهم مره ثانيه و يجتمع معهم ..متمسّك بأخواته و أهله ..متمسك بحرمه و أصحابه ..متمسّك بخواطرهم قبل خاطره و دارى زعلهم قبل يداري نفسه , اتحمّل الضغط على نفسه لأجلهم هم و وقف جنبهم لأجلهم هم ماكان شي لأجله الا اللي دخل عشانها و هي " العذاب " اللي كاني يبي يقطع أمله عنها لكنّ قطع عنه كلّ شي الا هيّ , ما قوى و لا قدر تركه  ختم له حكيه بإنه م يقدر يرده عنها ..ما قدر يردّه عنها لكن هو ردّه عن أهله , داره , بلاده و مكانه ..ردّه عن دفا الأهل و ردّه عن سند الأب , ردّه عن الخوف و المشاعر و الراحة و لا بدّل شعوره الا بكسرّه ..اتنهدّ للحظه يقفّل الباب بقوّة و من لمح شماغه بالخلف سكنت ملامحه لثواني طويله يتأمّله ..اتراجع للباب الخلفي يفتحه و اتمسّك بالشماغ و هو ينفضّه يحاول يلمح الاسم اللي على طرفه و بالفعل من وضحت له هو سُكّن داخله , سُكنّ حريقه و قلبه اللي يشعلّ من لمحه اسمه , من لمح اسم " صُهيب " مطرّز على الشماغ و احتفاظ عذبي به رغم كلّ اللي صار بينهم و رغم انه كسر مجدافه و منع عنّه طوّق يتمسك فيه , منع عنه نفسه مع ذلك عذبي لازال محتفظ بالشماغ حقّه ..رغم انه غيّر سيارته و يدري ان السيارة اللي الحين هو فيها أجار الا انه معه ..كان دايم يلبسه و الحين بعد ما غيرّه و لبسه ..مرّر صُهيب أنامله على التطريز يتأكدّ بأنامله بعد ما عينّه عيت تصدق و تعطيه الحقّ اللي يشوفه ..غمّض عيونه لثواني يخفي شعوره عن نفسه , عن هيأته و ضعفه , يمنع ضميرّه اللي يرجمه الحين من انه يغلبه و من سمع صوتّ خلفه هو فتح عيونه يلتفت يشوف أخوه شريان اللي واقف خلفه و اللي يشوف بعيونه انه مكشوف له , شفافه له مشاعره لذلك هو صدّ عنه يآخذ نفسه لثواني ، رجع الشماغ للسيارة يتركه يمشي عنّه بكلّ نفس عاصيّه ..مشى لباب القصر يدخل يده بجيبه يطلّع مفاتيح ولده اللي ثقّلت له ثوبّه فوق ثقل نفسه و مشاعره ..ناظرها بيده لثواني يتأملها يتذكرّ نفسه و حكيه معه اللي ترك المفاتيح الحين كلها بيده دون استثناء ..أخذ نفس عميق يفتح الباب يدخل تارك خلفه شريان اللي كان يشوفه من البدايه , كان يشوف ضياعه و شتاته و تأنيب ضميره اللي جرّه لسيارة ولده لكنه م اتكلم لأنه ينتظره يحسّ على نفسه و يحسّ انه مخطي و لو انه م يقصد هو يخطي عليه كثير لكنّ عذبي ما يقاطعه , م يقطع سؤاله عنه و لا يقطع حبّه له و رجوعه له بكلّ وقت يرجع يقبّل راسه ..أخذ نفس عميق يلتفت يهمس لنفسه بدعاء من صميم قلبه : الله يليّن قلبك عليه ..الله يليّن قلبك ..
_
من دخل هو ماكان يشوف درب الا انه يتبع خطاويها لجناحها , ماكان يبي من القصر كله الا " هيّ " و لا يهمه وش يطري لأبوه لأنه زعلها عنده بالدنيا , هو مستعد يرمي كل شي خلفه ويبقى عندها لكنّ مو بالقصر و لو يروحون لنهايه الدنيا الأهم م يبقى بهالقصر بايت..
فتح باب جناحها يدخل دون شايف انذار و اعلان انّ وده يدخل و من لمحها تلتفت له بسكون ملامحها المصدومه , م اتوقعت انه يدخل لها بعد النظرات اللي شافتها منه و السكوت هي م اتوقعت انه يدخل و يوصّل خطواته لجناحها نزّلت يدينها اللي كانت مرفوعه تلمّ شعرها براخّي حركه يملّي داخلها مشاعر مُستحيل تتحمّلها أكثر ما بينّ حب داخلها و فراغ هو سببه سُمك المشاعر يحكمها ..
قفّل الباب خلفه يتقدم منها يوقّف بهدوء , يشوف أهدابها بوضوح و يلمحها نديّها لأنها هلّت دموعها من السيارة لجناحها م اتحمّلت حبسها أكثر : تبكين ي حفيده سلمان تبكين بسببي ؟ ,
شتتت نظرها عنه مباشرّه من كمّ المشاعر اللي فيها , من كمّ ثقلها عليها و سؤاله الحين لها , كمّل بحدّه خافته ؛ لا تبكين و البكّي أكره ما عليّ يكون بأسبابي..لا تبكين ,
قرّب منها من شافه سكونها و شتاتها , قرّب يرفع وجهها لهّ بكفوفه يهزّ راسه بنفي : لا تبعدين عيونك عنيّ ..يكفي اني غريب بهالقصر لا تغرّبيني عن عيونك بعد ..,
ناظرته ترجف عيونها من نظراته , لمساته و كفوفه اللي محاوطه وجهها , من كلمته هي فهمت ان داخلّ جوفّه حريق و هو بالع الجمرّ و ساكت عنها ..من قال " لا تغربّيني عن عيونك بعد " هي تفهم ان له مشاكل تتركه ما يدخله و الحين دخله لأجل يقول لها  هالكلمة اللي انتشلت قلبها من كلّ شعور الا شعوره هو باقيّ محكّم داخلها , رجفت نبرتها تهز راسها بنفي ؛ عذبي ! إنت مو غريب لعيوني بس أنا بين الاثنين فيك ,
سكنت ملامحه يناظرها بعدم فهم , رفعت يدينها تلمس كفوفه اللي محاوطتها : عذبي انت بين فرحي و جرحي ..أنا أفرح لأني هنا لكن إنت تجرح لأنك مب هنا ..أنا أفرح لأني لبست خاتمك و إنت تجرح لأنك مب لابس خاتمي ..أنا أفرح لأني صرت معك و إنت تجرح لأنك مب معي ,
هزّ راسه بنفي لكنّها نزلت كفوفه عنها ترجع خطواتها للخلف تنطق برجفة ؛ اذا م بتبقى معي ..لا تعطيني أمل بوجودك الحين ! ,
رمشّ لثواني يرتخي كلّ جسده , كلّ جسده هُزِم من كلامها حكيها , كلّ شعور داخله هُزم من هدبها و نظراتها له..هو يبيها هيّ لأنها أمله بين الكلّ , من بدّ كل الناس هي الأمل اللي يقوّي شراعه وسط غرقه و هي م تبي الأمل دون وجوده ..تفهم انه له اسباب لكن دام الاسباب ما تعرفها م ترضى بالبُعد , م ترضى بالحال اللي هو بعيد عنها فيه و لا ترضى بقربه المؤقت منها ..م ترضى يتركها بهالجناح و هالقصر اللي لهم دونه و هي اتخلّت عن ديره لها لأجله ..
هزّ راسه بإيجاب يمسح ملامحه لثوانيّ يبي يصدّ عنها لكن اللي يردّه كثير , اللي يردّه عن صده هو نفسه الطمّاعه بشوفتها و اللي , هو حاجته لها و لقربها لكن المكان يمنع , المانع عن نفسه و حاجته هو أكبر شخصّ اتمنى حبه له ، هو أبوه اللي منعه من نفسه و منعه عنّه..
أخذ نفس من أعماقه يصدرّ تنهيده عميقّه كبتها كثير , قرّب منها خطوات و من اتراجعت هي للخلف وقّف لثواني ترجع أنظاره للمرايا اللي خلفها , يشوف ظهرها اللي وصفته لين له بإنه " وايت " و الحين بالفعل صحّ الوصف له ..هيّ نست كلّ ان خلفها المرايا لكنّ هو م ينسى تفاصيلها رغمّ أعصابه المتوترّه و المقهورة الا ان م يفوّت تفاصيلها ..تراجعها للخلف تمنع نفسها عنّه تركه م يقدّم خطوة ثانيه لها و يلمح بعيونها كلّ الرجفه , بكفوفها و حتّى بأهدابها اللي م وقًفت حركتها , هزّ راسه بنفيّ : اليوم اللي أجيك فيه بيكون اليوم اللي إنتِ م تبعدين خطوتك عنّي ,
قُرعتّ طبول قلبها وسط ضلوعها و اللي م يتركه يستكنّ , و من نظراته اللي لكفها الراجف بعد هي ماعادت تقدر تميّل راسها أو تبعد عيونها عنه لأنه يوترّها ,
التفت يخرج من الجناح يتركها و يترك نفسه قبلها , يترك كلّ شعور خلفه و كلّ رغبه و احتياج يتركها تجلس على السرير بضعف و كلّ عجز صابها بأطرافها , تفكيرها و مشاعرها اللي جُيّشت..كلّ اللي تسويه يتعبّها لكن هي م ودّها تسكت و تتعب أكثر لأنها تحبّه و تكذب لو تقول انها ما ودّها قربه , حضنه ، احتواءه لها ، ايده اللي ما تركتها و لمسة ابهامه لنبضّ معصمها , انسابت دموعها بعد تمنّعها عنها لطويل الدقايق بوجوده انهارت , انهارت بكيّ تلمّ جسدها كله للسرير و تفيّض مشاعرها على هيأة دموع نازفه , على ضجيج شهقات داخلها هيّ بكت و م تركت الدّموع  تبقى داخلها أكثر و انهزمت هالمرة , انهزمت بكلّ شعور ، بكلّ جارح ، بكلّ طرف فيها , انهزمت هيّ لأنه طلع يثبت انه م بيبقى معها ..
_
خرج و هو يمسح وجهه بكفوفه يحاول يوازن نفسه , يحاول م يضعف أكثر لكن كلامها كله بباله , طيفها و أهدابها النديّه طيفٍ م يغيب عن عيونه ، هو يجرحها كثير بدون لا يحسّ و كل أسبابه لغرابته عنها هو -أبوه- رغم انه قال إنه م بيقدر يرده عنها لكن بالنهاية قدر حتى لو مب وجوده هو اللي منع , أسبابه كافيه انها تمنعه من القصر و من احتياجه له و الحاجة ماهي ثمن , ماهي مظاهر ولاهي كسر كلمته الا ان الحاجة له عونّ له ..هو يحتاج عونه له بكلّ الحالات , يحتاج يلملمه من  شتاته من الناس بدل كسره و تغريبه عنّه ..
الحين هو منعه عنها , منعه من أهله , منعه من نفسه و منعه من الديّار و العون ..
أخذ ثواني طويله واقف قدام باب جناحها يسمع بكاءها لكنّ اللي يردّه أكبر من كل شي " أملها " اللي هي طلبته يخفيه عنها دام ماله نيّة انه يبقى هي م تبي تشوف الأمل فيه و هو م يبي يعطيها هو و هو هذا حاله و وضعه مع أبوه و اللي حوله ..ناظر حوله لثواني يفكر بكلّ الحكي ..كلّ الرضى اللي يدله لدربها و لو انه ناقص و لو ان الدّرب طويل و هو م يآخذ الا شوي منه الا انه يبي هالدّرب ..يبي درب رضاها ..
مشى عن جناحها يتوجّه لجناحه بكلّ غضب العالمين اتوجّه لأدراجه يقتحها يدور مفتاحه ..مفتاح سيارته الاحتياطي لأجل يآخذ خاتمه منها لكن مب موجود ..ترك الأدراج يروح لدولابه بالأرفف العلويه يمرر يدينه لكنها خاليه !
نزل كفوفه للأرفف السفلية يرمي كلّ ملابسه على الأرض ينثرها تغطّي أرض الرخام كلها ..قفّل باب دولابه بقوّة ترك صوته يصدحّ بالقصر كلّه من شديد غضبه , من شديدّ ثوران دمّه و انضغاط أعصابه هو طقّ يفرّغ القليل بباب الدولاب و من التفت للباب شاف أبوه اللي يتأملّه بسكون ..يتأملّه بهدوء ترك أنفاسه تعتلّي بوسط الهدوء اللي صار ..
صُهيب كان يشوفه من بداية خروجه من جناح عذاري , شاف شتاته و شاف غضبه و ضاهي تخبطاته بينه و بين نفسه و للحين يشوفها و اكتفى صُهيب بعقدة حاجبينه يناظره ينتظره ينطق بالكلمة اللي داخل جوفّه و وده يطلعها على أبوه ..هزّ صهيب راسه بنفي من حال عذبي و بهذلة شكله الحين : انطق انطق ..قول اللي تبيه قول ,
ثبّوت ملامح عذبي كانت تدبّ الرعب بقلب صهيب لأن حاله بالفترة الأخير ما وصّله الا للجنون و هو متأكد ان نهاية هالموضوع ما بتكون خير له ..ماهي ثواني الا و نطق  عذبي بكلمة وحدة : وين مفتاح السيارة ؟ ,
ما نطق صُهيب بكلمة وحدة يستغرب من سؤاله لأن توه كان يشوف سيارته تحت و يستغرب حاجته للمفتاح رغم ان عطاه  هو آخر مره و يدري ان الرّفض بداخله للحين و هو ما يبيه الا لغاية وحدة يجهلها هو ..يراهنّ الحين ان عيونه تحرقّه قبل لسانه و عيونه تحرقّ كلّ اللي يناظره لأن اللي يشوفه ماهو عادي أبدًا و بيعطي المساحه له من دخل يده بجيبه يطلع المفاتيح كاملة التابعه لعذبي و بالفعل دبّت خطواته للقصر كله يتقدم من صُهيب يسحبه من يده يتجاوزه ..
اتنهدّ صُهيب من اختفى عن أنظاره و نزل من الدرج بسرعة لحظيه تركته يستغرب من اللي يعيشه ولده ..أحواله الغريبة و اللا متوقعه تصيبهم بالاستغراب كلهم ..
خرجت صيته من جناحها تركضّ للصوت اللي صدح بالقصر كله و من شافت وقوف صهيب قرّبت منه ترمي كفوفها على صدره بخوف : صُهيب ! وش صار وش هالصوت ؟ ..
-
-
ظهر الجمعة ؛
على طاولة الطعام اللي جمّعتهم كلّهم , شريان و عياله , صهيب و أهله , أصيل و أهله و ابتهال و عيالها  بعد سهرتهم بالمزرعة الحين هم يجلسون على طاولة وحده يجمعهم الضّحك , الحكي و السوالف و الحوارات م وقّفت من جلوسهم ..ما خلت الطاولة الا من عذبي و حرمه اللي لا هو حضر و لا هي حضرت ..هو بمكان و هيّ بمكان ثاني ..
أخذّ صهيب اللي على نهايّة الطاولة يجلس  نفس عميق يتأمّل كل شخص فيهم , كلّ ضحكة يسمعها يلتفت لصاحبها يقرأ ملامحه فيها , كلّ علّو صوت بتفاعل هو يلتفت له و أخيرًا وقّفت نظراته على شريان اللي ضحك يناظر دهّام اللي يعطيه من الصحّن بيدّه يأكلّه : يلا يلاا ي شريان قلبيي ,
و من أخذها شريان ضحكوا كلهم لأنه كان يمنع نفسه من الأكل بسبب شبعه لكنّ دهام م تركه و هو يعطيه لقمه وراء لقمه ..
أحنى صُهيب راسه يشوفهم , يشوف تعامل شريان مع دهّام و حُبّ دهام الشديد لأبوه ..يشوف الشعور اللي منع نفسه منه و منع ولده عنه لكنّ من مسكت صيته بكفّه تناظره : تدري وينه ؟ ,
رفع راسه يناظرها لثواني من فهمت تفكيره و بلحظه هو كان يتساءل عن مكانه لكنّه م يدري , هزّ راسه بنفي و صدّت عنه صيته تترك يده لأنها اتصلت كثير و سألت كثير عنه و ما ردّ و من طلبت من صُهيب يتصل هي متأكدة انه م اتصل من هز راسه بنفي لها ..
عقدت نهاد حاجبينها تناظر صيته تهمس لها بهدوء : صيته ! كسار بيجي ؟ ,
هزت صيته راسها بإيجاب تجاوبها بنفس النبرة : ايه بالطريق كلمني قبل شوي ..ما بقى شي و يوصل ,
نهاد : وشوله م جلس عندنا مثل العادة ؟ ما وده و لا كيف ؟ ,
اتنهدّت صيته تهز راسها بنفي : عذبي لزّم عليه و حجز له فندق برا ..لا تسأليني ليش لأني م للحين م اعرف ..,
التفتت نور تناظر أريام اللي متوترّه بشكل يوضح لها , بشكلّ تركها تتلوّن بشعورها و نظراتها ما نزلت عن دهام اللي بكلّ حركة له هي تكون أوّل الناظرين , هزّت كتفها بهدوء : وش فيك كذا ؟ صار شي ؟ ,
رمشت أريام تناظرها لأنها كُشفت أمامها و الأكيد اذا استمرّت على حالها هذا بيكشفونها كلهم مو بس نور : لا ,
رفعت نور حاجبينها : بالله ؟ يعني أنا م أعرفك صح ؟ م أعرف إنك متوتره الحين و م شفتك تناظرين دهام طول جلستنا ! ,
وسّعت أريام عيونها بذهول : اص ! لا يسمعونك لا ترفعين صوتك بعدين نتكلم خلاص ,
صدت عنها نور لثواني و همست : هيّن هيّن ي الريم ..لا تنسين إن محد بيفكك مني لا مسكتك و كل شي بتقولينه لي ،
هزّت أريام راسها بنفي تهمس : مافي شي أقوله ..,
وقف دهام للحظه من رنّ جواله يمسح كفوفه بالمناديل يعقد حاجبينه ثم ابتسم و هو يآخذه من الطاولة مع مفاتيحه " أستأذنكم أنا " و طلع و من رفعت نور حاجبينها تضحك بسخرية لأن أريام كلّ نظراتها معه إلى ان اختفى : لا واضح ان مافي شي تقولينه ! واضح مره ..,
اتنحنحت تناظرها لثواني ثمّ صدّت ترمش لأن الشّعور اللي تحسّ فيه ماهو عادي و لا بيكون عادي و هالشي هي تدري فيه ..
رفعت صيته جوالها تبتسم و تردّ عليه من نورّت شاشته : كسار ! وصلتوا ؟ ..طيب طيب الحين .., قفّلت الاتصال تضحك تلتفت لأريام : أريام لين مب راضيه تنزل من السيارة روحي أقنعيها ,
ضحكت ابتهال لثواني : هالبنت يبي لها عضّ ماشاءالله ..وش عندها م تبي تنزل ؟ ,
رفعت صيته حاجبها تضحك : وش تقول ؟ تقول انها زعلانه مننا كلنا لانها م نامت بسرير أريام معها ..صحت لقت نفسها جنب سدن بالفندق ,
ضجّت الغرفة بضحكهم و وقفت أريام تبتسم بخفيف ,
نطق شاهر بسخرية : كلّ الأطفال يحبونها على وش ؟ على وش أبي أفهم ! لا تلعبهم و لا تشتري لهم شي أنا المسكين اللي اشتري لهم و بالنهاية يقولون لي م نحبك ! ,
احتدّت نظرات أصيل و بالمثل صُهيب اللي ناظره و سرعان ما هزّ راسه بنفّي : أمزح ي عرب أمزح ! ..م تعرفون للمزح ..كلناا نحب الريم مين اللي م يستحي م يحبهاا ؟ سموّ الأميرة هي ! ..,
خرجت أريام بهدوء و ارتخت ملامح صُهيب اللي مسح كفوفه بالمناديل يناظر أُنس : أُنس ! ,
ناظرته أُنس بابتسامه و عقد حاجبينه هو باستغراب من أدرك البقعة الموجوده على جبينها , الاحمرار المخالط للون الأزرق و الموف اللي تركه يقلق : وش هذا اللي على جبينك ؟ ,
رفعت كفها تلمس جبينها بأناملها : أمس هذا صار ..خبطت راسي بالغلط ,
رفعت ابتهال اللي تجلس جنبها يدها تمسح بأناملها على الكدمه بهدوء : لما نامت ما كانت موجودة ..في الصباح لما صحت شفناها ,
هزّ صُهيب راسه بإيجاب يناظرها : تعالي عندي أشوفها ,
ابتسمت بخفيف توقف و تتقدم لعمها على اللي على طرف الطاولة و من انحنت تجلس أمامه لفّ الكرسي لها يناظرها ..رفع يده يلمس الكدمه بيده و من اتآوهت بألم قرّب منها يقبّل جبينها لأنها كانت بالغلط و لا كانت نيتّه يألّمها : انتبهيلك ي أمي ..انتبهيلك ,
هزّت راسها بإيجاب توقف و تعدّل وقوفها و عقدت هند حاحبينها باستغراب : وينها حرم عذبي ؟ م طلّت عليها و لا م تبي تآكل معنا تخجل ؟ ,
أخذت صيته نفس عميق تهزّ راسها بإيجاب : تخجل شكلها ..كلمتها لكنّ عيّت و قالت تبي تروح لأبوها ..
_
من خرجت أريام نزّلت الطرحة على كتفها بهدوء تبتسم تسلّم على كسار اللي اتقدم منها يحضنها و قبّلت راسه ..و بالمثل هناي و سدن و من بعدما أشرّ لها كسار على السيارة اللي اتقدمت لها تبتسم من شافت الباب مفتوح و لين متكتفه داخلها بزعلّ قرّبت أكثر منها : ليّونه ! ,
ما التفتت لها لين و انما بقت متكتفّه تعبرّ عن زعلها الشديد منهم كلهم , رفعت أريام يدها ترجّع لها شعرها خلف أذنها : ليّونتي ! تزعلين مني ؟ ,
عقدت لين حاجبينها بزعل : إنت م نوّمتيني جنبك ! ,
ارتخت ملامح أريام : إنت كنتِ نايمه أمس عشان كذا م أخذتك معي ,
ناظرتها لين : يعني اليوم لو ما نمت تنوّميني معك ؟ ,
ميّلت أريام شفايفها تفكرّ لثواني و من عقدت لين حاجبينها تصدّ مره ثاني : بأزعل منك إنت أكثر وحده ,
ضحكت أريام بخفيف تقرّب منها تشيلها : لا خلاص بأنوّمك معي اليوم حتى لو نمتي ! ,
حضنتها لين تتمسّك فيها إلى إن وقّفتها على الأرض بأقدامها : وعد ؟ ,
ابتسمت أريام تهزّ راسها بإيجاب و اتمسّكت لين بيدها : وعد إيه ..,
التفتت أريام لكسار اللي ضحك بذهول من حكي بنته و أريام و من مسح على ظهر هناي تتعصّر جنبه من لذاذه لين و حكيها و من تشوفها مع أريام هي تعلن هلاكها لأن اجتماعهم مع بعضّ بدلالهم هذا قوّي على قلبها ..
ابتسمت أريام ترفع حاجبينها : لين عندي اليوم تمام ؟ ,
هزّ كسار راسه بإيجاب يقفّل باب السيارة اللي بقى مفتوح و من مشى عنها يدخل للمجلس و خلفه هناي يروحون لصيته..
ابتسمت سدن تعدّل طرحتها و تمشي مع خطوات أريام الهاديّه اللي م تبي تدخل و تصادف وجودّ دهام لأنه يكشف كلّ شعورها بشكل هي م تستوعبه لكنّ من نطقت سدن تسأل عنّه" دهام موجود ؟ "  ناظرتها مباشرة بدون لا تتكلم ..
ضحكت سدن بذهول من نظراتها لها : وش فيك ؟ سؤال ترا ما قلت شيّ ,
صدّت عنها أريام من حسّت نفسها بإنها ممكن توضح لها و ممكن تتلعثم بالكلام مثل ماهي متلعثم عقلها من الكلام لكن من ابتسمت سدن تناظر قدامها : عمره طويل من جا طاريه هو جا معه ,
رفعت أريام يدها مباشرة ترفع طرحتها تغطي شعرها و لأنها شافته لمحها لكنّه صد مباشرة و عقدت حاجبينها تلتفت لسدن اللي نطقت : كيف حالكك دهام ؟ ,
قطع دهام دخوله يلتفت لهم بخطوات و ابتسم للين اللي تركت يدّ أريام تركض له من انحنى لها و شالها : بخيرر إنتِ شلونك ؟ ,
ابتسمت بخفيف : بخير الحمدلله ..,
أخذ دهام نفس عميق يلمح فيها نظرات أريام و صمتها الشديد , هو ما سمع صوتها  طوال دقايق الأكل و ما ناظرها لأنه م يبي يحرجها بعد ما سمعها جنب الخيل و الحين هيّ م تناظره أبد من ثبت وقوفه قبالهم ..
لمست لين لحيته تمرر يدها عليها و انتفضّ جسدها : تقشعر ! ,
ضحك و هو يلتفت يناظرها : لا حلوه , و مسك يدها و هو يرجع يمررها للحيته لكنها سحبتها مباشرة ترجع تنتفض و من عدّلها ينزلها عن كتوفه مشت تنطق لسدن ؛ سدن سدن ! ,
ابتسمت سدن تمسك بيدها و كمّلت لين : سدن طوقي نسيته بشنطة ماما بعدين ما يشوفوني حلوه ! ,
ضحك دهام و ضحكت بعده سدن تهز راسها بإيجاب و تمشي تلحق أمها و أبوها ..
التفتّ دهام بأنظاره لها من شافها تتبع خطوات سدن و لين هيّ مالت شفايفها مباشرة تحاول تمنع دمعها لكن ما قدرت تمنع تلوّنها اللي صار بملامحها و طرف أنفها و هو ما يُخفى عليه هذا كلّه ,
عقدت حاجبينها ترجّع له نظراتها ثمّ التفتت و هي تشدّ عبايتها لكن هو وقفّها من قال : تزعلين واجد ي الريم ..تزعلين !
هزّت راسها بنفيّ و هي باقي صادّه عنه م تقوى تلتفت له مع كمّ المشاعر هذه اللي تحس فيها , كمّل هو : لا تخفين عني و إنتِ واضحه ,
ما ردّت عليه لكنها التفتت له تناظره و من شافها ابتسم بخفيف يقدّم خطواته منها : تزعلين مني ؟ ,
هزت راسها بنفّي بعد ما قرّب منها يوترها : مو زعلانه قلت ! ,
رفع حاجبه لثواني يشكك بكلامها لكنها م ردّت تناقض حكيها : ودّك نتكلم الحين ؟ ,
سكنت ملامحها ترمشّ بصدمة و هزّ راسه بإيجاب : باقي ما قررتي ؟ باقي ناويّه تطوّلينها علي أكثر ؟
ما ردت شتت نظرها عنه و كمّل هو : تعرفين تزعلين ! و تعرفين تنقدين و تناظرين لكن م تعرفين تردين على سؤالي ! ,
رجّعت أنظارها له تعقد حاجبينها لأن نبرته اتغيّرت عليها للحدّة , يتلعثم عقلها قبل لسانها لكن كلّ فكرها الحين بضحكته اللي مع سدن , نظراته و سؤالها عنه : بتدخل إنت الحين ؟ ,
سكنت ملامحه باستغراب من سؤالها : يعني بتتكلمين معي الحين لا دخلت ؟ ,
هزّت راسها بنفّي مباشرة تشتت نظرها عنه تخفّي شعورها و حكي عينها عنه لأنها ما تقدر تقول له انها م تبيه يدخل و سدن داخل , م تبيه يدخل لأن سدن تتكلم عنه بإعجاب , ناظرته لثواني تهزّ راسها بنفي : لا تدخل ,
ما ردّ بناظرها بسكون , استغراب منها لأنها سألته بالبداية و يعدها تطلبه و هو باقي م يفهم شعورها اللي تركها تتلوّن لهالدرجة : وشوله م أدخل ؟ ,
مالتّ شفايفها للحظّه تموّج عيونها بحور من زودّ مشاعرها اللي طغت عليها بهاللحظة , زعل , نقد , غيرة و حيرّه : لا تدخل و بس ,
أخذّ نفس عميق يلمح موج عيونها و شتات نظراتها بينه و بين الفراغ , تقتله بحركاتها و تملّل صبره و من لمح شفايفها المايله درى انها تمنع شعور فظيع داخلها و اتمكّن منها هالشعور , درى انها تتمنّع البكيّ و هو آخر اللي ودّه دموعها تنزل بسببه , هز راسه بإيجاب : ما بأدخل بس وش فيك ؟ ,
رفعت يدها كانت تبي ترجع شعرها خلف أذنها لكنّ من لمست طرحتها الحاجزه بينها و بين عادّة شعورها نزلت يدها مباشرة تناظره : نتكلم بس مو الحين ..بعدين ,
عقد حاجبينه يناظر حولّه لثواني : متى ؟ لو تقولين الحين بنتكلم لكن قولي ,
هزّت راسها بنفّي تشتت نظرها عنه من حسّت بحدة نبرته , نظراته لها و حركات يدّه اللي ما بين لحيته و عامود المدخل : بعدين مو الحين ..بعد ما يروح خالي كسار ,
سكنت ملامحه بذهول , فهم و يشكك بفهمه : لو راح م بتروحين إنتِ عنّي تدرين ؟ ,
ناظرته مباشرة يوترّها بشكل هي م تتخيله و لا تقوى انها تبقى على ثباتها الحين لأن دموعها تحرقها و جوفّها الحين طاغيّ شعوره عليها و التفتت مباشرة تدخل للقصر ..
-
-
دخلت جناح أبوها و هي حامله معها كمّ من المشاعر اللي موّجت بها طوال ليلها و من فجرها لظهرها للحين مستمره  بعد ..
دخلت بعد ما سمح لها بالدخول هيّ وقفت لثواني تناظره إلى م ابتسم يهزّ راسه : تعالي تعالي عندي اجلسي يمّي ..,
قفّلت باب الجناح تتقدم له و تجلس بجنبه بعد ما وخّر عنه صينية الأكل و من شافها يدها تمسك بيدها الثانيه هو درى انها متوتره ، مشتته و ضايعه بمشاعرها : قولي ي بعد الدنياا ..وقلي وش عندك ,
هزّت راسها بنفّي : مافي شي ..بس حبيت أشوفك ,
ابتسمّ بخفيف يقرّب منها يحضنها و يرفع يدينه : لو فمي و يديني نظاف كان خميتك أقوى ,
شدّت على ظهره و قبّلت كتفه لثواني و وخّر عنها شوي يعقد حاجبينه : عذاري ! ,
ناظرته بهدوء تخفي خلفها ألف شعورّ و ربكه داخلها غير عن التساؤلات اللي أُنهشت منها , كمّ بهدوء : راضيه عليّ ؟ ,
سكنت ملامحها بصدمه من سؤاله , من اللي صار و جرى و للحين هيّ م دري وش اللي صار بحياتها اللي صارت انقلاب بلحظة وحده بس فُرطّت أحداث ما كانت تتخيّلها تصير : في كثير أشياء صارت و أنا م أعرفها ..بعد ما ماتت أمي الله يرحمها م شفتك ..تركتونا انتوا مع جدّي و شعور فقده باقي م نسيته ,
سكنت ملامح محمد لثواني يفكر : فقدتي جدّك حيل ؟ ,
احترقت محاجرها دموع تهزّ راسها بإيجاب : فقدتكم كلكم مو بس جدي ,
اتنهدّ محمد يشتت نظره للفراغ : اللي م تعرفينه بتعرفينه قريب ..قريب حيل ,
عقدت حاحبينها تناظره بعدم فهم , كمّل هو بعد ما منع كلمتّه يعضّ لسانه , منع قوله عن نيّته بفتح القضية لأن يدري ان بنتي م بتتحملّ غيابه أكثر , م بتتحمل شوفته يغيب عنها و ترضى لذلك هو م بيوادعها حتى ! : وينه عذبي ؟ ,
شتت نظرها ترجع تلمس نبضها بأناملها , اعتادت حركته و تتمنى لو انه هنا يمسك معصمها بابهامه يلمس نبضها لكنه مب موجود و لا تدري وينه حتى ,
عقد محمد حاجبينه و دقّ صُهيب الباب يدخل و من شافهم : السموحه قاطعتكم ؟
هزّ محمد راسه بنفّي يوقف يتوجه للمغاسل : لا لا ي بوعذبي حياك  تعال ,
دخل صُهيب يمشي ناحيه عذاري اللي وقفت تتقدم له تسلّم عليه و من قبّل راسه : الله يحفظك يا بنتي ..الله يحفظك ,
جلس صُهيب و جمعت كفوفها هي بتوتر و من اختفى أبوها للمغاسل ناظرها صهيب يلمح توترها بملامحها و حركاتها : وش فيك ي بنتي ؟ ,
هزّت راسها بنفي مباشرة : مافيني شي ,
هزّ راسه : تعالي اجلسي أبي أحاكيك شوي ,
رمشت بتوتر و من كرّر " تعالي يلا " اتقدمت تجلس مقابله تناظره تنتظره يتكلم و بالفعل نطق بهدوء : بينك و بين عذبي شي ؟ ,
ما ردّت تناظره و هو يرعب كل كيانها من نظراته , حدته و هيأته و سؤاله الحين م تعرف شلون تجاوبه , هي بين الاثنين ..هي بين البين اللي يسألها عنه ..م تدري اذا بينهم شي او لا لكن بينهم فجوه عميقه و بطرفها عتاب و بطرفه صدّ ,
عقد حاجبينه من طال سكوتها ثمّ عدل جلسته : شفته أمس يخرج من جناحك معصّب ..شفته و هو دمه محروق و مب تارك أرضه تقرّ , هو دخل القصر و لجناحك و جناحه ..هزّ القصر و ترك جناحك بهدوءه طلع منه و ما ترك غرفته على حالها ..,
عقدت حاجبينها بعدم فهم تناظره , يتكلم بطريقه هي م تفهمها و مُستحيل م تسأله دام الحكي عنه : م فهمت ي عميّ ,
هزّ راسه بإيجاب يقرّب يشدّ كفه على ظاهر كفه الثاني ؛ يعني عذبي ما دخل للقصر الا لأجلك ..دخل ما همه القصر كله دخل جناحك على طول , ما سمعنا صوته بجناحك و من خرج من عندك هو ما ترك جناحه بحاله ..هو رمى و كسر و ضرب كل جناحه ما تركه بحاله ..,
سكنت ملامحها لثواني تشتت نظرها , كمّل صُهيب ؛ أكيد فهمتي الحين انّ عذبي م يتغير الا معك و حولك ..,
أحنت راسها من خرج محمد من المغاسل يتقدم لهم و اتنحنح صهيب يوقف : يلا ي بوهمام ؟ ,
عقد حاجبينه باستغراب : وش ؟ ,
مشى صهيب للباب : بنروح لخيام عذبي ...لحلاله و صقره و أرضه ..,
أخذ محمد نفس عميق يهز واسه بإيجاب : يلا الحين بأجيك ..,
عقد صهيب حاجبينه : سهم و همام ينتظرونا برا ...لا نتأخر ,
وقفت عذاري تجمع كفوفها و تناظر محمد اللي التفت لها يدري بان طاري همامّ يخلق داخلها حزن عميق , علاقتها بأخوها صارت بفجوه و للحين هو رافض يشوفها و هي م تقدر تجبره أكثر ..
-
-
الخيام ، بهاءّ لون السماء بانعكاسه على الصحراءّ بغروبه ؛
من بعد م أخذ خاتمه من السيارة هو حرّك يبتعدّ عن كلّ الرياض , عن زحمه العالم و الأضواء و الضجيج , انفرد بنفسه و خيامه و حلاله و سارحه اللي م يرحمه من بعثره تفكيره .. بعثرة وضعه و حاله و الأكثر غرابه شعوره من اللي يصير معه .. أبوه , حرمه , أهله و مشاكله مع شغله ..يحترق جوفّه مع كلمة انقالت له و مازادّها الا غضبه ..
هو يغضب و يبلع الجمرّ يتركها داخله و لا يلوم أبوه بالصريح على اللي سواه ، على ظنه و معاملته , يغضب و لا يسوّي الأكثر له و لا يرتجي منه شي ...كان يمشي حافيّ الرجلين ببرّه , يمّ حلاله  و وسطهم يناظرهم و يتبع خطاهم و يتبعونه ..قلبه موقّد نار و تشبّ كل م اتذكر كلام أبوه اللي اضطره للكثير و أوّلهم ابتعاده عن عذابه اللي كان يحلم بقربها طوال عمره , و الحين هي قريبه لكنّه غُرّب عنها و ابتعد , هو اتجاهل كلامه لسهم و انه بيرجع للشقة و انتهى به طريق هواجيسه بالخيام , يفتح شبكهم و يتركهم بالدّرب اللي هم يشوفون الحياة فيه و يدوّرون فيه عن لقمتهم ..
ماكان منه الا انه يتبع خطواتهم و بيدّه كان صقره اللي يسمع كلّ موّال هواجيسه بالعادة لكن اليوم هو ماقدر و لا اتجرّأ انه يحكي له عن موّاله اللي بجوفه , هو حكى له عن صيته, عذابه , أصحابه و شغله لكن أبوه م قوى يحكي عنه من قوّة الشعور هو ما قدر يصعب كلامه و يصعب لسانه يخرّج الحروف على...

تواضعي ي مغترة الأهداب ⚔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن